شارك
الرئيسية
الملحمة التي لا تنتهي من التنافس الشرس بين القطط والكلاب قديمة، وتعدّى الأمر ذلك لتشمل هذه الملحمة من الأذكى بينهما أيضاً، ففي حين يُنظر إلى القطط عادةً على أنها مستقلة وبعيدة عن الأنظار كما لو أنها تتفرد بتفكيرها المجرد، تُعرف الكلاب بولائها وقابليتها للتدريب، فهل يعني ذلك أن أحدهما أذكى من الآخر؟
الحقيقة أن مقارنة ذكاء الحيوانات تعتبر عملية معقدة ودقيقة، فذكاء الحيوان مفهوم يدعو للاستكشاف والتعمق، والجدل ما زال مستمراً حول من الأكثر ذكاءً بين القطط والكلاب، فهل تم تقرير من الفائز بينهما؟
اقرأ أيضاً: هل تحزن الكلاب على فقدان شركائها من الكلاب الأخرى؟
كيف يمكن فهم ذكاء الحيوانات؟
فهم ذكاء الحيوانات ومقارنته أمر معقد لأنه يشتمل على جوانب متعددة، ويقاس ذكاء الحيوان عادةً من خلال قياس قدرة الحيوان على الإدراك والتفكير والتعلم من بيئته، وقد يكون من الصعب تقييمه بالقدرات المعرفية مثل حل المشكلات والذاكرة واتخاذ القرارات والذكاء العاطفي كما البشر، حيث تتطلب مثل هذه الاختبارات التي تقيّم الذكاء بيئات مغايرة عن الطبيعة والتي قد لا توفّر تمثيلاً حقيقياً لمهاراتها وقدراتها.
علاوة على ذلك، تتمتع الأنواع المختلفة من الحيوانات بقدراتٍ فريدة لا يمكن قياسها بالاختبارات نفسها. فعلى سبيل المثال، لا تنعكس القدرة الحقيقية للطيور على التنقل لمسافات كبيرة في اختبار تم تصميمه في الأصل لتقييم قدرة الثدييات على القيام بذلك.
وإضافة إلى ذلك، هناك ذكاء عملي يشير إلى قدرة الحيوان على الازدهار والتطور، كالقدرة الطبيعية للقطط على الصيد خلسة والتي تعتبر علامة من علامات الذكاء، بينما يتجلى الذكاء العملي للكلاب بأنها رفاق ذات خفة حركية.
كما من المهم ملاحظة الأنواع المختلفة للذكاء في سياقات مختلفة، حيث يمكن اعتبار الطبيعة المستقلة للقطط علامة على الذكاء في بيئة منزلية، بينما تُظهر قدرة الكلب على اتباع الأوامر الذكاء في بيئة العمل أو الخدمة.
اقرأ أيضاً: هل ستُصيب إنفلونزا الكلاب البشر قريباً؟ دراسة حديثة تُجيب
هل القطط أذكى من الكلاب؟
تشتهر القطط بطبيعتها المستقلة وشخصياتها الغامضة وتمتلك مجموعة واسعة من القدرات المعرفية، بما في ذلك القدرة على حل المشكلات باستخدام الأدوات مثل فتح الأبواب والتلاعب بالرافعات للحصول على الطعام. من جهة أخرى، تتمتع القطط بذاكرة رائعة تُمكّنها من التعرف على وجوه الحيوانات والبشر الآخرين، وأبعد من ذلك يمكن للقطط حتى تذكر موقع الأشياء التي رأتها سابقاً، ما يرجّح تطور الذاكرة المكانية لديها.
كما أن للقطط أيضاً قدرة على التعلم من الملاحظة، وهي قدرة معرفية تُعرف بـ “التعلم الاجتماعي”، إذ يمكنها تعلم كيفية حل اللغز من خلال مشاهدة القطط الأخرى وهي تحل اللغز، الأمر الذي بدوره يدل على أنها قادرة على التقليد والتعلم من القطط الأخرى، وهي علامة من علامات الذكاء المتقدم.
هل يمكن أن نقول إن الكلاب أذكى من القطط بناء على حجم أدمغتها؟
ما يجعل الكلاب رفاقاً قيمة للبشر منذ قرون هو ولاؤها وقابليتها للتدريب، ومع ذلك الكلاب كائنات ذكية ذات قدرات معرفية تتجاوز قدرتها على اتباع الأوامر، حيث تتمتع الكلاب بدرجة عالية من الذكاء الاجتماعي تجعلها قادرة على التواصل مع الكلاب الأخرى والبشر الآخرين، عن طريق فهم الإشارات البشرية والاستجابة لها، الأمر الذي يعتبر علامة على الذكاء الاجتماعي المتقدم.
كما تتمتع الكلاب بقدرة مذهلة على التعلم والاستجابة للغة البشرية، ويصل الأمر لقدرة الكلاب على فهم أكثر من 200 كلمة وعبارة والاستجابة لها، ما يضعها على قدم المساواة مع المهارات اللغوية والمرونة المعرفية لطفل يبلغ من العمر عامين.
اقرأ أيضاً: كيف أحمي قطتي من طاعون القطط؟
من جهةٍ أخرى، للكلاب ميزات متعددة منها تذكر الوجوه المألوفة حتى بعد سنوات من الفراق، إضافة إلى حاسة الشم الاستثنائية التي تجعلها قادرة على التفريق بين طيفٍ واسع من الروائح المختلفة، وهي علامة على الذكاء الشمي المتقدم.
ما أوجه الاختلاف بين أدمغة القطط والكلاب؟
من الاختلافات الرئيسية بين أدمغة القطط والكلاب هي الوظيفة الإدراكية، فالقطط مستقلة التفكير وذات ميول لحل المشكلات، بينما تميل الكلاب إلى أن تكون أكثر ذكاءً اجتماعياً وقابلية للتدريب. ويؤدي حجم الدماغ دوراً في حدوث هذا التباين، حيث تمتلك أدمغة الكلاب خلايا عصبية في القشرة الدماغية أكثر مقارنة بدماغ القطط، ففي الوقت الذي تحتوي فيه القشرة الدماغية للقطط على 250 مليون خلية عصبية، تحتوي القشرة الدماغية لأدمغة الكلاب على 500 مليون خلية عصبية.
تعتبر القشرة الدماغية ذات باحات متعددة ترتبط بوظائف محددة مثل الذاكرة أو حل المشكلات، وعند الكلاب، تكون مساحة المنطقة من القشرة الدماغية التي ترتبط بالإدراك الاجتماعي والتواصل واسعة نسبياً ما قد يفسّر ذكاءها الاجتماعي المتقدم.
من ناحية أخرى، القشرة الدماغية المرتبطة بالرؤية والحركة عند القطط ذات مساحة أكبر، ما يفسّر قدراتها المتقدمة في الصيد والتخفي، كما تمتلك القطط حصيناً متطوراً للغاية، وهو جزء من الدماغ مرتبط بالذاكرة المكانية والتنقل.
من الأذكى: القطط أمْ الكلاب؟
عند مقارنة ذكاء كل من القطط والكلاب، من المهم في البداية مراعاة الطبيعية الفريدة لكل منهما، إضافة إلى حجم أدمغتهما وتباين الوظائف المعرفية التي تتميز كلٌّ منهما بها. وبينما يمتلك كلٌّ منهما مهارات رائعة في حل المشكلات وذاكرة جيدة للغاية، تختلف القطط والكلاب في معدل الذكاء الاجتماعي والقدرة على التدريب. وتعود هذه الاختلافات إلى البنية التشريحية بالإضافة إلى كونها نتيجة للبيئات الفريدة والتفاعلات البشرية والتربية الانتقائية لكل منهما.
اقرأ أيضاً: ما المدّة التي تستطيع القطط عيشها دون طعام؟
ليس هناك فائز واضح، فذكاء كل من القطط والكلاب فريد بطريقته الخاصة ولا يوجد تفوق متأصل بينهما. وعلى الرغم من أن دماغ الكلب أكبر من دماغ القطة، فإنه لا يوجد فائز واضح هنا أيضاً، فكل نوع له قوته الخاصة ذات الصلة بتاريخه التطوري والمهارات التي يحتاج إليها للبقاء على قيد الحياة.