إن كانت الأرض تدور حول نفسها، فلماذا لا أشعر بذلك؟

نحن نتحرك بسرعة كبيرة، ولكننا لا نشعر بذلك. مصدر الصورة: جايمانتري
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تهانينا: أنت تدور الآن بسرعة تقارب 1,600 كيلومتر في الساعة دون أدنى جهد! هذه هي السرعة التي يتوجب على الأرض أن تدور بها لتنجز دورة كاملة حول نفسها كل يوم. إذاً لماذا لا نشعر بذلك؟ عندما تركب دوامة الخيل الخشبية في مدينة الملاهي فإن معدتك تعاني من اضطراب كلي، رغم أن سرعة دورانها أقل بكثير من 1,600 كيلومتر في الساعة.

ما يمنعك من الشعور بأنك تدور على الأرض هو نفس السبب الذي يمنعك من الشعور بأنك تتحرك أثناء ركوبك القطار. ذلك لأن كلاً من الأرض والقطار يعتبر “إطاراً مرجعياً” وفقاً لوصف الفيزيائيين.

الإطارات المرجعية (جمل المقارنة) تمثل ما يشبه النقاط المنظورية، فالشخص المتواجد داخل القطار لديه منظور أول – إطار مرجعي أول أو جملة مقارنة أولى – والشخص الواقف على منصة المحطة لديه منظور آخر.

إن كنت تقف على منصة المحطة، فسترى بوضوح أن السطح يقف ثابتاً بينما يمر القطار بسرعة بجانبك. أما من داخل القطار، فستشعر وكأنك تقف في وضعية ثابتة بينما العالم خارج القطار هو الذي يتحرك من حولك.

أياً كان الإطار المرجعي الذي تنتمي إليه، فستشعر وكأنك الطرف الذي يبقى ثابتاً. فعندما تكون على متن القطار، العالم هو من يتحرك، وعندما تقف على منصة المحطة، فإن القطار هو الذي يتحرك.

ينطبق الأمر نفسه على الأرض والفضاء، ولكن المقاييس أكبر في هذه الحالة. من داخل الإطار المرجعي للأرض، لا يمكننا القول بأننا ندور. ولكننا إذا نظرنا إلى الأرض انطلاقاً من الإطار المرجعي للفضاء، فسنتمكن عندها من رؤية الحركة الدورانية على الفور.

وكما هو حال الركاب الجالسين على متن القطار، ليس لدينا أي دليل – كالرياح التي تندفع عبر شعرنا – يجعلنا ندرك مدى السرعة التي نتحرك بها. فالهواء داخل مقصورات القطار (والغلاف الجو الذي يحيط بكوكبنا) يتحرك مندفعاً بنفس السرعة التي نتحرك بها.

هناك اختلاف هام بين القطار والأرض، فعندما يبطئ القطار سرعته أو يزيدها، يمكننا أن نشعر بأثر القوة الناتجة على أجسامنا. وهذا عائد إلى قانون أساسي في الفيزياء: القوة = الكتلة x التسارع.

فجسمك يمثل الكتلة، وعندما يكون التسارع معدوماً – أي عندما يسير القطار بسرعة ثابتة – فلن تكون هناك قوة مطبقة على جسمك، لن تشعر بأي أثر لها على جسمك. أما عندما يغير القطار من سرعته سواء بزيادتها أو إنقاصها بالتدريج، فستنشأ قوة عندها (وإذا كنت واقفاً في هذه اللحظات، فقد تكفي قوتها لإيقاعك أرضاً).

نظراً لأن معظم القطارات دائماً ما تغير من سرعتها أثناء سيرها، يمكننا القول أثناء ركوبها في الواقع إننا في حالة حركة في كثير من الأحيان. أما الأرض فهي لا تغير من سرعتها أبداً، ولكنها إذا فعلت ذلك، فكم سيكون من المذهل أن نشعر بذلك! وسيكون ذات الشعور الذي تشعر به عندما يتباطأ القطار وأنت على متنه.

لحسن الحظ، فإن كوكبنا لن يبطئ من سرعته أو يزيدها على هذا النحو المفاجئ، ما يعني أننا لن نحظى بالشعور الذي يخبرنا بأننا نتحرك. ولكن ذلك ليس معناه أننا غير قادرين على مشاهدة الأرض وهي تدور حول نفسها ونحن هنا على سطحها.

فالشمس والقمر يشرقان من الشرق ويغربان من الغرب كنتيجة للاتجاه الذي ندور فيه على الأرض. وإذا قمت بإعداد كاميرا فيديو موجهة إلى السماء ليلاً، فستتمكن عندها من رؤية النجوم وهي تتحرك أيضاً. بالنسبة للإطار المرجعي الذي ننتمي إليه هنا، تبدو لنا هذه الأجسام وكأنها تمر بجانبنا. تذكر: هكذا نراها فقط. فمن وجهة نظر الشمس، كلنا ندور في مسارات دائرية.