أفضل الحيل التي يمكن أن تخدع عقلك للابتعاد عن الهاتف الذكي

أفضل الحيل التي يمكن أن تخدع عقلك للابتعاد عن الهاتف الذكي
نحن نعلم ما تفكر فيه، لكن رمي هاتفك من السطح لن يحل المشكلة. حقوق الصورة: توا حفتيبة / أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

حتى عندما يكون على الوضع الصامت، يحاول الهاتف بشتى الوسائل جذب انتباهنا إليه. قد ترغب في معرفة آخر الأخبار على فيسبوك على الرغم من أنك قد تحققت منها قبل 15 دقيقة فقط. أو قد تتخيل أن هاتفك يرن داخل جيبك، فتقوم بالتحقق منه ليتبين لك أنه لا يوجد شيء. لقد أصبحت هواتفنا الذكية أكثر فأكثر أشبه بملحقات لا يمكننا العيش بدونها. إليك كيفية الابتعاد عن هاتفك … على الأقل قليلاً.

لماذا ندمن على هواتفنا؟

يدرس عالم النفس لاري روزين، مؤلف كتاب “العقل المشتت:  العقول القديمة في عصر التكنولوجيا الحديثة”، هذه الظاهرة منذ بضع سنوات. يقول في هذا الصدد: «يفتح الشاب البالغ العادي هاتفه أكثر من 70 مرة في اليوم، ويتحقق منه لمدة 3 إلى 4 دقائق قبل إغلاقه، ثم يكرر نفس العملية بعد نحو 10 دقائق».

ويضيف: «إنهم يتحققون في المقام الأول من تطبيقات التواصل الاجتماعي. في الحقيقة، بمجرد دخولنا إلى أحد هذه المواقع، نشعر بنوعٍ من المسؤولية الاجتماعية للتحقق منها والاستجابة لها. نشعر بأننا مجبرون على استخدام هذه المواقع لأن جميع أصدقائنا يستخدمونها».

اقرأ أيضاً: 5 نصائح لتقليل الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي

نتيجة لذلك، توصل البحث إلى نتيجة مفادها أنه كلما زاد الوقت الذي نقضيه في استخدام التكنولوجيا، زادت التداعيات السلبية علينا. حيث يساهم سلوكنا في ظهور أعراض تتراوح بين القلق والتوتر واضطراب النوم، ناهيك عن عادة المشي الخطيرة أثناء استخدام هواتفنا، والتطبيقات الموجودة على هواتفنا مصممة بهذه الطريقة.

يقول روزين: «للشركات التي تقوم بتطوير هذه التطبيقات مصلحة كبيرة في استخدامك لها. إنهم يوظفون علماء النفس والسلوك لمساعدتهم على اكتشاف أفضل طريقة لجذب انتباهك وتركيز عيونك على الهاتف، وقد نجحوا بذلك إلى حد بعيد».

أي عندما تحاول الابتعاد عن هاتفك، فإنما تقاوم باستمرار مجموعة من المغريات والضغوط التي تحاول إعادتك إلى الهاتف. لكن هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لجعل هذه المهمة أقل إيلاماً.

ابتعد عن هاتفك تدريجياً

يقول روزين: «لا يمكنك في البداية التخلص من سموم الهاتف مرة واحدة. قد يكون وضع هاتفك بعيداً عنك في عطلة نهاية الأسبوع حلاً سهلاً، إلا أن ذلك سيجعلك أكثر قلقاً».

لقد شاهد روزين هذا الأمر يحدث مراراً وتكراراً في التجارب: إذا تلقى الناس رسائل نصية، لكنهم ممنوعون من ملامسة هواتفهم، فإن نشاط الجلد الكهربائي سيرتفع، ما يؤشر إلى رد فعل قلق. يحدث هذا الشعور المزعج لدى من يستخدم الهاتف الذكي بشكل مكثف أو معتدل على حد سواء. قد تكون على دراية بهذه الحقيقة، ولكن إذا لم تكن تعلم بها، يمكنك مشاهدة أندرسون كوبر وهو يتحدث عنها بالتفصيل في هذه الحلقة من برنامج “60 دقيقة”.

بدلاً من التخلي عن الهاتف تماماً، يوصي روزين باتباع نهج “تقليل الحساسية التدريجي” (systematic desensitization) أو ما يسمى “العلاج بالتعرض المتدرج”، حيث تقلل من تعريض نفسك لتأثير الهاتف تدريجياً.

يقول روزين: «عادة ما أطلب من الناس أن يبدؤوا بـ 15 دقيقة. تحقق من هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك، ثم قم بتشغيل الوضع الصامت للهاتف واضبط المنبه على 15 دقيقة. ضعه أمامك وشاشته للأسفل حتى لا ترى أي إشعارات. من المهم وضع هاتفك في نطاق رؤيتك، لأن ذلك يرسل إشارة إلى عقلك بأنه لا داعي للقلق ما دام الجهاز في متناول يدك».

وبعد ذلك، عندما يرن المنبه بعد 15 دقيقة، لا تتردد في التحقق من هاتفك لمدة تصل إلى دقيقة. كرر هذه العملية إلى أن تشعر بعدم الحاجة للتحقق من هاتفك؛ تلك اللحظة التي يرن فيها المنبه لكنك تقول لنفسك “لا، أنا أقوم بعمل آخر، سأتحقق منه بعد قليل”.

اقرأ أيضاً: كيف تطلب من تطبيقي «سيري» و«مساعِد جوجل» قراءة إشعارات الهاتف؟

بمجرد نجاحك بتجاوز 15 دقيقة دون التحقق من هاتفك، اضبط المنبه على 20 دقيقة، وهكذا. يقول روزين: «أشجع الناس للوصول حتى 30 دقيقة للتحقق من هواتفهم، لأن من شأن ذلك تقليل السلوك المعتاد للتحقق من الهاتف كل 15 دقيقة إلى النصف. إذا كان بإمكانك الوصول إلى نقطة تقوم عندها فقط بفحص بريدك الإلكتروني كل ساعة، فهذا أفضل».

ومع ذلك، هناك وقت يوصي فيه روزين بتجنب هاتفك الذكي تماماً: في المساء. يقول في هذا الصدد: «ضع هاتفك بعيداً قبل ساعة من موعد النوم، لقد كانت هذه توصية قياسية من المؤسسة الوطنية للنوم منذ عقود». يمكن للضوء الأزرق أن يعطل إيقاع الساعة البيولوجية لديك، لذلك فإن تجنبه لمدة ساعة سيساعد على تحفيز إفراز الميلاتونين حتى تتمكن من النوم. إذا كان لا بد من استخدامه، فقم بخفض مستوى السطوع وقم بتمكين خاصية “الوضع الليلي” (Night Shift). ومع ذلك، إذا كان بإمكانك وضع الهاتف بعيداً خارج غرفة نومك وتجنب أي تنشيط لعقلك بسببه، سيكون ذلك مثالياً.

اقرأ أيضاً: كل الطرق التي تساعدك فيها التكنولوجيا على الاسترخاء

تقليل إغراء هاتفك

إن مقاومة إغراء الهاتف والابتعاد عنه أصعب في الواقع مما يبدو عليه، لكن روزين يقول إنه يمكنك مساعدة نفسك بجعل هاتفك أقل جاذبية. الخطوة الأولى والواضحة هي تعطيل أكبر عدد ممكن من الإشعارات وإشارات التنبيه. يقول روزين: «يمكنك تشغيل التنبيهات للأشخاص المهمين بالنسبة لك مثل والديك أو زوجتك، لكن قم بتعطيل الإشعارات الواردة من أشخاصٍ آخرين».

مع ذلك، فإن هذه الخطوة لا تمثل إلا جزءاً صغيراً من المعركة. وفقاً لبحث روزين، لا يكون الدافع وراء نصف عدد المرات التي تنظر فيها إلى هاتفك إشعار أو تنبيه. أنت تحاول فقط معرفة الوقت (إذا كنت تستخدمه لمعرفة الوقت، فيمكنك على الأرجح تقليل عدد مرات التحقق من هاتفك من خلال اقتناء ساعة جيدة غير ذكية) أو تخفيف وقع هذه “المسؤولية الاجتماعية” من خلال التحقق من هاتفك.

يقول روزين: «أطلب من الناس أن ينقلوا أيقونات تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي إلى داخل مجلد، ولكن ذلك لا يعني أن يضعوا جميع هذه التطبيقات في مجلد واحد. سيكون هناك مجلد فريد لكل تطبيق، بحيث تتضاعف عدد النقرات اللازمة للوصول إلى أي منها. ثم نقل هذه المجلدات إلى شاشة الهاتف الأخيرة». قد يبدو القيام بذلك سخيفاً، ولكن يمكن لصعوبة الوصول إلى تطبيقاتك أن تقلل من اندفاعك لفتحها. يضيف روزين: «سيتطلب الوصول إلى التطبيقات بذل المزيد من الجهد بعد ذلك».

إذا لم يكن ذلك كافياً، يمكنك حذف تطبيقات الوسائط الاجتماعية تماماً والاعتماد على مواقعها على الويب بدلاً من ذلك. سيجبرك ذلك على كتابة رابطها في شريط العنوان وتصفحها في مواقع الويب التي عادةً ما تكون أقل انسيابية من التطبيق. يمكنك أيضاً حظر ملفات تعريف الارتباط في متصفحك، ما يجبرك على تسجيل الدخول في كل مرة (إليك كيفية القيام بذلك على هواتف الآيفون والأندرويد). كلما زاد عدد الحواجز التي تضعها بينك وبين الوصول إلى هذه المواقع، زاد الوقت المتاح لديك للتفكير في عدم زيارتها في المقام الأول.

يوصي تريستان هاريس، وهو مصمم سابق في جوجل، بتفعيل وضع التدرج الرمادي في هاتفك، والذي من شأنه تخفيف الألوان الزاهية المصممة لجذب انتباهك. ويقول روزين إنه لم يبحث في فعالية هذه النصيحة الشائعة، لكن زميلاً له يأمل في دراستها قريباً.

يمكنك تجربة هذا الأمر بنفسك. على الآيفون، انتقل إلى “الإعدادات” (Settings) ثم “الوصول” (Accessibility) وأخيراً “اختصار إمكانية الوصول” (Accessibility Shortcut) وانقر فوق “فلاتر الألوان” (Color Filters). ثم النقر ثلاث مرات على الزر الجانبي (أو زر الصفحة الرئيسية إذا كان موجوداً بهاتفك) والنقر فوق “فلاتر الألوان” لتشغيل وإيقاف وضع التدرج الرمادي. على الهواتف التي تعمل بنظام أندرويد، يمكن أن تختلف العملية من هاتف لآخر، ولكن يجب أن تساعدك هذه التعليمات (من هنا) في تعلم كيفية تشغيلها.

اقرأ أيضاً: ابدأ العام الجديد بإيقاف الإشعارات على هاتفك الذكي

أخيراً، إذا كنت من النوع الذي يستجيب لأسلوب “التواصل الداخلي”، فحاول استخدام إحدى خلفيات شاشة القفل هذه التي تحاول إقناعك بالابتعاد عن الهاتف. عندما تحاول فتح هاتفك للتحقق منه، ستذكرك شاشة القفل بأنه ربما لا يوجد شيء مهم ما خلا بعض الإعجابات التي لا معنى لها على فيسبوك، وأن معرفة ذلك لا تستحق قضاء الوقت في التحقق من الهاتف.