دراسة تكشف تسبب ألواح التقطيع البلاستيكية بتلوث اللحوم

دراسة جديدة في جامعة الإمارات العربية المتحدة تلقي الضوء على دور ألواح التقطيع في تلوث اللحوم بالجزيئات البلاستيكية
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Africa Studio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بينما قد نسعى للحصول على الغذاء من مصادر نظيفة وموثوقة حرصاً منا على تناول طعام صحي، فإن التلوث قد يحدث في آخر مراحل سلسلة إنتاج الغذاء وهي التحضير، كما أشارت دراسة أجراها باحثون في جامعة الإمارات العربية المتحدة حول تلوث لحوم الدجاج والأسماك بالجزيئات البلاستيكية من ألواح التقطيع البلاستيكية. وقد أجرى الدراسة كل من: رنا زيشان حبيب، ورؤية الكندي، وفراس السالم، ووجيه فارس كتانة، وفيجو بولوز، وسيد حارس افتخار، وتييس ثيمان، وعبدالحميد اسماعيل مراد، وكلهم من جامعة الإمارات العربية المتحدة، وتم نشرها في “المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة” (Int. J. Environ. Res. Public Health).

مصادر تلوث الأغذية بالجزيئات البلاستيكية

وفقاً لمراكز مراقبة الأمراض والسيطرة عليها الأميركية، يُعرف تلوث الغذاء بأنه وصول ملوث بيولوجي أو فيزيائي أو كيميائي للغذاء في إحدى مراحل سلسلة الإنتاج وهي: الإنتاج أو المعالجة أو التوزيع أو التحضير.

وفي الدراسة الجديدة، استطاع الباحثون إيجاد الجزيئات البلاستيكية في لحوم الأسماك وسرطان البحر وبلح البحر والفاكهة والخضروات، مشيرين إلى تنوع مصادر التلوث باختلاف المصدر وطرق المعالجة. على سبيل المثال:

ابتلاع الأسماك للجزيئات البلاستيكية

تصل 8-10 ملايين طن متري من البلاستيك في البحار سنوياً، حيث تشكل النفايات البلاستيكية 80% من مجمل ملوثات البحار، وفقاً لمنظمة اليونسكو، والتي قد ينتهي بها المطاف في أمعاء الأسماك. عندما تبتلع الأسماك الجزيئات البلاستيكية فإنها غالباً ما تستقر في أمعائها، وعلى الرغم من أنه غالباً ما يتم التخلص من أمعاء الأسماك، وبشكل خاص الأنواع الكبيرة لأنها غير قابلة للاستهلاك البشري، فإنها قد تُستخدم في صناعة صلصات الأسماك ومسحوق السمك، حيث اكتشف الباحثون وجود جزيئات بلاستيكية فيها بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتلوث لحوم الأسماك بالجزيئات البلاستيكية في مصانع التعليب من القناة الهضمية غير السليمة.

اقرأ أيضاً: دراسات استمرت لعقود تربط بين الأطعمة فائقة المعالجة والإصابة بالسرطان والموت المبكر

تلوث المشروبات من مواد التعبئة والتغليف

اكتشف الباحثون في الدراسة وصول البلاستيك النانوي (NP) للمواد الغذائية في مرحلة ما بعد المعالجة خلال التعبئة للمواد التالية:

  • المشروبات من الزجاجات البلاستيكية كالمياه المعدنية والمياه المعبأة الأخرى، وعصائر الفاكهة، ومشروبات الطاقة.
  • أكياس الشاي التي تطلق الجزيئات البلاستيكية عند ملامستها للمياه الساخنة.
  • أوعية الأغذية الصلبة ذات الاستخدام الواحد مثل عبوات اللحوم والأرز.

المعالجة التجارية للحوم على ألواح التقطيع البلاستيكية

مصدر آخر للجزيئات البلاستيكية غالباً ما يتم التغاضي عنه مقارنة بالجزيئات البلاستيكية التي تتغذى عليها الكائنات الحية وهو الجزيئات البلاستيكية المتسربة من ألواح التقطيع البلاستيكية، والتي لا يمكن إزالتها بغسل اللحوم، حيث لاحظ الباحثون أنه يمكن أن تصل كمية جزيئات البولي إيثلين المتسربة من ألواح التقطيع بنهاية عمرها الافتراضي إلى 875 غراماً، وهو ما قد يصل في حالة لحم الماعز إلى 400 كيلوغرام من اللحم المقطع. شملت الدراسة الحالية عينات من لحم السمك، بالإضافة إلى لحوم الدجاج من عدة أسواق في الإمارات العربية والكويت. كما أشارت دراسة سابقة للمؤلفين، نُشرت في دورية “المضافات والملوثات الغذائية: الجزء أ” (Food Additives & Contaminants: Part a)، إلى أن غسل بعض ألواح التقطيع بعد تقطيع كيلوغرام واحد من أسماك كبيرة نسبياً مثل الماكريل الملكي والتريفالي العملاق، أدى إلى تسرب ما يصل إلى 2.47 غرام من البلاستيك مع مياه الصرف الصحي، وبذلك يمكن اعتبار مياه الصرف الصحي أحد الأسباب الرئيسية للتلوث بالمواد البلاستيكية.

علاوة على ذلك، يمكن لهذه المواد أن تغيّر من خصائصها أثناء الطهي، حيث نتج عن شيّ الطعام الملوث ذوبان الجزيئات البلاستيكية واندماجها في فقاعات كروية زاد متوسط حجمها عما كانت عليه قبل عملية الشواء.

اقرأ أيضاً: للمرة الأولى: علماء يكتشفون وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة في دم الإنسان

تأثير الجزيئات البلاستيكية على صحة الإنسان

على الرغم من عدم القدرة على تحديد التأثير المباشر للجزيئات البلاستيكية على صحة الإنسان، فإنه من المؤكد العثور عليها في بعض أعضاء الجسم، بما في ذلك أجسام الأطفال حديثي الولادة، والمشيمة. علاوة على ذلك، تبين أنه يمكن للجزيئات البلاستيكية التي يصل حجمها إلى 0.1 ميكرومتر أو أقل، أن تنتقل مع الدورة الدموية إلى الكبد، ما يؤدي إلى تلف الكبد حتى في التراكيز المنخفضة.

كما تم العثور على جزيئات الكربوكسيل النانوية المعدّلة من البوليسترين بمتوسط حجم 0.5 ميكرومتر في خلايا القولون البشري CCD-18، وقد أدت إلى تغيرات أيضية.

توصيات معالجة اللحوم

كان التحول الأساسي عن استخدام ألواح التقطيع الخشبية إلى مواد أخرى أقل مسامية كالبولي إيثلين عالي الكثافة (HDPE) أو البولي إيثلين منخفض الكثافة (LDPE)، نظراً إلى القلق من قدرة الميكروبات على التسرب إلى مسام أنسجة الخشب، ولإمكانية تآكل الألواح الخشبية بمرور الوقت. لذا أوصت إدارة سلامة الأغذية والتفتيش التابعة لوزارة الصحة في الولايات المتحدة، باستخدام ألواح تقطيع غير مسامية مصنوعة من البلاستيك أو الرخام أو السيراميك الحراري دون القلق على الصحة.

اقرأ أيضاً: دراسة علمية تكشف أضرار الملح وتطرح بدائلَ لتقليل الوفيات

على الرغم من أن الباحثين جمعوا عينات الدراسة من أسواق الدول التي ينتمون لها، وهي الكويت والإمارات العربية المتحدة، فإنها تعد مشكلة عالمية. وبناءً عليه، يوصي الباحثون المشاركون في تأليف الدراسة باستبدال ألواح التقطيع البلاستيكية بألواح خشبية مثل الخيزران، أو رخامية، كما يجب استبدال ألواح التقطيع بعد انتهاء عمرها الافتراضي مهما كان نوعها.