شارك
الرئيسية
قبل 3 أشهر، ارتدت إحدى المغنيات فستاناً أخضر جديداً، وخلال ساعات بدأت آلاف الفتيات الصغيرات في معمل صيني بقصّ وخياطة قماش من ألياف الأكريليك، وبعد أسبوعين أُنتِجت ووُزِّعت وسُوِّقت كمية هائلة من الفستان. والآن، حان دورنا، فنشتريه، نلبسه 3 مرات ثم ها قد لبست فنانة أخرى فستاناً أحمر جديداً. إذاً، وداعاً أيها الفستان الأخضر قديم الطراز وإلى مكب النفايات. نحن اليوم نشتري ملابس أكثر من أي وقت مضى، ثم نقرر أكثر من أي وقت مضى ألا نلبسها، لكن وعند الاطّلاع على الأرقام والحقائق حول تأثير صناعة الأزياء على البيئة سنصدم فعلاً، ولا بُدّ من أن نقرر فعل شيء. إذاً، فلنبدأ من إعادة تدوير الملابس القديمة.
أهمية تدوير الملابس
على مستوى العالم، يستهلك الناس اليوم نحو 80 مليار قطعة جديدة من الملابس كل عام، وهذا يزيد عمّا كنا نستهلكه قبل عقدين بـ400%. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن صناعة الأزياء مسؤولة عن 2-8% من الانبعاثات العالمية للكربون، بالإضافة إلى أنها ثاني أكبر مستهلك للمياه العذبة، إذ يلزم لصناعة قميص وتيشيرت واحد استخدام 2700 لتر تقريباً من المياه العذبة، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات الشرب لشخص واحد لمدة 2.5 سنة.
لا يتوقف الأمر على استنزاف الموارد الطبيعية، فصناعة الأزياء لها تأثير سلبي جداً على البيئة، فوفقاً للوكالة الأوروبية للبيئة، تستخدم صناعة الملابس نحو 3500 مادة كيميائية مختلفة خلال عمليات الإنتاج، من بين هذه المواد، صُنِّفت 750 مادة على أنها خطرة على صحة الإنسان، و440 مادة على أنها خطرة على البيئة. كما تشير التقديرات إلى أن نحو 20% من تلوث المياه العالمي ناتج عن صباغة منتجات المنسوجات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن غسل الملابس المصنوعة من الأقمشة الاصطناعية يطلق نحو نصف مليون طن سنوياً من الألياف الدقيقة البلاستيكية في المحيطات، كما أن الملابس المصنوعة من ألياف الأكريليك والنايلون والبوليستر قد تستغرق نحو ألف عام حتى تتحلل.
علاوةً على ذلك، يعتبر مجال صناعة الملابس مجالاً شديد التنافسية، وله تأثيرات اجتماعية ضارة تشمل معدلات رواتب منخفضة، وظروف عمل سيئة، وبيئات عمل غير ملائمة في مصانع النسيج، بالإضافة إلى عمالة الأطفال في كثير من الدول. ومع هذا كلّه، فإن 85% من المنسوجات يتم التخلص منها في مكب النفايات سنوياً. لذلك، وكيلا تنتهي ملابسك مع ملايين الأطنان الأخرى من النفايات الضارة، إليك بعض الأفكار المميزة حول إعادة تدويرها.
كيف يمكن إعادة تدوير الملابس القديمة؟
بداية، عليك فرز ملابسك القديمة التي لا تحتاجها حسب حالتها، ثم تقرر ماذا تفعل بها. في الواقع، ثمة العديد من الطرق التي يمكن اتباعها لإعادة تدوير الملابس القديمة والتي تستطيع من خلالها تخفيف العبء على البيئة وتوفير بعض المال أيضاً، من أهم هذه الطرق:
- التبرع بها: يجب أن يكون خيارك الأول بالنسبة للملابس القديمة الجيدة هو التبرع بها للجمعيات الخيرية المحلية، أو مأوى الأيتام، أو منظمات الإغاثة الموجودة في منطقتك. مع ضرورة التأكد من أن تكون هذه الثياب قابلة للارتداء ونظيفة وخالية من البقع، فالثياب التي لن ترتديها لأنها تالفة، لن يرتديها أحد.
بالإضافة إلى ذلك يجب الانتباه إلى أن تكون الملابس التي تتبرع بها مناسبة للمناخ، فلا تعطِ مثلاً ثياباً شتوية لمنظمة إغاثة مقرها في مكان دافئ، كما يُفضّل أن تكون الملابس التي تتبرع بها مناسبة للفصل الذي تتبرع فيه؛ أي أن تتبرع بالمعاطف الشتوية في فصل الشتاء، والملابس الخفيفة في فصل الصيف. لا يتوقف الأمر فقط على الملابس، يمكنك أيضاً أن تتبرع بالأحذية المستعملة، وفرش المنزل والشراشف وغيرها.
اقرأ أيضاً: كيف نجعل استهلاكنا للملابس والأنسجة مستداماً؟
- منحها للأصدقاء: يعد هذا الخيار خياراً جيداً في حال كان لديك ملابس قديمة حالتها جيدة، خصوصاً تلك التي لم تعد تناسب مقاسك، أو مقاس أطفالك الذين يكبرون بسرعة، إذ يمكن في هذه الحالات منح هذه الملابس لصديق أو قريب لا يمانع في استخدامها.
- مبادلتها: يمكنك مبادلة ملابسك القديمة الجيدة مع أشخاص آخرين، سواء مع أفراد العائلة أو الأصدقاء أو زملاء السكن. وفي هذه الحالة، سوف يحصل الجميع على ملابس جديدة ومجانية.
- بيعها أو تأجيرها: يمكنك كسب بعض النقود من ملابسك القديمة جيّدة الحال عن طريق بيعها لمحالّ الملابس القديمة أو المستعملة أو بيعها عن طريق الإنترنت، بالإضافة إلى إمكانية تأجيرها، فتكسب مالاً دون الحاجة للاستغناء عن ملابسك إلى الأبد.
- منحها للأماكن المتخصصة في إعادة التدوير: يمكن في بعض الحالات منح الملابس القديمة التي ليست بحالة جيدة لبعض الأماكن المتخصصة في إعادة تدوير الملابس القديمة والمنسوجات والأقمشة، مثل بنوك الملابس أو بعض الأقسام في السوبر ماركت وغيرها.
- تحويلها إلى غرض مختلف وإعادة استخدامها: يمكنك تحديث مظهر بعض الملابس القديمة وتحويلها إلى ملابس أكثر حداثة، كأن تضيف بعض الأزرار أو تعيد صبغها. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام الملابس التالفة والمنسوجات والأقمشة أو أجزاء منها في صنع عناصر جديدة مثل: تحويل القميص أو السترة المفضّلة القديمة إلى غطاء وسادة، أو تحويل البطانيات القديمة والشراشف إلى سرير للحيوانات الأليفة، أو استخدام القمصان والمناشف التالفة كقطع قماش صغيرة للتنظيف، أو صنع ألعاب تذكارية من ملابسك المحببة، أو دمج العديد من قطع الملابس المختلفة وصنع لحاف منها، أو استخدام الصوف القديم وشرائح الملابس في صنع سجادة صغيرة.
- منحها لملاجئ الحيوانات: في حال كانت ملابسك القديمة أو المنسوجات والأقمشة في حالة غير جيدة ولا يمكن التبرع بها أو منحها للأصدقاء أو حتى إعادة استخدامها بأيّ شكلٍ من الأشكال، فثمة خيار آخر وهو التبرع بها لملاجئ الحيوانات، حيث يمكن استخدامها في التنظيف وصنع الأسرّة والبطانيات للحيوانات وما إلى ذلك.
متى يجب التخلص من الملابس القديمة نهائياً؟
ليست الإجابة بسيطة إلى هذه الدرجة، إذ إن الكثير من الناس يحتفظون بملابسهم القديمة مدة طويلة من الزمن، فقط لأنهم يشعرون بالذنب إزاء التخلص من الأشياء التي أنفقوا الكثير من الوقت والمال عند شرائها، أو يشعرون بالتوتر من فكرة التخلّص من ثوب ما قد يرغبون فجأة في ارتدائه يوماً ما. لذلك فيما يلي بعض العلامات البسيطة التي ستساعدك على معرفة أن وقت التخلص من الملابس القديمة قد حان:
- خزانة مليئة جداً بالملابس الفائضة ومع ذلك تبحث مطولاً عن شيء ترتديه.
- وجود ملابس قديمة جداً وتحتوي على بقع أو ثقوب أو تلف كبير.
- وجود أكثر من قطعة ملابس في خزانتك لم ترتديها منذ عامٍ أو أكثر.
- وجود ملابس غير مريحة أو لا تناسب أسلوبك في الحياة بعد الآن.
- وجود ملابس لم ترتديها من قبل وتحتفظ بها لمجرد أنها باهظة الثمن فقط.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك أن تطيل عمر ملابسك وأن تكون صديقاً للبيئة في نفس الوقت؟
أمّا عن الملابس التي يفضل التخلص منها، فهي:
- تخلّص من الملابس التي لا تناسب مقاسك أو لا تشعر فيها بالراحة.
- تخلّص من الملابس التالفة.
- تخلّص من الملابس التي لم ترتديها منذ عام أو أكثر.
- تخلّص من الملابس التي لا تناسب أسلوب حياتك الحالي.
- تخلّص من الملابس التي لا تتناسب مع أي شيء آخر في خزانة الملابس.
- تخلّص من الملابس التي اشتريتها من أجل هواية ما، لكنك لم تعد تقوم بها منذ سنوات عدّة.
- تخلّص من الملابس التي تحتفظ بها تحسباً، أو الملابس التي تتمسك بها بدافع الشعور بالذنب كالهدايا التي لا تناسبك أو غيرها.
- تخلّص من الملابس المكررة غير الضرورية.
ختاماً، وفي مواجهة التحديات البيئية المتزايدة الناتجة عن صناعة الأزياء والملابس، يمكن للمستهلكين كمحاولة للتقليل من آثار هذه الصناعة وتقليل الملابس التي سوف يفكرون في التخلص منها لاحقاً، أن يتّبعوا بعض الاستراتيجيات الشرائية المختلفة، مثل تفضيل جودة الملابس على كميتها، وتجنّب الملابس منخفضة السعر المصنوعة من الأقمشة الاصطناعية، بالإضافة إلى إعادة تدوير الملابس القديمة وإعادة استخدامها أو مبادلتها مع الأصدقاء.