تمهيداً للبعثات المستقبلية: كيف يخطط العلماء للحصول على الأوكسجين والوقود من تربة القمر؟

دراسة: الحصول على الأوكسجين والوقود ممكن من تربة القمر
حقوق الصورة: بيكسلز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وجد فريق من العلماء من جامعة نانجينغ الصينية أن تربة القمر تحتوي على مركبات نشطة يمكن أن تحول ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين ووقود، ما يساهم في دعم الحياة البشرية في الفضاء.

الحصول على الأوكسجين من تربة القمر

توصل الفريق إلى هذا الاكتشاف بعد تحليل تربة القمر التي أعادتها مركبة الفضاء الصينية “تشانغ إي -5” (Chang’E-5) ووجدوا أنها تحتوي على العديد من المواد، بعض هذه المواد غني بالحديد والتيتانيوم، ويمكن أن تعمل كمحفز للحصول على منتجات مرغوبة مثل الأوكسجين والماء والوقود.

بعد هذا الاكتشاف، يأمل الباحثون في تصميم نظام “تمثيل ضوئي خارج كوكب الأرض” باستخدام ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون، ما يساهم في توفير المواد الأساسية التي يحتاجها البشر في استكشاف الفضاء.

يقول “يانغ فانغ ياو” عالم المواد من جامعة نانجينغ في الصين والمؤلف الرئيسي للدراسة: “نحن نستخدم الموارد البيئية في الموقع لتقليل حمولة الصواريخ، وتوفر استراتيجيتنا سيناريو لبيئة معيشية مستدامة وبأسعار معقولة خارج كوكب الأرض”.

إنّ تمكّن الباحثين من تطبيق هذا النظام على القمر، يعني عدم الحاجة إلى استنزاف موارد الأرض وتقليل حمولة المركبات الفضائية، إذ يقول “ياو” أيضاً: “في المستقبل القريب، سنرى صناعة رحلات الفضاء المأهولة تتطور بسرعة. وتماماً مثل «عصر الشراع» في القرن السابع عشر عندما اتجهت مئات السفن إلى البحر، سندخل في «عصر الفضاء». ولكن إذا أردنا إجراء استكشاف على نطاق واسع لعالم خارج كوكب الأرض، فسنحتاج إلى التفكير في طرق لتقليل الحمولة الصافية، وهذا يعني الاعتماد على أقل قدر ممكن من الإمدادات من الأرض واستخدام موارد من خارج كوكب الأرض بدلاً من ذلك”.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يمكننا بناء محطة فضائية على القمر؟

نظام التمثيل الضوئي خارج كوكب الأرض

نشر الباحثون نتائج دراستهم في دورية “جول” (Joule) العلمية، وبناءً على تلك النتائج اقترح الفريق استراتيجية “التمثيل الضوئي خارج كوكب الأرض”. بشكل أساسي، يستخدم النظام معادن تربة القمر كعوامل حفازة تتنشط بوجود أشعة الشمس لتحليل المياه المستخرجة من القمر ومن عوادم أجهزة تنفس رواد الفضاء، إلى الأوكسجين والهيدروجين. يُجمَع أيضاً ثاني أكسيد الكربون الذي ينفثه البشر الذين سيُقيمون مستقبلاً على القمر، ويُدمج مع الهيدروجين الناتج من التحليل الكهربائي للماء أثناء عملية الهدرجة التي تحفزها التربة القمرية. 

على الرغم من ذلك، فإن الكفاءة التحفيزية للتربة القمرية أقل من المحفزات المتاحة على الأرض، يقول ياو إن الفريق مازال يختبر طرقاً مختلفة لتحسين التصميم، مثل إذابة التربة القمرية إلى مادة نانوية، وهي محفز أفضل.

تُنتج العملية أيضاً الهيدروكربونات مثل الميثان، والتي يمكن استخدامها كوقود، ما يساعد في الحفاظ على حياة الإنسان على القمر بطريقة فعالة من حيث التكلفة.

وبذلك فإن الاستراتيجية لا تستخدم طاقة خارجية، بل تستخدم ضوء الشمس لإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات المرغوبة مثل الماء والأوكسجين والوقود التي يمكن أن تدعم الحياة على القواعد التي من المخطط أن يبنيها البشر على القمر مستقبلاً. 

اقرأ أيضاً: لماذا لا يعيش أحد على القمر حتى الآن؟

عند تطبيق هذه الاستراتيجية يكون البشر قد تمكنوا من الاستفادة من أكثر موردين وفرة على القمر: الإشعاع الشمسي والتربة، وتقليل ما يجب نقله إلى الفضاء، متفوقةً على الاستراتيجيات السابقة المماثلة والتي اقترحها العلماء للبقاء على قيد الحياة خارج كوكب الأرض، حيث تتطلب معظم التصاميم مصادر طاقة من الأرض. على سبيل المثال، حملت المركبة بيرسيفيرانس التابعة لوكالة ناسا، والتي تتجول حالياً على كوكب المريخ، أداة يمكنها أخذ ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للكوكب لإنتاج الأكسجين، لكنها تعمل بواسطة بطارية نووية محمولة على متنها.

للخطوة التالية، يبحث الفريق عن فرصة لاختبار النظام في الفضاء، قد تكون على الأرجح مع مهمات القمر الصينية المأهولة في المستقبل.