على طريقة مناعة القطيع: شعاب مرجانية يمكن أن تنقذ أنوعاً أخرى مهدّدة بالخطر

الشّعاب المرجانية ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الشعاب المرجانية في خطر. وفقاً لوكالة حماية البيئة، فقد أسهم التدمير المادي الناجم عن أعمال الحفر والتنمية الساحلية والتلوث وتغيّر المناخ وتحمّض المحيطات في تدهور الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فقد أظهرت الكائنات المرجانية بعض بوادر الأمل ويمكن للعناصر الوراثية المختلفة في هذه الحيوانات أن تحمي بعضها بعضاً من الأمراض. فقد كشفت دراسة جديدة نُشرت هذا الأسبوع في مجلة ساينتفيك ريبورتس (Scientific Reports) أن الكائنات المرجانية المقاومة للأمراض يمكن أن تساعد في “إنقاذ” المرجانيات الأخرى الأكثر عرضةً للإصابة بالأمراض، في إطار البيئة المعيشية الصحيحة.

اقرأ أيضاً: بماذا تخبرنا الأصوات في المحيطات عن حالة الشعب المرجانية؟

التشابه الوراثي يزيد من احتمال انتشار الأمراض بين الشعاب المرجانية

قام فريقٌ من جامعة كاليفورنيا، ديفيس وجامعة فلوريدا وجامعة جنوب فلوريدا بمراقبة تفشي مرض في مشتل مرجاني في جزيرة ليتل كايمان (Little Cayman) في منطقة البحر الكاريبي. ووجدوا أن الشعاب المرجانية التي تنمو معاً، وذات التركيب الوراثي، أو الخصائص الوراثية نفسها، غالباً ما تكون أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض من تلك التي تنمو بين خليط من الأنماط الوراثية المختلفة.

صرّحت المؤلفة الرئيسية أنيا براون، والأستاذة المساعدة في مختبر بوديجا البحري التابع لجامعة كاليفورنيا، ديفيز (UC Davis Bodega Marine Laboratory): “لقد رأينا أن بعض الشعاب المرجانية كانت أكثر مقاومةً للأمراض من خلال التواجد حول الشعاب المرجانية الأخرى التي كانت تتمتع بمقاومة شديدة، كما أن القرب من هذه الأنماط الوراثية المقاومة ساعد في حماية الشعاب المرجانية الحسّاسة والمعرّضة للخطر من تأثيرات المرض”.

ووجدت الدراسة أيضاً أنه يمكن “إنقاذ” بعض الشعاب المرجانية الأكثر ضعفاً ومساعدتها من خلال الأنماط الوراثية المقاومة.

اقرأ أيضاً: يعود عمرها إلى 600 عام: اكتشاف مستعمرة مرجانية ضخمة في السعودية

أهمية وجود الأنماط الوراثية المقاومة بين الشعاب المرجانية

في عام 2019، تفشى مرض الشريط الأبيض في مشتل المرجان التابع لمعهد البحر الكاريبي المركزي في جزيرة ليتل كايمان. مرض الشريط الأبيض هو مرض بكتيري مُهلك يمكنه تدمير الأنسجة المرجانية تماماً في الشعاب المرجانية الموجودة في منطقة البحر الكاريبي مثل مرجان ستاغهورن (staghorn) الشعاب المرجانية القرنية (A. cervicornis) بالإضافة إلى مرجان قمي المسام الراحي (elkhorn) أكروبورا بالماتا (Acropora palmata). وعملت المؤسسة غير الربحية مع المؤلفين الأكاديميين للدراسة لرصد أعداد مشاتل الشعاب المرجانية القرنية (A. cervicornis) المهدّدة بالانقراض.

وقد تم ربط أجزاء مرجانية في المشتل بهياكل أنابيب بلاستيكية قبل تفشي المرض. كما تم وضع شعاب مرجانية من مستعمرة مانحة واحدة في بعض الهياكل، بينما وُضعت شعاب مرجانية أخرى من مستعمرات مانحة متعددة مع خليط من الأنماط الوراثية.

تتبع الفريق وجود المرض في 650 قطعة من الشعاب المرجانية لمدة 5 أشهر، ووجدوا أن الشعاب المرجانية التي تعيش على الهياكل مع مجموعة متنوعة من الأنماط الوراثية كانت أكثر مقاومةً لمرض الشريط الأبيض بشكلٍ ملحوظ.

اقرأ أيضاً: عمليات التنقيب في إحدى مدن المايا القديمة تكشف للعلماء أصول الأسماك المرجانية

على غرار التطعيم بين البشر

يمكن أن تساعد هذه الشعاب المرجانية القوية المقاومة للأمراض في حماية الفئات الأكثر ضعفاً على غرار الطريقة التي يعمل بها التطعيم الشامل لحماية البشر. حيث يصنع الأشخاص الملقحون الذين يقاومون مرضاً معيناً حاجزاً من شأنه أن يُضعف قدرة المرض على الانتقال بين السكان وإلى الأشخاص المعرّضين للإصابة. وهذا ما يسمى أحياناً بمناعة القطيع.

كما تظهر أهمية التنوّع الوراثي لمقاومة الأمراض أيضاً في الزراعة. حيث تميل المحاصيل الأحادية، أو المحاصيل التي تُزرع في نفس المكان كل عام، إلى أن تكون أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض من الأنظمة المتنوعة، حيث تكون المحاصيل أكثر اختلاطاً.

تشير هذه الدراسة إلى وجود ديناميكية مماثلة بين الشعاب المرجانية في المحيط، كما تقدّم الدراسة بعض الأدلة على أن التنوّع الوراثي يمكن أن يساعد في الحد من انتقال الأمراض بين الشعاب المرجانية. كما توضح أهمية البحث في كيفية ترتيب الشعاب المرجانية في المشاتل ومشاريع ترميم الشعاب المرجانية لمنع انتشار الأمراض مثل مرض الشريط الأبيض.

اقرأ أيضاً: ازدهار أسماك غنية بالمواد الغذائية من قلب مقبرة مرجانية

تقول براون: “آمل أن يستخدم الأشخاص الذين يعملون في المشاتل المرجانية هذه الدراسة كنقطة انطلاق لرؤية مدى تأثير ذلك على انتشار المرض، كما يمكن للمشاتل التي تقوم بترتيب الشعاب المرجانية بصورة متعمّدة مع خليط من الأنماط الوراثية أن تساعد الشعاب المرجانية المعرّضة للإصابة بالأمراض في الازدهار، ويمكن أن يسهم ذلك في بناء مناعة الشعاب المرجانية من خلال إعادة توطين الشعاب المرجانية مع خليط وراثي متنوع من الشعاب المرجانية”.