حتى نهاية القرن الماضي، كان البشر يعتقدون أنهم اكتشفوا كل شبر على كوكب الأرض، لكن العقود الأخيرة بتقدمها التكنولوجي حملت اكتشافات مذهلة لمناطق لم تكن معروفة من قبل، وربما لم تطأها قدم إنسان قبل ذلك، حتى إن بعضها ما زال إلى يومنا هذا موضعَ بحثٍ واكتشافٍ. فيما يلي آخر 6 مناطق اكتشفها البشر مؤخراً على كوكبنا.
1. شعاب الأمازون
نهر الأمازون هو أحد أكبر الأنهار في العالم، وأكثرها غزارة. تتدفق مياهه في المحيط الأطلسي عند المصب في تكوينات تُعرف بالأعمدة، والتي غالباً ما تخلق فجوات في توزيع الشعاب المرجانية على طول الجروف الاستوائية، بسبب انخفاض مستويات الضوء والأوكسجين، وارتفاع مستويات الحموضة في النهر والترسبات، أي قد يكون من الصعب العثور على شعاب مرجانية في عمود نهر الأمازون.
هذا ما اعتقده العلماء حتى عام 2012، حيث اكتشف فريقٌ من الباحثين الأميركيين والبرازيليين شعاباً مرجانية في مصب نهر الأمازون.
نُشر البحث عام 2016، في دورية تقدمات علمية (Science Advances)، وقلب هذا الافتراض رأساً على عقب. حيث عثر فريق الباحثين خلال رحلة استكشافية للتحقيق في عمود نهر الأمازون على نظام مرجاني يبلغ طوله 1000 كيلومتر عند مصب نهر الأمازون.
من المعروف أن الشعاب المرجانية موطن لمجموعة متنوعة من أشكال الحياة البحرية، حيث عثر الفريق على 61 نوعاً إسفنجياً بما في ذلك ثلاثة أنواع جديدة، و73 نوعاً من الأسماك، بالإضافة إلى الكركند الشوكي ونجوم البحر الهشة.
استنتج الباحثون أنه على عكس الشعاب المرجانية الاستوائية، يقل اعتماد شعاب الأمازون على عملية التمثيل الضوئي لإنتاج كتلتها الحيوية، بل تلجأ للعمليات البيوجيوكيميائية والميكروبية.
اقرأ أيضاً: ما علاقة الشعاب المرجانية بالأسماك؟
2. مقهى القرش الأبيض
حسناً إنه ليس مقهى حقيقياً حيث تجلس فيه أسماك القرش الأبيض الكبير في نهاية اليوم للاستراحة، لكنه منطقة من المحيط الهادئ قبالة سواحل كاليفورنيا حيث تمارس فيها أسماك القرش الأبيض روتيناً خاصاً.
تقضي هذه الأسماك الفترة من أغسطس/ آب إلى ديسمبر/ كانون الأول في التغذية على الفقمات وغيرها من الكائنات البحرية، على طول الساحل الغربي. لكن في الشتاء والربيع تختفي الأسماك في منطقة نائية من المحيط كان يعتقد العلماء أنها منطقة ميتة.
عام 2018، تمكن فريقٌ من الباحثين في معرض الحياة المائية في خليج مونتيري باي أكواريوم (Monterey Bay Aquarium) من تتبع الأسماك إلى هذه المنطقة والكشف عنها.
ما كان يُعتقد سابقاً أنه صحراء محيطية، كان في الواقع واحة تعج بالحياة البحرية التي تغذّي أسماك القرش لعدة أشهر، مثل الحبار والأسماك وقناديل البحر، وطبقات عميقة من العوالق النباتية التي لم تكن مرئية في صور الأقمار الصناعية، فأطلقوا عليها تسمية "مقهى القرش الأبيض".
اقرأ أيضاً: برية جامحة: أقوى 10 عضّات في الطبيعة
3. مدينة القرد المفقودة
تناقلت القصص والروايات وجود أسوار بيضاء لمدينة مفقودة ظهرت من خلال أوراق الشجر في الهندوراس في أميركا الوسطى، يتوسطها تمثال عملاق مدفون لقرد، فعُرفت بالمدينة البيضاء أو مدينة القرد الإله.
تعددت محاولات الكشف عنها في القرن الماضي، لكن لم تنجح حتى تمكن فريقٌ من علماء الآثار مع المستكشف ومخرج الأفلام الوثائقية دوغ إلكينز (Doug Elkins) من العثور عليها عام 2015 في قلب غابات الهندوراس في منطقة لا موسكيتيا، بالاستعانة بطائرات مسيَّرة وصور الأقمار الصناعية والمسح بالليزر، حيث كشف الباحثون عن آثار وهياكل يزيد عمرها على 1000 عام، غطتها الغابات المطيرة في المنطقة.
على الرغم من أن لا موسكيتيا تُعد واحدة من أغنى بقاع الأرض بالتنوع الحيوي، فإنها اليوم مهددة بسبب قطع الأشجار غير القانوني والاتجار بالحياة البرية، ما يشكّل خطراً ليس فقط بالنسبة للموائل الطبيعية، وإنما أيضاً للمواقع الأثرية في المنطقة.
اقرأ أيضاً: الغابات الاستوائية تنتعش في الأراضي الزراعية بسرعة كبيرة
4. غابات الموزمبيق المخفية
كان للظروف السياسية والحرب الأهلية في موزمبيق بإفريقيا دورٌ في بقاء غاباتها المطيرة العذراء مخفية وغير مستكشفة من قِبل علماء الأحياء.
في عام 2005، اكتشف عالم البيئة جوليان بايليس (Julian Bayliss) في أثناء إنشائه خريطة لمرتفعات موزمبيق باستخدام جوجل إيرث (Google Earth) سلسلة من الغابات الكثيفة، تمتدُ على مساحة 7000 هكتار، وهو ما يُعتقد أنه كان أكبر قطعة من الغابات المطيرة على ارتفاعات متوسطة.
وفي عام 2012، تابع بايليس اكتشافاته ليصل إلى مجمع حيوي من الغابات المطيرة المخفية داخل فوهة بركان قديم في جبل ليكو على ارتفاع 700 متر. أتاحت هذه الاكتشافات للعلماء فرصاً فريدة لدراسة النظم البيئية غير المضطربة، ووفّرت معياراً لمقارنة تأثير التدخل البشري، بالإضافة إلى الأنواع الحيوية الجديدة التي اكتشفها بايليس فيها.
5. كهف البلورات
في عام 2000، وبينما كان اثنان من عمال المناجم في المكسيك يبحثان عن رواسب الفضة في صدع نايكا، قادهما بحثهم لأحد الكهوف المذهلة الذي لم يدخله بشري قبل.
ما يُثير الدهشة في هذا الكهف هو بلورات السيلينيت الضخمة التي يصل طول بعضها إلى 12 متراً، بينما يبلغ عرضها نحو متر واحد، وتزن نحو 55 طناً.
في حين أشير إلى الكهف بشكلٍ فردي باسم "كهف البلورات"، إلّا أنه في الواقع يتكون من ثلاثة كهوف متصلة ببعضها بعضاً، أحدها أكبر بكثير من الآخر.
منذ أكثر من 500 مليون سنة، خرجت الصهارة من أسفل الكهف ودفعت معها المياه الجوفية لتغمره. كانت هذه المياه غنية بالجبس فتحول ببطء شديد إلى بلورات مع انخفاض درجة حرارة الماء تدريجياً حتى نفاد الماء فأخذت شكلها الحالي، ولن تنمو أكثر ما لم يغمر الكهف مرة أخرى.
الصهارة الموجودة تحت هذا الكهف تجعله شديد الحرارة والرطوبة بشكلٍ صعب الاحتمال، لذا لا يسمح بدخوله إلّا للخبراء المجهزين بالمعدات اللازمة.
اقرأ أيضاً: هل نشأت كل الجزر البركانية من مناطق حارة في باطن الأرض؟
6. الحفرة الزرقاء في بليز
ثقب في مياه المحيط قبالة شواطئ بليز في أميركا الوسطى، يبلغ قطره 300 متر وعمقه 125 متراً، ومحاط بالحاجز المرجاني في البحر الكاريبي (ثاني أكبر حاجز مرجاني في العالم).
ذاع صيت الحفرة الزرقاء الكبرى عام 1971 عندما أعلن المستكشف والغواص جاك كوستو (Jacques Cousteau) أنها واحدة من أفضل 10 مواقع للغوص على هذا الكوكب. تتألف هذه الحفرة من شبكة عملاقة من الكهوف تحت الماء، والتي تحتوي على هوابط وصواعد وصفائح وأعمدة.
إلى يومنا هذا، ما زال الباحثون يكتشفون غموض هذه الحفرة، حيث كشف فابيان كوستو (Fabian Cousteau) (حفيد جاك كوستو) وريتشارد برانسون (Richard Branson) عام 2018، عن قاع المجرى باستخدام تقنية رسم خرائط السونار ثلاثي الأبعاد. وإلى جانب الهوابط، اكتشفوا مسارات غامضة لا يزال تكوينها غير مفسر.