خبراء الصحة العالمية: كورونا لم يأتِ من خفاش ولا من مختبر

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

رجّح التقييم الأولي لفريق التحقيق التابع لمنظمة الصحة العالمية؛ الموجود في الصين منذ 4 أسابيع، أن يكون فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19 قد انتقل من الحيوانات إلى البشر، واستبعد الفريق أن يكون الفيروس قد تسرّب من مختبر.

بدأ فريق منظمة الصحة العالمية؛ المكوّن من 17 خبيراً صينياً و17 خبيراً دولياً، مهمته في الصين في 14 يناير/كانون الثاني، وهو بصدد إصدار تقريره بشأن ما توصل إليه خلال الزيارة؛ التي شملت 233 مركزاً صحياً في ووهان، إضافة إلى العديد من المقابلات والزيارات.

وفي مؤتمر صحفي عُقد في مدينة ووهان الصينية أمس؛ الثلاثاء، قال بيتر بن أمبارك؛ متحدثاً نيابةً عن فريق منظمة الصحة العالمية، إن الفريق وضع هدفين أمامه قبل الاضطلاع بهذه المهمة، وأضاف: «جئنا إلى هنا ولدينا هدفان؛ الأول محاولة الحصول على فهم أفضل بشأن ما وقع في بداية الأحداث في ديسمبر/كانون الأول 2019، والهدف الثاني هو فهم طريقة حدوث ذلك. كيف ظهر الفيروس وقفز وانتقل للمجتمعات البشرية؟».

أربع فرضيات لتفشّي فيروس كورونا

ووضع د. بيتر بن أمبارك أربع فرضيات لمصدر فيروس كورونا؛ الفرضية الأولى هي انتقال الفيروس مباشرة من الحيوانات للبشر، والفرضية الثانية هي وصول الفيروس للبشر عن طريق وسيط؛ أي انتقال الفيروس لحيوان قريب من البشر؛ حيث تمكّن من التطور والتكيّف والتداول، ومن ثمّ انتقل للبشر.

وأوضح د. بيتر أنه في هذه المرحلة؛ من غير الممكن تحديد نوع الحيوان الذي نقل الفيروس، وتشير الدراسات إلى أنه حالياً، وفي 2019، لا يبدو أن هناك أي انتشار للفيروس بين أي نوع من الحيوانات في البلاد.

أما الفرضية الثالثة فهي عبر الطعام؛ لاسيما الأطعمة المجمّدة، لأن الفيروس يمكن أن يستمر في درجات حرارة منخفضة، والفرضية الرابعة تتعلق بتسرّب الفيروس من مختبر، وبهذا الصدد، استبعد الفريق بشدة هذه الفرضية.

وردّاً على سؤال من أحد الصحفيين بشأن سبب استبعاد هذه الفرضية؛ قال د. بيتر بن أمبارك: «قمنا بتقييم هذه الفرضية بنفس الطريقة التي قيّمنا بها الفرضيات الأخرى، ونظرنا للأمور التي تنفي هذه الفرضية، لكن نظرنا إلى حقيقة أنه لم يتم بحث أو تحديد أو معرفة هذا الفيروس من قبل، ولا توجد أية نشرة حوله أو تقرير بشأنه أو أي فيروس مرتبط به تم العمل عليه في أي معمل في العالم».

لماذا ووهان؟

بحث فريق الخبراء في علاقة سوق هوانان في ووهان بانتشار الفيروس، لكنه لم يجد دليلاً على نشأة الفيروس هناك، لاسيما أن بعض الحالات أيضاً ظهرت خارج السوق.

وقال ليانغ ونيان؛ قائد الفريق من الجانب الصيني، إن الفريق نظر في دراسات غير منشورة من دول مختلفة؛ تشير إلى أن تفشّي فيروس كورونا حدث في مرحلة متقدمة تسبق الاكتشاف الأولي للحالات بعدّة أسابيع، وأضاف: «بعض العيّنات المشتبه بها تم اكتشافها بشكل مبكر من أول حالة تم الإبلاغ عنها؛ هذا يشير إلى احتمالية تفويت الإبلاغ المبكر في مناطق أخرى»، وشدد على أنه من المستحيل- بحسب المعلومات الحالية- تحديد كيف وصل فيروس كورونا إلى سوق هوانان.

من جانبه؛ أكد د. بيتر بن أمبارك أن الخبراء لا يعلمون دور سوق هوانان في تفشّي العدوى، وقال: «كيف وصل الفيروس إلى هناك وانتشر؟ الأمر لا يزال مجهولاً. لدينا الخارطة، وقمنا بمسح انتشار الفيروس، ولدينا صور حول مكان الحالات التي عملت في السوق؛ كل ذلك يقول إن الفيروس كان في سوق هوانان في ديسمبر/كانون الأول 2019، ولكن هذه ليست القصة الكاملة. نعلم أيضا بتفشّي العدوى بين أشخاص غير مرتبطين بالسوق، ولهذا فالصورة غير كاملة».

الحيوانات ربما نقلت الفيروس

أوضح السيّد ونيان أن الدلائل من الدراسات تشير إلى أن فاشيات كورونا على الأغلب وُجدت في الخفاش وآكل النمل الحرشفي، وقد تكون هذه الحيوانات هي الحاضنة للفيروس الذي تسبب بمرض كـوفيد-19، بناءً على التشابه الكبير بين تسلسل الفيروسات وكورونا، لكنه أضاف أن الفيروسات التي تم تحديدها حتى الآن من هذين الحيوانين غير كافية لتكون المصدر المباشر لفيروس كورونا.

وبحسب الخبراء، لأن ووهان ليست مدينة أو بيئة قريبة من بيئة الخفاش؛ فإن وصول الفيروس بشكل مباشر من الخفاش إلى المدينة مستبعد، ولهذا السبب حاول الخبراء معرفة الحيوانات الأخرى التي حملت الفيروس وتنقلت داخل المدينة وخارجها؛ وهي التي ربما نقلت الفيروس خاصة إلى سوق هوانان.

وبالنسبة للحيوانات الأخرى، قالت ماريون كوبلينغس؛ عضو في الفريق، إنه من المهم التشديد على أن الفحوصات لم تكن إيجابية؛ حيث تم إجراء تعقّب مكثف وكبير في تلك الفترة للحيوانات والمنتجات في الأسواق، وأظهرت الدراسات أن بعض أنواع الحيوانات تم توثيقها على أنها أكثر عرضةً للفيروس؛ مثل الأرانب، أو مشتبه بأنها معرّضة للفيروس؛ مثل حيوان فرو الغرير وفئران الخيزران، وشددت على أن ذلك قد يكون بمثابة مدخل للدراسات التي يمكن أن تتم على الحيوانات، واتخاذ الخطوة المقبلة بشأن إجراء مسح على الحيوانات في المزارع.

سوف يصدر تقرير الخبراء الكامل خلال الفترة المقبلة، وشدد الفريق على الحاجة لإجراء المزيد من المسوحات في أنواع معيّنة من الحيوانات قد تكون حملت الفيروس؛ وهذا يشمل المزيد من الدراسات على الخفاش؛ ليس فقط في الصين، بل في الدول المجاورة التي تعيش بها نفس الأنواع أيضاً.