هل تشعر أنك أكبر أم أصغر من سنك الفعلي؟ إجابتك تؤثر على صحتك وطول عمرك

كيف يؤثر شعورك بسنك الذاتي على صحتك وطول عمرك؟
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Nataliia Zhekova
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كم تقدر عمرك الذاتي، هل تشعر أنك أصغر من عمرك الزمني الفعلي أم أكبر منه؟ هل تشعر أنك شاب مسجون داخل جسد شخص بالغ أو كهل؟ أم تشعر أن الحياة عذبتك وألقت بظلال قسوتها عليك حتى بتّ تشعر أنك أكبر من عمرك بكثير؟ في الواقع، يقول العلماء إن الإجابة عن هذا السؤال تخبر الكثير عن صحة الإنسان المستقبلية وطول العمر الذي قد يعيشه، وإليك كيف.

اقرأ أيضاً: لماذا نتقدم في العمر؟

ماذا يقول العلم عن تأثير العمر الذاتي على الصحة؟

أصحيح إذاً أن العمر مجرد رقم؟ في الواقع، يشير مصطلح “العمر الذاتي” (Subjective age) إلى مدى شعور الشخص بعمره نسبة إلى عمره الحقيقي. وبناءً على الدراسات، ثمة صلة بين تقدير الناس لأعمارهم الذاتية وبين صحتهم المستقبلية وطول عمرهم؛ إذ تُظهِر البيانات أن تقدير الشخص لعمره قد يرتبط بالصحة الجيدة وقلة الضعف الإدراكي وإطالة العمر، وذلك من خلال شعوره بأنه أصغر سناً، أو على الأقل من من خلال اتخاذ موقف إيجابي تجاه التقدم في السن.

ففي دراسة قام بها الباحث “يانيك ستيفان” (Yannick Stephan) مع مجموعة من الباحثين في جامعة غرونوبل الفرنسية (University of Grenoble)، والتي نُشِرت في دورية “الشيخوخة والصحة العقلية” (Aging & Mental Health)، قد توصلت إلى أن تقدير الشخص لعمره الذاتي على نحو أصغر من عمره الفعلي قد ارتبط بارتفاع مستوى الرضا عن الحياة، لأنه ارتبط بتقييم أعلى للصحة والذاكرة الذاتية. وهذا يعني أن شعور المرء بأنه أصغر من عمره الفعلي يعد بمثابة وهم إيجابي يعزز الذات ويعزز الرضا عن الحياة، ما يقلل خطر الإصابة بالاكتئاب ويزيد الرفاهية العقلية مع التقدم بالعمر.

في حين ذكرت دراسة أخرى قام بها الباحثان “ستيفن مونك” (Steven Monk) و”ريتشارد إيباخ” (Richard Eibach) في جامعة واترلو الكندية (University of waterloo)، والتي نُشِرت في دورية “الشيخوخة النفسية” (Psychol Aging)، أن تقدير الشخص لعمره الذاتي على أنه أكبر من عمره الفعلي قد ارتبط بانخفاض الرضا عن الحياة والصحة النفسية، وارتبط بوجود نظرة تشاؤمية حول الأداء الإدراكي في المستقبل.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أشارت دراسة قامت بها مجموعة من الباحثين بالتعاون بين جامعة وسط الجنوب الصينية (Central South University)، وجامعتيّ جونز هوبكنز (Johns Hopkins University) وهيوستن (University of Houston) الأميركيتين، ونُشِرت في دورية “طب الشيخوخة بي أم سي” (BMC Geriatric) إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بأن عمرهم الذاتي أكبر من عمرهم الحقيقي كانوا أكثر عرضة للإصابة بالوهن والضعف. وهذا يعني أن الذين يشعرون بأنهم أكبر من عمرهم، فغالباً ما سيشعرون بالاكتئاب والنسيان والضعف الجسدي.

في الواقع، إن شعور الشخص بكونه أكبر من سنه الفعلي يرتبط بارتفاع احتمالية الإصابة بالخرف والسكتة الدماغية وأمراض القلب، فقد وُجِد لدى هؤلاء الأشخاص مستويات مرتفعة من هرمون الإجهاد (الكورتيزول) ومن البروتين التفاعلي C، وهو علامة على الالتهاب يرتبط بأمراض القلب وأمراض أخرى. 

اقرأ أيضاً: أهم أفكار ديفيد سنكلير عن إطالة العمر

هل من طريقة تساعدنا على الشعور بأننا أصغر من أعمارنا الفعلية؟

لتقييم عمرك الذاتي، اسأل نفسك: ما هو عمري الذي أشعر به؟ يمكنك طرح هذا السؤال في أي يوم، أو في مواقف محددة مثل تلك التي تكون فيها مع أشخاص أصغر سناً، أو يمكنك أن تسأل نفسك عن مدى شعورك بالعمر في المجالات المختلفة، مثل قدراتك البدنية، أو أدائك العقلي، أو علاقاتك الاجتماعية وغيرها. من المهم والمفيد أن تشعر أنك أصغر سناً، ويمكنك دائماً تعزيز هذا الشعور باتخاذ موقف إيجابي تجاه التقدم في السن، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ما يلي:

  • العناية بالصحة الجسدية: لأن التمتع بصحة جيدة يجعل الكثير من الناس يشعرون أنهم أصغر سناً مما هم عليه فعلاً، وبالتالي قد يعيشون لفترة أطول. في الواقع، يمكن القول إن أولئك الذين لديهم إحساس أنهم أصغر سناً ولديهم شعور إيجابي تجاه التقدم في السن قد يكونون أكثر استعداداً للعناية بأنفسهم. على كل حال، إن العناية بالصحة الجسدية تعني ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة البدنية، واتباع نظام غذائي صحي وجيد، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والإقلاع عن التدخين وشرب الكحول، بالإضافة إلى زيارة الطبيب مرة واحدة سنوياً على الأقل، وإجراء فحوصات صحية منتظمة.

اقرأ أيضاً: ما هي أنماط النوم المفيدة للصحة؟

  • العناية بالصحة العقلية: تؤثر الصحة العقلية على طريقة التفكير والشعور والتصرف والتواصل مع الآخرين. يمكن العناية بالصحة العقلية من خلال قضاء المزيد من الوقت مع العائلة والأصدقاء والأشخاص الذين لديهم شعور إيجابي تجاه التقدم في السن، وهو ما قد يحسّن الحالة المزاجية والصحة العامة بشكل عام.
  • العناية بالصحة المعرفية: من خلال تعلم مهارات جديدة والمشاركة في الأنشطة الترفيهية والهوايات، والانفتاح على التجارب والتحديات الجديدة مثل السفر، أو التسجيل في دروس موسيقى أو كتابة إبداعية أو فنون أخرى، أو حضور ورشات عمل، أو الانضمام إلى نواد للكتب وغيرها.

اقرأ أيضاً: هل اليوغا مفيدة حقاً لصحتنا النفسية والجسدية؟

  • مقاومة الافتراضات السلبية المتعلقة بالتقدم في السن، ليس من الضروري أن تكون المشكلات الشائعة علامة على الفشل الإدراكي المرتبط بالشيخوخة والخرف، فإن أضعت مفتاح سيارتك أو نسيت أين وضعت أغراضك، فلا يعني هذا أنك أُصبت بالخرف. وعلى الرغم من أنه ينبغي استشارة الطبيب عندما تؤثر هفوات الذاكرة المتكررة على الحياة اليومية، لكن يجب تذكر أن الكثير من الشباب يفقدون مفاتيحهم وينسون أين وضعوا أغراضهم.
  • التصالح والرضا حيال السن ومع التقدم في السن:هو ما قد يزيد الصحة الذاتية والأداء البدني بمرور الوقت، مع تجنب الرغبة الملحة في أن يكون الشخص أصغر سناً، لأن هذا قد يؤثر سلباً على الرضا عن الحياة.

اقرأ أيضاً: ساعة الشيخوخة: هل يمكن توقع عمر الإنسان حقاً؟

ختاماً، لا تدع الأيام والسنوات التي تمضي تحدد عمرك، فالعمر الزمني مجرد رقم، وهذا الرقم لا يحدد عمرك، بل أنت من يحدده ويشعر به، فالعمر الذي تشعر به يمكن أن يتنبأ بصحتك على نحو أفضل من تاريخ ميلادك.