دراسة جديدة: أعداد الحيوانات تزداد عند عيشها بالقرب من البشر

دراسة جديدة: أعداد الحيوانات تزداد عند عيشها بالقرب من البشر
نمر سومطرة على أطراف إحدى الغابات. ماثيو لوسكين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من الصعب تجاهل الأخبار المتشائمة حول فقدان التنوع البيولوجي مع دخول كوكب الأرض في حقبة سادسة من الانقراض الجماعي. يرسم تقرير الكوكب الحي لعام 2022 (Living Planet Report 2022) الصادر عن منظمة الصندوق العالمي للطبيعة صورة قاتمة حول التنوع البيولوجي، مشيراً إلى أن أعداد الحيوانات البرية قد انخفضت بنسبة 70% خلال 50 عاماً فقط، والجاني الرئيسي هم البشر.

مع ذلك، ووفقاً لدراسة نُشرت مؤخراً في مجلة ساينس أدفانسيس، فإن بعض أكبر الحيوانات في آسيا تزدهر وتزداد أعدادها عندما تعيش بالقرب من البشر.

الحيوانات الكبيرة تزداد أعدادها بالقرب من البشر

في تفاصيل الدراسة، فحص فريق من الباحثين سجلات من الحفريات تُظهر المناطق التي يتوزع فيها 14 نوعاً من الحيوانات الكبيرة في آسيا عبر التاريخ وقارنوها بتجمعاتها الحالية في الغابات الاستوائية الموجودة حالياً بالقرب من المستوطنات البشرية. أظهرت أربعة أنواع، وهي النمور والفيلة الآسيوية والخنازير البرية والفهود الملطخة، زيادة في أعدادها في المناطق التي تحتوي على بنية تحتية بشرية.

اقرأ أيضاً: المفترسة حية ترزق: الحيوانات العاشبة الأكثر عرضة لخطر الانقراض

وفقاً للمؤلفين، تُعد منطقة جنوب شرق آسيا مكاناً مثالياً لدراسة تهديدات الحفظ نظراً للتنوع الحيواني الكبير الذي تتمتع به (سواء كانت الحيوانات مهددة أم غير مهددة بالانقراض) وتعرضها للصيد الجائر وإزالة الغابات بشدة. يقول مؤلف الدراسة والمرشح لنيل درجة الدكتوراة في جامعة كوينزلاند في أستراليا، زاكاري أمير، في بيان صحفي: «في ظل الظروف المناسبة، تُظهر هذه النتائج أنه يمكن لبعض الحيوانات الكبيرة أن تعيش بالقرب من البشر وتتجنب الانقراض، وبذلك تدحض هذه النتائج الاعتقاد السائد في بعض دوائر الحفظ بأن البشر والحيوانات الضخمة لا يمكنهما العيش بجانب بعضهما بعضاً».

تظهر الدراسة أيضاً أن فقدان الموائل الناجم عن إزالة الغابات لا يزال يؤثر على بعض الأنواع، حيث تنخفض أعداد الفهود الملطخة قليلاً في المناطق التي جرى فيها قطع أعداد كبيرة من الأشجار. وفقاً للأمم المتحدة، تُعد الغابات موطناً لأكثر من 80% من جميع الأنواع التي تعيش على الأرض، وقد خسر العالم نحو 3.3 مليون هكتار من أراضي الغابات بين عامي 2010 و2015، وبالتالي فإن تناقص الغطاء النباتي الشجري في هذه الموائل يقلل من أماكن العيش الملائمة والموارد الحيوية مثل الماء والغذاء لهذه الأنواع.

.
لا يبدو أن هناك مشكلة لدى بعض الحيوانات الأيقونية البرية في آسيا في العيش بالقرب من البشر. فيل بورنيو الآسيوي في الغابة. حقوق الصورة: زاكاري أمير.

وفقاً لأمير، إذا لم تتعرض الأنواع الكبيرة للصيد، يمكنها العيش في موائل صغيرة نسبياً وبالقرب من البشر. ويضيف أمير في البيان: «حتى الآن، لم تكن هناك إلا أمثلة قليلة لأنواع آسيوية كبيرة تعيش في موائل صغيرة وقريبة من البشر، لا سيما في مومباي بالهند حيث تفترس الفهود الموجودة في إحدى الحدائق الحضرية الكلاب الضالة. ولكننا، ولحسن الحظ، اكتشفنا أن مجموعة أكبر من الحيوانات يمكنها التعايش مع البشر».

تستشهد الدراسة بجهود مكافحة الصيد الجائر وإعادة تشجير الغابات في سنغافورة التي ساهمت في ازدياد أعداد غزال الصمبر والخنازير البرية، والتي تشيع الآن في محمية بوكيت تيماه الطبيعية.

اقرأ أيضاً: اختلاط الحيوانات البرية بالبشر جعلها لا تخشى الافتراس

ويضيف أمير: «إذا قمنا باستنساخ جهود الحماية هذه في الغابات الكبيرة والمقاطعات الأخرى، فقد نرى آثاراً إيجابية في جميع أنحاء العالم. لكن قبل أن يحدث هذا، يجب علينا كبشر توحيد جهودنا والحد من الصيد الجائر».

استمرار الصيد الجائر وفقدان الموائل يعيق هذه العملية

على الرغم من أن النتائج إيجابية جداً، كان هناك انخفاض كبير في بعض الأنواع، لا سيما حيوانات التابير ووحيد القرن السومطري ودببة الشمس والغَوْر، بسبب استمرار الصيد الجائر وفقدان الموائل غالباً. بالنسبة لوحيد القرن السومطري، من المرجح أن يكون انخفاض أعداده ناجماً عن تعرضه للضغوط الموثقة جيداً للصيد الجائر غير المشروع، والتي تستهدف الحصول على قرنه، وبسبب الأداء التناسلي المنخفض للإناث القليلة المتبقية، وفقاً للدراسة.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة وزميل الأبحاث في مختبر إيكولوجيكال كاسكيد التابع لجامعة كوينزلاند، ماثيو لوسكين، في بيان صحفي: «كان الابتكار الرئيسي لهذا العمل هو الفحص المنهجي لاتجاهات أعداد عدة أنواع مختلفة من الحياة البرية في المنطقة. من المدهش أننا اكتشفنا أنه لا توجد غابتان حالياً تتمتعان بنفس مجموعة الحياة البرية التي كانت موجودة منذ آلاف السنين. تعطينا هذه النتائج الأمل في استعادة الحياة البرية في الغابات التي كانت تُعد سابقاً متدهورة جداً أو قريبة جداً من المدن، ونستكشف الآن استراتيجيات جديدة للحفاظ على هذه الأماكن المدهشة».