نصائح لاختيار أفضل كتب رعاية الأطفال

نصائح لاختيار أفضل كتب رعاية الأطفال
يجب أن يكون كتاب رعاية الأطفال مثيراً لك ولطفلك أيضاً. بيكسي/أنسبلاش
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا يُولد الأطفال ومعهم أدلةٌ حول كيفية العناية بهم. أحياناً يكون الرضيع سعيداً، حزيناً، مضطرباً، يمكن التنبؤ بردة فعله، لطيفاً أو لا يُطاق أحياناً أخرى. ماذا يفعل الوالدان عندما يتعاملان مع هذا الطفل المحير؟ نظراً للتفاعلات المعقدة بين الوالدين والطفل والبيئة، غالباً ما يشعر الآباء بالضياع، لذلك يبحث الكثير منهم عن كتب تربية الأطفال والعناية بهم لمعرفة كيفية التعامل مع الطفل بشكلٍ صحيح.

لقد أصبح نشر كتب تربية الأطفال تجارة رائجة جداً، وباتت هناك عشرات الآلاف من الكتب حول ذلك للبيع. ولكن السؤال الأهم هو هل كتب تربية الأطفال مفيدة حقاً؟

تبقى فائدة هذه الكتب موضع جدلٍ بالنظر إلى عدم وجود أدلة علمية حول نفعها. لم تتوصل سوى أبحاث قليلة إلى نتيجة مفادها أن كتب المساعدة الذاتية التي تركز على تقديم حلول للمشاكل يمكن أن تكون مفيدة للقراء، مثل الكتب التي تقدم نصائح حول كيفية إدارة الوقت أو الأطعمة الصحية. ووجدت الدراسات أن استخدام كتب المساعدة الذاتية لتحسين الرفاهية، وهو ما يسميه علماء النفس “العلاج بالقراءة” (Bibliotherapy)، فعال إلى حد ما في معالجة التوتر والقلق والاكتئاب.

اقرأ أيضاً: تحديات تعليم الأطفال الموهوبين المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

لذلك من المنطقي أن تكون قراءة كتب رعاية بالأطفال مفيدة. ومع ذلك، من حيث الجودة والفائدة، ليست كلها بنفس السوية.

نحن باحثون في مجال التنمية البشرية، وقد علّمنا آلاف الطلاب حول تربية الأطفال وكتبنا عن الأسرة والأمومة والتنمية خلال مختلف المراحل العمرية. إحدانا (بيثاني) أم لستة أطفال، بينما الأخرى (دينيس) هي أم لطفلين بالغين، أحدهما بيثاني. نعتقد أن الآباء يمكن أن يصبحوا مفكرين نقديين ويختاروا الكتب الأكثر ملاءمة لهم. فيما يلي 5 أسئلة يجب أخذها بعين الاعتبار عند البحث عن أفضل كتاب مناسب لك حول تربية الأطفال والعناية بهم.

1. من كتبه ولماذا؟

لا يحتاج الوالد الجيد إلى شهادة دكتوراة، ولا مؤلف الكتاب أيضاً. لكن امتلاك درجة علمية متقدمة في مجال يتعلق بالتربية يساعد في فهم وتفسير البحوث ذات الصلة.

تجربة المؤلف مهمة أيضاً. إن إنجاب طفل أو 10 أطفال لا يجعل المرء خبيراً بتربية الأطفال، والقيام بالمزيد من أعمال الرعاية ليس بالضرورة مؤشراً على أنك أفضل في ذلك. كما إن عدم إنجاب طفل لا يعني بالضرورة تصنيف شخصٍ ما على أنه ليس خبيراً بتربية الأطفال، ولكن يجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار. لقد أعطينا دروساً في تربية الأطفال قبل إنجاب الأطفال، وحري بنا القول بأن تجارب رعاية الأطفال الخاصة بنا أطفال أضافت العمق والبصيرة لما نعلّمه.

يمكن أن تكون معرفة السبب الذي دفع شخصاً ما لتأليف كتاب حول رعاية الأطفال مفيدة. يجب أخذ النصائح التي يقدمها المؤلفون الذين يكتبون بدافع القلق بشأن تربية أطفالهم أو ممن فشلوا في ذلك بحذر شديد.

أخيراً، لا تنخدع بكتب المشاهير. معظم هذه الكتب كتبها مؤلفون مأجورون والهدف الأساسي منها هو بيع الكتب أو الترويج لعلامة تجارية.

اقرأ أيضاً: طفلك هو الأهم: 6 أدوات تساعدك على إتمام رعايته اليومية

2- هل هو مستند إلى العلم؟

يقول الباحث في علم النفس وخبير تربية الأطفال، لورانس شتاينبرغ، إن العلماء قد درسوا أساليب تربية الأطفال لأكثر من 75 عاماً، والنتائج المتعلقة بالتربية الفعالة التي توصلوا إليها متسقة أكثر ومبنية على تجارب طويلة الأمد في العلوم الاجتماعية. إذا لاحظت وجود تناقضات بين كتب تربية الأطفال، فذلك لأن عدداً قليلاً فقط من الكتب الشائعة تستند إلى العلوم الموثقة جيداً.

كيف يمكنك معرفة ما إذا كان الكتاب مستنداً إلى العلم؟ ابحث عن الاستشهادات وأسماء الباحثين والمصادر وتصفح الفهرس. تعلّم أيضاً المبادئ الأساسية للتربية الفعالة، والتي حددها شتاينبرغ خلال عقود من البحث: ضع القواعد، كُن متسقاً، ومحباً، وعامل الأطفال باحترام، وتجنب التأديب القاسي.

إذا كان الكتاب الذي تفكر في شرائه لا يتوافق مع هذه الإرشادات، فيجب عليك التفكير ملياً قبل شرائه. ربما لا يستند إلى العلم بل على الآراء أو المعتقدات الشخصية فقط. للرأي والمعتقدات أهمية بلا شك، ولكن للعلم الأولوية في هذا الصدد.

اقرأ أيضاً: كيف نستدل على وجود تأخر في الكلام عند الأطفال؟ وكيف نتعامل مع ذلك؟

3- هل قراءة الكتاب ممتعة؟

إذا لم يكن الكتاب مثيراً للاهتمام، فمن غير المرجح أن تكمل قراءته، وبالتالي لن تتعلم منه الكثير. قبل شراء الكتاب، اقرأ الصفحة الأولى وتصفح في منتصفه قليلاً لترى ما إذا كان الكتاب يشد انتباهك. حاول العثور على كتب يمكنك قراءتها في أجزاء صغيرة يمكن تخطيها والعودة إليها فيما بعد.

تجنّب الكتب التي تحتوي على مصطلحات علمية زائفة توحي بالأصالة ولكنها في الواقع تفتقر إلى الوضوح. على سبيل المثال، جاء في وصف الناشر لكتاب “الأطفال النيليون: وصل الأطفال الجدد” (The Indigo Children: The New Kids have Arrived): «الطفل النيلي هو طفل يُظهر مجموعة جديدة وغير عادية من السمات النفسية التي تكشف عن نمط من السلوك لم يكن موثقاً من قبل بشكل عام. لهذا النمط عوامل مشتركة وفريدة من نوعها تتطلب أن يغيّر الآباء والمعلمون معاملتهم وطريقة تنشئتهم للأطفال من أجل تحقيق التوازن. من المحتمل أن يخلق تجاهل هذه الأنماط الجديدة إحباطاً كبيراً عند هؤلاء الأطفال الجدد». تجنّب هذه النوعية من الكتب.

4- هل هي واقعية؟

تجنّب أي كتاب يخبرك بأن طريقته تنجح دائماً وأن أي فشلٍ سببه هو أنت، أو ما هو أسوأ من ذلك، أنه لا يذكر أي شيء عن الفشل.

من المستحيل أن تكون النصيحة مناسبة لجميع الآباء أو الأطفال والمواقف. يأخذ كتاب رعاية الأطفال الجيد السياق والتعقيد بعين الاعتبار، ويخبر القارئ أنه قد لا يجد إجابة عن جميع تساؤلاته في الكتاب. ليس هناك والد مثالي أو طفل مرن تماماً، لكن إدراك نقاط الضعف والفشل يؤدي إلى النمو والتحسن. في الواقع، حتى الآباء الذين يقومون برعاية أطفالهم على أكمل وجه يمكن أن يصبح أطفالهم عنيدين.

احرص على أن يحتوي الكتاب على إرشادات مفصّلة والأشياء التي يجب القيام بها، بالإضافة إلى طرق لتتبع التحسّن. بكلامٍ آخر، تأكد من أن محتوى الكتاب قابل للتطبيق.

أخيراً، يجب أن يحترم الكتاب عواطف الأبوين.

اقرأ أيضا:

5- هل يثير الكتاب الأمل لديك؟

تقدم بعض كتب الأبوة والأمومة أفكاراً تتعلق بالسلوك العام، مثل كتاب “تربية إنسان صالح” (Raising Good Humans). بينما يقدم بعضها الآخر رؤى حول مواضيع محددة، مثل كتاب “النوم الآمن للرضع” (Safe Infant Sleep). ربما لديك سبب وجيه يدفعك لقراءة كتاب يلبي احتياجاتك وقيمك الخاصة ويمنحك الأمل.

ومع ذلك، عليك أن تكون حذراً. وجدت إحدى الدراسات أن كتب رعاية الأطفال التي تركز على الروتين الصارم للنوم والتغذية والعناية العامة بالطفل قد تجعل الآباء في الواقع يشعرون بالإحباط من خلال زيادة الاكتئاب والتوتر والشك. لا تدعم أبحاث تربية الأطفال أساليب التربية الصارمة، ومن السهل فهم سبب عدم استفادة معظم هؤلاء الآباء من مثل هذه الكتب.

ثق بنفسك

عندما تقرأ كتاباً عن تربية الأطفال، فإن هدفك هو الشعور بالقوة والثقة والحماس وحتى بالارتياح. وتذكر أنك لست الوالد الوحيد الذي لديه أسئلة وتحتاج إلى من يرشدك إلى الاتجاه الصحيح.

يصف عالم النفس إدوارد زيجلر تربية الأطفال بالنسبة للبالغين بأنها واحدة من أكثر المهام تحدياً وتعقيداً.

قد تكون تربية الأطفال صعبة حقاً. ستحتاج على الأرجح إلى جميع الموارد والأدوات المتاحة للنجاح في هذه المهمة. إذا قمت بالبحث بعناية وبشكل نقدي، يمكنك العثور على كتب من شأنها توسيع معرفتك وبصيرتك الشخصية لتساعد نفسك على تربية أطفالك الذين يضفون على حياتك البهجة رغم الصعوبات التي قد تواجهها في تربيتهم.