ما هي الأكسيونات التي ستقودنا لتفسير لغز الطاقة المظلمة؟

تعرف على الأكسيونات المرشح الأوفر حظاً لتفسير المادة المظلمة
ما هي الأكسيونات التي ستقودنا لتفسير لغز الطاقة المظلمة؟
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يكتسب جسيم متناهٍ في الصغر يسلك سلوك موجة أهمية متزايدة كتفسير محتمل للمادة المظلمة، وذلك وفقاً لمراجعتين علميتين نُشرتا هذا الأسبوع.

قد تكون الجسيمات الافتراضية، المسماة الأكسيونات، أفضل طريقة للعلماء لشرح المادة المظلمة؛ تلك المادة المحيرة التي تشكل 85% من مادة الكون، وتتفاعل بالكاد مع مادتنا “الطبيعية”. تُظهر مراجعتان جديدتان في هذا الصدد كيف انتقل هذا الجسيم من المركز الثاني إلى دائرة الضوء في السنوات الأخيرة. وفقاً للمراجعتين، فقد تطورت النظريات حول المادة المظلمة بحيث أصبح احتمال تفسير الأكسيونات للمادة المظلمة أكبر. وتستعرض المراجعتين أيضاً كيف يمكن للعلماء اكتشاف الأكسيونات. نُشر كلا التقريرين مؤخراً في دورية «ساينس أدفانس». 

قد تكون حولنا ولا نلاحظها

تقول فرانشيسكا تشادها داي، عالمة الفيزياء في جامعة دورهام في المملكة المتحدة ومؤلفة المراجعة: «إذا كانت الأكسيونات عبارة عن مادة مظلمة، فهناك إذاً أكسيونات تمر خلالك الآن، لكنك لا تلاحظها لأنها بالكاد تتفاعل مع مادتك». يُذكر أن فرانشيسكا تعمل أيضاً في مشروع «توراد»، وهو مشروع علمي مشترك للكشف عن الأكسيونات.

عندما بدأت فرانشيسكا العمل على الأكسيونات قبل عقد من الزمن، كانت أكثر من مرشح هامشي لتفسير المادة المظلمة كما تقول. لقد أصبحت أكثر أهمية منذ ذلك الحين، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى ما تقول إنه «فشل مصادم الهادرونات الكبير، أو أي من أجهزة الكشف عن المادة المظلمة» في العثور على التفسير المفضل سابقاً للمادة المظلمة لعقود من الزمن، وهي ما تُدعى جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة (WIMPS)

الأكسيونات وجسيمات التفاعل الضعيف الضخمة، كلاهما جسيمات دون ذرية يصعب اكتشافها؛ إذاً ما الفرق بينهما؟ 

اقرأ أيضاً: لماذا لم تتسبب المادة المظلمة في وفاة أي شخص حتى الآن؟

ما الذي يميز جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة عن الأكسيونات؟

يقول جراي ريبكا، الفيزيائي والمتحدث باسم تجربة المادة المظلمة للأكسيون (ADMX) في جامعة واشنطن، والذي لم يشارك في أي من المراجعتين: «جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة أكثر ضخامة بقليل، إنها جسيمات كبيرة وثقيلة محايدة تشبه نوعاً ما مركز ذرة ثقيلة». 

على النقيض من ذلك، الأكسيونات أقل كتلة، وحتى أخف من أخف جسيم معروف يُدعى النيوترينو. ونظراً لكونها بهذه الخفة، فإن سلوكها غريب.

تقول تشادها داي: «الشيء المثير للاهتمام حول الأكسيونات هو أن مادة الأكسيونات المظلمة تسلك سلوك مجال يغطي الكون كله أكثر من كونها جسيماتٍ فردية متحركة».

يتميز كل جسم بطبيعة تسمى ثنائية الموجة والجسيم، بمعنى أن الأشياء تسلك إلى حد ما سلوك الموجة وإلى حد ما سلوك الجسيم. على سبيل المثال، يمكن لشيء صغير مثل الإلكترون أن يسلك سلوك جسيم، حيث يمكن أن يقذف في الفضاء ويصطدم بجسيمات أخرى مثل كرات البلياردو. ومع ذلك، يمكن أيضاً أن يسلك سلوك الموجة، حيث يمكن أن يتحد مع موجات أخرى ولا يمكن تحديد مكانه في وقتٍ معين. ولكن كلما كان الجسم أثقل، كلما كان هذا التأثير أقل وضوحاً، ومال إلى التصرف كجسيم أكثر. كجزء من هذه الطبيعة الموجية، يجب أن تتفاعل الأكسيونات بشكل ضعيف مع الضوء وعندما تكون محاطة بمجال مغناطيسي. وإذا كانت موجودةً حقاً، يمكن أن تتحول إلى فوتونات، وتتحول الفوتونات إلى أكسيونات.

ويقول ريبكا: «إن مراجعة النظرية هي مؤشر جيد لما يتجه إليه التفكير. لقد اقتُرحت جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة والأكسيونات منذ عدة عقود كتفسيراتٍ محتملة للمادة المظلمة في نفس الوقت. في الحقيقة، إنها ليست المواد المرشحة الوحيدة، ولكنها الأبرز. ربما فضل المجتمع العلمي جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة (WIMPS) في ذلك الوقت لأنه كان من السهل البحث عنها باستخدام التكنولوجيا الموجودة حينذاك. ولكن بعد البحث عنها لثلاثة عقود وعدم العثور على شيء، فإن البعض سئم من هذه الفكرة».

اقرأ أيضاً: لغز جديد: علماء «المادة المظلمة» يرصدون نشاطاً زائداً 

وجود تدعمه نظرية الأوتار

تتنبأ نظرية الأوتار بضرورة وجود الأكسيونات كحل لأحجية التوازن بين المادة والمادة المضادة في الكون.

أحد أسباب الاهتمام المتزايد بالأكسيونات هو أن الباحثين لديهم الآن التكنولوجيا للبحث عنها. يقول ريبكا: «ظهرت الكثير من الأفكار حول كيفية بناء تجربة للبحث عن الأكسيونات. لقد انتقل العلماء في السنوات الأخيرة من ابتكار تجارب لاكتشاف الجسيمات إلى إجراء أبحاث حولها حيث نعتقد أن لدينا فرصة جيدة لاكتشافها».

حتى الآن، حاولت تجارب مثل “تجربة المادة المظلمة للأكسيون” (ADMX) اكتشاف الأكسيونات عن طريق بناء حجرة ذات مجال مغناطيسي قوي، وبحجم معين، بحيث يتردد صداها مع كتلة معينة من الأكسيون. الأمر أشبه بكيفية طنين آلتين موسيقيتين مختلفتي الحجم، مثل الكمان والتشيلو، عند تلتقطان أصواتاً مختلفة ذات نغمة أعلى أو أخفض. قد يتسبب هذا الصدى في تحول المزيد من الأكسيونات إلى فوتونات في الغرفة وفقاً لشادها داي، وستستشعر أجهزة كشفٍ شديدة الحساسية هذا التغير.

اقرأ أيضاً: رصد مجرة يمكن أن تكون قد تشكّلت بدون المادة المظلمة

تجربة المادة المظلمة للأكسيون 

تجربة المادة المظلمة للأكسيون (ADMX) حساسة فقط للأكسيونات في نطاق ضيق من الكتل الممكنة. ومع ذلك، فقد فكر المجربون في طرق ذكية لصنع كواشف يمكنها التقاط نطاق أوسع من كتل الأكسيونات، وفقاً لتشادها داي، حيث تقول: «هذا الأمر مهم لأنه لن يكون بالأمر السهل العثور على كتلة مناسبة من الأكسيونات يسهل عندها اكتشافها». لا يوجد سبب يجعل الكون لطيفاً بالنسبة لنا ويعطي الأكسيونات كتلة يسهل البحث عنها.

يمكن لعلماء الفلك أيضاً أن يرصدوا الأكسيونات في الفضاء من خلال النظر إلى موقعين رئيسيين يحويان مجالات مغناطيسية؛ عناقيد المجرات والنجوم النيوترونية. إذ ستغير الأكسيونات طيف الضوء المنبعث من المادة التي تسقط في الثقوب السوداء في قلب المجرات. كما أنها ستجعل النجوم النيوترونية تصدر ضوءاً أكثر مما هو متوقع في المدى الراديوي.

إذا لم تتمكن الأبحاث الجارية والقادمة من اكتشاف الأكسيونات في الأماكن التي يتوقعها العلماء، فسيتعين عليهم البدء من جديد. ولكن إذا تم الكشف عنها، سنعرف ما هي المادة المظلمة أخيراً، كما يقول ريبكا.