شارك
الرئيسية
نجح فريق من الأطباء والجراحين من مستشفى بريغهام آند ويمن (Brigham and Women’s Hospital) ومستشفى بوسطن للأطفال (Boston Children’s Hospital) في إجراء عملية جراحية لجنين داخل رحم أمه؛ إذ تمكن الأطباء من علاج مرض نادر في الدماغ يُعرف باسم تشوه وريد غالينوس (vein of Galen malformation).
عملية جراحية هي الأولى من نوعها لعلاج تشوه وريد غالينوس
تُجرى العمليات الجراحية داخل الرحم عادةً قبل الولادة لعلاج حالات طبية أخرى، لكن هذه الجراحة تعدّ الأولى من نوعها لعلاج هذه الحالة النادرة. أُجريت العملية باستخدام الموجات فوق الصوتية في 15 مارس/ آذار، ونُشرت تفاصيلها في مجلة ستروك (Stroke) في 4 مايو/ أيار.
يحدث تشوه وريد غالينوس عندما لا يتطور الوعاء الدموي، (يُعرف باسم وريد غالينوس)، الذي ينقل الدم من الدماغ إلى القلب بصورة سليمة. يسبب هذا التشوه تدفق كمية هائلة من الدم، ما يشكل ضغطاً على كل من الوريد والقلب. كما يمكن أن يسبب مشكلات صحية متعددة قد تؤدي إلى الوفاة، مثل قصور القلب أو تلف الدماغ.
عندما أجرى الزوجان ديريك كولمان (Derek Coleman) وكينياتا كولمان (Kenyatta Coleman) كشفاً بالموجات فوق الصوتية للاطمئنان على صحة الجنين في الأسبوع الـ 30 من الحمل، اكتشف الأطباء عيباً خلقياً يعانيه الجنين، على الرغم من أنه كان ينمو بصورة طبيعية. وتبيّن أن دماغ الجنين وقلبه كانا متضخمين، وبعد مزيد من الفحوصات شخّص الأطباء الحالة على أنها تشوه وريد غالينوس.
قرر الزوجان، اللذان يقيمان في مدينة باتن روج في ولاية لويزيانا، التطوع لإجراء هذا العمل الجراحي بوصفه تجربة سريرية معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وبإشراف كل من مستشفى بريغهام آند ويمن ومستشفى بوسطن للأطفال، على الرغم من مخاطر الولادة المبكرة أو احتمالية حدوث نزيف دماغي لدى الجنين. أجرى الفريق الطبي العملية الجراحية في الأسبوع الـ 34 من الحمل لعلاج التشوه فيما كان الجنين ما يزال في الرحم. استخدم الأطباء الموجات فوق الصوتية لتوجيه إبرة طويلة تشبه تلك المستخدمة في فحص السائل الأمنيوسي، بالإضافة إلى وضع لفائف صغيرة في الأوعية الدموية المشوّهة لإيقاف تدفق الدم.
اقرأ أيضاً: تناول الحامل للكافيين يسبب تغيرات في دماغ الطفل
تقنية مستوحاة من جراحات سابقة
هذه التقنية مستوحاة من عمليات القلب الجراحية التي أُجريت داخل الرحم سابقاً. تقول مديرة قسم طب الأجنة والأمومة وعلم الوراثة الإنجابية في مستشفى بريغهام آند ويمن، لويز ويلكنز هوغ (Louise Wilkins-Haug)، لشبكة سي إن إن (CNN): بمجرد أن أصبح الجنين في وضع مناسب، حُقن بجرعة صغيرة من الدواء لتثبيته، بالإضافة إلى حقنة صغيرة من الأدوية لتخفيف الآلام”.
ثم أدخل الأطباء إبرة طويلة عبر جدار البطن، ومرروا عبرها القثطرة بعناية. أسهم هذا الإجراء في ملء الأوعية الدموية باللفائف المعدنية، ما أدى إلى تباطؤ تدفق الدم وتخفيف الضغط على الوريد والقلب. أظهرت الفحوصات انخفاض ضغط الدم في المناطق الحيوية، كما أظهر الجنين علامات تحسن على الفور.
بدأت الأم، كينياتا، في فقدان السائل الأمنيوسي بصورة تدريجية، وبعد يومين من الجراحة، دخلت في مرحلة المخاض. في 17 مارس/ آذار، ولدت الطفلة دنفر كولمان (Denver Coleman)، وبلغ وزنها نحو 2 كيلوغرام تقريباً. وفقاً للأطباء، كانت حالة دنفر الصحية مستقرة جداً في فترة ما بعد الولادة مباشرةً، ولم تحتجْ إلى أي علاجات فورية، مثل وضع مزيد من اللفائف أو استخدام الأدوية لدعم وظائف القلب.
اقرأ أيضاً: ما هي آفاق أول عملية زرع لأذن صُممت باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد؟
في المرحلة اللاحقة: ولادة طفلة بصحة جيدة
يقول الطبيب في مستشفى بوسطن للأطفال، دارين أورباك (Darren Orbach)، لمحطة دبليو بي زِد- تي في (WBZ-TV) التابعة لشبكة أخبار بوسطن سي بي إس (CBS) : “عندما وُلدت دنفر، لم نصدق ما رأته أعيننا؛ إذ كانت تتمتع بصحة جيدة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، كانت لحظات رائعة بالفعل، كنا نشعر بالقلق حول حالة دنفر الصحية، ولم نستطع تحديد مدى نجاح العملية، لأن الأطفال الذين يواجهون مشكلات صحية خطرة مثل دنفر، تكون حالتهم غير مستقرة عادةً وتحتاج إلى العناية المركزة لفترة طويلة، لكن عندما شاهدنا تحسناً ملحوظاً في حالتها الصحية، أدركنا أن كل شيء سيكون على ما يرام”.
الآن، بعد مرور شهرين تقريباً على الجراحة، لا تزال الرضيعة دنفر تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني أي أعراض للقصور القلبي، كما أن فحصها العصبي طبيعي، ولا توجد مؤشرات على أنها بحاجة إلى أي تدخلات طبية إضافية. تقول الأم كينياتا لشبكة سي إن إن: “أظهرت ابنتي إرادة قوية وصموداً منذ اللحظات الأولى في حياتها”.