وكالة ناسا تتعاون مع شركتين خاصتين لإعادة تصميم بدلات الفضاء القديمة

وكالة ناسا تتعاون مع شركتين خاصتين لإعادة تصميم بدلات الفضاء القديمة
رسم توضيحي لبدلة إكس إي إم يو التي تم تصميمها لمهمات عصر أرتميس التي مر تطويرها بالعديد من النكسات خلال جائحة كوفيد-19. حقوق الصورة: وكالة ناسا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع تخطيط وكالة ناسا للعودة إلى القمر، قد يستخدم رواد الفضاء المستقبليون بدلات فضاء جديدة تماماً. بدأت تتغير تصاميم بدلات الفضاء الحديثة أخيراً بعد 40 سنة من تحمّل التلف الناتج عن العيش في الفضاء.

أعلنت وكالة ناسا في 1 يونيو/حزيران 2022 أنها دخلت في شراكة مع شركتي فضاء خاصتين هما “أكسيوم سبيس” و”كولينز آيروسبيس” لتصميم الجيل التالي من بدلات الفضاء. سيرتدي رواد الفضاء تلك البدلات لإجراء عمليات التجول في الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية واستكشاف سطح القمر خلال مهمات “أرتميس” وللاستعداد للمهمات البشرية التي سيتم إرسالها إلى كوكب المريخ.

اقرأ أيضاً: دراسة تكشف التغيرات التي تحدث لدماغ البشر بعد بقائهم في الفضاء لفترة طويلة

شراكة لتصميم بدلات الفضاء

تم اختيار الشركتين كجزء من عقد “خدمات الاستكشاف خارج المركبة“، وهي اتفاقية تتيح لشركات مختارة التنافس على مجموعة من المهام حتى عام 2034. تبلغ القيمة الإجمالية لهذه المهام التي تشمل عروضاً عملية تتم خارج المحطات الفضائية وعروضاً خاصة بمهمة “أرتميس 3” 3.5 مليار دولار.

قال مسؤولو وكالة ناسا خلال مؤتمر صحفي أجري في 1 يونيو/حزيران 2022 إنه في حين أن الشركات ستمتلك بدلات الفضاء التي تطورها، إلا أن تشكيل شراكات بين القطاعين العام والخاص مثل هذه تتيح للوكالة توفير التكاليف مع إنجاز كم أكبر من العمل من وجهة نظر التصميم والتطوير مقارنة بالعمل الذي تستطيع الوكالة إنجازه وحدها.

قالت المديرة التنفيذية لبرنامج وكالة ناسا للنشاط خارج المركبة والتنقل البشري السطحي “ليندسي أيتشيسون“: “نحن لا نلبي أهداف وكالة ناسا فحسب، بل نساعد أيضاً في دعم وتشجيع اقتصاد الفضاء الناشئ”، وتضيف: “هذا العمل مثير ويحفّز الابتكار ويضمن استمرار المنافسة”.

تقول أيتشيسون أيضاً إن بدلات الفضاء هذه “ستكون محور التركيز الأساسي عندما نعود إلى القمر”، ويمثّل العقد الذي أقامته الوكالة مع الشركتين خطوة كبيرة تجاه تحقيق هذا الهدف. بالنسبة إلى التصميمات المحتملة للبدلات، لا تزال الشركتان في مراحل التصميم الأولى، لذلك من الصعب معرفة كيف سيكون شكلها. لكن من المحتمل أن تكون مختلفة كثيراً عن البدلات السابقة لأن بدلات الفضاء الحالية التي تستخدمها وكالة ناسا ليست قادرة على تحمل الظروف القاسية التي سيتعرض لها مستكشفو الفضاء السحيق في المستقبل.

كما أن البدلات الجديدة ستحل محل بدلات الفضاء القديمة التي يستخدمها رواد فضاء محطة الفضاء الدولية لإجراء العمليات خارج المركبة، والتي تعرف بالتجول في الفضاء. البدلات المستخدمة الآن قديمة جداً وقد تم تصميمها في الأصل منذ ما يقرب من نصف قرن للاستخدام في برنامج مكوك الفضاء التابع لوكالة ناسا. تقول مديرة تكامل العمليات في برنامج محطة الفضاء الدولية في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا “دينا كونتيلا“: “كانت بدلات الفضاء الحالية بمثابة العمود الفقري لوكالة ناسا لمدة 40 عاماً، وقد ساعدت في صيانة محطة الفضاء الدولية واستخدامها وكذلك بنائها”.

اقرأ أيضاً: رواد فضاء صينيون يقومون بأول سير في الفضاء خارج محطتهم الفضائية

وأضافت أن رواد الفضاء قد ارتدوا هذه البدلات في 169 من أصل 250 من عمليات التجول في الفضاء التي تم إنجازها في محطة الفضاء الدولية. لكن البدلات الحالية لن تكون مناسبة لرحلات استكشاف الفضاء على المدى الطويل نظراً لأنها تقيد الحركة ولا يتم تحديثها إلا نادراً وتتسبب بالكثير من المشكلات، آخرها إلغاء عملية تجول فضائي نتيجة لأن إحدى الخوذ كانت تسرب الماء. قالت كونتيلا إن الوقت قد حان لتطوير تكنولوجيات جديدة لبدلات الفضاء على أي حال.

الجيل الثاني من بدلات المهمات القمرية

بينما لا تزال الخطط قائمة لإيقاف عمل محطة الفضاء الدولية في عام 2030، إلا أن اختبار أداء البدلات الجديدة على المحطة سيساعد في معرفة ما سيحتاجه رواد الفضاء من المعدات في المهمات المستقبلية”. وتقول كونتيلا: “محطة الفضاء الدولية هي بمثابة مكان للاختبار، وتحديداً لاختبار سبل استكشاف الفضاء”، وتضيف: “نتطلع إلى تعلم كل ما يمكننا تعلّمه في محطة الفضاء الدولية ثم نقل ما تعلمناه إلى مهمة أرتميس”.

بينما نسعى لتعلّم المزيد عن استكشاف الفضاء السحيق، يجدر الذكر إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تفكر فيها وكالة ناسا بجدية في تجديد تصميمات بدلات المهمات القمرية. أصدرت وكالة ناسا في عام 2019 “وحدات التنقّل خارج المركبة الاستكشافية” (أو “إكس إي إم يو”)، وهي بدلة مصممة خصيصاً لمهمات حقبة أرتميس، وقالت إنها ستصنع اثنتين منها بحلول عام 2024.

ولكن من غير المرجح أن يكون تصميم هذه البدلات جاهزاً حتى بحلول عام 2025 بسبب جائحة كوفيد-19 ونقص التمويل ومجموعة من التحديات التقنية الأخرى.

وفقاً لتقرير صدر عن مكتب المفتش العام لوكالة ناسا في عام 2021، ستكون الوكالة قد أنفقت بالفعل أكثر من مليار دولار في مشروع تصميم الجيل التالي من بدلات الفضاء التي تعمل عليها حالياً شركتا أكسيوم وكولينز آيروسبيس بحلول الوقت الذي يتم فيه الانتهاء من وحدتي إكس إي إم يو. هذه قفزة هائلة، بالنظر إلى أن وكالة ناسا أنفقت نحو 420 مليون دولار في تطوير بدلات الفضاء منذ عام 2007. وتم إنفاق أكثر من نصف هذا المبلغ في السنوات الخمس الماضية.

يقول الزميل الفني الأول في شركة كولينز آيروسبيس “دان بوربانك“، إن أحد الأهداف التي وضعتها الشركة لتحقيق رؤيتها في تصميم بدلة الفضاء المستقبلية لوكالة ناسا هو جعل المستخدمين الذين يمكن ألا يكونوا من رواد الفضاء فقط بل من سائحي الفضاء منخرطين بعمق في المشروع من ناحية التصميم.

اقرأ أيضاً: هل أنت مؤهل لتصبح رائد فضاء؟

قال بوربانك في المؤتمر الصحفي سابق الذكر: “على الرغم من أننا غالباً ما نطلق على بدلات الفضاء اسم أصغر مركبة فضائية في العالم، إلا أن لها شكل الإنسان وحجمه ولا ينبغي أن يشعر من يرتديها بأنه داخل مركبة فضائية“، وأضاف: “نريد أن نكون قادرين على خلق بيئة غامرة لأفراد طواقم المركبات الفضائية تزيد من قدرتهم على الحركة قدر الإمكان وتعزز كفاءتهم بدلاً من الحد منها. لذلك نحن متحمسون جدا للقيام بهذه المهمة”.