السماد الطبيعي قد يحمينا من التسمم الغذائي

السماد الطبيعي
shutterstock.com/FabrikaSimf
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُسبب الأمراض المنقولة بالغذاء أكثر من 9 ملايين عدوى سنوياً في الولايات المتّحدة (أكثرها من المنتجات الملوّثة)؛ لذا يهتم المزارعون والمستهلكون -على حد سواء- بإيجاد طريقة لتخفيض هذا العدد، لكن إحدى الطرق التي يتم تجاهلها غالباً هي السماد الطبيعي الذي يُستخدم لتغذية وتنمية الأطعمة التي يتغذّى عليها البشر في البلاد وحول العالم.

وجد بحث جديد أصدرته تجربة زراعية أُجريت في جامعة كاليفورنيا في مقاطعة ديفيس، أن استخدام الأسمدة الطبيعية، وحتّى الحيوانية التي يتجنّبها المزارعون أحياناً، يمكن أن يؤدّي إلى زيادة صحة التربة وتقليل عدد العوامل الممرضة؛ مقارنةً بالأسمدة التقليدية الأخرى التي تُصنع من الرواسب المعدنية.

السماد الطبيعي والأمراض

المفاجئ هو أن الرّوث والسماد الطبيعي يُنظر لهما كأسباب للأمراض وليس كعلاجات؛ حيث وجدت الدراسات أن استخدام الروث الخام قد يكون له علاقة بوجود العوامل الممرضة التي تنتقل عبر الأطعمة، ويقلق المزارعون بشكلٍ مبرَّر من هذا الأمر. لكبح تفشّي الأمراض المنقولة عبر الأطعمة، حدّ المزارعون من استخدام الأسمدة الطبيعية والروث كسماد للوقاية من تلويث العوامل الممرضة؛ مثل السالمونيلا والليستيريا، للمنتجات التي ستنتقل لاحقاً عبر البلاد.

في هذه الدراسة التي قادها «ناريش ديفاراجان»؛ الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في مقاطعة ديفيس، استفاد الباحثون من تجربة زراعية طويلة الأمد، لمقارنة المجتمعات البكتيرية الناتجة عن استخدام سبل معالجة التربة العضوية والتقليديّة. يقول ديفارجان: «هناك أدلة علمية جديدة متزايدة تشير إلى أن ميكروبات التربة ضرورية لصحة التربة»، إذا أضافت الأسمدة الطبيعية المزيد من المغذّيات إلى الميكروبات التي تفيد التربة؛ فيمكنها أن تزدهر وتتغلّب على العوامل الممرضة في التنافس على المصادر.

طبّق العلماء لإنجاز التجربة 4 سبل معالجة مختلفة على حقول من الذرة؛ تألّفت من تركيبات متنوّعة من الأسمدة التقليدية، وطريقتيّ معالجة عضويتين؛ هما فضلات الدواجن المحللة عضوياً، ومحاصيل التغطية. وفقاً لديفارجان؛ فإن محاصيل التغطية هي محاصيل تُزرع ليس بهدف حصادها، بل للمساعدة في مكافحة تعرية التربة، وإضافة المغذّيات لها، أما فضلات الدواجن هي مزيج من روث الدواجن والأعلاف الزائدة ومنتجات المداجن الأخرى التي تحتوي على النتروجين والفوسفور؛ والتي تصل عند تحليلها العضوي إلى درجات حرارة عالية تقتل العوامل الممرضة. يقول ديفارجان: «إضافة فضلات الدواجن المحللة عضوياً إلى الحقول هي طريقة مستدامة لإعادة تدوير المخلّفات التي تنتج عن صناعات الدواجن».

بيّنت النتائج أن إضافة الأسمدة الطبيعية ومحاصيل التغطية تزيد من المغذّيات؛ مثل الفوسفور والنترات، في التربة؛ مما يغيّر المجتمعات البكتيرية. بشكلٍ خاص؛ تم كبح البكتيريا الضارة؛ مثل الليستيريا والسالمونيلا، في التربة التي احتوت على الأسمدة الطبيعية ومحاصيل التغطية.

يقول «ماثيو والينشتاين»؛ عالم بيئة ميكروبية في جامعة ولاية كولورادو، وغير مشارك في الدراسة، أن البحث الجديد مهم؛ لأنه على الرغم من الحاجة لضمان إعادة استخدام المصادر لتركيب الأسمدة الطبيعية إذا أمكن ذلك، «إلّا أنّه لا يمكن فصل الاستدامة عن الأمان».

مكوّنات السماد الطبيعي

تتكون الأسمدة الطبيعية من المواد العضوية المتفسّخة؛ التي تتحلل وتشكّل مواد غنية بالمغّذيات، ثم تُضاف إلى المحاصيل والنباتات كأسمدة. لاستخدام الأسمدة الطبيعية في سياق غير تصنيعي؛ يُنصح باستعمال الفضلات الحيوانيّة؛ مثل العظام وروث الكلاب، مع ذلك؛ فهذه المواد يمكن أن تتحوّل إلى أسمدة طبيعية إذا وصلت إلى درجة حرارة عالية بما يكفي لتقتل العوامل الممرضة؛ وهو أمر يحصل في عمليات التحلل العضوي واسعة النطاق.

يقول ديفارجان: «يشير عملنا إلى أن الأسمدة العضوية الحيوانية لا تعزز بقاء العوامل الممرضة، ويمكن أن تعزز المجتمعات البكتيرية التي تكبح هذه العوامل»، مع ذلك؛ يجب إجراء المزيد من الدراسات على آلية عمل ميكروبات التربة كعوامل «مكافحة حيويّة» للعوامل الممرضة. هذا يعني أن السبل العضوية لمعالجة التربة؛ ومن ضمنها الأسمدة الطبيعية الحيوانية، قد تمثّل بديلاً آمناً للأسمدة التقليدية في النهاية. يقول ديفارجان أن هذا البحث يعني أن المزارعين يمكنهم إعادة النظر في تجنّب استخدام الأسمدة الطبيعية الحيوانيّة؛ لأنه يمكن استخدامها «بطريقة تجعل المخاطر المتعلّقة بأمان الطعام مخففةً بدلاً من متفاقمة».

مكوّنات السماد الصناعي

لتعدين المعادن التي تُستخدم لصناعة الأسمدة غير العضوية.

كل هذه الأسباب تجعل توفّر بدائل عضوية أمراً مرغوباً؛ وخصوصاً إذا كانت آمنة لتنمية المحاصيل، إلّا أنها لن تكون الحل الوحيد على الأرجح. تحتوي الأسمدة العضوية على مغذّيات نباتيّة بتراكيز أقل بكثير من الأسمدة الاصطناعية؛ لذا يجب استخدامها بكميات أكبر بكثير لتغذية المحاصيل بشكلٍ مناسب.

يقول والينشتاين: «لن يوجد ما يكفي من المواد العضوية لتوفير المغذّيات للمزارع»، ولكنه يضيف أنه لا يزال من الضروري استخدامها متى أمكن ذلك، وبرأيه أنه «يجب علينا أن نبحث عن أي فرصة لاستغلال الفضلات».

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً