درجات حرارة قياسية تضرب القطبين الجنوبي والشمالي

درجات حرارة قياسية تضرب القطبين الجنوبي والشمالي
بلغت درجات الحرارة في أجزاء من القطب الجنوبي 70 درجة أعلى من المتوسط في نهاية هذا الأسبوع. حقوق الصورة: كاسي ماتياس/ أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا أردنا معرفة كيفية استجابة الكوكب لتغير المناخ، فإن النظر إلى القمم الجليدية القطبية عادةً ما يشكّل نقطة انطلاق جيدة. وفي الوقت الحالي، يشهد القطبان فترة دافئة سيئة مع وصول درجات الحرارة إلى قيم متطرفة “جنونية”

القارة القطبية الجنوبية تسجل أعلى درجة حرارة

تشهد بعض أجزاء القارة القطبية الجنوبية حالياً درجات حرارة تصل إلى أكثر من 70 درجة فهرنهايت فوق المتوسط، في حين أن بعض أجزاء القطب الشمالي أكثر دفئاً من المتوسط بنحو 50 درجة فهرنهايت. وقد تم رصد القفزة الهائلة البالغة 70 درجة فهرنهايت على ارتفاع ميلين فوق مستوى سطح البحر في محطة كونكورديا، بينما تحطمت الأرقام القياسية لدرجات الحرارة بنحو 27 درجة على ارتفاعات أعلى في محطة فوستوك الواقعة في ذات القارة.

تتراوح درجات الحرارة عادةً  في منطقة القطب الجنوبي بين نحو -50 إلى -60 درجة فهرنهايت في هذا الوقت من العام، وهو بداية موسم الخريف لأقصى نقطة في الجنوب من العالم. في حين لم تسجل المنطقة في السنوات الـ 65 الماضية، بين مارس/آذار وأبريل/نيسان، درجات حرارةٍ أعلى من -22 درجة فهرنهايت وفقاً لتغريدةٍ للصحفي والباحث في علم المناخ ستيفانو دي باتيستا وما قاله لصحيفة واشنطن بوست. لكن درجة الحرارة وصلت بتاريخ 18 مارس/آذار في كونكورديا إلى نحو 10 درجة فهرنهايت. 

يقول جوناثان ويلي، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة جرونوبل ألب، في تغريدة له: «يجب أن تنخفض درجة الحرارة في هذا الوقت بسرعة منذ الانقلاب الصيفي في شهر ديسمبر/كانون الأول. ما حدث أشبه بموجة الحر التي ضربت شمال غرب المحيط الهادئ عام 2021. ويُفترض ألا يحدث ذلك أبداً».

في الوقت نفسه، وصلت مستويات الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية لتوها إلى أدنى مستوى تغطية لها خلال 43 عاماً من المراقبة- حيث انخفضت إلى أقل من 2 مليون كيلومتر مربع. ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست،، من المحتمل أن يكون هذا مرتبطاً بنظام الضغط المنخفض لعام 2021 في المناطق الداخلية من شبه الجزيرة القطبية. وهو ما دفع بعض الخبراء إلى الحذر بشأن ربط مستويات الجليد المنخفضة بتغير المناخ.

يقول رايان فوغت، عالم المناخ والأستاذ المساعد في جامعة أوهايو لصحيفة واشنطن بوست: «من المحتمل جداً أن ما نراه الآن يقع ضمن نطاق التباين الذي رأيناه على مدار القرن الماضي. حتى هذا الرقم القياسي المنخفض، ربما شهدناه من قبل في القرن الماضي. ما نراه هو مجرد تقلبات من عام لآخر حدثت في سياق طويل الأمد». 

اقرأ أيضاً: درجات الحرارة القياسية المسجلة في القارة القطبية الجنوبية تنذر بالخطر

ظاهرة التضخيم القطبي في القطب الشمالي

في الطرف الآخر من العالم، كان متوسط درجات الحرارة في القطب الشمالي أعلى بنحو 50 درجة فهرنهايت من المتوسط ، مع اقتراب درجات حرارة القطب الشمالي من نقطة الذوبان، وهو أمر غير معتاد في أوائل فصل الربيع. وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، تجاوزت درجة الحرارة يوم الجمعة في 18 مارس/آذار المتوسط السنوي لدرجة الحرارة في القطب الشمالي بست درجات، والمحسوب بناء على الفترة الممتدة من عام 1979 وحتى عام 2000.

وقال والت ماير، العالم في مركز بيانات الثلج والجليد الوطني لوكالة أسوشيتد برس: «إنها فصول متعاكسة. من غير المعتاد أن يذوب الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي في نفس الوقت. إنه بالتأكيد حدث غير عادي». 

ومع ذلك، لا تعكس درجات الحرارة العالمية الإجمالية نفس معدل الاحترار المثير للقلق، والذي بلغ نحو 1.1 درجة فهرنهايت فوق المتوسط خلال تلك الفترة.

يخضع القطب الشمالي بشكل خاص لظاهرة تسمى التضخيم القطبي، حيث تتم ملاحظة آثار تغير المناخ بوتيرة أسرع مما هو عليه الحال في بقية أنحاء العالم. حيث تؤدي أحداث مثل ذوبان الجليد البحري والأنهار الجليدية إلى حدوث حلقة تغذية مرتدة أكبر، ما يتسبب في تسارع الاحترار بوتيرة أسرع من أي وقت مضى. لذا ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي حالياً بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات أسرع من بقية العالم. 

لغز مناخي حراري يلفّ القطبين!

يعتبر القطب الجنوبي أكثر تعقيداً بشكل ملحوظ بسبب وضعه كقارة على عكس الطبيعة الجليدية للقطب الشمالي الخالي من اليابسة. ترتفع درجة حرارة شبه الجزيرة القطبية الجنوبية، وهي شريط رفيع من الأرض يبرز من الحافة الغربية للقارة القطبية الجنوبية، بما يقرب من خمسة أضعاف المتوسط العالمي. ولكن ما يحدث في المناطق الداخلية غير الساحلية، والتي يصعب الوصول إليها، لا يزال لغزاً. لقد توقع العلماء ذات مرة أن يكون شرق القارة القطبية الجنوبية الشاسع أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ، لكن دراسة أجريت عام 2019 أظهرت كيف ساهم فقدان الجليد في هذا النصف من القارة في ارتفاع محتمل في مستوى سطح البحر بنحو 0.17 بوصة في الأربعين عاماً السابقة لعام 2017. 

ومع ذلك، فإن الحرارة الشديدة في شهر مارس/آذار على طرفي الكوكب ليست مؤشراً جيداً، وهي مثال آخر على صعوبة التنبؤ بمدى تغير المناخ الآن.