10 نقاط ذكاء تعادل 20 عام شيخوخة: تكلفة النجاة من كوفيد-19

10 نقاط ذكاء تعادل 20 عام شيخوخة: تكلفة النجاة من كوفيد-19
حقوق الصورة: بيكسلز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد عامين على تفشي فيروس كورونا حول العالم، لم تتوقف الأخبار السيئة التي تردنا منه، إذ أشار باحثون بريطانيون في جامعة كامبريدج  وإمبريال كوليدج لندن، إلى وجود آثار معرفية على المدى الطويل لفيروس كوفيد -19 الحاد، بسبب تلف في بعض المناطق في الدماغ وتقدمه بالعمر بمقدار 20 عاماً، ما يترتب عليه خسارة 10 نقاط ذكاء.

تباطؤ سرعة معالجة الدماغ بعد كوفيد- 19

تسببت معظم الإصابات الناتجة عن كوفيد -19 طويل الأمد ببعض الاضطرابات الصحية والعقلية، والتي تترافق بأعراض بطء عملية الإدراك في الدماغ فيما يُعرف “بضباب الدماغ”، وصعوبة تذكر الكلمات واضطرابات النوم والقلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

في دراسة استطلاعية سابقة أجراها باحثون من جامعة إمبريال كوليدج البريطانية، ونُشرت في موقع ما قبل الطباعة (medrxiv)، تبين أن واحداً من كل سبعة ممن شملهم الاستطلاع عانوا من صعوبات إدراكية بعد 12 أسبوعاً من اختبار فحص الكورونا الإيجابي.

اقرأ أيضاً: لا تزول بعد التعافي مباشرة: تعرّف إلى آثار كورونا طويلة الأمد

إلا أن الدراسة الحديثة التي نُشرت في دورية “إي كلينيكال ميديسين” (eClinicalMedicine)، أشارت إلى أن مرضى كوفيد -19 الذين تخرجوا من العناية المركزة ما زالوا  يعانون بعد 6 أشهر من أعراض أكثر خطورة تتمثل بصعوبات إدراكية، على الرغم من تمتعهم بصحة جيدة ظاهرياً.

الاضطرابات المعرفية الناتجة عن كوفيد -19 طويل الأمد: خسارة 10 نقاط ذكاء

أجريت الدراسة على 46 مريضاً ممن عانوا من كوفيد -19 الحاد، تتراوح أعمارهم بين 28-83 عاماً، وتم نقلهم إلى مستشفى أدينبروك في الفترة ما بين 10 آذار/ مارس إلى 31 تموز/ يوليو 2021.

 16 فرداً ممن تم اختيارهم كانت حالتهم تستدعي استخدام أجهزة التنفس الصناعي لمدة لا تقل عن 50 يوماً، وعانوا من فشل بعض الأعضاء.

تم تقييم المشاركين ومقارنتهم مع أكثر من 66 ألفاً من عامة الأفراد ممن لم يعانوا من كوفيد -19 الحاد، وخضعوا لاختبارات معرفية محوسبة بعد 6 – 10 أشهر من دخولهم المستشفى باستخدام منصة “كوجنيترون” (Cognitron) التي تقيس جوانب مختلفة من القدرات العقلية مثل الذاكرة والانتباه والتفكير، بالإضافة إلى مقاييس القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، فأظهرت الدراسة أن تراجع الإدراك المعرفي للمشاركين كان أقل مما كان متوقعاً بالنسبة لأعمارهم، وبما يماثل الشيخوخة التي تحدث في السن ما بين 50 – 70 عاماً، وهذا يعادل فقدان 10 نقاط ذكاء.

لاحظ الباحثون صعوبة إيجاد الكلام، حيث طُلب من المشاركين في الدراسة إيجاد التشابه بين الكلمات، فلم يجدوا الكلمة الصحيحة. كما أظهروا بطئاً في سرعة معالجة أدمغتهم للمعلومات، وهو ما رُبط بانخفاض استهلاك الجلوكوز في منطقة الدماغ المسؤولة عن حل المشكلات والذاكرة العاملة.

اقرأ أيضاً: أدوية الحساسية تمثل علاجاً محتملاً لأعراض كوفيد-19 طويلة الأمد

يقول آدم هامبشاير، أحد مؤلفي الدراسة، وهو عضو في مركز أبحاث الرعاية والتكنولوجيا التابع لمعهد أبحاث الخرف في المملكة المتحدة في لندن: “في العادة يتباطأ إدراك الشخص بشكل كبير خلال هذين العقدين من العمر، لكن لديه أيضاً ما يكفي من الوقت للتكيف. أما بالنسبة لهؤلاء المرضى، فيشكل التراجع المعرفي صدمة مفاجئة. أتوقع أن بعضهم قد لا يتعافى تماماً أو قد لا يتمكن من العودة إلى العمل”.

أما بالنسبة لأعراض الاكتئاب والقلق وضغط ما بعد الصدمة وتراجع الحافز والمزاج السيئ والنوم المضطرب، فلم يتم ربطها بالعجز الإدراكي.

ما أسباب التدهور المعرفي لمرضى كوفيد-19؟

أشارت دراسة سابقة أجراها باحثون ألمان في جامعة فرايبورغ ونُشرت في دورية “الدماغ” (Brain)، أن الإصابة بكوفيد-19 تقلل من استهلاك الدماغ  للجلوكوز في الشبكة الأمامية الجدارية، وهي الجزء المشارك في الانتباه وحل المشكلات والذاكرة العاملة.

وفقاً للباحثين في الدراسة الحديثة، يمكن أن يكون للعدوى الفيروسية بكورونا تأثير مباشر، ولكنها ليست سبباً رئيسياً، بل ما ينتج عنها من مشكلات مثل عدم كفاية الأوكسجين، أو تراجع إمداد الدماغ بالدم، أو تشكل خثرات تسبب انسداداً للأوعية الدموية الكبيرة أو الصغيرة. ولكن يبقى السبب الأهم هو ما يصيب الجسم نتيجة نشاط الجهاز المناعي واستجابته الالتهابية. وهو ما أفاده أطباء المستشفيات خلال ذروة انتشار الفيروس، حيث استنتجوا تراجع المشكلات العصبية التي يعاني منها مرضى فيروس كورونا لدى تناول الكورتيكوستيرويدات التي تثبط استجابة الجسم الالتهابية.

اقرأ أيضاً: بين الفرضيات والبراهين: كيف يسبب فيروس كورونا الأذية الدماغية؟

تحسن طفيف بعد 10 أشهر من الإصابة بكوفيد-19

بغض النظر عن الأسباب والآليات، تظهر نتائج الدراسة مخاوف كبيرة لدى الباحثين، حيث دخل أكثر من 40 ألف فرد وحدة العناية المركزة واستخدم معدات التنفس الصناعي في بريطانيا لوحدها، كما أن هناك العديد من الأشخاص ممن لم تستطع المستشفيات استيعابهم بسبب الضغط الكبير خلال ذروة موجة الوباء، ما يدل على وجود عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في الإدراك، ولا بد مساعدتهم.

على الرغم من ذلك تبدي مؤشرات الأداء المعرفي لدى المرضى الذين دخلوا غرفة العناية المركزة، تحسناً بطيئاً بعد مرور 10 أشهر على إقامتهم في المستشفى. يقول المؤلف الرئيسي للدراسة ديفيد مينون: “على الرغم من أنه لم تحمل هذه المؤشرات دلالة إحصائية، إلا أنها على الأقل خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن من المحتمل جداً أن بعض هؤلاء الأفراد لن يتعافوا تماماً”.