تطوير روبوت يمكنه الهبوط على الأشجار مثل الطيور

تطوير روبوت يمكنه الهبوط على الأشجار مثل الطيور
حقوق الصورة: جامعة ستانفورد.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ القدم، أتقنت الطيور فن الهبوط على السطوح المعقدة مثل أغصان الأشجار المتشابكة والمركبة. والآن، طور المهندسون في جامعة ستانفورد روبوتاً طائراً جديداً يتمتع بميزاتٍ فريدة تشبه الميزات التي يتمتع بها الطيور، مثل المخالب ووسادات أصابع القدم والأقدام المنثنية، التي تسمح للطيور بالهبوط بسلاسةٍ على أي مكان.

هيكلية الروبوت الذي يمكنه الهبوط على السطوح المعقدة

يحتوي الروبوت على أربع مجموعاتٍ من المراوح مثبتةً في الأعلى تسمح له بالتحليق، وساقان مثبتتان في الأسفل. وتشبه أرجل الروبوت أرجل أي طائرٍ قد تراه من النافذة، لكنها متصلةٌ بطائرةٍ رباعية المراوح بدلاً من جسم الطائر.

يشرح البحث، الذي نُشر يوم الأربعاء 1 ديسمبر/كانون الأول في دورية «ساينس روبوتيكس»، تفاصيل تطوير الروبوت، ويقول إنه لا يتطلب سوى الحد الأدنى من طاقة الحوسبة من لوحة التحكم الخاصة به، مما قد يسمح بدمج هذه التقنية في مشاريع أخرى في المستقبل دون الحاجة إلى مساحة حسابية كبيرة، الأمر الذي من شأنه أن يترك مساحةً إضافية لوظائف أخرى مثل المراقبة والتسجيل وبرمجة حركاتٍ أخرى وغير ذلك من الميزات. يمكن أيضاً استخدام الأرجل الروبوتية الشبيهة بأرجل الطيور لنمذجة الطريقة التي تتحرك بها أرجل الطيور وطريقة عملها دون إشراك طيور حقيقية.

يقول ديفيد لنتينك، كبير مهندسي الأبحاث الذي شارك في تطوير الروبوت: «تمكنا في النهاية من تصميم هذا الروبوت الذي يمكنه الهبوط مثل الطيور، وذلك من خلال دراسة كيفية قيام الطيور بالهبوط على أسطحٍ معقدةٍ جداً».

اقرأ أيضاً: لأول مرة: بناء روبوتات من خلايا الضفادع قادرة على التكاثر الذاتي

محاكاة طريقة إمساك الطيور بالأغصان

أولاً، كان على الفريق إنشاء نموذج أولي بناءً على الأبحاث السابقة حول مورفولوجيا الطيور، حيث قاموا بمراجعتها ودراسة جثث الطيور، محاولين بذلك الحصول على أكبر قدرٍ من المعلومات دون الحاجة إلى استخدام طيورٍ حية. 

أجرى لنتينك وفريقه العديد من التجارب على أرجل الروبوت لمحاكاة طريقة إمساك الطيور بأغصان الأشجار في الواقع، وفي كل تجربة، كانوا يقيّمون ما إذا كان بإمكان الروبوت الهبوط بشكل صحيح باستخدام آليةٍ تلقائية مختلفة تسمح له بالهبوط على الشجرة بنفس الطريقة في كل مرة. عندما لم يكن باستطاعة الأرجل الإمساك بالسطح، يسقط الروبوت من الفرع، ثم يقوم الفريق بإعادة ضبط الإعدادات والمحاولة مرة أخرى إلى أن يتم ذلك بشكلٍ صحيح.

كانت للإصدارات الأولى من الروبوت أرجل تركز على امتصاص الصدمات بدلاً من محاكاة خصائص الطيور، ولكن نظراً لأن هذه الإصدارات فشلت في أمساك الفرع الذي ستهبط عليه، فقد طُور هيكل الروبوت أخيراً (بفضل جهود المشاركين في البحث) ليصبح أكثر شبهاً بالطيور. قام الفريق بتغيير التصميم من ساق واحدة إلى ساقين، حيث أظهرت التجارب أن ذلك يساعد في موازنة الروبوت على الأسطح غير المتساوية، كما استبدلوا الوسادات المطاطية المسطحة على قدم الروبوت بتصميمٍ أكثر تموجاً وخشونة، مع الحفاظ على قوامه الاسفنجي المرن (حيث تبين أن المطاط زلق جداً إلى درجةٍ لا يستطيع عندها الإمساك بالفروع). كما استبدلوا الخطافات المصممة هندسياً بهياكل تشبه المخالب من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث كانت الخطافات الحادة الحواف تعيق الأداء.

يقول لنتينك: «كان التركيز كله منصباً على السماح للروبوت بالإمساك بسطحٍ معقد بغض النظر عن شكله».

اقرأ أيضاً: ينقصه قلب ويصبح بشر: تصميم أدمغة مخصصة للروبوتات

قد تحل هذه الروبوتات مكان الدرونات 

إلى جانب الميزات السابقة، كان على الفريق ضمان أن تكون حركة ساقي الروبوت مشابهة تماماً لحركة الساق الفعلية عند الطيور. يمكن للتصميم الأخير لأرجل الروبوت أن ينثني عند مفصلين، مما يمكنه من الإمساك بالغصن من خلال ثني المفصل الأول قبل المفصل الثاني، تماماً مثل ثني معصمك ثم أصابعك للإمساك بشيء ما. كما تنثني الأرجل عند ملامستها للغصن لامتصاص الصدمة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى توتر القدمين والأصابع تلقائياً لتلتف حول الغصن. تسمح هذه الميزات للروبوت بالتكيف عند التلامس مع أي سطحٍ يتفاعل معه.

يقول لنتينك: «عندما حصلنا على التوازن الصحيح أخيراً، كان الروبوت قادراً على الهبوط بثقة وبشكلٍ متكرر على العديد من السطوح المعقدة».

على الرغم من خضوع الروبوت إلى 190 تجربة قذف على سطوح معقدة مختلفة، إلا أنه حافظ على سلامة هيكله بشكلٍ عام، واستمر بالإمساك بالفروع بكفاءة. لم يكن الروبوت قادراً على القيام بذلك بشكل متكرر وحسب، بل فعل ذلك أيضاً دون الحاجة للكثير من الطاقة الحوسبية من عناصر تحكم الروبوت. ويوضح لنتينك أنه لم تكن هناك حاجةٌ لاستخدام الذكاء الاصطناعي نظراً لأن الأرجل قابلة للتكيف بدرجة كافية للهبوط بالروبوت، مما يترك مجالاً لدمج وظائف أخرى في الروبوت، مثل المراقبة والطيران والحركات الأخرى التي ينبغي برمجتها في خصائص الهبوط إذا ما تمت إضافتها إلى روبوتاتٍ أكثر تعقيداً في المستقبل.

يفتح الروبوت الطائر ذو الأرجل أيضاً الباب على إمكانية الاستفادة من هذه التقنية في تطوير معدات هبوطٍ قابلة للتكيف يمكن أن تقلل الحاجة إلى مدارج الهبوط ومنصات طائرات الهليكوبتر. في الحقيقة، يمكن للدرونات الحالية الطيران لفترةٍ قصيرة نسبياً، ولكن وجود مثل هذه الأرجل يتيح لها التمركز بثباتٍ فوق أحد النقاط والقيام بوظيفة المراقبة فقط، مما يقلل من إجمالي الطاقة التي تستهلكها.

يقول لنتينك أخيراً: «إذا استخدمنا نظارات الطيور التي طورناها، ونظرنا إلى العالم كما تنظر الطيور إليه، يمكننا الهبوط في أي مكان».