هل تساءلت يوماً عن السبب وراء وجود زمر دموية مختلفة؟ إليك بعض الفرضيات

هل تساءلت يوماً عن السبب وراء وجود زمر دموية مختلفة؟ إليك بعض الفرضيات
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

للدم الذي يتدفق في عروقنا زمرة محددة قد تختلف عن زمرة أصدقائنا وربما حتى عائلتنا، وعلى الرغم من أن الزمر الدموية تنتقل بشكل موروث من الأب والأم إلى الأبناء إلّا أن الزمرة الدموية للأبناء تتعلق في النهاية بمجموعة احتمالات رياضية تقرر النتيجة.

لن نعلم أهمية المعرفة الدقيقة بالزمرة الدموية الخاصة بكلّ منا إلّا عند حدوث طارئ يتطلب نقل دم موافق لدمنا، حيث قد تكلفنا الثواني حياتنا. كما تهتم بعض المراكز الصحية بتنظيم حملات للتبرع بالدم وخاصة للزمر الدموية النادرة مثل زمرة “AB”، فإن كنت تملك إحدى الزمر النادرة والمطلوبة فلا تتردد في التبرع، فمبادرتك هذه قد تنقذ حياة أحدهم. 

من الطبيعي أن نتساءل لم تختلف الزمر الدموية عن بعضها بالدرجة الأولى ولمَ لا نملك جميعنا زمرة واحدة، ألن يكون ذلك منطقياً أكثر؟ لقد تساءل مجموعة من الباحثين أيضاً في جامعة مينيسوتا الأميركية وبحثوا في هذا الخصوص وكانت النتائج مُلفتة.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن التبرع بالدم

ما هي أنواع الزمر الدموية؟

بالاعتماد على نظام ABO لتصنيف الزمر الدموية، يوجد أربع زمر دموية رئيسية هي A وB وAB وO، والتي يتحدد نوعها بوجود مركبين: الأول هو المستضدات الموجودة على سطح كريات الدم الحمراء والثاني هو الأضداد الدموية الجائلة في بلازما الدم، حيث يحدد غياب أو وجود المستضدات والأضداد A وB الأنواع الأربعة على الشكل التالي: 

  • الزمرة الدموية A: وهي من الزمر الدموية الشائعة، لديها المستضد A على سطح كريات الدم الحمراء، كما تحتوي في البلازما الخاصة بها على الأضداد الدموية B.
  • الزمرة الدموية B: لديها المستضد السطحي B وتحتوي البلازما الخاصة بها على الأضداد A.
  • الزمرة الدموية AB: أندر الزمر الدموية، لديها كلا المستضدين السطحيين A و B ولا تحتوي البلازما الخاصة بها على أية أضداد، نظراً لوجود كلا المستضدين في هذه الزمرة يُدعى حاملها بـ “الآخذ العام” أي يُسمح بنقل الدم من كل الزمر الدموية إليه إلّا أنه لا يُعطي الدم إلّا لمن يحملون نفس الزمرة. 
  • الزمرة الدموية O: وهي الزمرة الدموية الأكثر شيوعاً، لا تملك هذه الزمرة أي مستضدات على سطح كرياتها الحمراء لكنها تمتلك نوعي الأضداد A وB في البلازما الدموية، تسمى أيضا بالـ “المُعطي العام” إذ يمكن نقل هذه الزمرة الدموية بشكل آمن إلى أي زمرة أخرى نظراً لعدم امتلاكها أية مستضدات على سطح الكريات الحمر، ولكنها لا تقبل تلقي الدم إلّا من زمرة مشابهة لها.

ترتبط الأضداد بالمستضدات الموافقة، فالأضداد A ترتبط بالمستضدات A ولهذا لا يوجد تشابه في أي من الأضداد والمستضدات للزمرة الدموية الواحدة وذلك لأن ارتباطها مع بعضها سيؤدي إلى انحلال الكريات الحمر وموتها. فإذا تم إعطاء شخص من فصيلة الدم B دماً من الزمرة A فإن الأجسام المضادة للزمرة A ستهاجم أضداد الزمرة B الأمر الذي يؤدي إلى انحلالها.

اقرأ أيضاً: ما هي فصائل الدم؟

لمَ يمتلك البشر زمراً دموية مختلفة؟

تقول الطبيبة “كلوديا كوهن“، أخصائية في العلوم المخبرية ومديرة بنك الدم بجامعة مينيسوتا الأميركية ورئيسة البحث: “تشير البيانات بقوة إلى أن سبب اختلاف فصائل الدم لدينا هو الملاريا”، وأضافت: “إذا قمت بمطابقة خريطة مكان انتشار طفيلي الملاريا وانتشار فصيلة دم المجموعة O، فستكون نتائجك متقاربة بشكل ملحوظ”.

الدراسات التي بحثت بارتباط الزمر الدموية مع الإصابة ببعض الأمراض الإنتانية ليست بحديثة، إذ تم نشر دراسة عام 2021 في مجلة “بايوميد” للبحث العلمي جاء فيها أن الأشخاص من فصيلة الدم O هم أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا والطاعون والسل والنكاف، وبالمقابل، بعض أنواع الدم الأخرى أكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى؛ فعلى سبيل المثال الأشخاص الذين يملكون فصيلة الدم AB هم أكثر عرضة للإصابة بعدوى الجدري والسالمونيلا والإشريكية القولونية.

عند الإصابة بالملاريا، تتراكم خلايا الدم الحمراء الحاملة للطفيلي في الأوعية الدموية الدقيقة، ما يمنع وصول الدم والأكسجين إلى بعض الأنسجة الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل النخر ونقص التروية. ولكن لا تتفاعل الكريات الحمر للأشخاص الذين لديهم فصيلة الدم O بنفس الطريقة مع طفيلي الملاريا إذ يكون لديهم حماية نوعية ضد الملاريا، حيث وجدت دراسة أجريت عام 2007 أن الأشخاص الذين لديهم فصيلة الدم O كانوا أقل عرضة للإصابة بالملاريا بنسبة 66% مقارنة بالأشخاص الذين لديهم فصائل دم أخرى.

اقرأ أيضاً: يفضل من؟ كورونا ينتقي من بين فصائل الدم

وذلك لأن طفيلي الملاريا يُثبط أحد البروتينات السطحية لكريات الدم الحمراء من زمرة O وهو “الريفيين”. يرتفع تركيز هذا البروتين السطحي، الذي يعمل كالصمغ معززاً تراكم الكريات الحمراء الحاملة للطفيلي حول الكريات السليمة، في كريات دم الزمرة “A”، الأمر الذي يزيد من حدة نقص التروية وشدتها عند أصحاب هذه الزمرة، وهذا ما يفسر سوء حالة مرضى الملاريا أصحاب الزمرة A وبالمقابل يتركز هذا البروتين بشكل ضعيف في خلايا الدم الحمراء من النمط O الأمر الذي يفسر مقاومة مرضى الزمرة الدموية O للملاريا بشكل أفضل.

أوضحت كوهن أن هناك 15 نوعاً آخر من المستضدات التي يمكن أن تكون موجودة على سطح خلايا الدم الحمراء والتي تلعب دوراً في الإصابة بالملاريا ومنها نذكر “مستضدات دافي” التي تزيد من فرص الإصابة بالملاريا، ولذلك نجد أن مستضدات دافي غير شائعة في المناطق حيث تنتشر الملاريا بشكل بارز إذ يكتسب الأشخاص مقاومة كشكل من أشكال التطور والتأقلم مع العوامل البيئية، لكنها نادراً ما تظهر في أماكن أخرى من العالم، إذ يُقاوم الأشخاص الذين يفتقرون إلى مستضد دافي طفيليات الملاريا بشكل أفضل مقارنة بحاملي هذا المستضد.

أكدّت كوهن أن هذه الارتباطات غير مقنعة بشكل تام لتفسير سبب وجود أنواع مختلفة من الدم لدى البشر، إذ لم تثبت هذه الدراسات وجود علاقة سببية بين فصيلة الدم وانتشار هذه الأمراض حيث قد تكون هذه الروابط نتيجة لعوامل أخرى، وأضافت: “الملاريا هي الحالة الوحيدة التي يبدو أنها تثبت صحة هذه الارتباطات”.