المراهقون الذين يعانون من العنصرية هم أكثر عرضة بكثير لأن يكونوا مدخنين

إن كنت لا تعلم، فإن التدخين يضر كثيراً بالصحة حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوس
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وجدت دراسة جديدة نشرها باحثون في كلية كينجز لندن بأن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و23 عاماً كانوا أكثر عرضة للتدخين في سن المراهقة بنسبة 80 في المئة إذا كانوا قد عانوا من العنصرية.

وبطبيعة الحال، فإن الارتباط لا يعني السببية. ففي حين أن الصلة بين العنصرية المرتبطة بالإجهاد وارتفاع معدلات التدخين في سن المراهقة كانت مرتفعة في هذه الدراسة، إلا أن هذا لا يعني بأن العنصرية المرتبطة بالإجهاد تسبب التدخين بشكل حاسم في سن المراهقة. ولكن استنتاجات الدراسة تتناسب مع موضوع بحثي راسخ، كما يقول إنريكي نيبليت – الأستاذ في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، ومدير مختبر “African American Youth Wellness Laboratory”.

وحتى لو كانت النتائج الجسدية للتعامل مع العنصرية لا تدفع الشباب إلى التدخين في الواقع، فهناك بالتأكيد مكون عنصري سيء لمشكلة التدخين في سن المراهقة.

ويمكن قياس آثار الإجهاد على الجسم – بما في ذلك الإجهاد الناجم مباشرة عن العنصرية – عن طريق المؤشرات الجسدية. إذ لا يكون ذلك التوتر في رأسك فقط، فالتعرض للإيقاف من قبل الشرطي، ومواجهة المزيد من الأمن في المطار، وحتى الاعتداءات الصغيرة جداً في المدرسة والعمل يمكن الإحساس بها في ضربات القلب وضغط الدم والغدد العرقية. فعلى سبيل المثال، يقوم جسمك بشكل طبيعي بإفراز الكورتيزول والهرمونات الأخرى لإطلاق استجابة المواجهة أو الفرار في المواقف التي يحتمل أن تكون ضارة. وعندما تكون بعيداً عن الضرر، فمن المفترض أن يتكيف الجسم بشكل طبيعي، ويجب أن تعود هرموناتك إلى مستوياتها الطبيعية. ولكن إذا كنت تعاني من الإجهاد المزمن، أو من الشعور بالخوف الذي يبدو بأنه لا يزول أبداً، فإن النظام التنظيمي الطبيعي يتلاشى بالتدريج.

ويقول نيبليت: “مع مرور الوقت، ينهار الجسم من حوادث التوتر المستمرة هذه والتي تشمل العنصرية”. وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد عرضة الإصابة بأمراض أخرى، وربما إضعاف الجهاز المناعي. ووجد تحقيق نشرته بروبوبليكا في شهر ديسمبر بأن مستويات التوتر والعنصرية التي تتعرض لها النساء من أصل أفريقي أثناء الحمل قد ترتبط بارتفاع معدلات وفيات الأمهات. وحتى النساء اللواتي يتمتعن بأوضاع اجتماعية واقتصادية أعلى يتعرضن للموت بشكل أكبر من المتوقع وذلك استناداً على مستوى الدخل والحصول على الموارد.

ويقول نيبليت: “تركّز الكثير من الأبحاث التي تم القيام بها على التجارب الشخصية [للعنصرية]، ولكن من خلال التركيز على الأفراد، فإننا نتجاهل المنظومة الأكبر”.

ففي الولايات المتحدة، یتضمن ذلك تاریخا طویلاً وواضحاً من التسويق القوي الذي تقوم به شركات صناعة منتجات التبغ الضارة لمجتمعات الأميركيون الأفارقة والأقليات الأخرى.

وفي عام 1993، أشار الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز إلى أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال التبغ، وهو يسخر من فكرة بأنه لا يدخن السجائر التي جعل الملايين يدمنون عليها بلا شك. إذ قال المسؤول التنفيذي: “هل تمزح؟ نحن نحتفظ بهذا الحق للفقراء والشباب والأميركيون الأفارقة والأغبياء”.

ومن المرجح في الوقت الراهن أن يكون الأميركيون الأفارقة أكثر عرضة لتدخين أنواع التبغ الأكثر إدماناً وخطورة مثل سجائر المنثول. وكما هو الحال في قطرات السعال وأدوية الزكام التي تحتوي على هذه المادة النعناعية، فإن المنثول الموجود في السجائر يبرّد الحلق ويخفف من آلامه.

وتقول لاترويا هستر، مديرة الاتصالات للشبكة الوطنية الأميركية الأفريقية للوقاية من التبغ، بأن ذلك يجعل سوء دخان التبغ أكثر استساغة.

وتقول “إنه يجعل من السهل البدء بالتدخين، ويجعل من الصعب عليك أن تتوقف عن التدخين”. كما أنه من الأسهل استنشاق دخان السجائر، لأن المنثول يخفي النكهة. وهذا يعني ازدياد المواد الكيميائية المضرة التي يمتصها الجسم، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

ويُذكر بأن سجائر المنثول شكلت 26 في المائة من جميع السجائر المباعة في الولايات المتحدة في عام 2015، حسب بيانات مراكز السيطرة على الأمراض. ولكن من بين الأميركيين الأفارقة، فإن تسعة من كل عشرة مدخنين فوق سن الثانية عشر يفضلون المنثول. وعلى الرغم من قيام الأميركيين الأفارقة بالإبلاغ عن المزيد من المحاولات للإقلاع عن التدخين، فإن لديهم معدل نجاح أقل من الأميركيين البيض.

وقد قامت شركات التبغ بتسويق منتجات المنثول بشكل صريح إلى الأميركيين الأفارقة، وهي مستمرة في القيام بذلك. وفي حين أن الرجل الذي يظهر في إعلانات مارلبورو قد يكون أحد أكثر الأمثلة الفاضحة للمحاولات الكبيرة لشركات التبغ بأن تجعل منتجاتها المسببة للسرطان تبدو منعشة، تقول هستر بأن تلك الحملة على وجه الخصوص لم تكن موجهة لجمهور الأميركيون الأفارقة.

وبدلاً من ذلك، فقد استغلت الشركات بعض الصور المأخوذة من حركة القوة السوداء (وهي حملة لدعم الأشخاص من ذوي الأصل الأفريقي) في السبعينيات. وتقول هستر بأن بعض الشركات التجارية مثل كول “استخدمت الأميركيين الأفارقة الذين يرتدون باروكات الأفرو ممن كانوا غير مبالين ببشرتهم الغامقة. وكانت الحملة متصاعدة بشكل كبير، وعندما قرروا تسويق المنثول، فعلوا ذلك بقوة وبطريقة محسوبة جداً”.

وكان من غير القانوني أن تعلن شركات التبغ عن منتجاتها على التلفزيون منذ السبعينيات، ولكن وسائل الإعلان الأخرى ليست مقيدة بشدة من قبل الحكومة الفدرالية. وتقول هستر: “عندما تنظر تحديداً إلى مجتمع الأميركيين الأفارقة، فعندها تبدأ برؤيته. إذ تبدأ برؤية اللوحات الإعلانية، وسترى الإعلانات في المجلات مثل إسينس وإبوني”.

وفي عام 2009، اقتربت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية من حظر جميع أشكال السجائر المنكهة على الصعيد الوطني. ولكن مشروع القانون الذي تم إقراره في نهاية المطاف كان مدعوماً بشدة من قبل شركات التبغ، واستبعد صراحة منتجات المنثول.

ومنذ ذلك الحين عملت مؤسسة “NAATPN” على المستوى الشعبي للتوعية بمخاطر سجائر المنثول وعملت على المستوى المحلي لتنفيذ الحظر والقيود مجتمعاً تلو الآخر. وقد وافقت حتى الآن بعض المدن الكبرى بما فيها سان فرانسيسكو ومينيابوليس على إصدار مثل هذه القوانين. ومع ذلك، يبدو دائماً بأن شركات صناعة التبغ متقدمة خطوة إلى الأمام.

وتقول هستر: “في كل مرة نجتمع فيها للنقاش مع المجتمع أو صناع السياسة، تظهر شركات صناعة التبغ بطريقة أو بأخرى وتبدأ بمحاولة إحباط جهودنا. إنهم يزرعون في أذهان المجتمعات بأن فرض الحظر على منتجات المنثول من شأنه أن يجرّم الأميركيين الأفارقة، إذا كانوا يبيعونها على هيئة سجائر مفردة”.

وقد تبنت بعض المنظمات مثل “National Organization of Black Law Enforcement Executives” هذا الموقف علناً. وتعدّ الصورة قوية، ففي عام 2014، قام رجال شرطة نيويورك بخنق أحد الرجال من أصل أفريقي والذي يدعى إريك جارنر حتى الموت في نهاية المطاف وكان يقول لهم مراراً وتكراراً “لا أستطيع التنفس”. وكانت جريمة جارنر هي بيع السجائر المفردة على الرصيف.

يمكن مناقشة الحقيقة في ذلك الاتجاه، ولكن إحدى رعاة “NOBLE” هي شركة رينولدز أميريكان، وهي إحدى شركات التبغ البارزة. وهي تبيع سجائر نيوبورت، والتي تعدّ صنف المنثول التجاري الأكثر شعبية في البلاد.

وتذكر مراكز السيطرة على الأمراض بأن تبرعات شركات صناعة التبغ تتضمن منذ فترة طويلة المؤسسات الثقافية الأميركية الأفريقية مثل كليات وجامعات الأميركيين الأفارقة وبرامج المنح الدراسية والمنظمات المدنية المعروفة تاريخياً.

وتقول هستر: “جميع الأقليات تقريباً لديهم جميعاً معدلات تدخين أعلى من عامة الناس. ولا يعدّ ذلك مجرد صدفة. فنحن نعلم بأن شركات صناعة التبغ تهتم أولاً وقبل كل شيء بكسب المال. ولا يسعني إلا أن أخلص إلى أنهم يرون أن بعض المجموعات قابلة للاستنفاد. ولهذا السبب نعتبر بأن هذه المسألة متعلقة بالعدالة الاجتماعية. وينبغي القيام بشيء ما حول هذا الموضوع”.