تدّعي فيتامينات التجميل بأنها تحسّن الشعر والأظافر والبشرة، ولكن هل تقوم بذلك حقاً؟

تدّعي حبوب التجميل وعلوك الفيتامينات بأنها تحسّن البشرة والشعر والأظافر ولكنها غير فعّالة إلا مع الأشخاص الذين يعانون من نقص حقيقي في الفيتامينات.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

انكبّت النساء منذ عدة قرون على استخدام الكريمات والأطعمة الغنية بالمواد المغذّية والمستحضرات سعياً وراء الجمال. أما اليوم، فإن عدداً أكبر من الناس يقومون بدلاً من ذلك بتناول حبوب يطلقون عليها اسم “فيتامينات التجميل” أو الكبسولات القابلة للهضم أو العلوك التي تتدّعي تحسين شعرهم وبشرتهم وأظافرهم. ولكن العلم الذي يدعم هذه الطرق ليس واضحاً. فمثل الكثير من علاجات الجمال التي تم تجريبها من قبل، فإن معظم هذه الفيتامينات يرافقها الكثير من الادّعاءات بالإضافة إلى الأبحاث المتواضعة لتدعمها، وتؤدي أحياناً إلى احتمال حدوث الضرر.

ليس هناك شكّ في أن هذا الاتجاه نحو الجمال يترسّخ. قم بزيارة أي متجر لمستحضرات التجميل وستجد الرفوف مليئة بمجموعة متنوعة من الحبوب التي تدّعي جميعها تحسين كل من الشعر والبشرة والأظافر. وتعكس الأبحاث الحديثة ذلك الأمر. فوفقاً لمقالة نُشرت في موقع “Business of Fashion” في العام الماضي، فإن حوالي 20 بالمئة من مستخدمي المكمّلات في الولايات المتحدة يأخذونها للحصول على فوائد في البشرة والشعر والأظافر. وبشكل إجمالي، فقد كان سوق المكمّلات الغذائية – يستخدم هذا المصطلح لوصف جميع المواد القابلة للهضم والتي تهدف إلى تحسين أو تعزيز صحتك – يقدّر بنحو 133 مليار دولار في جميع أنحاء العالم في عام 2016، ومن المتوقع أن ينمو إلى 220 مليار دولار في عام 2022.

لماذا ينكبّ الناس إذن على استخدام الفيتامينات لتحسين بشرتهم بالشكل الذي يطمحون إليه؟ تقول طبيبة الأمراض الجلدية باتريشيا فاريس – وهي أستاذة سريرية مساعدة في كلية الطب بجامعة تولين – بأن الأميركيين بدأوا بتثمين أسلوب “الجمال من الداخل”.

وتقول: “دائماً ما كنا نتبّع أسلوب الجمال من الداخل إلى الخارج في الولايات المتحدة، ولكن في بعض الأماكن مثل آسيا، لطالما قاموا بتقدير أهمية التغذية ودورها في مكافحة الشيخوخة ونموّ الشعر. وقد بدأنا الآن برؤية ذلك في الثقافة الغربية.”

لا بدّ وأنك قد شاهدت هذه الفيتامينات السحرية الصغيرة في إنستغرام وفي متاجر التجميل والمنتجات الخاصة بالبشرة مثل سيفورا وألتا التي تروج في كثير من الأحيان لادّعاءات غامضة، ولكنها شديدة الجاذبية. أحد هذه الفيتامينات تنتجه شركة هَم نيوتريشن (Hum Nutrition) – وهي شركة شائعة مصنّعة للمكملات الغذائية التي تبيعها سيفورا – ويدّعي هذا الفيتامين بأنه يحتوي على “المواد المغذية الأساسية الهامة للحصول على مظهر جذاب وصحة جيدة”. ويدّعي منتج آخر تنتجه شركة مراد المعروفة للعناية بالبشرة بأنه “يوفّر المواد المغذية اللازمة لدعم الدفاع الطبيعي للجسم ضد السموم المنتجة للعيوب”.

ولكن دعنا نجب على السؤال الهام حول كل هذا الترويج: هل هذه المنتجات فعّالة حقاً؟

يعدّ هذا السؤال صعب الإجابة، وفقاً لبيتر كوهين – وهو طبيب في مستشفى كامبريدج هيلث ألاينس وأجرى دراسات مستقلة عن المكمّلات الغذائية. ويقول كوهين بأن السبب الرئيسي هو أن المكمّلات التجميلية ليست مدعومة بأبحاث سريرية شاملة. ويضيف بأن المكونات التي ثبتت فعاليتها عند التطبيق الموضعي على البشرة لن تكون فعالة بالضرورة عند أخذها عن طريق الفم. ويقول: “يتم الترويج لبعض المكونات على أنها تعزز الجمال دون إجراء أي تجارب. وهذا الأمر قانوني تماماً في الولايات المتحدة، حتى لو لم يتم إجراء أي تجربة على البشر”.

إن الأبحاث المتوفرة لبعض المكمّلات التجميلية قد تمّ تمويلها بشكل كبير من الشركات الصناعية، على الرغم من أن ذلك لا يعني بأنه يجب رفضها تلقائياً. تقول فاريس – التي عملت كاستشارية لشركات التجميل التي تقوم بتصنيع الفيتامينات: “إن قيام إحدى الشركات بإجراء دراسة لا يعني بأنها دراسة غير صالحة. إذ يتم إجراء العديد من الدراسات في مختبرات الأبحاث [من قبل علماء مستقلين] ولكن بتمويل الشركات”.

توجد أعداد لا حصر لها من هذه الدراسات، وقد أسفر الكثير منها عن نتائج ساعدت في استخلاص وجود روابط بين المكمّلات وتحسين البشرة أو الأظافر أو الشعر. أحد الأمثلة الجيدة على ذلك هو فيفيسكال (Viviscal) – وهو أحد مكمّلات نمو الشعر والذي يدعمه المشاهير والأبحاث. حيث تمت دراسة أخذ هذا البروتين البحري عن طريق الفم على نطاق واسع في دراسات عشوائية مزدوجة التعمية، والتي أظهرت بأنه يعزز نمو الشعر.

كما تدعم الأبحاث بعض المكونات مثل فيتامين ج (C) وإي (E). فقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2016 بأن النساء اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 40 و70 عاماً ممن يأخذن المكمّلات التي تحتوي على مزيج خاص من مضادات الأكسدة – بما فيها فيتامين ج(C) والزنك – قد تحسّن لديهنّ إشراق البشرة وقلّت الهالات السوداء والبقع والاحمرار.

كما أن الكولاجين المتحلّل – أي أجزاء متفككة من الكولاجين والتي تجعله أكثر توافراً من الناحية الحيوية، وبالتالي أسهل امتصاصاً من قبل الجسم – يبدو بأنه مثبت علمياً. ويستخدم الكولاجين عادةً في المكمّلات التجميلية لأنه البروتين الموجود في الجسم والذي يساعد البشرة على الاحتفاظ بمرونتها ولونها. ويبدو أن شعبيته تتزايد. فوفقاً لشركة أبحاث الأسواق نيوتريشن بيزنس جورنال (Nutrition Business Journal)، فإن المستهلكين الأميركيين سيقومون بإنفاق حوالي 122 مليون دولار على منتجات الكولاجين هذا العام، بزيادة قدرها 30 بالمئة عن العام الماضي.

وقامت إحدى الدراسات السريرية التي أجريت في عام 2014 بدراسة مكمّلات الكولاجين المتحلّل عند 114 امرأة ووجدت بأنه قلّل من عدد التجاعيد التي كانت موجودة عند النساء. وأظهرت دراسة واحدة على الأقل في عام 2017 أيضاً بأن ببتيدات الكولاجين – وهي مرادف للكولاجين المتحلّل – تعدّ مفيدة في حالات هشاشة الأظافر. ولكن الدراسة اشتملت على 25 مشاركاً فقط، مما يجعل من الصعب التوصل إلى استنتاجات شاملة حول هذا الارتباط.

ووفقاً لما ذكره كوهين، فإن هذه هي المشكلة الرئيسية في الدراسات المتعلقة بفيتامينات التجميل، فهي ليست كبيرة بما يكفي لتكون حاسمة. ويضيف: “نرى دراسات صغيرة في كثير من الأحيان، وعندما تجري محاولة لإعادة إنتاجها، فلا يتم الحصول على نفس النتيجة”.

ولكن على الرغم من الفوائد الإيجابية التي أظهرتها بعض هذه الدراسات الصغيرة، فإن الأمر الأهمّ هو أن مكمّلات التجميل ككل ليست فعّالة بشكل شامل للجميع، كما يقول كوهين. وذلك لأن نقص الفيتامينات يمكن أن يؤثر بالفعل على مستوى البشرة والشعر والأظافر، ولكن معظم الناس لا يعانون من هذا النقص.

“قد يفكّر أحد المستهلكين بأنه ربما يفتقد فيتاميناً يمكنه تحسين شعره، لكن ذلك غير محتمل إلا إذا كنت يتبّع نظاماً غذائياً صارماً، كأن يكون شخصاً مدمناً بكثرة على الكحول لدرجة أنه لا يتناول أي شيء غير الكحول.”

وتقول فاريس بأن نقص فيتامين د (D) يمكن أن يجعل شعرك يتساقط وبشرتك جافة وغير متماسكة. لذا يجب على أطباء الجلد الذين يقومون بتقييم فيما إذا كان المريض سيستفيد فعلاً من المكمّل الغذائي أن يفحصوا أولاً مستويات فيتامين د (D) عند الشخص، وأن يتحققوا كذلك من وجود أسباب أخرى لفقدان الشعر مثل فقر الدم وأمراض الغدة الدرقية ونقص الحديد.

البيوتين – أحد فيتامينات ب (B) – هو أيضاً من المكمّلات التي تحظى بشعبية كبيرة بين النساء اللواتي يسعين للحصول على شعر وأظافر أكثر صحة، ولكن الأبحاث تظهر بأنه غير مفيد أبداً إلا إذا كان الشخص يعاني من نقص حقيقي في الفيتامين. وفي دراسة نُشرت عام 2018 في مجلة الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية، خلُص الباحثون إلى أن “هناك بيانات محدودة حول أخذ البيوتين كمكمّل لعلاج الأمراض الجلدية، وخاصة عند المرضى الذين تكون لديهم مستويات البيوتين طبيعية”.

لا تحتوي الكثير من المكمّلات على أي دليل علني على الإطلاق، وبدلاً من ذلك تقدّم ادّعاءات غامضة. فعلى سبيل المثال، إن العلكة التي تسمّى شوجر بير هير (Sugar Bear Hair) وتروّج لها عائلة كارداشيان على إنستغرام، تطلب من العملاء أن “يمضغوا ويبتعلوا 2 من العلكة يومياً للحصول على جميع العناصر الغذائية اللازمة للحصول على شعر بالشكل الذي يطمحون إليه!”

وتقول باربرا شنيمان – عالمة التغذية في جامعة كاليفورنيا في ديفيس – بأن هذا النوع من الادّعاءات يطلق عليه اسم ادّعاءات التركيب والوظيفة، والتي لا تمرّ من خلال إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وهي الوكالة التنظيمية التي تشرف على المكمّلات.

وتقول شنيمان – والتي عملت أيضاً كمديرة لمكتب التغذية والتصنيف والمكمّلات الغذائية في مركز سلامة الأغذية والتغذية التطبيقية في إدارة الغذاء والدواء لمدة ثماني سنوات: “لا توافق إدارة الغذاء والدواء على هذه الادّعاءات، ولا يطلب منهم سوى إخطارها بالادّعاء”.

وتضيف: “إن إدارة الغذاء والدواء تحاول بشكل أساسي ضمان عدم تقديم [الشركات المصنعة] لأي ادّعاء دوائي”. ويعتبر الادّعاء دوائياً عندما يؤكد بأن المكمّلات يمكنها أن تعالج الأمراض. وعلى العموم، تقوم فيتامينات التجميل الموجودة في الأسواق بتجاوز ذلك من خلال الادّعاء بأن بعض الحبوب مثلاً “تدعم الأظافر الأقوى والأطول”، كما تقول شركة هَم نيوتريشن على موقعها على الإنترنت.

ويُذكر أن المكمّل التجميلي الذي أطلق مؤخراً تحت اسم هالو بيوتي (Halo Beauty) – أعدّته تاتي ويستبروك الشهيرة على يوتيوب والتي لديها 4 ملايين مشترك – يقدّم ادّعاءاً أكثر تحديداً. إذ يقول المنتج التجاري بأن المكوِّن “المثبت سريرياً” والمعروف باسم سيرامايد آر إكس (Ceramide-RX) يساعد على “استعادة وإعادة بناء طبقة الجلد الخارجية، مما يزيد من قدرة البشرة على الاحتفاظ بالرطوبة مع تحسين نعومة البشرة خلال أقل من 3 أسابيع”.

ولكن هالو بيوتي تقدّم معلومات قليلة جداً عن سيرامايد آر إكس للمستهلكين، ولا يبدوا أيضاً بأن نتائج هذا البحث متاحة للجمهور. ولم تستجب شركات هالو بيوتي وهَم نيوتريشن وفيفيسكال لطلبات إجراء مقابلات صحفية.

لا ينبغي الاستخفاف بهذه الاحتياطات، فليست كل المكمّلات حميدة، وبعضها لديها القدرة على أن تكون خطرة. ففي دراسة نُشرت في عام 2010 في مجلة جاما (JAMA)، تعرّضت النساء اللواتي تناولن أحد المكمّلات الغذائية الذي يحتوي على السلينيوم لفقدان الشعر وتغير لون الأظافر وهشاشتها، وحتى الإعياء والتقيؤ، ولكن لم تلاحظ أي من المريضات بأن أعراضهنّ كانت بسبب الحبوب. وفي الواقع، ضاعفت بعض المريضات جرعتهنّ استجابة للمشاكل الجديدة في الجهاز الهضمي.

ويقول كوهين بأن هذا يؤكد على أن متطلبات إدارة الغذاء والدواء من الشركات المصنّعة سهلة للغاية عن طريق وضع معايير منخفضة جداً. وفي أثناء ذلك، سيعتقد المستهلكون الحائرون بأن المنتج فعّال بالنسبة لهم بينما لا يوجد أي دليل على ذلك.

وتقول فاريس بأن أفضل طريق أمام المستهلكين هو عدم الاستسلام إلى الدعايات والإعلانات وشراء كميات كبيرة من الفيتامينات. وإذا كنت تعاني من حالة جلدية خاصة ترغب في علاجها، فلا تتناول أحد فيتامينات التجميل الشائعة بعد أن تراه على إنستغرام. بل قم بمراجعة طبيب الأمراض الجلدية الذي يمكنه أن يقيّم فيما إذا كنت تعاني بالفعل من نقص الفيتامين (أو ربما من سبب آخر لهذه المشكلة) ويمكنه أن يرشدك نحو اختيار المكمّلات التي يدعمها العلم.