كيف يستغل مجرمو الإنترنت الجائحة للاحتيال على الضعفاء؟

كيف يستغل مجرمو الإنترنت الجائحة للاحتيال على الضعفاء؟
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

زادت جائحة كوفيد-19 مع ما حملته معها من ظروف الإغلاق والعزلة الاجتماعية من ضعف العديد من النيجيريين بعدة طرق. بغض النظر عن المخاطر الصحية وتعطل سبل العيش في ظل الجائحة، أدى تحول الناس من التعامل بشكلٍ مباشر إلى التعامل عبر الفضاء الافتراضي مع الناس لزيادة تعرضهم لمجرمي الإنترنت.

لقد غيّرت الجائحة مشهد الجرائم الإلكترونية في البلاد، إذ أتاحت تدخلات الحكومة الاجتماعية والاقتصادية الهادفة للتخفيف من تأثير الجائحة، والتي تضمنت توزيع الإعانات الغذائية والمساعدات النقدية وتخفيف جداول تسديد القروض، الفرصة للمحتالين لاستغلال السكان الضعفاء.

بالإضافة إلى ذلك، ومع ارتفاع تواجد الناس عبر الإنترنت بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي والإغلاق، زاد تعرضهم لمجرمي الإنترنت. يقول الكاتب في هذا الشأن: «لذلك أجريت دراسة نظرت في كيفية استغلال مجرمي الإنترنت للتدابير المُتخذة بسبب الجائحة في نيجيريا، واستكشفت خلالها السياسات الحكومية التي وفرت فرصاً للاحتيال، وما هي استراتيجيات الاحتيال المستخدمة، وكيف يمكن منع هذا الضرر».

جمعت بياناتي من لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية والشرطة النيجيرية والبنك المركزي النيجيري. تلقيت أيضاً أمثلة على طرق الاحتيال التي تتبعها مجموعة احتيال محترفة على الواتساب، ومن الطلاب الذين يدرسون علم الجريمة.

ووجدت أن الافتقار إلى معايير محددة واضحة للمستفيدين من التدابير الملطفة التي اتخذتها الحكومة النيجيرية خلق ثغراتٍ استغلها مجرمو الإنترنت. وقد أطلقت على استراتيجيات الاحتيال التي يتبعونها مصطلح «كوفيد-419»، والذي يجمع ما بين مرض كوفيد-19 والمادة 419 من القانون الجنائي النيجيري المتعلق بالاحتيال.

من المهم أن نفهم كيف يتكيف مجرمو الإنترنت مع الظروف المتغيرة وما الاستراتيجيات التي يتبعونها، وذلك من أجل منع المزيد من الضرر.

سياق جرائم كوفيد-419 الإلكترونية

يساعد السياق الاجتماعي لجائحة كوفيد-19 في نيجيريا في شرح كيف وفر ثغراتٍ للمحتالين يمكنهم استغلالها. يعمل 65% من السكان في القطاع غير الحكومي، والذي يساهم بنحو 50% من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد. ويعتمد الأشخاص الذين يعملون في القطاع غير الحكومي بشكل كبير على التفاعل البشري، كما أنهم يعتمدون بشكل كبير على وسائل النقل العام.

كان لإجراءات الإغلاق تأثير مدمر، حيث احتاج الكثير من السكان للمساعدة. استجابت الحكومة من خلال سنّ سياساتٍ بشأن المساعدات التي يجب أن تمنح للفئات الضعيفة، وتم تشكيل فريق عمل رئاسي معني بالجائحة وتنسيق توزيع المساعدات.

تضمنت هذه المساعدات:

  • توزيع 70 ألف طن من الأرز على الأسر الفقيرة والضعيفة في جميع أنحاء البلاد.
  • تأجيل السداد لمدة ثلاثة أشهر لجميع قروض برنامج التمكين والمشاريع الحكومية.
  • تأجيل لمدة ثلاثة أشهر لجميع القروض الممولة من الحكومة الفيدرالية الصادرة عن بنك الصناعة وبنك الزراعة وبنك استيراد الصادرات النيجيري.
  • التحويلات النقدية والحصص الغذائية للنازحين داخل البلاد.

لكن كان هناك ثغرات في هذه السياسات، إذ لم تحدد من هو الفقير ومن هو الضعيف. وقد أوضح الرئيس محمد بخاري في حديث له مع الإذاعة الرسمية في 29 مارس/آذار من عام 2020 من هم المشمولون بهذه السياسات قائلاً: «بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً في مجتمعنا، فقد أصدرت توجيهاً بدفع التحويلات النقدية المشروطة للشهرين المقبلين على الفور، وسيتلقى النازحون في الداخل حصصاً غذائية تكفي لمدة شهرين في الأسابيع المقبلة».

توقع العديد من السكان تلقي المساعدات وانتظروا الحصول عليها. لم يحصل عليها البعض أبداً على الرغم من حاجتهم الماسّة إليها. في الواقع، من الصعب معرفة عدد الأشخاص الذين استفادوا من هذه المساعدات، فالحصول على الأرقام ليس سهلاً، وقد جاء في أحد التقارير أن المساعدات قد سُرقت ووزعت على الموالين للحزب الحاكم.

كانت جميع أموال الإغاثة التي أمر بها الرئيس جزءاً من برامج الاستثمار الاجتماعي الحكومي الحالية، مثل «إن- باور» والتحويلات النقدية المشروطة وبرنامج تمكين المؤسسات الحكومية.

لم يستفد «المستضعفون الجدد» من هذه الأموال، أولئك الذين هددت جائحة كوفيد-19 سبل عيشهم. لكن كل من تضرر من الإغلاق كان يتوقع أن يستفيد منها. ربما اعتقدوا أنهم مؤهلون للحصول على المساعدة، ولكن لم يتم إخبارهم بالضبط حول من سيحصل عليها وكيف، ما جعل البعض أهدافاً سهلة لعمليات الاحتيال.

اقرأ أيضاً: كيف تكتشف المعلومات العلمية المغلوطة والمضللة عبر الإنترنت؟

استراتيجيات الاحتيال

تُظهر جميع استراتيجيات التحايل التي ابتكرها المحتالون أوجه تشابه مع سياسات المساعدة التي أعلنت عنها الحكومة. طور مجرمو الإنترنت أيضاً طرقاً للاحتيال بانتحال هويات الجهات المانحة التي أدرجتها الحكومة النيجيرية على الموقع الإلكتروني عبر فريق العمل الرئاسي المعني بجائحة كوفيد-19.

احتيال صندوق الإغاثة: نصت سياسة صندوق الإغاثة المتعلقة بجائحة كوفيد على أن المستفيدين سيحصلون على ما يعادل 49 دولاراً أميركياً شهرياً. اعتمد مجرمو الإنترنت على هذه النقطة وصمموا موقعاً على شبكة الإنترنت يحوي استبياناً ويعد بدفع هذه المساعدة. تحتوي رسالة الاحتيال على ختم حكومي مزيف في الزاوية اليسرى العليا لإيهام الناس ودفعهم لتصديق أنها رسالة حقيقية من الحكومة الفيدرالية. يتم تهنئة الضحية المحتملة على استحقاقها للحصول على الأموال بعد الإجابة على سلسلة من الأسئلة. ثم يُطلب من الشخص الضحية النقر فوق الزر الأخضر الموجود أسفل الصفحة والمكتوب عليه «شارك الآن»، حيث يُطلب منه المشاركة مع سبع مجموعاتٍ للدردشة على الواتساب على الأقل. بعد ذلك، يُطلب من الشخص إرسال تفاصيل مصرفية تحتوي على معلومات حساسة، ثم يقومون باختراق حساباتهم وسرقة أموالهم.

احتيال القروض: عملية احتيال أخرى يستخدمها مجرمو الإنترنت هي نموذج سداد قرض المساعدة. يطلب النموذج عبر الإنترنت من الأشخاص تقديم أسمائهم وتفاصيل البنك. وقد تزامنت عملية الاحتيال هذه مع خطاب الرئيس الذي أعلن فيه عن قروض وتحويلات نقدية مشروطة. احتوى النموذج على شعار النبالة النيجيري مطبوعاً على الجانب الأيسر واستخدم الألوان الوطنية لجعله يبدو أصلياً. وقد اتُبعت هنا نفس طريقة احتيال صندوق الإغاثة.

احتيال قسيمة الوجبات السريعة: أدى إعلان الرئيس أن الجمارك النيجيرية ستفرج عن الأرز وزيت الفول السوداني إلى ظهور عمليات احتيال أيضاً. كان من المفترض توزيع هذه المعونات على حكومات الولايات، حيث طُلب منها تنظيم توزيعها على المحتاجين بدورها. صمم المحتالون طريقة للاحتيال تنطوي على تقديم قسيمة بيتزا مجانية، والتي تُعتبر رفاهيةً جذابة بالنسبة للكثيرين. تمت مشاركة قسيمة تحمل اسم مطعم بيتزا على الإنترنت وطُلب من الضحايا المحتملين ملء بياناتهم المالية من أجل الحصول على البيتزا المجانية، ما أدى إلى تعريضهم للمحتالين الذين قاموا بسرقة حساباتهم المصرفية بعد تقديم بياناتهم الحساسة.

احتيال باقات الإنترنت: مع تقييد حرية التنقل، كان الإنترنت الوسيلة الرئيسية للتواصل مع الناس. طالب النيجيريون شركات الهاتف بتقديم باقات إنترنت مجانية لعملائهم. وقد قدمت بعض الشركات لعملائها 10 رسائل نصية مجانية يومياً بالفعل. صمم محتالو الإنترنت برنامجاً سموه «16 جيجابايت مجاناً لقتل الملل أثناء الإغلاق»، وأنشؤوا عدة مواقع ويب تدعي أنها تتبع لشركات الهاتف وشجعوا الناس على الدخول إليها. وقد تمكن المحتالون بالفعل من الوصول إلى الحسابات المصرفية للعديد من الأشخاص عن طريق الطلب منهم ملء بياناتهم الشخصية والمصرفية للحصول على باقة البيانات المجانية.

اقرأ أيضاً: كيف تتجنب عمليات الاحتيال الإلكترونية خلال أزمة كورونا؟

منع الضرر

نأت الوكالات الحكومية النيجيرية بنفسها عن المخططات الاحتيالية. لكن الطريقة التي تم بها تنفيذ التدخلات الاجتماعية سمحت بتعرض الناس للضرر عبر طرق الاحتيال هذه.

لمنع حدوث ذلك في المستقبل، يجب على الحكومة النيجيرية التواصل بشكل فعال مع الناس- وخاصة المستفيدين من سياسات الدعم لشرح سياساتها حول المساعدات التي تقدمها، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على حمايتهم من الضرر المحتمل.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لتدخل وكالات الأمن النيجيرية. ينبغي عليها التدخل سريعاً وإزالة مواقع الويب التي تنشر الأكاذيب والمعلومات الخاطئة بشكلٍ متعمد.