بناء المنشآت البحثية تحت المائية: رؤية أم واقع؟

بناء المنشآت البحثية تحت المائية: رؤية أم واقع؟
رسم تمثيلي لمحطة بروتيوس التي صممها فابيان كوستو. التصميم من قبل إيف بيهار وشركة فيوز بروجيكت
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمتلك فابيان كوستو رؤية للطريقة التي يمكن أن يعيش البشر ويعملون بها في المحيط. إذ يتخيّل أن البشر قادرون على العيش لفترات طويلة تحت سطح البحر من خلال بناء مساكن تحت مائية تبدو مثل المنازل بدلاً من استخدام البنى الفقاعية المغلقة التي تبدو مثل الغواصات.

يصف كوستو هذه المساكن بأنها ستحتوي على مطابخ ومساحات للعمل وأماكن مخصصة للنوم. وبالطبع، ستحتوي على نوافذ أو منافذ تطل على العالم الخارجي وباب أمامي على شكل بركة القمر (فتحة في قاع سفن الحفر تستخدم لإدخال وإخراج المعدات من السفينة) سيكون في قاعدة المنزل. سيوفر تصميم الباب بهذه الطريقة سهولة في الدخول والخروج من المنشأة.

مشروع بروتيوس

سيكون المشروع، والمسمى “بروتيوس”، بمثابة نظير بحري لمحطة الفضاء الدولية وسوف يأوي في المقام الأول روّاد البحار، وهم مثل رواد الفضاء ولكن في المحيط. كانت هذه الفكرة قيد التطوير لفترة من الزمن، ولكن يمكن أن تصبح واقعاً في وقت قريب نسبياً. إذ وقّعت مؤخراً مجموعة “بروتيوس أوشن”، وهي شركة خاصة ستدير وتشغّل محطة بروتيوس، عقد التصميم الهندسي والتوريد والتشييد مع شركة لديها خبرة في صنع أوعية الضغط العالي وأوعية الضغط في بيئات المحيط. تشبه الكثير من التكنولوجيا التي سيتم استخدامها في مشروع بروتيوس تلك المستخدمة في استكشاف الفضاء.

سيتم بناء الوحدة الأولى قبالة ساحل جزيرة “كوراساو” شمال فنزويلا، والتي تقع في منطقة بحرية محمية يبلغ عمقها نحو 18 متراً. يبحث فريق المشروع عن المزيد من المواقع في أوروبا والولايات المتحدة لبناء المحطات المستقبلية فيها. ويهدف إلى إنشاء شبكة كاملة من هذه المساكن تحت المائية. أكمل الفريق بالفعل إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد لقاع البحر المحيط بالمنطقة التي سيتم إنشاء المحطة فيها.

من كوستو الجد إلى الحفيد

يقول كوستو، وهو حفيد مستكشف المحيطات الشهير جاك كوستو: “لقد أتممنا إنشاء الخرائط القاعيّة ثلاثية الأبعاد. وكان ذلك إنجازاً كبيراً خلال جائحة كوفيد-19. وقد شاركنا بالفعل هذه الخرائط مع معهد كارمابي للأبحاث وحكومة الكوراساو”. بدأ فريق العمل مرحلة التخطيط السابق للمشروع في شهر أبريل/نيسان 2022، وسيبدأ مرحلة البناء الأولي للقطع إما في أواخر عام 2022 وإما أوائل عام 2023. إذا سارت الأمور كما هو مقرر، فمن المتوقع أن يتم إنشاء أول محطة تحت مائية لمشروع بروتيوس بالإضافة إلى محطة أخرى تابعة وأكثر عمقاً متصلة بحلول نهاية عام 2025. سيتم أيضاً بناء محطة تحكم برية.

من كوستو الجد إلى الحفيد
فابيان كوستو في جزيرة كوراساو أثناء إنشاء الخرائط تحت المائية. مجموعة بروتيوس أوشن

ما الذي يميز هذه المنشآت عن الغواصات؟

يجب أن نفهم ما الذي يجعل هذه المنشآت مختلفة عن تكنولوجيا دراسة المحيط التقليدية مثل الغواصات حتى نفهم كيف يمكن أن تكون مفيدة للباحثين الذين قد يعيشون فيها يوماً ما. يقول كوستو: “تختلف هذه المنشآت كثيراً عن الغواصات. الغواصات هي فقاعات، بينما لن تكون محطات بروتيوس والمحطات الأخرى الأكثر عمقاً مراكب ضغطٍ من الناحية الفنية”، ويضيف: “سيكون الضغط المحيط داخل هذه المحطات هو نفسه الضغط خارجها. بينما يكون الضغط المحيط داخل مراكب الضغط مختلف عن نظيره خارجها”.

يقارن كوستو فكرة المحطات الجديدة بأن تأخذ كوباً وتقلبه وتغرقه بالماء. ستتشكل داخل هذا الكوب فقاعة من الهواء التي لا يمكن أن يدخل إليها الماء لأن قوى الضغط داخل وخارج الكوب تكون في حالة توازن. سيكون ذلك مفيداً للمستكشفين الذين سيعيشون في هذه المحطات لأنهم لن يضطروا للتأقلم مع الاختلافات في الضغط بين الداخل والخارج عندما يخرجون من المحطة للغوص ودراسة المحيط.

إن الفكرة التي يقوم عليها مشروع بروتيوس ليست جديدة. في الواقع، كان جد كوستو أحد المستكشفين الأوائل للمساكن تحت المائية في ستينيات القرن الماضي. يقدّر متحف تاريخ الغوص أنه تم بناء أكثر من 60 مسكناً في قاع البحر. على الرغم من أن معظمها تم التخلي عنه أو تَلِف. المسكن الوحيد المتبقي حالياً هو محطة “أكواريوس”، والتي تقع في أرخبيل “فلوريدا كيز” في ولاية فلوريدا الأميركية على عمق 18 متراً. لا تزال هذه المحطة قيد الاستخدام لتدريب روّاد الفضاء واستضافة البعثات البحثية. أقام فابيان كوستو في عام 2014 في محطة أكواريوس لمدة 31 يوماً وشارك تجربته تحت المائية مع موقع “بوبيولار ساينس” (العلوم للعموم).

بعض مواصفات محطة أكواريوس

كان إنشاء محطة أكواريوس في الأساس مشروعاً تعاونياً بين الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي والقوات البحرية الأميركية. ولكن تم توكيل إدارتها منذ إنشائها عام 1986 لجامعة فلوريدا الدولية. تتألف هذه المحطة من نظام من 3 أجزاء: الأول مسكن يحتوي على المختبر ومساحات المعيشة، والثاني عوّامة دعم الحياة التي تدخل الهواء وتنقل الاتصالات من المسكن إلى البر، والثالث لوحة قاعدية تزن 120 طناً تحمل المسكن وترتكز على قاع البحر. يحتوي المختبر بالإضافة إلى المعدات العلمية على الحواسيب الشبكية والهواتف وأجهزة الراديو وأجهزة مؤتمرات الفيديو، كما أنه موصول بشبكة الإنترنت.

بعض مواصفات محطة أكواريوس
قاعدة محطة أكواريوس على الرصيف الصخري. خدمة المحيطات الدولية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي/فليكر

يقول كوستو: “يمنحنا وجود مختبر تحت مائي القدرة على البقاء تحت الماء لفترات طويلة من الزمن”. وهذا يسمح للباحثين بتجميع البيانات على مدار الساعة”، ويضيف: “يساعد ذلك الباحثين على الوصول لحالة التشبّع”.

لا يستطيع الغواص الذي يستخدم جهاز التنفس تحت الماء المكتفي ذاتياً (غواص “سكوبا”) والذي يغوص لعمق يبلغ نحو 18 متراً أن يبقى تحت الماء لفترة تتجاوز الساعة الواحدة أو نحو ذلك. وذلك لأن التغيرات السريعة في الضغط يمكن أن تجعل الغازات المنحلة في الجسم تشكل فقاعات متوسعة يمكن أن تعيق تدفق الدم أو تتسبب بمشكلات صحية أخرى. إذا صعد الغواص إلى السطح بسرعة، يمكن أن يتسبب ذلك بحالة تسمى “شلل الغواص”. ولهذا السبب أيضاً يتعين على الغواصين الانتظار لمدة يوم واحد بعد آخر رحلة غوص قبل أن يتمكنوا من ركوب الطيارات.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تُظهر الحجم المروّع للمخلّفات البلاستيكية في مياه البحر المتوسط

يسمح الدخول في حالة التشبّع في الأعماق للجسم بالتأقلم مع الضغوط المرتفعة والبقاء تحت الماء لفترات أطول من الزمن. يبلغ الضغط الجوي على عمق نحو 18 متراً 3 بار تقريباً أو 3 أضعاف الضغط الجوي على السطح، ويشعر المقيمون في المنشأة بهذا الضغط طوال الوقت. يخضع الغواصون عندما يصبحون جاهزين للصعود لعملية تدعى تخفيف الضغط يتم خلالها إرجاع الضغط من حولهم تدريجياً إلى الضغط الجوي على سطح الأرض حتى تتمكن الغازات من الخروج من أجسامهم بأمان.

يقول كوستو: “كنا نستطيع الغوص لمدة 8-12 ساعة لكل غواص خلال [مهمة عام 2014 في محطة أكواريوس] لأننا كنا نقضي كل وقتنا في قاع البحر”، ويضيف: “لقد تمكّنا من إنجاز أبحاث علمية خلال 31 يوماً فقط تقابل تلك التي تستغرق 3 سنوات والتي يتم إنجازها بواسطة سفينة متمركزة على سطح الماء ترسل الغواصين إلى الأعماق”.

بعض مواصفات محطة أكواريوس
مجموعة من رواد الفضاء يتدربون في محطة أكواريوس. مركز مارشال للرحلات الفضائية التابع لوكالة ناسا/فليكر

لكن أصبح عمر محطة أكواريوس 35 عاماً. ويقول كوستو: “إنها قديمة للغاية. كما أن المساحة فيها محدودة جداً”، ويضيف: “عادة ما أمازح أصدقائي قائلاً إن قضاء الوقت فيها يشبه العيش في شقة من غرفة واحدة مع 5 أشخاص”. تبلغ المساحة الداخلية لمحطة أكواريوس 37 متراً مربعاً فقط وتتسع لـ 6 أشخاص. يخطط كوستو أن تكون مساحة محطة بروتيوس نحو 370 متراً مربعاً، وأن تتسع لنحو 12 شخصاً.

يريد كوستو إضافة بعض الميزات الجديدة أيضاً مثل محطة إرساء الغواصات أو مرآب للطائرات. ويقول: “يشبه الأمر امتلاك مرآب للسيارات. ما يسمح لنا باستخدام الغواصات أو الطائرات للذهاب إلى أماكن ليس بغرض البحث فحسب كما يفعل رواد البحار”. يمكن أيضاً استخدام المرآب لإطلاق المركبات ذاتية القيادة تحت المائية التي يمكن أن تجمع البيانات حول منطقة البحر الكاريبي. ثم تعود لتخضع للصيانة ولتحميل البيانات التي جمّعتها في محطة بروتيوس.

اقرأ أيضاً: أدوات أساسية يصطحبها الباحثون تحت سطح الماء

خطة إنشاء محطة بروتيوس

مثل محطة الفضاء الدولية، ستكون محطة بروتيوس مكونة من عدة وحدات، ما يعني أنه يمكن تفكيكها مثل قطع الليغو وإعادة تجميعها مع إضافة مكوّنات تقنية أكثر تقدّماً بمرور الزمن. إلا أنها ستكون منشأة مغلقة على عكس محطة الفضاء الدولية.

يقول كوستو: “سنكون قادرين على مواكبة المتطلبات المستقبلية باستخدام التكنولوجيا التي تستمر بالتطور”، ويضيف: “كما أننا سنظل قادرين على تطوير البنية التحتية للمحطة بالإضافة إلى بعض جوانب البنية الفوقية”.

تقع جزيرة كوراساو على قمة جبل بحري. ويبلغ متوسط انحدار التضاريس تحت المائية حولها 45 درجة. إذا كان موقع المحطة مناسباً تماماً، فيمكن أن يوفّر للمحطة وصولاً سهلاً إلى مجموعة واسعة من النظم البيئية التي تمتد من الشعاب المرجانية إلى بيئات المنطقة متوسطة العمق. يقول كوستو: “نريد أن نختار موقعاً مناسباً لإجراء الأبحاث ولكن ليس معقداً للغاية من الناحية الهندسية. كما أننا نريد أن يكون قريباً جداً من موقع مركز التحكم”، ويضيف: “نحن نقوم بالتنسيق مع حكومة كوراساو ومعهد كارمابي الذي يدير المنطقة البحرية المحمية لتحديد الموقع المناسب لإنشاء المحطة بدقة”.

سيتم استخدام التكنولوجيا التي برهنت فعاليتها من قبل في تصميم المكوّنات الرئيسية لمحطة بروتيوس. وستحتوي المحطة على مخابر تجريبية وغرف مرتفعة الضغط لتخفيض الضغط (لتحضير رواد البحار للعودة إلى السطح) واستوديو للبث وحديقة مائية ومساحة واسعة للنوم وأنبوب التغذية الذي يوصل المحطة بمركز التحكم على البر والمحطة التابعة الأكثر عمقاً التي تقع على عمق 70 متراً تحت سطح البحر تقريباً.

سيكون غاز التنفس الموجود في المحطة التابعة عبارة عن مزيج من الهيليوم والأوكسجين. ويحتاج الغواصون إلى الخضوع لتدريبات خاصة للعيش في هذه الظروف، لذلك سيقوم كوستو بتجهيز معدات غوص وأنظمة تدفئة عالية الأداء لهذه المحطة التابعة. يقول كوستو: “بالنسبة للبعثات العلمية الخاصة، ستكون هذه المعدات متاحة لمجموعات أصغر من الباحثين لتساعدهم على إجراء أنواع أكثر عمقاً من الأبحاث”، ويضيف: “يستطيع الغواصون الذين دخلوا في حالة التشبع في وسط يبلغ الضغط فيه 3 بار الغوص لعمق 70 متراً لمدة ساعتين دون الحاجة للخضوع لعمية خفض الضغط قبل العودة إلى محطة بروتيوس”.

ستحتوي منشأة مركز التحكم البرية على البنى التحتية مثل المختبرات الجافة وغرف التقييم الصحي وأنبوب التغذية الذي يوصلها بمحطة بروتيوس والذي يمكن أن يوفر قدرات بث بدقة 16 ميغابكسل، بالإضافة إلى أنه يزود المحطة بالطاقة ومتطلبات نظام التبريد ودعم الحياة والمياه العذبة وهواء التنفس. تحتوي المحطة أيضاً على أنظمة ثانوية احتياطية يمكن أن تزودها بما تحتاجه لبضعة أسابيع في حال انقطاع أنبوب التغذية الأساسي. سيكون مركز التحكم قادراً على توفير الدعم من السطح باستخدام القوارب والمركبات تحت المائية ذاتية الحركة والغواصات التي تنتقل جيئة وذهاباً بين البر ومحطة بروتيوس.

إحدى المسائل الرئيسية الأخرى هي الغذاء والحاجيات الأساسية. يقول كوستو إن التفاعلات الكيميائية تكون مختلفة في البيئات التي يبلغ الضغط فيها 3 بار. ويمكن أن تكون مواد مثل الصابون سامة عند تلك الضغوط. أضف إلى ذلك أنه بسبب وجود الأوكسجين المضغوط في هواء التنفس، لا يجب استخدام اللهب المكشوف للطهي أو أي مصدر آخر للحرارة يمكن أن يشتعل. وهنا سيستعين مصممو محطة بروتيوس بالابتكارات والحلول المستمدة من تكنولوجيا غزو الفضاء.

ستحتوي محطة بروتيوس على مجموعة من معدات الغوص التي يمكن أن تسمح للباحثين بإجراء تجارب مثل التكاثر الانتقائي لعائلات الشعاب المرجانية أو مراقبة الظواهر المتعلقة بتغير المناخ أو أنماط الطقس ونشر مصفوفات أجهزة الاستشعار لحساب تراكيز المواد البلاستيكية الدقيقة في أعمدة الماء لحظياً وفحص أنواع الكائنات الجديدة أو تحليل التركيب الكيميائي للعينات في المختبر تحت الماء دون الحاجة إلى نقلها لمسافات طويلة.

خطة إنشاء محطة بروتيوس
رسم تمثيلي لمحطة بروتيوس. التصميم من قبل إيف بيهار وشركة فيوز بروجيكت

يخطط كوستو لجعل محطة بروتيوس تعمل بالطاقة المتجددة. إذ يقول: “أرغب في أن أتمكن من استكشف مصادر أخرى للطاقة مختلفة عن الشمس والرياح”، ويضيف: “على سبيل المثال، يمكن استخدام تكنولوجيا تحويل الطاقة الحرارية المحيطية، والتي تعتبر تكنولوجيا مثبتة لم يتم استخدامها على نطاق واسع من قبل”.

ليس لدى ميريام فورث، أستاذة هندسة المحيطات في جامعة تكساس أيه آند إم أدنى شك في أن محطة بروتيوس ستكون قادرة على فعل ما يقترحه مطوروها بعد تنظيم جميع الأمور المالية المتعلقة بها (وهذا ليس بالأمر السهل، إذ يقدّر موقع شركة “فوربز” أن بناء المحطة سيكلف 135 مليون دولار.  يتلقى مشروع بروتيوس تمويلاً خاصاً بالإضافة إلى تمويل من منظمة “مركز فابيان كوستو للتعلم عن المحيط” غير الربحية).

تحديات تقنية

لكن تشير فورث إلى أنه قد تكون هناك بعض التحديات التقنية الناتجة عن محاولة إنشاء مساكن مائية على نطاق واسع يجب التغلّب عليها. تتلخص هذه التحديات في مسألة إيجاد طريقة لنقل الحاجيات من وإلى المحطة تحت المائية. على سبيل المثال، هل ستدخل الغواصة التي يخطط مطورو المشروع لاستخدامها عبر بركة قمر عملاقة أم عبر غرفة الضغط؟ وكيف سيتم إيصال الغذاء والإمدادات الأخرى للأشخاص الموجودين في المحطة؟

تقول فورث: “أعتقد أن هذه هي الأسباب التي منعتنا من إنشاء مساكن تحت مائية على نطاق واسع. وهذا لأن زيادة تعقيد هذا النوع من المشاريع ستزيد التحديات بشكل غير متناسب”، وتضيف: “إن إنشاء بناء على عمق 18 متراً ليس أمراً معقداً، ولكن وجود مجموعة كبيرة من الأشخاص يعيشون في هذه المنشأة لفترة طويلة من الزمن قد لا يكون بعضهم خبراء هو ما لم نشهده من قبل، وهو التحدي الصعب الذي يجب على مطوري المشروع التغلب عليه”.

تقول فروث أيضاً إن العوامل الأخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار تشمل الأضرار المحتملة الناتجة عن الأعاصير والنشاط الزلزالي تحت المائي. (على سبيل المثال، أُتلفت عوّامة دعم الحياة الخاصة بمحطة أكواريوس بسبب إعصار إيرما الذي وقع في عام 2017) تقول فروث أيضاً إن استخدام أنبوب التغذية بدلاً من العوامات قد يكون “أكثر أماناً في ظروف الطقس القاسية”، على الرغم من أنه قد يكون أكثر تكلفة.

مع ذلك، تعتقد فروث على الرغم من وجود الكثير من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار أن المواد والتكنولوجيا التي تسمح بإنشاء محطة مثل بروتيوس متاحة منذ زمن. هناك مجموعات أخرى غير بروتيوس أوشن مهتمة أيضاً بإقامة مشاريع مثل مشروع محطة بروتيوس. إذ يعمل مطورو مشروع آخر اسمه “سي أوربيتال” على تصميم مخبر عائم على شكل مركبة فضائية في المحيط. لطالما كانت المشكلة الرئيسية أمام هذا النوع من المشاريع هي التكلفة.

تقول فورث: “لهذا أعتقد أن هذه المشاريع أصبحت واقعية اليوم”، إذ أنها تستفيد من عصر الاستكشاف وصعود ’الاقتصاد الأزرق‘. الاقتصاد الأزرق هو مصطلح يلخص الاهتمام المتزايد بالأحياء المائية (الأعشاب البحرية والمحار وغيرها) ومحولات طاقة الأمواج وطاقة الرياح وتكنولوجيا تحلية مياه البحر.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لتوليد الطاقة من توربينات المد والجزر أن يساهم في تقليل الانبعاثات؟

تقول فورث: “تم بالتأكيد إنجاز تقدمات كبيرة في تكنولوجيا الروبوتات في العقد الأخير وخصوصاً في تطبيقاتها على دراسة البيئات البحرية خلال السنتين الأخيرتين. كما أن تكلفة هذه التكنولوجيا انخفضت بشكل كبير”.

وتضيف: “جعل صعود الاقتصاد الأزرق البشر يدركون أن هناك نشاطات بحرية مثيرة للاهتمام غير الصيد التقليدي. وأعتقد أن إنشاء المحطات تحت المائية أحد هذه النشاطات”.  إن زيارة عالم غريب تحت سطح البحر وليس في الفضاء خلال هذا العصر الجديد من الاستكشاف “أمر يمكن تحقيقه أكثر بالنسبة لعوام الناس”، حسب تعبير فورث.