ضمن مبادرة السعودية الخضراء: 250 ألف شجرة «غضا» ستُزرع في الصحراء

السعودية تزرع 250 ألف شجرة «غضا» لمواجهة التصحر
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ضمن مبادرة السعودية الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، تهدف المملكة إلى زراعة 10 مليارات شجرة، من بينها 250 ألف شجرة ساكسول «الغضا» في الصحراء، من أجل مقاومة الجفاف، ومواجهة التصحر. فما هي هذه الشجرة؟ ولماذا الساكسول بالذات؟ 

شجرة الساكسول المعروفة محلياً بـ «الغضا»

الساكسول شجيرة دائمة الخضرة، بطيئة النمو، يتراوح  طولها بين 6 حتى 8 أمتار. يوجد 3 أنواع منها، الأول المعروف باسم الساكسول، ويُسمى أيضاً الرمث، والساكسول الأسود، والساكسول الأبيض. 

تتميز الشجرة بجذوعها وفروعها الخشنة والملتوية، ولها لحاء سميك يشبه الإسفنج، مشبع بالماء. أما جذورها، فتمتد في التربة الرملية بشكل أفقي وعميق لمساحات كبيرة جداً مقارنة بمساحة سطح الأوراق. هذه التكيفات تزيد من قدرة الجذر على امتصاص الماء، وتحمّل فترات الجفاف الطويلة، كما يثبّت الجذر النبات في التربة الرملية جيداً عند هبوب الرياح القوية، والعواصف الرملية. وعن الأوراق، فهي صغيرة جداً، ولا تُرى بسهولة، وذلك لتقليل فقدان الماء في البيئة الصحراوية، وتقوم الساق بعملية التركيب الضوئي بدلاً من الأوراق.

تعيش في المناطق الباردة إلى المعتدلة الحرارة، وتتحمل الظروف البيئية القاسية، وتتحمل الجفاف والرياح والملوحة ونقص المواد الغذائية، فهي تنمو في المناطق القاحلة، ذات الرمال المتحركة أو الثابتة، وفي المنخفضات الملحية، والأودية الجافة، والطبقات الطينية والصخرية المغمورة، والتلال الصخرية والمنحدرات الجبلية والأراضي الوعرة، لكن لا تنمو في الظل. وعند توفر الماء، تنمو بغزارة، مُشكّلةً غابات صغيرة. تمتد الأراضي التي تنمو فيها من جنوب غرب آسيا إلى وسطها، ومن مصر حتى منغوليا والصين.

تُزهر أشجار الساكسول في أواخر الصيف حتى الخريف، وتنتج البذور الناضجة بنهاية فصل الشتاء. تنتشر بذورها خلال الصيف، لتبدأ الإنبات السريع، إذا كانت الظروف مناسبة، في أوائل الخريف. على عكس العديد من النباتات الصحراوية، تحتفظ البذور بقدرتها على الإنبات لمدة عام واحد فقط، في الظروف غير المناسبة.

اقرأ أيضاً: هل نستطيع إرجاع الصحراء إلى اللون الأخضر؟

فوائد شجرة السكاكسول

السعودية تزرع 250 ألف شجرة «غضا» لمواجهة التصحر
حقوق الصورة: ألوكريسيتيلوس/ شترستوك.

تمتلك شجرة السكاكسول فوائد عديدة، اكتشفها البشر، وبدو الصحراء منذ قرون عديدة، ومنها:

شرب الماء

يمكن عصر لحائها الاسفنجي للحصول على مياه صالحة للشرب، وهذا أمر ذو أهمية بالغة للبدو الرُحل.

استخدامات طبية

يتطفل على جذور الشجرة نوع من النباتات يستخدم المعالجون بالأعشاب قشوره في إنتاج مكون طبي ذو مذاق مالح يستخدم في علاج أمراض العقم والخمول المرتبط بالعمر وعدم وضوح الرؤية وفقدان الذاكرة والصلع واضطرابات التوازن وخفقان القلب. لذلك يُسميها البعض «جينسنغ الصحراء».

علف للحيوانات

تعتبر غذاءً لبعض أنواع الحيوانات البرية، وتسكنها أنواع أخرى أيضاً، مثل طائر الساكسول الذي يتغذى على كميات كبيرة من بذورها، خاصةً خلال موسم التكاثر. يمكن إطعامها للماشية كعلف في مواسم الجفاف، عند عدم توفر النباتات العشبية.

مواجهة التصحّر

يمكن زرع نبات الساكسول في المناطق القاحلة على شكل أحزمة واقية لمنع تأثير الرياح وتثبيت الكثبان الرملية، ما يساعد على مواجهة التصحر.

وقود للتدفئة وصبغة للصوف

يُستخدم خشب الساكسول كوقود جيد لإشعال النار للحصول على الدفء أو طهي الطعام. وينتج الخشب أيضاً صبغة خضراء يستخدمها النسّاجون في تلوين خيوط الصوف.

ماذا يحدث إذا تخلينا عن الساكسول؟

تقلّصت المناطق التي تغطيها شجرة الساكسول في العديد من البلدان، مثل منغوليا، حتى باتت مهددة بالانقراض في تلك المناطق. أدى ذلك إلى زيادة جفاف الصحراء بما يتجاوز قدرة الساكسول على التحمل. وبذلك خسر البشر فوائدها في تلك المناطق، كما فقدت الأنواع البرية والماشية مصدر غذائها مع اختفائها.

أيضاً، يتسبب اختفاء الساكسول بتآكل التربة الصحراوية الهشة، وانخفاض إمدادات المياه، وتسريع التصحر. بالإضافة إلى ذلك، يسبب تدهور أعداد أشجار الساكسول زيادة العواصف الرملية.

الساكسول كرمز بيئي في المملكة العربية السعودية

الساكسول كرمز بيئي في المملكة العربية السعودية
حقوق الصورة: كينغما فوتوز/ شترستوك.

مع اجتياح الجفاف لمنطقة الشرق الأوسط، تواجه المملكة العربية السعودية التصحر بزراعة أشجار الساكسول المقاومة للجفاف، بالاستفادة من ميزة انتاجها لكميات أكبر من البذور في موسم الجفاف.

كجزء من مبادرة السعودية الخضراء، تخطط المملكة لزراعة 250 ألف شجرة ساكسول، والمعروفة محلياً باسم الغضا هذا العام، في عنيزة بمنطقة القصيم الوسطى. وسيتم التنفيذ عبر جمعية الغضا البيئية، برئاسة ماجد الصليم.

تهدف المملكة إلى زراعة 10 مليارات شجرة في العقود المقبلة في إطار حملة طموحة كشف النقاب عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام الماضي. يعادل ذلك إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفاً، تمثل مساهمة المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي، و1% من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة. وتخطط المملكة أيضاً للعمل مع الدول العربية لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في المنطقة، ضمن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.

لماذا الساكسول، دون غيرها؟ لأنها تعيش لأشهر دون قطرة ماء، وتزدهر في البيئات القاسية بشكل خاص، وتنمو في المناطق التي يمكن أن تصل درجة حرارتها إلى 58 درجة مئوية، وهي بذلك يمكن أن تنمو في العديد من الدول العربية، التي تعاني من تغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة وموجات الجفاف الطويلة والمتكررة.

دخلت منتزهات الغضا في عنيزة موسوعة غينيس للأرقام القياسية العام الماضي كونها أكبر حديقة نباتية في العالم لأشجار الغضا، وتمتد على مساحة 172 كيلومتراً مربعاً تقريباً. وفي زيارة حديثة، امتدت مساحات من أشجار الساكسول إلى الأفق، ما أدى إلى إحياء الصحراء.

وقال ماجد الصليم رئيس جمعية الغضا وهو يمشي في الحديقة وهو يحمل شهادة غينيس بين يديه: «اهتم الناس في عنيزة بها لتصبح رمزاً بيئياً لهذه المنطقة».