دراسة: النحل يتبع الخرائط الذهنية لبيئته للعودة إلى خلاياه

دراسة: النحل يتبع الخرائط الذهنية لبيئته للعودة إلى خلاياه
يقترح بحث جديد أن نحل العسل يعتمد على المعالم الخطية في بيئته للتنقل في أثناء طيرانه. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في بداية استخدام الطائرات، وقبل اختراع نظام تحديد المواقع (GPS) بوقت طويل، اعتمد البشر على المعالم الأرضية الخطية على الأرض، مثل الطرق وسكك الحديد والأبنية وغيرها، لتحديد مسارهم في أثناء تحليق الطائرات. لا تقتصر هذه الطريقة على البشر، فهي موجودة في الطبيعة أيضاً؛ إذ يستخدم نحل العسل العناصر البارزة في البيئة كنقاط علام ليعود إلى خلاياه، وفقاً لنتائج دراسة نُشرت في 6 مارس/ آذار في مجلة الحدود في علم الأعصاب السلوكي (Frontiers in Behavioral Neuroscience).فإن نحل العسل بارع في التنقل، ومن المعروف أنه يستخدم الشمس وحاسة الشم والتغيرات في الضوء المستقطب للتنقل في أثناء الطيران، وتشير آخر الدراسات إلى أنه يستخدم الشعيرات الصغيرة على جسمه لتحسس المجال الكهربائي للزهور. في هذا الصدد، تلقي دراسة جديدة نظرة أعمق على دور ذاكرة الإشارات المرئية المحددة في تنقّل هذه الحشرات.

ذاكرة التنقل لنحل العسل

يقول عالم بيولوجيا الأعصاب من جامعة برلين الحرة في ألمانيا والمؤلف المشارك للدراسة، راندولف مينزل، في بيان: “نوضح في الدراسة كيف يستخدم نحل العسل ’ذاكرة التنقل‘، التي يمكن تشبيهها إلى حد ما بخريطة ذهنية للمنطقة التي يعرفها، لتوجيه رحلة العودة إلى الخلية من منطقة جديدة لم يستكشفها سابقاً. اكتشفنا أن عناصر البيئة الطبيعية الخطية، مثل القنوات المائية والطرق وحواف الحقول، مكونات مهمة في ذاكرة التنقل هذه على ما يبدو”.

عمل مينزل وزملاؤه في عامي 2010 و2011على جمع 50 نحلة عسل اعتادت على التنقّل في منطقتها بحثاً عن الغذاء، ثم أطلقوا سراحها في منطقة غير مألوفة لها ولاحظوا أنها تطير في حلقات استكشافية باتجاهات ومسافات مختلفة تتمركز في مكان إطلاقها. واستخدم الفريق الرادار لتتبع نمط الرحلة الاستكشافية لكل نحلة لفترة تراوحت بين 20 دقيقة و3 ساعات.

كان النحل المدروس قد أُخذ من مستعمرات تقع في 5 مناطق مختلفة وتم إطلاقه من منطقة واحدة مشتركة لمراقبة استجابة كل مجموعة للاختلافات في نقاط العلام، وكانت أبرز المعالم الخطية هي قناتا ري متوازيتان تمتدان من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي. تفتقر منطقة الاختبار إلى أي معالم أخرى معروف أن نحل العسل يستخدمها للتنقل، مثل الهياكل المرئية في الأفق أو العناصر الرأسية البارزة مثل الأشجار أو النباتات.

بعد ذلك، ألصق الفريق جهاز إرسال بظهر كل نحلة ثم أطلقها في منطقة اختبار بعيدة عن خلاياها بما يكفي لتكون غير مألوفة بالنسبة لها. ثم استخدم الفريق راداراً يرصد إشارات أجهزة الإرسال من على بُعد 900 متر على الأكثر ضمن منطقة الاختبار.

تقف نحلة عسل مع جهاز إرسال على ظهرها على أحد النباتات.
جهاز إرسال متناسق متصل بالحلقة الصدرية من جسم نحلة العسل العاملة. حقوق الصورة: إريك بولينغر، أوفه غريغرز، راندولف مينزل.

استخدم الفريق بعد ذلك برنامجاً لمحاكاة مجموعتين من أنماط الطيران التي لاحظها في التجربة، والتي بدت عشوائية ومتمركزة حول مكان إطلاقها. ولّدت هذه المسارات خوارزميات مختلفة. بالنظر إلى الاختلاف الشديد بين أنماط الطيران التي لاحظها الباحثون، خلصوا إلى أن نحل العسل لم يكن يبحث عشوائياً، بل له هدف واتجاه محدد في أثناء رحلات طيرانه.

اقرأ أيضاً: دراسة: متوسط عمر النحل يتراجع والسبب قد يكون جينياً

نحل العسل يستخدم المعالم الخطية لاكتشاف وجهته

ثم حلل الفريق اتجاه رحلات البحث وعدد مرات تحليق النحل فوق مناطق بمساحة 100×100 متر مربع ضمن منطقة الاختبار مستخدمين إحصائيات متقدمة، وأظهرت النماذج المتولدة أن نحل العسل يمضي وقتاً طويلاً في الطيران بجانب قنوات الري.

وأظهر تحليل أعمق لأنماط الطيران أن النحل ظلَّ يستخدم قنوات الري لتوجيه رحلاته الاستكشافية حتى عندما كان بعيداً عنها أكثر من 90 متراً، وهي أكبر مسافة يمكن لنحل العسل أن يرى منها العناصر الخطية مثل قنوات الري، لذلك افترض الفريق أن ذلك يدل على أن النحل يخزّن نقاط العلام هذه في ذاكرته لفترات طويلة من الوقت.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: نحل العسل يتمتع بقدرة البشر على التمييز بين الأرقام الزوجية والفردية

يقول مينزل: “تُظهر بياناتنا أن نحل العسل يستخدم أوجه التشابه والاختلاف في ترتيب عناصر البيئة في منطقته الأصلية والمنطقة الجديدة لاستكشاف موقع خلاياه وتحديده”.

وفقاً للدراسة، تشير النتائج إلى أن النحل يستطيع الاحتفاظ بذاكرة تنقّل لمنطقته الأصلية بناءً على نقاط علام بارزة ثم يحاول تعميمها على ما يرى في منطقة الاختبار لمعرفة طريق عودته إليها. لاحظ مؤلفو الدراسة أيضاً أن هذا السلوك لا يقتصر على نحل العسل فحسب، بل لوحظ أيضاً في الطيور والخفافيش.