باحثون يطورون مادة أقوى من الفولاذ بمرتين وأخف من البلاستيك

باحثون يطورون مادة أقوى من الفولاذ بمرتين وأخف من البلاستيك
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نجح فريق من الباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بقيادة الدكتور “مايكل سترانو” في تطوير مادة جديدة أُطلق عليها اسم “2DPA-1”. ووفق ما جاء في الدراسة التي نُشرت في مجلة “نيتشر” (Nature)، في فبراير/شباط 2022، تتمتع المادة بميزات عديدة تجعلها واعدة في الصناعات المختلفة، فهي أقوى من الفولاذ بمرتين وأخف من البلاستيك.

فكرة الدراسة 

يوضح الباحثون في دراستهم الطريقة التي اتبعوها لتشكيل صفائح من البوليمرات ثنائية الأبعاد، ومثلّ هذا تحدياً كبيراً، إذ لم يستطع أحد التوصل إلى هذا التركيب لعقود طويلة. ويرجع ذلك إلى طبيعة البوليمرات، التي تتكون من جزيئات صغيرة تُسمى مونومرات، ويصعب ترتيب هذه المونومرات لتشكيل صفائح ثنائية الأبعاد؛ فقد تتحرك لأعلى أو أسفل خارج مستوى المادة ثنائية الأبعاد المراد إنتاجها، وبالتالي تتكون مادة ثلاثية الأبعاد، مثل تلك المُستخدمة في صناعة زجاجات المياه. 

على مدى عقود، عمل الباحثون على تشكيل صفائح ثنائية الأبعاد من البوليمر، متوقعين أنها ستكوّن مادة قوية خفيفة الوزن، لكن باءت جميع المحاولات السابقة بالفشل. أما في هذه الدراسة، وجد الباحثون أنّ عليهم تطوير عملية البلمرة المُستخدمة في صناعة هذه المواد البوليمرية، وبالفعل، طوروا عملية بلمرة جديدة تُسمى “البولياراميد”. وقد استخدم الباحثون مركباً يُسمى ميلامين، يحتوي على حلقة من ذرات الكربون والنيتروجين، لترتيب المونومرات لتصبح في شكل صفيحة ثنائية الأبعاد. فتتشكل أقراص، تتراكم فوق بعضها وتتماسك بواسطة روابط هيدروجينية، ما يساعد على استقرار المونومرات ويمنع حركتها لأعلى أو أسفل، وبذلك حصل الباحثون على المادة التي تتمتع بالمواصفات المطلوبة.

لمعرفة مدى قوة المادة الجديدة، أجرى الباحثون عدة تجارب لاختبارها، منها: 

  • تحديد معامل المرونة: وهو مقياس يُستَخدم في تقدير القوة اللازمة لتشويه المادة، واتضح أنها أقوى من الزجاج المضاد للرصاص بـ 4 إلى 6 أضعاف.
  • قوة الخضوع: وهي القوة اللازمة لكسر المادة، وتبيّن أنّ قوة خضوع المادة تساوي ضعف قوة خضوع الزجاج. على الرغم من أنّ كثافة المادة تساوي سُدس كثافة الفولاذ. 

لماذا تُعد مادة 2DPA-1 بديلاً أفضل من البلاستيك؟ 

يمكن تصنيع طلاء من هذه المادة واستخدامه في حماية هياكل السيارات والمباني. لمنع تفاعلات الأكسدة والصدأ والتعفن وغيرها. وتتميز أيضاً بأنها لا تسبب ا مثل الفولاذ، كما يمكنها التحلل بسرعة، فنستطيع التخلص منها بسهولة ولا تسبب ضرراً للبيئة مثل البلاستيك. 

على الرغم من أنّ البلاستيك مادة قوية -إلى حد ما- وخفيفة وقوية وموجودة في كل مكان حولنا وقابلة للتشكل بسهولة، واستُخدِمت في تطوير الطائرات والأجهزة الإلكترونية المختلفة، كما يحتاج البلاستيك إلى مقدار قليل من الطاقة حتى يستطيع البشر إنتاجه، على عكس الفولاذ والزجاج، إلا أنه ليس صديقاً جيداً للبيئة. فوفقاً لمجلة فوربس (Forbes)، يسبب البلاستيك الكثير من الأضرار للبيئة، منها: 

نفايات البلاستيك

تنتشر نفايات البلاستيك في كل مكان تقريباً، من القطب الشمالي حتى القارة القطبية الجنوبية. نجدها من حولنا بغزارة في الحدائق العامة والشوارع وفي مياه البحار والمحيطات والأنهار وغيرها. اتسع نطاق انتشار هذه النفايات حتى بلغت أجسام الطيور البحرية. 

تهديد حياة الكائنات الحية 

تُشير بعض الأدلة إلى أن البلاستيك له دور في ارتفاع معدلات انقراض الأنواع. ولأنه ينتشر على نطاق واسع، قد يتداخل مع طعام الكائنات الحية، ما يؤدي إلى سوء التغذية وانسداد الأمعاء للحيوانات التي يلوث طعامها. فالبلاستيك مادة غير قابلة للهضم، كما يصعب تحلله. إضافة إلى هذا، تطفو كميات كبيرة من البلاستيك في البحار والمحيطات، وتهدد حياة مئات الأنواع البحرية. 

يصعب إعادة تدويره

لسوء الحظ، لا يمكن إعادة تدوير جميع أنواع البلاستيك، ويصعب تحللها أيضاً، على الرغم من أنه يمكن تكسيرها إلى قطع صغيرة تتغذى عليها بعض الكائنات المجهرية، ولكنها تظل غير قابلة للهضم. 

تتميز المادة الجديدة 2DPA-1، بأنها أخف من البلاستيك وتمنع تسرب الغازات، ما يجعلها خياراً مثالياً في كثير من الصناعات عوضاً عن البلاستيك، فقد تسمح أكياس البلاستيك بتسرب رائحة الأشياء الموجودة داخلها، أما الأكياس التي تُصنع من هذه المادة الجديدة، ستمنع هذا التسرب، فضلاً عن قوتها التي ستُدخلها صناعات عديدة مستقبلاً.