ما هو الهدف من مشروع إيكاروس لإنشاء خريطة حية لحيوانات الأرض؟

مشروع إيكاروس يعمل على إنشاء خريطة حية لحيوانات الأرض
تساعد أجهزة الإرسال العلماء على تتبع حركات الحيوانات. حقوق الصورة: معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يساعد جهاز كمبيوتر في الفضاء الباحثين على تتبع حركة الحيوانات على الأرض من خلال مشروع تقوده جمعية ماكس بلانك الألمانية، يُطلق عليه التعاون الدولي لأبحاث الحيوانات باستخدام الفضاء، أو إيكاروس اختصاراً، ويتم استخدامه لتتبع سلوكيات وهجرات الطيور والخفافيش والسلاحف والدببة والفهود والجاغوار وغيرها. يعتمد المشروع على شبكة من أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء على الحيوانات لنقل البيانات على الأرض إلى هوائي إيكاروس في محطة الفضاء الدولية.

الهدف هو إنشاء “إنترنت الحيوانات“، والذي يمكنه إبلاغ الباحثين عن كيفية تغير النظم البيئية في الوقت الفعلي وكيفية استجابة الحيوانات لهذه التغييرات. ويعتقد الباحثون أن ذلك ممكن من خلال الجمع بين المعلومات من الأجهزة القابلة للارتداء للحيوانات مع البيانات الأخرى حول سلوك الحيوانات في المكان والزمان والبيئات المختلفة.

على سبيل المثال، لمعرفة ما إذا كانت حدود الأراضي الرطبة تتغير أم لا، سوف ينظرون إلى الطيور الساحلية. وإذا كانوا يريدون فحص ذوبان الجليد، فسوف يتبعون تحركات الإوز. وإذا كانوا يريدون دراسة انتقال المرض، فيمكنهم تتبع كيفية تحرك الخفافيش في جميع أنحاء إفريقيا. وإذا قاموا بتمييز الحيوانات التي تعيش حول البراكين، ومن ثم، إذا بدأت هذه الحيوانات في التصرف بشكل غريب، يمكن للباحثين التحقق مما إذا كانت أنماط الحركة غير العادية هذه يمكن أن تساعدهم في التنبؤ بموعد انفجار هذه البراكين. 

يقول مارتن ويكلسكي، مدير الأبحاث في معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان في ألمانيا: «هذه الأشياء هي قياسات أرضية. من الصعب إجراؤها باستخدام نظام الاستشعار عن بعد لأنك لا تستطيع التعامل مع جميع حواس الحيوان. نحن نستخدم هذه الحيوانات وحواسها، وخاصة التفاعلية منها، كأداة لفهم ما يجري».

في ورقة بحثية نُشرت هذا الأسبوع في دورية «تريندز إيكولوجي آند إيفوليوشن»، قدم الفريق نظرة عامة على البيانات التي تمكنوا من جمعها مع النظام حتى الآن، ويوضحون كيف يتصورون الخطوات التالية.

آلية عمل نظام إيكاروس

تم إطلاق مشروع إيكاروس رسمياً في مارس/آذار عام 2020. بعد بضعة أشهر، بدأ مشروع تجريبي حول هجرة الطيور السوداء عبر القارات والظروف المناخية. 

قبل إطلاق النظام، كان على الباحثين والمتطوعين تزويد الحيوانات المختلفة من مختلف الأنواع بعلامات صغيرة تحتوي على أجهزة استشعار قادرة على تسجيل المعلومات حول موقع الحيوان على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وحركته والبيئة المحيطة به. تحتوي هذه المُرسلات، التي تزن بضع جرامات فقط، على بطارية ليثيوم أيون وجهاز إرسال ونظام تحديد المواقع العالمي ووحدة تحكم مزودة بأجهزة استشعار لقياس التسارع والمجالات المغناطيسية ودرجة الحرارة والرطوبة والضغط. يمكن إعادة شحن البطارية، والتي تسمح بأخذ القياسات ونقل البيانات، عبر الخلية الشمسية الموجودة فوق الغلاف البلاستيكي، ويبرز هوائيان من جهاز الإرسال: أحدهما بطول 200 مم للإرسال اللاسلكي والآخر بطول 50 مم خاص بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

ستنقل العلامة البيانات طالما كانت المحطة الفضائية ضمن نطاق الإرسال. يبلغ حجم كل حزمة بيانات عادة 220 بايت ويمكن إرسالها في 3.5 ثانية. يقوم الكمبيوتر المتلقي على محطة الفضاء الدولية بمعالجة البيانات وإعادة إرسالها إلى مركز التحكم على الأرض، والذي يقوم بدوره بتوزيعها على علماء فريق إيكاروس. بمجرد أن يقوم الفريق بمراجعة البيانات، يقوم بتخزينها في قاعدة بيانات مفتوحة على الإنترنت تسمى «موفبانك» (Movebank)، يستضيفها معهد ماكس بلانك للسلوك الحيواني (تم تمويل قاعدة البيانات من وكالة ناسا ومؤسسة العلوم الوطنية). قام الفريق أيضاً بإنشاء ملفات تعريف الحركة لبعض الحيوانات في نظام إيكاروس. 

تم تجهيز العلامات بنظام اتصال ثنائي الاتجاه، أي يمكن إعادة برمجتها عن بُعد. يسمح هذا النوع من النظام بجعل عملية جمع البيانات بأكملها أكثر كفاءة، لأن كمبيوتر القمر الصناعي يمكنه إخبار العلامة بموعد الاتصال، وبالإضافة إلى ذلك، ما يجب توصيله والبيانات التي يجب جمعها بعد ذلك.

مشروع إيكاروس يعمل على إنشاء خريطة حية لحيوانات الأرض
جهاز إرسال على صقر أحمر القدمين. حقوق الصورة: معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان

بعيداً عن النظام القائم على الفضاء، لدى مشروع إيكاروس ذراع المواطن العلمي أيضاً. حيث يتوفر تطبيق مجاني لتتبع الحيوانات للعامة، ويمكن للمستخدمين توثيق مراقبات الحيوانات أو تحميل الصور، والتي تتم مشاركتها مع العلماء عبر قاعدة بيانات «موفبانك». 

دعوة لجمع أكبر كم من البيانات

في قسم المناقشة في مقالتهم الأخيرة، دعا الفريق المزيد من العلماء حول العالم لاستخدام النظام والمساهمة فيه للمساعدة في تعزيز جمع البيانات وإمكانات البحث لتقنية دراسة دورات حياة الحيوانات، وحركة مسببات الأمراض الحيوانية، والتفاعلات بين الحيوانات والبشر، واستجابات الحيوانات للكوارث الطبيعية

يقوم مركز «ماكس بلانك- ييل» بجمع الأموال لشراء المزيد من أجهزة الاستشعار، والتي تكلف 300 دولاراً لكل جهاز إرسال. تتمثل المهمة طويلة المدى في تكوين مجموعة من نحو 100 ألف جهاز إرسال حيواني من 500 نوع من الطيور والثدييات والزواحف، والتي يمكنها تقديم بيانات محدثة كل نصف ساعة.

تم توصيل هوائي منظومة إيكاروس بالجزء الخارجي من الوحدة الروسية على محطة الفضاء الدولية، ولكن منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، واجه الفريق مشكلات في الحصول على جميع البيانات من «روسكوسموس»، وكالة الفضاء الروسية. بالنسبة لتلك الحيوانات التي تعود إلى موقع معين، لا يزال بإمكان الباحثين استخدام أجهزة الاستقبال المحمولة باليد لقراءة البيانات التي تحملها. يقول ويكلسكي في هذا الصدد: «لكن الكثير من هذه الحيوانات لا تعود إلى مكان يمكننا أن نجدها فيه. لذلك، نحن بحاجة إلى حل سريع لجهاز استقبال الأقمار الصناعية».

كان من المفترض دائماً أن يكون الهوائي بمثابة إثباتٍ للمفهوم، نموذجٍ أولي سريع على محطة الفضاء الدولية لإظهار أن نظامهم يمكنه قراءة بيانات المستشعرات العالمية بنجاح من الفضاء. ويضيف ويكلسكي: «يبدو أن هذا انتهى الآن. بالنسبة لنا، إنها طريقة جيدة لبدء شيء كنا نخطط له لفترة طويلة على أي حال. إنها حلولٌ للأقمار الصناعية الصغيرة، ومن ثم حلّ للقمر الصناعي طويل المدى وواسع النطاق». 

يناقش فريق إيكاروس حالياً حلول الأقمار الصناعية الدقيقة الممكنة مع وكالة ناسا ووكالات الفضاء الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطط لدمج نظام إيكاروس في مشروع «غريس-آي» (GRACE-I)، وهو تعاون بين وكالة ناسا وجمعية هيلمهولتز والمركز الألماني للفضاء والطيران وجمعية ماكس بلانك، والذي سيتم إطلاقه في أوائل عام 2027.

يقول ويكلسكي: «يمكننا الآن البدء بجيل جديد تماماً من الإلكترونيات. يمكننا الاستفادة من هذه التجارب لجعل النظام الجديد أفضل بكثير».