من المبكر الجزم بأن أعراض متحور أوميكرون أقل حدة

متحور أوميكرون
حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ذكرت عناوين الأخبار الأسبوع الماضي أن متحور أوميكرون قد يسبب شكلاً أكثر اعتدالاً من مرض كوفيد-19 مقارنةً بمتحورات فيروس كورونا السابقة. وقد استقت معظم هذه الأخبار معلوماتها هذه من تقريرٍ حديث لديسكفري هيلث، أكبر شركة رعاية وتأمين صحي في جنوب إفريقيا. يذكر التقرير أنه، وبناءً على دراسة أجريت على 200 ألف شخص، كان احتمال دخول البالغين إلى المستشفى أقل بنسبة 29% مما كانت عليه الحال خلال الموجة الأولى من الوباء.

قد لا يكون متحور أوميكرون أخف وطأة

لكن الباحثين في فيروس كورونا يقولون إن مثل هذه النتائج لا تعني بالضرورة أن متحور أوميكرون أخف وطأةً بطبيعته على البشر، ويفترضون في هذا الصدد أن اللقاحات، بالإضافة إلى العدوى السابقة، ربما قللت من نسبة الوفيات، والذي كان الغرض الأساسي منها. ويشير الباحثون في شركة ديسكفري إلى أنه من الصعب تقدير «الشدة الحقيقية» لمتحور أوميكرون إذا ما أخذنا بعين الاعتبار معدل التطعيم البالغ 35% وعدد الأشخاص الكبير الذين تعافوا من الإصابة بمتحورات فيروس كورونا الأخرى.

بدأت الحالات في موجة أوميكرون في جنوب إفريقيا تبلغ ذروتها بالفعل بعد ثلاثة أسابيع، لكن الوفيات لم ترتفع بالسرعة التي كانت عليها في الموجات السابقة. يقول جو باهلا، وزير الصحة في البلاد، لصحيفة التايمز البريطانية: «لا نعتقد أن متحور أوميكرون أقل ضراوة بالضرورة، كما نعتقد أن اللقاحات والمناعة الطبيعية ربما لعبت دوراً مهماً في توفير الحماية منه».

اقرأ أيضاً: متحوّر «أوميكرون» الجديد: ما الذي نعرفه حتى الآن؟

إصابة سابقة أو اللقاحات قد تلعب دوراً في شدة الإصابة بمتحور أوميكرون

وفقاً لورقة عمل ألفها علماء الأوبئة في مستشفى ماساتشوستس العام وكلية هارفارد للصحة العامة ونُشرت هذا الأسبوع، تعافت جنوب إفريقيا مؤخراً من زيادة كبيرة في الإصابات بمتحور دلتا على مستوى البلاد، حيث يقول البحث: «يأتي متحور أوميكرون في الوقت الذي بات فيه معظم السكان يتمتعون بمناعةٍ أكبر بكثير من متحورات الفيروس الأخرى، خصوصاً بين المعرضين لخطورةٍ أكبر من الفيروس». ويشيرون في نتائجهم إلى أن القدرة على تقييم الخطر الحقيقي للإصابة بعدوى خطيرة من أوميكرون ستقل بشكلٍ منهجي.

يقول داريل فالزارانو، باحث اللقاحات في جامعة ساسكاتشوان: «في الواقع، إن تقدير شدة المتحور تصبح أكثر صعوبة مع مرور الوقت. هناك الكثير من الإصابات بدون أعراض لم تُسجل أو تُشخص مطلقاً، فإذا أصيب هؤلاء الأشخاص الآن بأوميكرون، فقد تخمن أن شدة إصابتهم ستكون أقل… ولكن معرفة ما إذا كان الحالة ناجمةً حقاً عن الإصابة بمتحور أوميكرون لدى شخصٍ لم يصب سابقاً أو تلقى اللقاح بالفعل يجعل تقييم شدة الإصابة بالفيروس أمراً صعباً حقاً».

الأطفال: القادمون الجدد إلى أسرة المستشفيات

وما يزيد من تعقيد نتائج تقرير شركة ديسكفري هو حقيقة أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً كانوا أكثر عرضة بنسبة 20% لدخول المستشفى بسبب متحور أوميكرون مقارنةً بالموجة الأولى على الرغم من أن احتمال دخولهم المستشفى أقل بكثير من البالغين. تكتب شيرلي كولي، كبيرة خبراء التأمين الصحي في ديسكفري، في التقرير: «تشهد مستشفيات جنوب إفريقيا في الموجة الرابعة الحالية زيادة مماثلة في القبول، خصوصاً بين الأطفال دون سن الخامسة، حيث كانوا يمثلون أعلى معدلات القبول».

قد يكون ذلك لأن الأطفال هم النسبة الأكبر من السكان التي لم تتلقَ اللقاح. في الواقع، وافقت جنوب إفريقيا على تلقي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً للقاحات في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكان الأطفال أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا ونشره.

قد يشير ذلك إلى أن أوميكرون أكثر حدة، على الأقل عند الأطفال. لكن هذا ليس بالضرورة ما يحدث، إذ تقول سالي بيرمار، رئيسة قسم طب الأطفال في كلية طب وايل كورنيل: «الأطفال هم الأقل تحصيناً بين السكان، وكما هو متوقع، ستتركز الحالات بين تلك الفئات العمرية. يشيع حاليّاً اختبار الأطفال في المستشفى أكثر، ولكن ذلك كان أقل شيوعاً في الفترة السابقة من انتشار الوباء». وتأتي نتيجة الاختبار لدى بعض هؤلاء الأطفال إيجابية رغم أن العديد من الحالات لم تدخل المستشفى بسبب كوفيد-19 أساساً، وتضيف بيرمار: «تزداد نسبة الإصابة بين الأطفال في الوقت الذي ترتفع فيه الإصابات بشكلٍ مفاجئ». ويذكر تقرير ديسكفري أن تلك الحالات «العرضية» يمكن أن تزيد أيضاً من المخاطر المحتملة.

اقرأ أيضاً: أشهر الأسئلة والأجوبة حول التعامل مع الأطفال الذين لم يتلقوا لقاح كورونا

قد يتضح أن أوميكرون يميل إلى التسبب في مرض أكثر اعتدالاً، حتى في الأشخاص الذين ليس لديهم مناعة سابقة.

يقول جيسون كيندراتشوك، عالم الفيروسات بجامعة مانيتوبا الذي كتب حول إمراضيّة كوفيد-19 في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني إلى دورية «بوبيولار ساينس»: «أعتقد أن هناك المزيد من البيانات من جميع أنحاء العالم تفترض أن هذه الإصابة المنخفضة الشدة ربما تكون واقعية، ولكننا ننتظر بياناتٍ تدعم وتثبت ذلك. المشكلة التي تواجهنا حالياً هي أن قدرة متغير أوميكرون على الانتقال عبر السكان تفوق قدرتنا على تجميع بياناتٍ كافية للإجابة على هذا السؤال».

في إحاطة يوم 10 ديسمبر/كانون الأول، قدمت باحثة الأمراض المعدية بجامعة ويتواترسراند، آنا فون جوتنبرج، نتيجة مماثلة. استندت البيانات التي اعتمدت عليها جوتنبرج إلى حقيقة أن متحور أوميكرون يعطي قراءة معبرة في بعض اختبارات الـ بي سي آر، ما يسمح للباحثين بتقدير وجوده حتى بدون تسلسل الحالات. تقول جوتنبرج في هذا الصدد: «خلال ارتفاع حالات الإصابة بمتغير أوميكرون، ولكن قبل أن تهيمن على حالات الإصابة بالمتغيرات الأخرى، كان احتمال أن تؤدي حالات أوميكرون المشتبه بها إلى دخول المستشفى أقل. هناك بعض المؤشرات على أن المرض قد يكون أقل خطورة ولكن يتعين علينا الانتظار عدة أسابيع. يمكن أن يكون الأمر عبارة عن أن متغير أوميكرون يصيب العديد من الأشخاص الذين يقاومون المتحورات الأخرى والذين يتمتعون ببعض المناعة».

اقرأ أيضاً: لماذا يختلف الجهاز المناعي لدى الأطفال عن نظيره لدى البالغين؟

متحور أوميكرون يطرح تحديات عميقة

في الحقيقة، ليس مهماً معرفة لماذا يُصاب عدد أقل بالمرض الشديد بسبب متحور أوميكرون إذا ما أردنا فهم تأثيراته. لا يزال المتحور الذي يسبب أعراضاً معتدلة، سواء كان ذلك بسبب المناعة أو لأنه هكذا بطبيعته، يطرح تحدياتٍ عميقة. 

تقول بيرمار: «حتى الآن، يمكنني القول أن كل المؤشرات تفيد بأن هذا المتغير ليس مخيفاً أكثر من المتحورات الأخرى من ناحية شدة إمراضه للناس. لقد عانى النظام الصحي منذ عامين حتى يؤمن أجهزة التنفس الاصطناعي للمرضى، وقد أصبح الأمر أكثر تعقيداً الآن مع المشاكل التي تواجه العاملين في القطاع الصحي، إذ لا يستطيع اختصاصيو الرعاية الصحية المصابون بكوفيد-19 العمل. وفي نفس الوقت، تزداد حالات القبول في المستشفيات في الولايات المتحدة بسبب متغير دلتا. وبالإضافة إلى ذلك، هناك نقصٌ في الكادر التمريضي على المستوى الوطني يرجع إلى حالات الإرهاق وضعف الأجور بعد عامين على إدارة الجائحة».

تقول بيرمار أخيراً: «إن نتيجة نقص موظفي القطاع الصحي أقل سوءاً من نقص أجهزة التنفس الاصطناعي، لكن ذلك يثير أسئلةً عميقةً حول كفاءة نظام الرعاية الصحي الأميركي».