كيف تؤثّر الأسئلة متعددة الخيارات في التحصيل العلمي للطلاب؟

الأسئلة متعددة الخيارات ام سي كيو
shutterstock.com/ Linaimages
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أداء الطلاب الذكور أفضل من الإناث في الاختبارات المكونة من الأسئلة متعددة الخيارات. تتسم الأسئلة متعددة الخيارات (الأسئلة التي تتطلب من الطالب تحديد الإجابة الصحيحة من مجموعةٍ من الإجابات المحتملة – إم سي كيو) بموضوعيتها وسهولة حلّها؛ لكن بحثي يُظهر أنها تعطي ميزةً للذكور على الإناث.

قارنت حوالي 500 ألف نتيجة اختبارٍ للذكور والإناث ممن أدّوا اختبار «PISA» الدولي لتحديد مستوى الطلاب؛ لكن الأسئلة اختلفت بين الطلاب بالتفاصيل (لم تختلف الأسئلة في مستوى الصعوبة). شملت الاختلافات نسباً متنوعةً من الأسئلة متعددة الخيارات مقابل الأسئلة المفتوحة الطرف (الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عليه بنعم أو لا، أو بإجابة محددة). وجدت أن الاختلاف بين الجنسين في درجة الرياضيات يزداد مع زيادة نسبة الأسئلة متعددة الخيارات؛ مما يعني أنها تعطي أفضليةً لصالح الذكور، ويُظهر ذلك أن أفضلية نتائج الذكور عموماً في امتحانات الرياضيات كان لها علاقة بصيغة الاختبار أكثر من ارتباطها بمعرفتهم في الرياضيات.

كيف أجريت بحثي؟

تُستخدم الاختبارات الموحدة على نطاق واسع لاختبار الطلاب وفحص المرشحين للوظائف؛ حيث يخضع الأستراليون للعديد من الاختبارات الموحدة طوال فترة تعليمهم؛ مثل اختبار «NAPLAN»؛ وهو اختبارٌ يُجرى ضمن برنامج التقييم الوطني لمحو الأمية والحساب، واختبار الشهادة الثانوية «HSC»، واختبار «PISA» ضمن برنامج «OECD» لتقييم الطلاب الدوليين.

تتضمن هذه الاختبارات دائماً؛ خصوصاً اختبارات الرياضيات، أسئلة الخيارات المتعددة. على سبيل المثال؛ كان 70% من الأسئلة في اختبار NAPLAN لعام 2016 من نمط الأسئلة متعددة الخيارات، كما تحتوي أسئلة اختبار الرياضيات في الشهادة الثانوية HSC على قسمٍ من هذا النمط من الأسئلة.

وقمت بتحليل بياناتٍ تعود لاختبار PISA لعاميّ 2012 و 2015. يُعتبر هذا الاختبار أكبر اختبارٍ عالمي موحّد في الرياضيات والقراءة والعلوم. كل 3 سنوات، يخضع للاختبار أكثر من 500 ألف طالب بعمر 15 عاماً من أكثر من 60 دولةً؛ بما فيها أستراليا.

يتلقى كلّ طالبٍ يجري اختبار PISA مجموعةً مختلفةً من الأسئلة ذات سياقٍ ومستوى صعوبةٍ متشابه؛ ولكنّ هناك تبايناً عشوائياً في نسبة الأسئلة المتعددة الخيارات التي يتلقاها كل طالب في الأسئلة الخاصة به. على سبيل المثال؛ تلقّى بعض الطلاب عام 2015 اختباراً مكوناً في غالبيته من الأسئلة متعددة الخيارات (70%)، بينما احتوت أسئلة طلابٍ آخرين على 30% منها فقط.

لقد استغليت هذا الاختلاف العشوائي في نسبة الأسئلة متعددة الخيارات للتحقّق من كيفية اختلاف الفروق بين الجنسين في مادة الرياضيات.

ماذا وجدت؟

كان أداء الإناث أسوأ من أداء الذكور في أسئلة الاختيارات المتعددة، وكان هذا هو الحال؛ خصوصاً عندما كانت نسبة هذا النمط من الأسئلة 60%، وأكثر من نسبة الأسئلة الكلية، وأدت زيادة نسبة أسئلة الاختيار المتعدد بمقدار 10 نقاطٍ مئوية (من 50 إلى 60% مثلاً) إلى زيادة الفجوة بين بين الجنسين في درجات الرياضيات بنسبة 50% لصالح الأولاد.

يميل الأولاد إلى الأداء بشكل أفضل في أسئلة الاختيار المتعدد. يُظهر المخطط الاختلاف في أداء الطلاب حسب الجنس وحسب نسبة أسئلة الاختيار المتعدد.
– المخطط: الكاتب

ما سبب ذلك؟

قمت أيضاً بتحليل كيفية تعامل الطلاب مع الإجابات من خلال تتبع الوقت الذي استغرقوه للرد على كل سؤال، بالإضافة إلى عدد الأسئلة التي تركها كل طالب دون إجابة.

باستخدام بيانات PISA، يمكنني تحديد الطلاب الذين يجيبون على الأسئلة بسرعة كبيرة (على سبيل المثال؛ في أقل من 3 ثوانٍ؛ مما يجعل من المستحيل قراءة السؤال بعناية)؛ حيث يمكن اعتبار عامل الإجابة على الأسئلة بسرعةٍ كبيرة مؤشراً على انخفاض الجهد الذي يبذله الطالب أو عدم الانتباه، وقد وجدت اختلافاً بين الجنسين في النهج الذي يتبعه الطلاب للإجابة على الأسئلة.

يجيب الذكور أسرع، ويتخطون أسئلةً أكثر من الإناث. يُظهر المخطط النسبة المئوية للطلاب الذين يتخطون الأسئلة أو يجيبون على الأسئلة بسرعة حسب الجنس، ونسبة أسئلة الاختيار من متعدد – المخطط: الكاتب

كان الذكور عموماً أقلّ تركيزاً في الاختبار من الإناث، فقد أجابوا على الأسئلة أسرع وتخطوا الكثير منها، ومع ذلك، فقد بدأ هذا الاختلاف في التراجع كلما زادت نسبة أسئلة الاختيار المتعدد ضمن أسئلة الاختبار.

وكانت الإناث اللاتي تلقين اختباراً يحتوي على المزيد من أسئلة الاختبار المتعدد، يُظهرون جهداً أقل مما لو كان هناك المزيد من الأسئلة المفتوحة.

وفي هذا الصدد؛ يدعم بحث سابق فكرة أن الإناث يمكن أن يكنّ أقلّ تفاعلاً مع أسئلة الاختيار المتعدد؛ حيث يُظهر البحث أن الفتيات يملن إلى تفضيل الأسئلة التي تتطلب مزيداً من التحليل والحلول المختلفة، بينما يميل الأولاد إلى تفضيل نمط أسئلة الخيار المتعدد وكتابة الإجابات فقط.

الثقة مهمة أيضاً

يمكن أن تلعب ثقة الطالب في معرفته بالرياضيات أيضاً دوراً في أدائه. على سبيل المثال؛ يؤثر المستوى الأعلى من الثقة على مدى سرعة الطلاب في استبعاد الإجابات الخاطئة.

لم يقدّم اختبار PISA لعام 2015 مقياساً لمستويات ثقة الطلاب، ومع ذلك، فقد أظهر البحث السابق أن الإناث اللواتي تعمل أمهاتهن في مهن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (ستيم)، يملكن ثقةً أكبر في الرياضيات، وأنّهن أقل عرضةً للصورة النمطية السائدة التي تفيد بأن الذكور أفضل في الرياضيات.

لذلك استخدمت مهنة أمهات الإناث كمؤشرٍ مؤثر على مستوى ثقتهم وقدراتهن الرياضية. وقد اكتشفت أن التأثير السلبي لأسئلة الاختيار المتعدد على أداء الإناث قد تلاشى بالفعل لدى الإناث التي تعمل أمهاتهن في مهنٍ مرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

تشير هذه النتائج إلى أن الاختبارات التي تحتوي على نمط الأسئلة متعددة الخيارات، قد لا تكون أفضل الأدوات لقياس مستوى معرفة الطلاب.