تحديات تعليم الأطفال الموهوبين المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
حقوق الصورة: فيزكيس.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يواجه بعض الآباء مع بداية العام الدراسي الجديد صعوبات أكثر من غيرهم بسبب معاناة أطفالهم من ظاهرة «استثنائي مرتين» (twice exceptional)، وهي حالةٌ غير معروفة ولكنها حقيقية جداً، حيث يتمتع هؤلاء الأطفال المصابون بها بالموهبة والتميز بالإضافة إلى إصابتهم بإعاقةٍ واحدة أو أكثر، مثل “اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط” (ADHD) أو القلق المعمم.

يُقدر عدد الأطفال الذين يعانون من هذه الحالة في كيبيك في كندا بين 20 و 30 ألف طفل، لكن العدد الدقيق غير معروف لأنه من الصعب التعرف عليهم جميعاً. بالرغم من أن الموهبة ميزة، إلا أن حالة «استثنائي مرتين» تخلق لدى الطفل ضعفاً، حيث يدرك آباؤهم أنهم يحتاجون إلى رعايةٍ خاصة.

يجب على الآباء أن يتعاملوا مع صعوبات التكيف لدى أطفالهم والمشكلات النفسية والاجتماعية والسلوكية التي يمكن أن تترافق مع حالة “استثنائي مرتين”. حيث يواجه هؤلاء الآباء العديد من التحديات يومياً، مما يضاعف من إجهاد الوالدين.

تقول جولييت، طالبة دكتوراه في السنة الأولى في علم النفس في جامعة شيربروك، والتي تعمل في مختبر ماثيو: «نحن مهتمون بتجربة هؤلاء الآباء، وبشكل أكثر تحديداً، بالعلاقة بين مستويات الضغط والإجهاد لديهم وشعورهم بمدى فعاليتهم كآباء».

مشاكل في المدرسة 

أبلغ العديد من أولياء أمور الأطفال الموهوبين والمصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط عن استدعائهم من قبل معلمي أطفالهم لمناقشة سلوك أطفالهم التعطيلي في الفصل. حيث غالباً ما يذكر المعلمون أن مستوى الاهتياج والحركة المرتفع لدى الطفل يشتت انتباه الطلاب الآخرين وأنه يواجه صعوبة في الالتزام بالتعليمات.

على الرغم من أن المعلم قد يذكر إن سلوك الطفل الاندفاعي يحتاج إلى المراقبة عن كثب، إلا أنه قد يشير أيضاً إلى أن الطفل يمتلك موهبةً مثيرةً للإعجاب. يبدأ العديد من الآباء بالبحث عن إجاباتٍ بعد سماعهم تعليقات المعلم، وغالباً ما يطلبون إجراء تقييم عصبي للطفل في نهاية المطاف. بقليل من الحظ، سيتم تحديد حالة الطفل بدقة، الطفل موهوب ومصاب باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

اقرأ أيضاً: أريده متميزاً: كيف أكتشف موهبة طفلي؟

نقص الانتباه وفرط النشاط
قد تغطي الموهبة إذا كانت قوية على اضطراب فرط النشاط لدى الطفل، أو قد يحصل العكس، عندما يكون اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط قوياً، يغطي على موهبته. حقوق الصورة: شترستوك.

الضغوط الشديدة التي يتعرض لها آباء الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

على الرغم من أن واقع الأطفال ممن يعانون من حالة “استثنائي مرتين” غير معروف لعامة الناس وحتى للمهنيين الصحيين، إلا أن الضغط اليومي الذي يعاني منه آباء هؤلاء الأطفال بدورهم يتم تجاهله تماماً، وهو ضغطٌ ينجم عن الفجوة بين توقعات الوالدين والموارد المتاحة لهم. إنه عبء حقيقي على آباء الأطفال الموهوبين والضعفاء.

يصبح الآباء أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية جسدية ونفسية، مثل الاكتئاب والقلق، وعادة ما يواجهون المزيد من الخلافات الزوجية. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الضغوط التي يعانون منها على نمو أطفالهم الاجتماعي والعاطفي والسلوكي.

آباءٌ يُساء فهمهم

غالباً ما يجد آباء الأطفال الموهوبين الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، أن معدل نمو أطفالهم قد يكون أقل من المتوسط مقارنةً مع أقرانهم. ومع ذلك، فإن آباء الأطفال الموهوبين الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يواجهون كلا الواقعين في نفس الوقت، أي عليهم غالباً مواجهة التحيزات من المعلمين والأطباء وأفراد الأسرة.

نقص الانتباه وفرط النشاط
يواجه الأطفال الموهوبون والمصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط كلا الواقعين في وقت واحد. ويواجه آباؤهم تحيزاً من المعلمين والأطباء والأسرة. حقوق الصورة: شترستوك.

في الواقع، قد يكون من الصعب تصور أن الطفل الموهوب يمكن أن يعاني أيضاً من صعوبات التعلم مثلاً. لذلك يحتاج آباء هؤلاء الأطفال الاستثنائيين والضعفاء إلى الدفاع عن احتياجات أطفالهم الخاصة في المدرسة والمجتمع وحتى على الصعيد السياسي. ونتيجةً لذلك، غالباً ما يُنظر إلى هؤلاء الآباء على أنهم كماليون ومتطلبون.

على سبيل المثال، وبسبب الجهل بالأطفال الذين يعانون من حالة “استثنائي مرتين”، يرى الآباء أن عليهم إبلاغ أعضاء هيئة التدريس في بعض المدارس الابتدائية والثانوية بحالة أطفالهم. حيث يريدون أن تتم معاملة أطفالهم على قدم المساواة مع الأطفال الذين يعانون من الإعاقات الأخرى، ويصرون، عند تقييم أطفالهم، على أن تُوضع خطة تدخل تلبي احتياجات أطفالهم وتنفيذها.

توازن دقيق بين موهبة الطفل والعناية باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

يُعد تشخيص إصابة الطفل بحالة “استثنائي مرتين” صعباً، لأنها تتجلى بطرقٍ مختلفة من طفلٍ لآخر. قد تكون الموهبة قوية لدرجة أن أداء الطفل يكون عالياً ويغطي على الصعوبات التي يسببها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وعلى العكس من ذلك، قد يكون الاضطراب قوياً لدرجة أنه يضعف أداء الطفل ويخفي موهبته. أخيراً، من الممكن أيضاً أن تخفي الموهبة واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط بعضهما بعضاً، وهو ما يسمى تأثير الإخفاء.

ومع ذلك، إذا لم يتم التعرف على الموهبة أو الاضطراب المرتبط بها، فلن يتمكن الطفل من الاستفادة من تدابير التدخل لحالته الاستثنائية، والتي تعد ضرورية له للوصول إلى إمكاناته الكاملة، مما يزيد من توتر الوالدين لأنهم يدركون أن احتياجات طفلهم العاطفية والأكاديمية لا تتم تلبيتها.

اقرأ أيضاً: هل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يصيب الفتيات بشكلٍ مختلف؟

مستقبل واعد

لا تزال الإصابة بحالة “استثنائي مرتين” موضوعاً محظوراً. من المحتمل أن يلعب تفضيل قيم الثروة والنجاح والتفوق على قيم التواضع والاعتدال دوراً مهماً في خياراتنا المجتمعية في هذا الصدد.

لحسن الحظ، نشرت وزارة التربية والتعليم العالي في كيبيك مؤخراً وثيقة «العمل لدعم نجاح الطلاب الموهوبين»، والتي تهدف إلى دعم المعلمين وموظفي الخدمات التعليمية التكميلية ومديري المدارس وأولياء الأمور لزيادة فهمهم حول احتياجات الطلاب الموهوبين ودعم جهودهم لتلبية احتياجاتهم في البيئة المدرسية.

تنطوي الوثيقة على تدابير مختلفة، مثل التسريع الأكاديمي والتوجيه والأنشطة اللامنهجية، والتي تهدف إلى تحفيز الطلاب الموهوبين ومساعدتهم على تطوير إمكاناتهم والاستفادة منها بشكلٍ كامل.