هل يمكن أن تؤثر جيناتك على رغبتك في الزواج والإنجاب؟

هل يمكن أن تؤثر جيناتك على رغبتك في الزواج والإنجاب؟
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يأتي الإنسان إلى الدنيا بإطلاق صرخة الحياة، ثم يبدأ في التعلم رويداً رويداً إلى أن يعتمد على نفسه قليلاً وينطلق في الحياة. حين يأتي سن الشباب، تنتشر الرغبة بالزواج وإنجاب أطفال بين غالبية البشر. هناك مَن يخطون هذه الخطوة ويتزوجون، وآخرون يعزفون عن الزواج. بعد الزواج يفكر كثير منهم في الإنجاب، لكن بعضهم يُحرَم من هذه النعمة، ويحصلون على مصطلح عقيم أو عاقر، لعدم قدرتهم على الإنجاب. وفي هذا الصدد، تُشير دراسة حديثة إلى وجود علاقة بين العُقم والرغبة في العزوبية، ويتحكم في هذا الأمر جينات داخل الجسم، ما يعني أنّ الجينات قد تؤثر على رغبة الإنسان في الزواج أو العزوبية. 

الجينات والعزوبية 

توصل فريق من الباحثين في “معهد ويلكوم سانجر” (Wellcome Sanger Institute) البريطاني إلى أنّ الجينات تلعب دوراً خفياً في عزوف بعض الأفراد الذين لا يستطيعون الإنجاب عن الزواج وتفضيلهم للعزوبية وعدم رغبتهم في إنجاب أطفال، فقد وجدوا اختلافات جينية بين عدد من الأشخاص الذين ليس لديهم أطفال، ما يجعلهم أقل رغبة في الزواج وتكوين أسرة. ونُشرت الدراسة في 23 مارس/آذار 2022 في دورية نيتشر (Nature). 

اقرأ أيضاً: موجز تاريخ الجينات

التأثير على مستوى التعليم 

وجد الباحثون أنّ هذه الجينات تتعرض لطفرات ضارة. وخلال الدراسة، لاحظوا أنّ هؤلاء الأشخاص الذين يعزفون عن الزواج بسبب جيناتهم، يقل احتمال حصولهم على شهادات جامعية، وعادةً ما يتأثر بهذه الجينات الذكور أكثر من الإناث. كما ترتبط الطفرات الحاصلة في تلك الجينات بانخفاض مستوى الذكاء العام، ويزداد خطر الإصابة بالإعاقة الذهنية وبعض الاضطرابات النفسية الأخرى، ما يُفسر انخفاض المستوى التعليمي وعدم القدرة على استكمال الدراسة الجامعية لدى هؤلاء. وبالتالي تقل فرصهم في إيجاد شريك حياة مناسب، فيُفضلون العزوبية. 

اقرأ أيضاً: مبايض صناعية بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تساعد الفئران العقيمة على الإنجاب

ما دور الانتقاء الطبيعي؟ 

يرى مؤلفو الدراسة أنّ الانتقاء الطبيعي يلعب دوراً بارزاً في هذا الأمر، فهذه الطفرات الحاصلة في جيناتهم ضارة وتحد من مستويات الذكاء في كثير من الأحيان. وهنا يأتي دور عملية الانتقاء الطبيعي، والتي تفرض انتقاء أفضل الأنواع والحفاظ على استمرارها. وفي هذه الحالة، يمنع الانتقاء الطبيعي تشكل الرغبة لدى هؤلاء في الزواج أو الإنجاب، فلا تنتقل هذه الجينات الضارة إلى الجيل التالي، وبمرور الوقت، تختفي تلك الجينات ولا يتضرر منها أحد، ما يحافظ على نسل البشر.

ووجد الباحثون بعد تحليل بيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة لنحو 340,925 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 39 و73 عاماً، أنّ هناك ما يُقدر بـ 3 آلاف جين فقد وظيفته. ونتيجة الطفرات، انخفضت أعداد النسل، بسبب آلية الانتقاء الطبيعي، وتتعدد استراتيجيات هذه الآلية لتحقق القضاء على النسل غير المرغوب، من صور ذلك: 

  • الإصابة باضطرابات تسبب قِصر العمر.
  • العقم
  • التأثير على الإدراك والسلوك. 

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب لا تسبب لقاحات كوفيد-19 العقم

ليست جميع الحالات ضارة 

يرى مؤلفو الدراسة أنّ هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول أسباب عدم رغبة بعض الأشخاص غير القادرين على الإنجاب في الزواج وتكوين أسرة من الأساس، فربما تلعب لسمات الشخصية دوراً ما، وأكدوا على أنّ ما توّصلوا إليه من نتائج يمثل نسبة صغيرة جداً من الأشخاص الذين ليست لديهم قدرة على الإنجاب، وإذا كانت الجينات تتحكم في جزء ما من اختياراتهم، فإنّ البيئة واختيارات الحياة تلعب دوراً أكثر أهمية، والدليل على ذلك هو أنّ احتمالية عدم إنجاب طفل لأولئك الذين لديهم هذه الجينات المرتبطة يمثل نسبة 1%. 

ويرى مؤلفو الدراسة أنه يجب إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث للتأكد فيما إذا كانت هذه الحالة عامة، لأنّ نتائج دراستهم هذه قامت على بيانات أشخاص من أصل أوروبي فقط، وهناك العديد من الأصول الأخرى التي يجب دراستها جيداً حتى يتمكنوا من تعميم النتائج على جميع البشر.