كيف يمكنك أن تطيل عمر ملابسك وأن تكون صديقاً للبيئة في نفس الوقت؟

إطالة عمر الملابس
حقوق الصورة: دانييل بوسيلي/ أنسبلاش
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يستهلك الرياضيون ومحبو رحلات الهواء الطلق الكثير من الملابس الاصطناعية التي تُصنع من المواد التركيبية البلاستيكية. إذ تتميز المواد التي تدخل في صناعتها، مثل البوليستر والنايلون والأكريليك، بقدرةٍ عالية على امتصاص الرطوبة، وتجفّ بسرعة ويمكنها تحمّل الكثير من الجهد دون أن تتلف.

لكن، وكما ذكرنا، كل هذه المواد التركيبية مصنوعة من البلاستيك. وعندما تتكسّر هذه الألياف أو تتكتل، فإنها تطلق خيوطاً صغيرة تنتهي غالباً في التربة وإمدادات المياه، مما يتسبب بمشاكل صحية وبيئية. ربما تكون حريصاً جداً على سلامة البيئة، ولكن السبب الأول وراء وصول هذه الجسيمات الصغيرة إلى البيئة وتلويثها موجودٌ في منزلك. إنّها غسالتك.

لحسن الحظ، هناك طرقٌ سهلة لمنع هذه اللدائن الدقيقة من تلويث الكوكب في كلّ مرةٍ تقوم فيها بغسل ملابسك، بالإضافة إلى إطالة عمر الملابس لديك.

لماذا علينا أن نهتم باللّدائن الدقيقة Microplastics؟

كما يوحي الاسم، فإن اللدائن الدقيقة عبارة عن شظايا صغيرة من البلاستيك أو الألياف البلاستيكية، وغالباً ما تكون غير مرئية للعين المجردة. لذلك فإن محاولة منع وصولها إلى البيئة وتلويثها أقل إثارةً للاهتمام من محاربة القشّ أو الأكياس البلاستيكية الأكبر حجماً، والتي تقف وراء الصور المؤلمة جداً للسلاحف التي تختنق بها. تقول عالمة الأحياء البحرية «أليكسيس جاكسون»: «تشكل اللدائن الدقيقة خطراً داهماً على البيئة». أليكسيس حاصلة على درجة الدكتوراه في علم البيئة وعلم الأحياء التطوري، وباعتبارها الشخص المسؤول عن السياسة البحرية في قسم كاليفورنيا في منظمة الحفاظ على الطبيعة، درست النفايات البلاستيكية في المحيطات على نطاقٍ واسع.

في الواقع، وعلى النقيض من الجهود المتّبعة للتخفيف من تلويث البلاستيك للبيئة، مثل شراء القش المعدني أو استخدام أكياس التسوق القابلة لإعادة الاستخدام، فإن حلّ مشكلة اللدائن الدقيقة غير واضح. فاللدائن الدقيقة صغيرة جداً لدرجة لا يمكن عندها حتى لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي ترشيحها.

يمكن أن تصل اللدائن الدقيقة إلى أي مكانٍ في العالم، وقد اكتُشفت حتى في القطب الشمالي. ويمكن أن تتسبب بمشاكل عديدة؛ على سبيل المثال، قد تصل الخيوط البلاستيكية الصغيرة إلى معدة الحيوانات التي تتناولها، وتؤدي بالتالي إلى انسداد المسالك الهضمية لديها وانخفاض طاقتها وشهيتها، والذي يؤدي بدوره إلى توقف النمو وانخفاض قدراتها الإنجابية. بالإضافة إلى ذلك، فقد ثبت أن اللدائن الدقيقة تمتص المواد الكيميائية الضارة مثل المعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية، وتحمل هذه السموم إلى أجسام العوالق والأسماك والطيور البحرية وغيرها من الحيوانات البرية.

لسوء الحظ، لا تتوفر لدينا بيانات حتى الآن حول التأثيرات طويلة المدى للجسيمات البلاستيكية الدقيقة على صحة الإنسان. ولكن بما أنّنا نعلم أنّها تؤذي الحيوانات (والبلاستيك بالطبع ليس مقبولاً في نظامنا الغذائي)، تذكر جاكسون أنه بالإمكان القول بثقة بأن علينا تجنّب وصول هذه المواد إلى أجسامنا.

نصائح ليوم الغسيل تكفل إطالة عمر الملابس وعدم التسبب بالأذى للبيئة

عندما يحين وقت غسيل السراويل الضيقة أو شورت كرة السلة أو القمصان الماصّة للرطوبة، هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها تحقق إطالة عمر الملابس وتتجنّب من خلالها وصول اللدائن الدقيقة إلى البيئة.

ابدأ بفصل الملابس حسب المواد المصنوعة منها– وليس حسب اللون. اغسل الملابس الخشنة مثل الجينز بشكل منفصل عن العناصر الأكثر نعومة مثل القمصان المصنوعة من البوليستر والسترات الصوفية الكثيفة الألياف. بهذه الطريقة، تقلّل من الاحتكاك الناجم عن التماس بين المواد القاسية والحساسة أثناء الغسيل، وبالتالي لن تبلى بسرعة وستكون الألياف المصنوعة منها أقل عرضة للتكسر والتفتت قبل الأوان.

بعد ذلك، احرص على استخدام الماء البارد بدلاً من الماء الساخن. إذ تضعف الحرارة الألياف وتجعلها أكثر عرضة للكسر والتشظي، بينما يساعدها الماء البارد على البقاء لفترة أطول. ويُفضل أن تكون دورة الغسيل قصيرة بدلاً من أن ان تكون عاديةً أو طويلة كي لا تزيد فرصة تعرّض الألياف للكسر والتلف. وبالإضافة إلى ذلك، يُفضّل تقليل سرعة دوران الغسالة لأنّ من شأن ذلك تقليل الاحتكاك أكثر. لقد أظهرت إحدى الدراسات أنّ اتباع هذه الطرق معاً يقلل من تساقط الألياف الدقيقة من الثياب بنسبة 30%.

بما أننا ما نزال نتحدّث عن إعدادات الغسّالة، فحاول تجنّب الدورة الحساسة (دورة الغسيل المناسبة للملابس الرقيقة والحرير والصوف). في الواقع، تستهلك الدورة الحساسة، خلافاً لما قد تعتقده، كميةً أكبر من المياه مقارنة بأنماط الغسيل الأخرى لمنع الاحتكاك، حيث تزيد نسبة الماء العالية إلى القماش من تساقط الألياف.

أخيراً، يجب عليك تخطي استخدام المجففة كلياً، وذلك أمرٌ بالغ الأهمية. إذ يمكن للحرارة أن تقصّر من عمر مواد الملابس وتجعلها أكثر عرضةً للتقصّف عند استخدامها بعد الغسيل. لحسن الحظ، تجفّ الملابس الاصطناعية بسرعة، لذا قم بتعليقها بالخارج أو فوق قضبان الدش بدلاً من ذلك، كما ستوفر بعض المال عند عدم تشغيل المجففة بشكلٍ متكرر.

بعد الانتهاء من الغسيل، ضع في اعتبارك عدم استخدام الغسالة مجدداً لأطول فترةٍ ممكنة. في الواقع، ليس هناك حاجةٌ لغسل العديد من عناصر الثياب بعد كل مرةٍ ترتديها، لذلك ضع السراويل القصيرة أو القمصان في الخزانة بانتظار ارتداءها مرةً أخرى أو مرتين إذا كانت لا تصدر منها أية رائحةٍ كريهة. إذا كانت هناك بقعةٌ قذرةٌ وحيدة عليها مثلاً، اغسلها يدوياً بدلاً من تشغيل الغسالة.

هناك أيضاً العديد من الأدوات التي يمكنك استخدامها لتقليل تساقط الألياف الدقيقة من الثياب. على سبيل المثال، تصنع شركة « Patagonia » (باتاغونيا) الأميركية لمعدات الملابس حقيبة الغسيل (Guppyfriend) المصممة خصيصاً لالتقاط ألياف الأقمشة المتساقطة أثناء غسيلها، ولكنها في الأساس تحمي الملابس أيضاً من خلال منع تكسّر الألياف المصنوعة منها. ما عليك سوى وضع ملابسك فيها وإغلاق سحّابها، ومن ثم وضعها في الغسالة. بعد الغسيل، يمكنك التقاط بقايا الألياف الدقيقة المتجمعة في زوايا الكيس. كما تساعد أكياس الغسيل القياسية أيضاً في تقليل الاحتكاك، لذا يمكن استعمالها مع مختلف أنواع الملابس.

يُعد مرشّح الوبر المنفصل الذي يمكن توصيله بخرطوم تفريغ الغسالة خياراً آخر فعالاً وقابلاً لإعادة الاستخدام مراتٍ كثيرة، وقد ثبت أنه يحتجز حتى 80% من كمية اللدائن البلاستيكية الدقيقة الخارجة في مياه التصريف. تجنّب شراء منتجات كرات الغسيل التي يزعم منتجوها أنها قادرة على التقاط الألياف الدقيقة، فقد ثبت أنّ فائدتها ضئيلةٌ نسبياً.

بالنسبة للمنظفات، تحتوي العديد من العلامات التجارية الشهيرة على البلاستيك، بما فيها كبسولات المنظفات الجاهزة التي تتحلل إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة في الغسالة. لكن تحديد المنظفات الجيدة من السيئة في هذا الصدد يتطلب بعض البحث. يمكنك معرفة ما إذا كان المنظف الذي تستخدمه صديقاً للبيئة أم لا بالاطلاع على دليل دورية «بوبيولار ساينس» من هنا، أو حتى يمكنك صنعه بنفسك. ثم اعتنِ بملابسك الاصطناعية بدءاً من يوم الغسيل.