دراسة جديدة تكشف عن كيفية استخدام نقار الخشب للنقر للتواصل

دراسة جديدة تكشف عن كيفية استخدام نقار الخشب للنقر للتواصل
نقار الخشب شاحب المنقار على فرع شجرة. ماغالي غيماريش/بيكسلز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من السهل للغاية تمييز صوت القرع الذي يصدره نقار الخشب أثناء حفره في الأشجار لصنع عشه أو البحث عن الطعام أو لمجرد جذب الشريك. توجد هذه الطيور في جميع أنحاء العالم، وتتميز عن بقية الطيور بصوتها الفريد وريشها الأحمر اللماع الذي يغطي بعض أنواعه.

لكن هناك منطقة خاصة من دماغ نقار الخشب يمكنها التحكم بصوته الفريد هذا. فقد وجد فريق من الباحثين بقيادة ماثيو فوكسجاغر من جامعة براون وإريك شوب من جامعة ويك فورست أن هناك مناطق في الدماغ الأمامي لنقار الخشب تُظهر خصائص لم يتم ربطها في السابق إلا بالتعلم الصوتي في الحيوانات واللغة عند البشر. وتقترح دراستهم التي نُشرت في مجلة “بلوس بيولوجي” أن النشاط في هذه المنطقة من دماغ نقار الخشب مرتبط بالنقر على الأشجار وليس بالأصوات المنطوقة كما هو الحال في الحيوانات الأخرى.

جين البارفالومين

يقول الأستاذ المساعد في علم البيئة، ماثيو فوكسجاغر، لمجلة العلوم للعموم: «كنت مهتماً بأصل سلوكيات النقر وكيف يتحكم الدماغ بها، وكانت دهشتي كبيرة عندما اكتشفنا أن هناك مناطق دماغية متخصصة للتحكم في سلوك النقر عند نقار الخشب ».

يدرس فوكسجاغر تطور سلوك العرض لدى الحيوانات، وكيف تطورت أنظمتها الدماغية والعضلية والهرمونية لتقوم بإظهار سلوكيات عرض جديدة أو غير عادية. يقول فوكسجاغر في هذا الصدد: «من الناحية الميكانيكية، لم يستكشف كيفية تطور الأنظمة الفسيولوجية والبيولوجية العصبية في تلك الحيوانات لدعم هذا السلوك إلا عدد قليل من الباحثين، لذلك كانت فكرة وجود مناطق متخصصة في الدماغ لدعم هذا السلوك جامحةً حقاً».

هناك العديد من أوجه الشبه بين لغة الإنسان وغناء الطيور، حيث يتطلب كل منها تناسقاً معقداً بين العضلات، ويتم اكتسابها في سن مبكرة، وتتحكم فيها مناطق متخصصة من الدماغ. ويعبّر كل من البشر والطيور المغرّدة عن جين محدد في هذه المناطق يسمى “البارفالومين” (parvalbumin)، والذي يساعد على انتقال الكالسيوم في الخلية. يقول فوكسجاغر موضحاً: «يوجد هذا البروتين في العديد من الخلايا المختلفة في جميع أنحاء الجسم. لقد درست البارفالومين في العضلات، وهو موجود في أنسجة المخ أيضاً».

درس الفريق التعبير الجيني للبارفالومين عند البط والفلامينجو والبطريق ونقار الخشب، ووجد أن هناك مناطق خاصة من دماغ نقار الخشب تقوم بصنعه بالفعل، وهذه المناطق تتشابه من حيث العدد والموقع مع العديد من نوى الدماغ الأمامي التي تتحكم في إصدار أصوات الغناء وتعلمها في الطيور المغرّدة.

نظام تواصل غير صوتي

اكتشف الفريق خلال اختبارات الحقل المفتوح (اختبار تجريبي لفحص سلوكيات الحيوانات) لنقار الخشب أن السلوك الذي أدى لتنشيط هذه المناطق من الدماغ كان في الواقع النقر السريع، وليس أصواتها (أو تغريدها). على غرار تغريد الطيور، يستخدم نقار الخشب أصوات النقر للدفاع عن مناطقه أيضاً، حيث يتطلب ذلك حركات سريعة ومعقدة يمكن تغييرها عندما تتنافس طيور نقار الخشب مع بعضها بعضاً.

يمكن أن يساعد اكتشاف نظام التواصل غير الصوتي هذا، والذي يشبه من الناحية العصبية والميكانيكية النظام الصوتي للطيور المغردة، الباحثين على فهم كيف تغير الدماغ ليقوم بأداء وظائف مختلفة. كما يمهّد هذا الاكتشاف الطريق لفهم أنظمة تواصل الطيور والحيوانات وكيفية تعلمها بشكل أفضل، الأمر الذي من شأنه أن يمنح العلماء مزيداً من المعرفة حول العالم الداخلي للحيوانات وتطورها.

يقول فوكسجاغر: «أخطط للقيام بشيئين بعد ذلك. أريد اختبار ما إذا كان نقار الخشب قد تعلم سلوك النقر، حيث يشير امتلاكها لهذه المناطق الدماغية أن ذلك محتمل. والشيء الثاني الذي أريد النظر فيه هو ما إذا كان تطور هذه المناطق قد أثر على أي مكون من مورفولوجيتها. على سبيل المثال، كيف تبدو الخلايا، وكيف تبدو مناطق الدماغ، وما إذا كان ذلك يؤدي إلى أي اختلافات أو تغييرات في سلوك النقر عبر أنواع عائلة نقار الخشب».