تمكنا أخيراً من معرفة مقدار سطوع الكون

ثقب أسود يطلق أشعة جاما إلى الكون.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تصدر الأرض توهجاً ضعيفاً ناتجاً عن النشاط البشري. ولا يمكن بطبيعة الحال أن نميز بين منزل وآخر، أو حتى بين مدينة وأخرى، ولكن عن طريق تتبع إجمالي الفوتونات التي تصدرها مصابيحنا وأضواء شوارعنا عبر الزمن، يمكن أن نشعر على نحو تقريبي بصعود الحضارة التكنولوجية، بل قد نشعر بالفرق إذا بدأت كل الأضواء بالانطفاء.

ينطبق نفس المبدأ على الكون بشكل عام.

تعتبر النجوم بمثابة مصابيح كونية، وبعد أن يتوقف شيء من أشعتها بسبب حجب ذرات الغبار له، فإن بعضها الآخر يمر بسلام. وعلى الرغم من سمعة البرودة والظلمة التي يتمتع بها الفضاء، فإن هذه الجسيمات الضوئية الهاربة تنتج مجتمعةً توهجاً منتشراً في كل مكان. ويمكن لهذا التوهج أن يخبرك بما يحوي الكون من دون أن تتكلف عناء عد النجوم والمجرات بشكل إفرادي. وبالاستعانة بأدوات من فيزياء الجسيمات، قام فريق دولي من الفيزيائيين الفلكيين بإجراء أدق مسح وقياس لهذا الضوء حتى الآن، أي الإشعاع الإجمالي لكل نجوم الكون.

قام العلماء بنشر نتائجهم في مجلة Science، وهي تحكي قصة ملحمية تغطي معظم تاريخ الكون، بل تحاول أن تخترق الستار الذي يغطي أول مليار سنة من عمر الكون، وهي حقبة ما زالت خفية حتى الآن بالنسبة للفلكيين التقليديين. يقول ماركو أهيلو، وهو فيزيائي فلكي في جامعة كليمسون، وقائد الفريق: “لم أكن لأصدق أنه يمكن إجراء قياس من هذا النوع على الإطلاق”.

للعثور على ضوء الخلفية خارج المجرات، كما يسميه الأخصائيون، لا يمكنك أن توجه تلسكوبك إلى مكان ما في السماء وتبدأ بعد الفوتونات وحسب، فلا توجد وسيلة لتمييز ضوء الشمس المحلي من الأشعة الآتية من خارج المجرة. وبدلاً من هذا، قرر الفريق أن يستفيد من مئات من الحوادث الكونية.

تقع الثقوب السوداء الضخمة في مركز معظم المجرات، ويطلق بعض من أضخمها دفقات عنيفة بشكل لا يصدق من أشعة جاما نحو الفضاء، أي أن منطقة أصغر من نظامنا الشمسي تطلق من الطاقة ما يعادل مجرة كاملة. وعندما تشاء الصدفة أن تكون هذه الدفقات موجهة نحو الأرض مباشرة، يطلق الفلكيون على مصادرها اسم النجوم الزائفة المتوهجة. وهي من أشد مسرعات الجسيمات الطبيعية قوة، كما أن التلسكوب الفضائي فيرمي التابع لناسا من أفضل كواشف أشعة جاما.

يقول ألبرتو دومينجيز، وهو فلكي في جامعة كومبلوتينس في مدريد بإسبانيا، ومؤلف مشارك في الدراسة: “بفضل فيرمي وعملنا، تمكنا من جمع حقلين مختلفين، هما فيزياء الطاقات العالية والفلك التقليدي”.

قام الفريق بتحليل بيانات من فيرمي تمتد على مدى تسع سنوات، وتتضمن الضوء من أكثر من 700 نجم زائف متوهج، ودفقة واحدة من أشعة جاما، ووجدوا أن الأشعة تضعف أثناء انتشارها في الفضاء واختراقها للضوء الخلفي الذي يملأ الكون مثل ضوء سيارة يخترق الضباب. فكلما كان الضباب أكثر كثافة، كانت الأضواء أقل توهجاً، وبالتالي يمكن كشف سطوع ضوء الخلفية الذي يتسبب بالتداخل عن طريق مقارنة النجوم الزائفة المتوهجة القريبة والبعيدة. وبما أن أشعة جاما استغرقت مليارات السنوات للوصول إلى هنا، فقد تمكن للفريق أيضاً من رؤية ضوء الخلفية كما كان في الماضي. يقول دومينجيز: “لقد عدنا كثيراً إلى الخلف، وهو من أهم إنجازاتنا. لقد تمكنا من تغطية ما يقارب 90% من تاريخ الكون”.

ليس من المفاجئ أن المجرات قذفت بكمية لا بأس بها من الفوتونات نحو الفضاء عبر الدهور، ولكن هذا الضوء لا يشع بشكل قوي. فإذا تمكنت من إطفاء كل الأضواء على الأرض وجميع نجوم درب التبانة، فلن تصبح السماء مظلمة بشكل مطلق، بل ستتوهج بسطوع يكافئ مصباحاً كهربائياً باستطاعة 60 واط على بعد 4 كيلومتر، وفقاً لأهيلو. ويعبر هذا الخفوت عن تناقض تقليدي في علم الكونيات، أي عدم سطوع سماء الليل بشدة طوال الوقت على الرغم من وجود كل هذه النجوم في الفضاء. يكمن جزء من التفسير، وفقاً لعلماء الكونيات المعاصرين –والأديب إدغار ألان بو، الذي حل اللغز نوعاً ما في أحد أعماله- في أن التوسع الانفجاري للكون أدى إلى تخفيف أثر الضوء نتيجة انتشاره عبر الفضاء.

وهكذا، تجاهد المجرات لإنارة هذه الظلمة المتوسعة، وقد قام الضوء الخافت الناتج بتتبع نشاط الكون عبر العصور. ويتوقع دومينجيز أن القياس الجديد سيلقي “الضوء” على العديد من الألغاز المتعلقة بالأصل الغامض للكون ومستقبله المتوسع، ولكن الفريق قرر أن يركز أولاً على الجدل المتعلق بالسنوات الواقعة بين هذين الطرفين، والبالغ عددها 13 مليار سنة تقريباً: هل فاتتنا أية شخصيات هامة من قصة نشأة المجرات والنجوم؟

نظرت الدراسات السابقة لتشكل النجوم عميقاً في الفضاء، وقامت بقياس الضوء فوق البنفسجي من النجوم الضخمة التي تعيش بسرعة وتموت يافعة، ولكن لم يكن أحد قادراً على الجزم بأن عمليات المسح هذه لم تكن تفوت المجرات التي كانت أكثر خفوتاً من أن نراها. غير أن الضباب الكوني يمثل الضوء من جميع المجرات مهما كانت صغيرة، ويؤمن الجدول الزمني الذي أعاد الفريق بناءه دليلاً جديداً يدعم النظرية المقبولة عموماً. فقد تشكلت النجوم ببطء في البداية، ومن ثم تسارع تشكيلها إلى أن وصل إلى الذروة بعد حوالي ثلاثة إلى أربعة مليارات سنة بعد الانفجار الكبير، ومن ثم أخذ بالتباطؤ بعد أن تناقصت المواد الأولية اللازمة لتشكيل النجوم، وتباعدت المجرات عن بعضها. حالياً، تلد مجرة درب التبانة حوالي 7 نجوم جديدة سنوياً، أي أن المجرات المماثلة كانت تنتج في بدايات الكون 70 أو 80. يقول أهيلو: “لقد كان كوننا يتلألأ بالأضواء مثل شجرة عيد الميلاد”.

لا تأخذ النتيجة الجديدة بعين الاعتبار الضوء الذي اصطدم بجزيئات الغبار وأعيد إصداره على شكل حرارة في المجال تحت الأحمر، والذي يمثل حوالي نصف الطاقة في ضوء الخلفية، ولكن دومينجيز يقول أنهم أخذوا هذه المسألة بعين الاعتبار في إعادة بنائهم لطريقة تشكل النجوم.

ليس فريق أهيلو الوحيد الذي قام بسبر الضباب الكوني بين المجرات. حيث يعتمد عملهم على عقود كاملة من التقديرات النظرية، ومحاولات عملية لالتقاط الفوتونات بشكل مباشر سواء من الأرض أو الفضاء. ولكن بوجود ضوء الشمس الذي كان يرتد عن دقائق الغبار المحلية والذي يفوق ضوء الخلفية شدة بمائة مرة، أصبح الأمر أشبه بمحاولة اصطياد يراعة في وضح الظهيرة. يقول جويل بريماك، وهو عالم كونيات في جامعة سانتا كروز، ولم يكن عضواً في فريق أهيلو، ولكنه لعب دوراً هاماً في تطوير النظرية التي يعتمد عليها القياس: “يجب أن تخرج من المجرة، ولكن كيف؟ الجواب هو أشعة جاما”.

لم يكن بالإمكان قياس الضباب عن طرق تداخله مع أشعة جاما إلا عن طريق تحقيق فهم أفضل للنجوم الزائفة المتوهجة في السنوات الأخيرة. فقد برهن دومينجيز وأهيلو والكثير غيرهم صحة الفكرة باستخدام بيانات فيرمي في 2012، غير أن العمل الجديد يعتمد على مجال أوسع من المصادر، وبرمجيات محدثة تسمح بدفع عملية الفحص من أربع مليارات سنة بعد الانفجار الكبير إلى الهدف النهائي: أول مليار سنة. يقول أهيلو: “نحن دائماً نرغب بالنظر حيث لا نستطيع”.

ما تزال هذه الحقبة خفية عن أعين الفلكيين المعاصرين بسبب وجود سديم كثيف من ذرات الهيدروجين التي تمنع الضوء من الانتشار، وما زال علماء الكونيات يتساءلون عن مصدر الضوء فوق البنفسجي الذي أعاد صفاء الكون، مثل المجرات المبيئة بالنجوم أو نفثات الثقوب السوداء على سبيل المثال. لا يستطيع فيرمي التقاط النجوم الزائفة المتوهجة البعيدة بشكل واضح يما يكفي لحسم الجدل نهائياً، ولكن قياس الفريق لضوء الخلفية يرجح حتى الآن أن المجرات هي مصدر ذلك الضوء فوق البنفسجي.

يأمل أهيلو أن التقاط دفقات أشعة جاما الأكثر بعداً –والأسرع زوالاً- قد يساعدنا على التوغل أكثر في تلك الفترة المبكرة، ويقول: “يجب أن تكون سريعاً للغاية وتقوم بتوجيه تلسكوب ضوئي كبير إليها أثناء سطوعها. وهو أمر رائع”.

تصدر الأرض توهجاً ضعيفاً ناتجاً عن النشاط البشري. ولا يمكن بطبيعة الحال أن نميز بين منزل وآخر، أو حتى بين مدينة وأخرى، ولكن عن طريق تتبع إجمالي الفوتونات التي تصدرها مصابيحنا وأضواء شوارعنا عبر الزمن، يمكن أن نشعر على نحو تقريبي بصعود الحضارة التكنولوجية، بل قد نشعر بالفرق إذا بدأت كل الأضواء بالانطفاء.

ينطبق نفس المبدأ على الكون بشكل عام. حيث تعتبر النجوم بمثابة مصابيح كونية، وبعد أن يتوقف شيء من أشعتها بسبب حجب ذرات الغبار له، فإن بعضها الآخر يمر بسلام. وعلى الرغم من سمعة البرودة والظلمة التي يتمتع بها الفضاء، فإن هذه الجسيمات الضوئية الهاربة تنتج مجتمعةً توهجاً منتشراً في كل مكان. ويمكن لهذا التوهج أن يخبرك بما يحوي الكون من دون أن تتكلف عناء عد النجوم والمجرات بشكل إفرادي. وبالاستعانة بأدوات من فيزياء الجسيمات، قام فريق دولي من الفيزيائيين الفلكيين بإجراء أدق مسح وقياس لهذا الضوء حتى الآن، أي الإشعاع الإجمالي لكل نجوم الكون.

قام العلماء بنشر نتائجهم في مجلة Science، وهي تحكي قصة ملحمية تغطي معظم تاريخ الكون، بل تحاول أن تخترق الستار الذي يغطي أول مليار سنة من عمر الكون، وهي حقبة ما زالت خفية حتى الآن بالنسبة للفلكيين التقليديين. يقول ماركو أهيلو، وهو فيزيائي فلكي في جامعة كليمسون، وقائد الفريق: “لم أكن لأصدق أنه يمكن إجراء قياس من هذا النوع على الإطلاق”.

للعثور على ضوء الخلفية خارج المجرات، كما يسميه الأخصائيون، لا يمكنك أن توجه تلسكوبك إلى مكان ما في السماء وتبدأ بعد الفوتونات وحسب، فلا توجد وسيلة لتمييز ضوء الشمس المحلي من الأشعة الآتية من خارج المجرة. وبدلاً من هذا، قرر الفريق أن يستفيد من مئات من الحوادث الكونية.

تقع الثقوب السوداء الضخمة في مركز معظم المجرات، ويطلق بعض من أضخمها دفقات عنيفة بشكل لا يصدق من أشعة جاما نحو الفضاء، أي أن منطقة أصغر من نظامنا الشمسي تطلق من الطاقة ما يعادل مجرة كاملة. وعندما تشاء الصدفة أن تكون هذه الدفقات موجهة نحو الأرض مباشرة، يطلق الفلكيون على مصادرها اسم النجوم الزائفة المتوهجة. وهي من أشد مسرعات الجسيمات الطبيعية قوة، كما أن التلسكوب الفضائي فيرمي التابع لناسا من أفضل كواشف أشعة جاما.

يقول ألبرتو دومينجيز، وهو فلكي في جامعة كومبلوتينس في مدريد بإسبانيا، ومؤلف مشارك في الدراسة: “بفضل فيرمي وعملنا، تمكنا من جمع حقلين مختلفين، هما فيزياء الطاقات العالية والفلك التقليدي”.

قام الفريق بتحليل بيانات من فيرمي تمتد على مدى تسع سنوات، وتتضمن الضوء من أكثر من 700 نجم زائف متوهج، ودفقة واحدة من أشعة جاما، ووجدوا أن الأشعة تضعف أثناء انتشارها في الفضاء واختراقها للضوء الخلفي الذي يملأ الكون مثل ضوء سيارة يخترق الضباب. فكلما كان الضباب أكثر كثافة، كانت الأضواء أقل توهجاً، وبالتالي يمكن كشف سطوع ضوء الخلفية الذي يتسبب بالتداخل عن طريق مقارنة النجوم الزائفة المتوهجة القريبة والبعيدة. وبما أن أشعة جاما استغرقت مليارات السنوات للوصول إلى هنا، فقد تمكن للفريق أيضاً من رؤية ضوء الخلفية كما كان في الماضي. يقول دومينجيز: “لقد عدنا كثيراً إلى الخلف، وهو من أهم إنجازاتنا. لقد تمكنا من تغطية ما يقارب 90% من تاريخ الكون”.

ليس من المفاجئ أن المجرات قذفت بكمية لا بأس بها من الفوتونات نحو الفضاء عبر الدهور، ولكن هذا الضوء لا يشع بشكل قوي. فإذا تمكنت من إطفاء كل الأضواء على الأرض وجميع نجوم درب التبانة، فلن تصبح السماء مظلمة بشكل مطلق، بل ستتوهج بسطوع يكافئ مصباحاً كهربائياً باستطاعة 60 واط على بعد 4 كيلومتر، وفقاً لأهيلو. ويعبر هذا الخفوت عن تناقض تقليدي في علم الكونيات، أي عدم سطوع سماء الليل بشدة طوال الوقت على الرغم من وجود كل هذه النجوم في الفضاء. يكمن جزء من التفسير، وفقاً لعلماء الكونيات المعاصرين –والأديب إدغار ألان بو، الذي حل اللغز نوعاً ما في أحد أعماله- في أن التوسع الانفجاري للكون أدى إلى تخفيف أثر الضوء نتيجة انتشاره عبر الفضاء.

وهكذا، تجاهد المجرات لإنارة هذه الظلمة المتوسعة، وقد قام الضوء الخافت الناتج بتتبع نشاط الكون عبر العصور. ويتوقع دومينجيز أن القياس الجديد سيلقي “الضوء” على العديد من الألغاز المتعلقة بالأصل الغامض للكون ومستقبله المتوسع، ولكن الفريق قرر أن يركز أولاً على الجدل المتعلق بالسنوات الواقعة بين هذين الطرفين، والبالغ عددها 13 مليار سنة تقريباً: هل فاتتنا أية شخصيات هامة من قصة نشأة المجرات والنجوم؟

نظرت الدراسات السابقة لتشكل النجوم عميقاً في الفضاء، وقامت بقياس الضوء فوق البنفسجي من النجوم الضخمة التي تعيش بسرعة وتموت يافعة، ولكن لم يكن أحد قادراً على الجزم بأن عمليات المسح هذه لم تكن تفوت المجرات التي كانت أكثر خفوتاً من أن نراها. غير أن الضباب الكوني يمثل الضوء من جميع المجرات مهما كانت صغيرة، ويؤمن الجدول الزمني الذي أعاد الفريق بناءه دليلاً جديداً يدعم النظرية المقبولة عموماً. فقد تشكلت النجوم ببطء في البداية، ومن ثم تسارع تشكيلها إلى أن وصل إلى الذروة بعد حوالي ثلاثة إلى أربعة مليارات سنة بعد الانفجار الكبير، ومن ثم أخذ بالتباطؤ بعد أن تناقصت المواد الأولية اللازمة لتشكيل النجوم، وتباعدت المجرات عن بعضها. حالياً، تلد مجرة درب التبانة حوالي 7 نجوم جديدة سنوياً، أي أن المجرات المماثلة كانت تنتج في بدايات الكون 70 أو 80. يقول أهيلو: “لقد كان كوننا يتلألأ بالأضواء مثل شجرة عيد الميلاد”.

لا تأخذ النتيجة الجديدة بعين الاعتبار الضوء الذي اصطدم بجزيئات الغبار وأعيد إصداره على شكل حرارة في المجال تحت الأحمر، والذي يمثل حوالي نصف الطاقة في ضوء الخلفية، ولكن دومينجيز يقول أنهم أخذوا هذه المسألة بعين الاعتبار في إعادة بنائهم لطريقة تشكل النجوم.

ليس فريق أهيلو الوحيد الذي قام بسبر الضباب الكوني بين المجرات. حيث يعتمد عملهم على عقود كاملة من التقديرات النظرية، ومحاولات عملية لالتقاط الفوتونات بشكل مباشر سواء من الأرض أو الفضاء. ولكن بوجود ضوء الشمس الذي كان يرتد عن دقائق الغبار المحلية والذي يفوق ضوء الخلفية شدة بمائة مرة، أصبح الأمر أشبه بمحاولة اصطياد يراعة في وضح الظهيرة. يقول جويل بريماك، وهو عالم كونيات في جامعة سانتا كروز، ولم يكن عضواً في فريق أهيلو، ولكنه لعب دوراً هاماً في تطوير النظرية التي يعتمد عليها القياس: “يجب أن تخرج من المجرة، ولكن كيف؟ الجواب هو أشعة جاما”.

لم يكن بالإمكان قياس الضباب عن طرق تداخله مع أشعة جاما إلا عن طريق تحقيق فهم أفضل للنجوم الزائفة المتوهجة في السنوات الأخيرة. فقد برهن دومينجيز وأهيلو والكثير غيرهم صحة الفكرة باستخدام بيانات فيرمي في 2012، غير أن العمل الجديد يعتمد على مجال أوسع من المصادر، وبرمجيات محدثة تسمح بدفع عملية الفحص من أربع مليارات سنة بعد الانفجار الكبير إلى الهدف النهائي: أول مليار سنة. يقول أهيلو: “نحن دائماً نرغب بالنظر حيث لا نستطيع”.

ما تزال هذه الحقبة خفية عن أعين الفلكيين المعاصرين بسبب وجود سديم كثيف من ذرات الهيدروجين التي تمنع الضوء من الانتشار، وما زال علماء الكونيات يتساءلون عن مصدر الضوء فوق البنفسجي الذي أعاد صفاء الكون، مثل المجرات المبيئة بالنجوم أو نفثات الثقوب السوداء على سبيل المثال. لا يستطيع فيرمي التقاط النجوم الزائفة المتوهجة البعيدة بشكل واضح يما يكفي لحسم الجدل نهائياً، ولكن قياس الفريق لضوء الخلفية يرجح حتى الآن أن المجرات هي مصدر ذلك الضوء فوق البنفسجي.

يأمل أهيلو أن التقاط دفقات أشعة جاما الأكثر بعداً –والأسرع زوالاً- قد يساعدنا على التوغل أكثر في تلك الفترة المبكرة، ويقول: “يجب أن تكون سريعاً للغاية وتقوم بتوجيه تلسكوب ضوئي كبير إليها أثناء سطوعها. وهو أمر رائع”.