كيف استطاعت الدول العربية خفض معدلات وفيات الأمهات؟

كيف استطاعت الدول العربية خفض معدلات وفيات الأمهات؟
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أمتعنا الكثير من الكتّاب والمؤلفين بقصص خيالية مأساوية بعض الشيء، بسبب فقدان البطل لأمه في مهده، لكن الحقيقة المؤلمة أنّ هناك آلاف وملايين من هذه القصص، فمنذ قديم الزمان، انتشرت حالات فقدان النساء لحياتهن أثناء الحمل أو الولادة أو بعد الولادة بفترة قصيرة، بسبب بعض العوامل من ضمنها الإهمال الطبي. بمرور الوقت، حقق البشر تقدماً على جميع الأصعدة، وكان للطب نصيب الأسد، فقد استطاع الأطباء والباحثون كشف الستار عن الأسباب المؤدية إلى حالات الوفيات الكثيرة، مبتكرين حلولاً لتجنبها. 

وفيات الأمهات 

يمكن تعريف وفيات الأمهات على أنها حالات وفيات النساء أثناء فترة الحمل أو خلال الـ 42 يوماً التي تلي الولادة. ومعدل وفيات الأمهات، هو عدد الوفيات الذي يحصل خلال فترة زمنية محددة لكل 100 ألف ولادة جديدة، وفيها ترتبط أسباب الوفاة بالحمل والإنجاب. وفي عام 2000، وقعت منظمة الأمم المتحدة اتفاقية خاصة بالتنمية. وكان من ضمن أهداف هذه الاتفاقية، العمل على خفض معدلات وفيات الأمهات بنسبة 75% بين عامي 1990 – 2015. لكن هناك العديد من الظروف التي تمنع تحقيق الهدف المرجو على الرغم من الجهود الهائلة التي تبذلها المنظمات الصحية. 

اقرأ أيضاً: هل تُعد الولادة القيصرية أفضل من الولادة الطبيعية؟

أسباب ارتفاع معدلات وفيات الأمهات أثناء الحمل وبعد الولادة

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO) تموت الكثير من النساء نتيجة المضاعفات التي يتعرضن لها أثناء فترة الحمل والولادة والفترة التي تليهما. قد تحصل هذه المضاعفات قبل الحمل وتتفاقم خلاله، لكن يمكن علاجها والوقاية منها، ومن ضمن هذه المضاعفات التي تؤدي إلى إجمالي 75% من وفيات الأمهات: 

  • نزيف حاد ويحصل غالباً بعد الولادة. 
  • الإصابة بالالتهابات التي تحصل بعد الولادة. 
  • ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. 
  • الإجهاض غير الآمن. 
  • الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل: أمراض القلب ومرض السكري

اقرأ أيضاً: بعضها يسبب الإجهاض: دليل المرأة الحامل لتناول المضادات الحيوية

معدلات وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة 

تُشير دراسة منشورة في دورية “ريبروداكتيف هيلث” (Reproductive Health) تعود لأغسطس/آب 2014، إلى أنّ معدلات وفيات الأمهات، خاصة في الدول الفقيرة، تتراوح بين 250 – 280 ألف حالة أثناء الحمل والولادة كل عام، ويموت نحو 6.55 مليون طفل سنوياً تحت سن الخامسة. وتحدث أغلب حالات الوفاة هذه أثناء الحمل أو بعد الولادة مباشرة. وفي حالة الأطفال حديثي الولادة، تحصل حالات الوفاة غالباً خلال 28 يوماً من الولادة. 

دراسة تكشف عن انخفاض معدل وفيات الأمهات في الوطن العربي

كشفت دراسة منشورة في مجلة “أمراض النساء والتوليد” (Obstertrics and Gynaecology) في ديسمبر/كانون الأول 2019، عن أنّ معدلات وفيات الأمهات انخفضت في دول الوطن العربي عموماً، لكن هناك بعض الدول ما زال لديها بعض معدلات الوفاة المرتفعة نسبياً مثل الصومال، بينما تسجل دول الخليج معدلات وفيات أقل. 

يتكون الوطن العربي من 22 دولة موزعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولم تكن هناك دراسات وأبحاث كافية حول وفيات الأمهات فيها. ولكن في هذه الدراسة، وجد الباحثون أنّ معدلات وفيات الأمهات قد انخفضت في العالم العربي بنسبة 45% بين عامي 1990 – 2015، ويتضح ذلك من هذه التجارب: 

  • سجلت الكويت والإمارات العربية المتحدة حدّاً أدنى من معدل الوفيات، فقد بلغ المعدل في الكويت 6 وفيات لكل 100 ألف ولادة، بينما بلغ معدل وفيات الأمهات في الإمارات العربية المتحدة نحو 9 وفيات لكل 100 ألف ولادة. 
  • سجلت بعض الدول معدلات وفيات عالية، منها موريتانيا والصومال، وقد بلغ معدل وفيات الأمهات في موريتانيا 762 وفاة لكل 100 ألف ولادة، بينما وصل معدل وفيات الأمهات في الصومال إلى 995 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة. 

اقرأ أيضاً: اعتماد أول علاج لاكتئاب ما بعد الولادة

كيف استطاعت الدول العربية خفض معدلات وفيات الأمهات؟ 

سلطت الدراسة الضوء على التقدم العلمي والطبي الذي حققته الدول العربية فيما يتعلق باهتمامها بصحة المرأة خلال أصعب فترات حياتها، خاصة في دول الخليج وأبرزها: الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وقد حصل ذلك نتيجة عدة عوامل، منها: 

  • إنشاء هذه الدول لـ “مجلس التعاون لدول الخليج العربية”، لتطوير دول الخليج، وكان من ضمن أهدافه الاهتمام بالرعاية الصحية للأمهات. 
  • فرضت بعض الدول مثل الإمارات التأمين الصحي لمساعدة المواطنين في القضايا المتعلقة بالصحة. 
  • تتمتع دول الخليج العربي باحتواء أراضيها على كميات هائلة من النفط والذي يمدها بأموال كثيرة، تستطيع استخدامها في الرعاية الصحية. 
  • أصبح الناس يعتمدون على القابلات الماهرات. 
  • الاهتمام ببناء المنشآت الصحية لرعاية الأم وطفلها أثناء الحمل وبعد الولادة مباشرة. 
  • تدريب الأطباء والممرضات جيداً، وبالتالي تتمكن هذه الطواقم المدربة جيداً الحفاظ على صحة وحياة الأم وطفلها، والتعامل الاحترافي مع حالات المضاعفات. 

وأخيراً، وجدت الدراسة أيضاً أنّ معدلات وفيات الأمهات عالية في بعض الدول العربية بسبب الزواج المبكر، وهو أمر بالغ الأهمية يجب الاهتمام به، إضافة إلى الحروب التي تجلب الدمار إلى البلدان التي تحدث فيها وتحد من قدرة الدول على الاهتمام بأمر الرعاية الصحية.

نُشر هذا المقال استناداً إلى بحثٍ مقدّم من مركز “أبحاث الشباب العربي