اختبارات كوفيد-19 الذاتية: حان الوقت لاستخدامها في البلدان النامية

اختبارات كوفيد-19 الذاتية: حان الوقت لاستخدامها في البلدان النامية
اختبارات كوفيد-19 الذاتية منتشرة في البلدان المتقدّمة. حقوق الصورة: جورج فراي/ غيتي إيميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تؤدي الاختبارات المخبرية دوراً مهماً في تشخيص مرض كوفيد-19، وهي تعتبر حجر الزاوية في استجابة أنظمة الصحة العامة العالمية، إذ أنها تؤثر على تدابير التحكم بالمرض وتساعد في الوقاية من انتقاله. 

تعتمد أسس اختبارات الأمراض المعدية على الفيزيولوجيا المرضيّة للعدوى والمرض الذي تسببه، والمسار السريري وكذلك الاستجابة المناعية للمضيف.

هناك نوعان من الاختبارات لكشف عدوى فيروس كورونا الشديدة، سواء كانت مترافقة مع الأعراض أم لا: اختبارات البوليميراز المتسلسل، واختبارات المستضد، والتي تسمى أيضاً «اختبارات التدفق الجانبي». كلاهما يكشف وجود المواد الفيروسية، لكنهما يختلفان في التصميم ودرجة التعقيد.  

تعد اختبارات المستضد الخاصة بمرض كوفيد-19 نقلة نوعية، حتى في هذه المرحلة من الجائحة عندما لم يعد البشر يستطيعون احتواء فيروس كورونا، بل يبحثون فقط في استراتيجيات التخفيف التي تهدف لوقاية الأشخاص الأكثر عرضة من العدوى.

اختبارات المستضد رخيصة وسريعة، ويمكنها المساعدة في تحديد الأفراد المصابين ووقف انتقال الفيروس عن طريق عزل المصابين على الفور.  تعتبر نسبة اختبارات المستضد الخاصة بالمرض في جنوب إفريقيا منخفضة مقارنةً باختبارات البوليميراز المتسلسل. في الأسبوع الثالث من شهر يناير/كانون الثاني 2021، تم إجراء 191,510 اختباراً لمرض كوفيد-19، وكان 22.8% منها اختبارات المستضد. لم يتم إجراء أي من هذه الاختبارات بواسطة أفراد، إذ أن ذلك غير مسموح به بموجب قوانين الدولة.     

من الصعب معرفة سبب عدم اعتماد البلدان في إفريقيا اختبارات المستضد الخاصة بمرض كوفيد-19. لا يبدو أن توفّر الاختبارات وسعرها هما المشكلة. نشرت وكالة المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض إرشادات واضحة حول كيفية استخدام اختبارات المستضد، ولكن هناك عدم ثقة في جودة هذه الاختبارات، ما حد من استخدامها.   

صحيح أن هناك مخاوف بشأن الاختبارات الذاتية، لكن، في رأيي، فوائد هذه الاختبارات كبيرة. يمكن للأفراد الحصول على الاختبارات بسرعة وبتكلفة منخفضة، وهذا بدوره يساعد في الحد من المخاطر بالنسبة للأشخاص المعرضين للإصابة. يمارس أخصائيو الصحة العامة في البلدان النامية ضغوطاً على السلطات من أجل زيادة استخدام اختبارات المستضد، خاصةً بهدف السماح بإجراء الاختبارات الذاتية.    

اقرأ أيضاً: ما هو تحليل «بي سي آر» اللازم للكشف عن فيروس كورونا؟

نوعا اختبار الكشف عن الإصابة بكوفيد-19

تعمل اختبارات البوليميراز المتسلسل الخاصة بكوفيد-19 على تضخيم المورثات الفيروسية التي تستهدفها، وهي تعتبر حساسة للغاية. يوجد أكثر من 1000 نوع تجاري متاح من هذه الاختبارات الآن، وهي قادرة على كشف المواد الفيروسية قُبيل ظهور الأعراض لدى الأفراد المصابين، وبعد عدة أسابيع من الإصابة، حتى عندما يزول خطر انتقال المرض.  

اختبارات البوليميراز المتسلسل الخاصة بكوفيد-19 لها عيوبها. على سبيل المثال، تم اتخاذ تدابير، مثل دخول المستشفى وحظر السفر، على أساس نتائج إيجابية لها، على الرغم من أن هذا لم يكن ضرورياً تماماً. 

يعتمد أداء اختبار البوليميراز المتسلسل على عدة عوامل، وهي تشمل نوع الاختبار والخصائص السريرية للمريض وتوقيت أخذ العينة ونوعها وظروف نقلها والتقنيات المخبرية المستخدمة. كما أن هذه الاختبارات باهظة الثمن وصعبة الإجراء تقنياً، وتتطلب موظفين متخصصين وكواشف كيميائية، ونقل العينات ومعالجتها.  

أما بالنسبة لاختبارات المستضد الخاصة بكوفيد-19، فهي اختبارات قياسمناعية تشخيصية سريعة، تستهدف مواداً فيروسية مستضديّة مختلفة، ولها تصاميم مختلفة.

تُستخدم الاختبارات التشخيصية السريعة على نطاق واسع لتشخيص أمراض الجهاز التنفسي المعدية الأخرى مثل الإنفلونزا في العيادات والمراكز المجتمعية والمنازل. يُستخدم في معظم هذه الاختبارات غشاء نترات السيليلوز الذي يوجد في علبة بلاستيكية تحتوي على خطّين. الأول عبارة عن خط تحكم يبيّن وجوده أن الاختبار يجري، والثاني عبارة عن خط كشف يبين وجود المواد الفيروسية في العينة. يعتمد التفاعل على علامات ملونة (جسيمات نانوية) تغير لونها عندما تتعرض للمواد الفيروسية.   

تعمل اختبارات المستضد بشكل أفضل عند وجود كمية كبيرة من المواد الفيروسية، وعند المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض. عادة ما تعطي هذه الاختبارات نتيجة إيجابية عند إجرائها بعد 5-12 يوماً من ظهور الأعراض. ترتبط النتائج بمعدلات التكاثر الفيروسي المرتفعة، وبالتالي بإمكانية انتقال المرض.  

اقرأ أيضاً: قد تكون جائحة كورونا نقطة تحوّل طال انتظارها للعلاج عن بعد

الاختبارات الذاتية للكشف عن الإصابة بكوفيد-19

سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية بإجراء الاختبارات الذاتية باستخدام اختبارات المستضد الخاصة بكوفيد-19 لأول مرة في شهر نوفمبر/تشرين الأول 2020، وذلك لإتاحة الفرصة أمام الأشخاص الذين ظهرت عليهم الأعراض وأولئك الذين يشكّون بأنهم تعرضوا للفيروس باختبار أنفسهم.

بحلول عام 2021، تم اعتماد اختبارات المستضد وآلية الاختبار الذاتي في معظم البلدان المتقدمة. أثار الاستخدام واسع النطاق للاختبارات الذاتية الجدل على أكثر من منحى، ويعتمد هذا الجدل على 3 قضايا:  

هل الاختبار حساس بما يكفي؟

حساسية الاختبار هي قدرته على كشف العدوى إذا كانت موجودة. تعتمد الحساسية على تصميم الاختبار، والذي يؤثر بدوره على دقته. تختلف اختبارات المستضد في مستويات حساسيتها، إذ يعتبر بعضها ممتازاً مقارنة باختبارات البوليميراز المتسلسل.   

هل العيّنات المعتمدة مناسبة؟

كان تبسيط نوع العينة ليشمل اللعاب، وهي عينة يعتبر الحصول عليها أكثر سهولة، الطريقة الأكثر اتباعاً في معظم اختبارات المستضد الخاصة بكوفيد-19.

اقرأ أيضاً: باحثون هارفارد يحثون على الاختبارات «الرديئة» لفيروس كورونا

هل تسهل قراءة وتفسير النتائج؟

قد تكون قراءة اختبار المستضد السريع صعبة في بعض الأحيان بصرياً. تظهر أحياناً خطوط باهتة في نافذة الكشف، ويصعب معرفة ما إذا كان الاختبار إيجابياً أم سلبياً. 

تفسير النتائج هو أيضاً أمر بالغ الأهمية. هذا صحيح بشكل خاص في حالة النتائج السلبية. قد لا تستبعد النتيجة السلبية العدوى بشكل نهائي، وقد يكون هناك حاجة لإعادة الاختبار.   

بالإضافة إلى ذلك، فإن تفسير النتيجة بشكل صحيح أمر معقد حتى لو تم توفير تعليمات واضحة.

أظهرت دراسة أميركية واسعة حول الاختبار الذاتي أن 1 من كل 3 أفراد أساء تفسير نتيجة اختبار المستضد الخاص بكوفيد-19. وجدت الدراسة أن وضوح المعلومات المعطاة للمرضى الذين يجرون الاختبار الذاتي عبر مجموعة متنوعة من الطرق المختلفة كان مهماً للغاية في إجراء الاختبار بشكل سليم. 

حصل الأفراد في الدراسة على تطمينات زائفة من النتائج السلبية.

أظهرت دراسة حديثة أيضاً أن موظفي المخابر المدربين يقومون بإجراء الاختبارات بشكل أفضل من عوام الناس.

اقرأ أيضاً: اللقاح الصيني لفيروس كورونا يظهر نتائج واعدة في الاختبارات السريرية 

ما هي الخطوة التالية؟

من الواضح أن هناك عدداً من المحاذير المتعلقة بإجراء الاختبارات ذاتياً باستخدام اختبارات المستضد.

مع ذلك، لا زلت أعتقد أنه يجب السماح باستخدام الاختبارات الذاتية بشكل أوسع في بلدان مثل جنوب إفريقيا.

أحد أسباب قناعتي هذه هو أن عدم السماح باستخدام الاختبارات الذاتية يساهم في إنشاء سوق سوداء لهذه الاختبارات، والعديد من أنواع الاختبارات المنتشرة ليست معروفة الجودة. 

كما يمكن أن تساهم الاختبارات الذاتية، إذا استُخدمت بشكل واسع النطاق، في التحكّم بمخاطر انتقال المرض، إذ أنها ستساعد الكثيرين على معرفة ما إذا كانوا مصابين أم لا.

مع ذلك، يجب أن تصدر الحكومات إرشادات دولية، وتوفّر تعليمات مناسبة لاستخدام هذه الاختبارات.