4 طرق سهلة لتحقيق أهم الفوائد الصحية من ممارسة التمارين الرياضية

الفوائد الصحية للتمارين الرياضية
حقوق الصورة: لونكس/ شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ربما تكون قرارات السنة الجديدة التي اتخذتها قد فشلت بالفعل بعد نحو شهر من بداية العام الجديد، ولكن لم يفت الأوان بعد على محاولة الاعتياد على النشاط البدني. ترتبط ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم مع عدد من الفوائد الصحية، من تقليل خطر الموت بسبب الأمراض القلبية والسرطان إلى تحسين المزاج بشكل عام.

لكن على عكس ما ستخبرك به الكثير من الحملات الإعلانية والشخصيات المؤثرة، لن تحتاج لاتباع نظام قاسٍ من التمارين الرياضية أو دفع مبالغ طائلة لقاء الاشتراك بصالات رياضية حتى تمارس التمارين الرياضية بطريقة تعزز صحتك.

تشير الدراسات إلى أن ممارسة التمارين معتدلة الشدة باستمرار، مثل المشي واليوغا البطيئة، هي في الواقع طريقة أكثر موثوقية لتحسين الصحة البدنية والعقلية مقارنة بممارسة التمارين القاسية بكثافة.

تقول “فيفيان هازارد”، باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في علم النفس في جامعة مينيسوتا: “نحن نعتبر أن التمارين مثل الجري وركوب الدراجات الهوائية مثالية للصحة لأنها أكثر شدّة”. لكن، حسب تعبير هازارد، إن أفضل التمرينات هي تلك التي تناسب روتينك اليومي، وأي شيء تستمتع بفعله. فيما يلي 4 طرق مدعومة بالأدلة تساعدك على إعداد نفسك لسنة جديدة أكثر نشاطاً، دون الحاجة إلى ممارسة تمارين قاسية لفترات طويلة.

اقرأ أيضاً: حافظ على لياقتك البدنية: النظام الغذائي لممارسة الرياضة في رمضان

وزّع التمرينات على أيام الأسبوع

توصي منظمة الصحة العالمية بأن يمارس البالغون الأصحاء ما بين 150 و 300 دقيقة من النشاط المعتدل الشدة كل أسبوع، أو ما بين 75 و 150 دقيقة من النشاط البدني القاسي. على سبيل المثال، سيكون ركوب الدراجة السريع لمدة 20 دقيقة كل يوم أو القيام بثلاث جولات مدة كل منها 25 دقيقة كل أسبوع كافياً لتحقيق أقصى قدر من الفوائد الصحية.

بالنسبة لأولئك الذين يعانون من ضيق الوقت، أو الذين لا يمارسون التمارين الرياضية بشكل منتظم، قد تبدو تلك التوصيات بأنها صعبة وغير قابلة للتطبيق على المدى البعيد. لكن ليس من الضروري ممارسة النشاط البدني لفترات زمنية طويلة ليكون مفيداً لك. تقول “لوريتا ديبيترو”، أستاذة علوم الرياضة والتغذية في جامعة جورج واشنطن، إن ممارسة التمارين لبضع دقائق في المرة الواحدة يعتبر كافياً. تقول ديبيترو: “أعتقد أن أحد أكبر العوائق أمام النشاط البدني هو أن الناس يعتقدون أنهم بحاجة إلى إكمال التمارين مرة واحدة”.

تقول ديبيترو إن البالغين الذين يقضون معظم اليوم جالسين يجب أن يمارسوا النشاط البدني المعتدل إلى الشديد لمدة دقيقتين ونصف مقابل كل ساعة من الخمول يومياً. توصي ديبيترو بضبط مؤقِّت طوال يوم العمل ليذكرك بأخذ قسط من الراحة مرة كل ساعة. عندما يرن المنبّه، عليك أن تقضي دقيقتين ونصف في ممارسة تمارين مثل القرفصاء أو القفز، والمشي السريع، والركض صعوداً ونزولاً على الدرج، أو القيام بنشاط ما يجعل قلبك يتسرّع بطريقة مماثلة. يمكنك حتى محاولة دمج هذا الأسلوب مع تقنية “بومودورو” (وهي طريقة إنتاجية تتضمن أخذ فترات راحة قصيرة كل نصف ساعة وفترات راحة طويلة كل ساعتين) لزيادة تركيزك في العمل مع الحفاظ على صحة جسمك. تشير بعض الدراسات إلى أن أخذ فترات راحة قصيرة من المهام يساعدك على البقاء يقظاً عقلياً.

في حين أن ممارسة التمارين لمدة دقيقتين في كل مرة قد لا يبدو كثيراً، فلا داعٍ أيضاً للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية إذا اتبعت هذا النهج. تشير الأدلة إلى أن الموازنة بين الخمول وفترات الراحة القصيرة النشطة هو بنفس فعالية ممارسة النشاط البدني لمدة 150 دقيقة في الأسبوع، وذلك عندما يتعلق الأمر بتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض والموت. هذه الاستراحات التي تمارس فيها تمرين القرفصاء لمدة دقيقتين لن تحوّلك إلى لاعب رفع الأثقال، لكن الأدلة تشير إلى أنها كافية لمنح جسمك جميع الفوائد الصحية للتمرين.

اقرأ أيضاً: ممارسة الرياضة في سنٍ متأخر تحسّن من الحالة الصحية

خصص أيام نهاية الأسبوع للنشاط البدني

تعتمد هذه المقاربة على البقاء في حالة من الخمول النسبي خلال الأسبوع، ولكن تخصيص وقت أطول لممارسة التمارين الرياضية كل بضعة أيام. تشير الأدلة العلمية إلى أن هذا النهج في التمرين ليس أفضل أو أسوأ من تنظيم النشاط البدني، من حيث متوسط العمر المتوقع وخطر الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب. طلب العلماء من 3,500 بالغاً أميركياً في إحدى الدراسات ارتداء أجهزة قياس التسارع، وهي أجهزة تستخدم لقياس كثافة ومدة النشاط البدني، لمدة أسبوع واحد. ثم تابعوا مع المجموعة بعد 6 سنوات ونصف. وجد الباحثون، والذين نشروا نتائجهم في دورية “الطب والعلم والرياضة والتمارين“، أن الأشخاص الذين كانوا نشيطين بشكل معتدل أو شديد لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعياً كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 60-69% خلال تلك الفترة الزمنية، ولكن لم يكن هناك فرق بين الذين اتبعوا مقاربة تأجيل التمارين إلى عطلة نهاية الأسبوع وأولئك الذين مارسوا التمارين بشكل أكثر انتظاماً.

لذلك، إذا كنت لا تفضّل ممارسة التمارين الرياضية في أيام الأسبوع، ولكنك تستمتع حقاً بممارسة النشاطات في عطلة نهاية الأسبوع، أو كانت جدولة جلستين مدة كل منهما 75 دقيقة مقارنة بالالتزام بـ 20 إلى 30 دقيقة من التمارين كل يوم أسهل بالنسبة لك، فهذا النهج قد يناسبك أكثر.

خذ بعين الاعتبار تخصيص كل يوم عطلة للقيام بنشاط ممتع، سواء كان ذلك نزهة، أو مباراة كرة قدم، أو استكشاف المدينة على دراجتك الهوائية. بعد ذلك، خفف معدّل نشاطك خلال أيام الأسبوع. لكن وفقاً لديبيترو، تأكد من عدم إرهاق نفسك خلال تلك الرحلات الرياضية. قد يكون الأشخاص الذين يتّبعون هذه النهج يتمتعون بصحة قلبية وعائية جيدة، ولكن نظمهم غير المتسقة نسبياً يمكن أن تجعلهم عرضة للإصابات الجسدية إذا زادوا شدّة النشاطات بسرعة كبيرة.

اقرأ أيضاً: أخيراً تمكنا من معرفة سبب كون ممارسة الرياضة مفيدة للقلب

حدد موعداً منتظماً

لجني المزيد من الفوائد من التمرين، حدد موعداً منتظماً للقيام بنشاط بدني ما مع صديق، سواء كان ذلك نزهة على الأقدام أو الركض أو ركوب الدراجة. إن وضع خطة يجعلك تشعر بالمسؤولية. عندما درس العلماء فريقاً جامعياً لرياضة التجديف، وجدوا أنه بعد التدريبات الجماعية، كان المجدفون أكثر تحملاً للألم مقارنةً بالوقت الذي أكملوا فيه تمارين مماثلة بمفردهم. يعتبر تحمل الألم مساهماً شائعاً في رفع مستويات الإندورفين، وافترض الباحثون أن النشاط المتزامن قد يعزز مشاعر المكافأة التي تترافق مع ممارسة التمرين، وقد يوفر أيضاً دفعة إضافية من التحفيز.

فقط تأكد من الاتفاق مع صديقك حول نوع الأنشطة التي تريدان القيام بها. يقول “بلير بورنيت”، باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في علم النفس في جامعة مينيسوتا: “إذا كنت تمارس التمارين بطريقة قاسية، ستختلف أهدافك عن أهداف شخص آخر لا يمارس التمارين الرياضية كثيراً أو يريد أن يبدأ في زيادة نشاطه البدني”. تأكد من أن تمارس النشاطات التي تناسب هدفك فقط، إن لم يكن ضمن نظام اللياقة البدنية الخاص بك بالكامل، فعلى الأقل ضمن الأنشطة التي تقومان بها معاً.

اقرأ أيضاً: ما سبب الألم الشديد في العضلات في اليوم التالي لممارسة الرياضة؟

لا تقسُ على نفسك

وفقاً لبورنيت، الحفاظ على لياقتك لا يعني بالضرورة أن تكون قاسياً على نفسك، إذ يقول: “وسِّع مفهومك عن ماهية التمرين”. إذا لم تكن تحب رياضة المشي لمسافات طويلة وممارسة اليوغا ورفع الأثقال، فيمكنك بدلاً من ذلك التخطيط لزراعة حديقة هذا الربيع، أو إنجاز بعض المهام الخارجية سيراً على الأقدام، أو الانتقال بين مكان العمل والمنزل على الدراجة الهوائية مرة واحدة في الأسبوع.

بغض النظر عن هدفك من التمرين، لا داعٍ لأن تؤنّب نفسك إذا لم تحققه في أسبوع معين. تقول ديبيترو إن القيام بأي تمرين أفضل من عدم القيام بشيء على الإطلاق. أظهر التحليل التلوي لـ 11 دراسة أن الأشخاص الذين مارسوا القليل من النشاط البدني، لكنهم لم يحققوا تماماً توصيات منظمة الصحة العالمية، تمتّعوا بانخفاض في معدلات الوفيات مقارنة بالأشخاص الذين كانوا لا يمارسون النشاط تماماً. في الواقع، الأشخاص الذين يمارسون الرياضة مرة واحدة في الأسبوع هم أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة كل يوم دون أخذ فترات راحة، وذلك وفقاً لدراسة أجريت عام 2015 ونُشرت في دورية “الدورة الدموية“. الحصول على قسط كافٍ من الراحة يمكن أن يكون بنفس أهمية الحصول على قدر كافٍ من النشاط.

ليست هناك حاجة لأن تتدرب مثل رياضيّ إذا كان هدفك هو تحسين صحتك. لا ضير بالقيام بتمارين “التدريب المتقطّع مرتفع الكثافة” و”كروس فت” بانتظام إذا كنت تستمتع حقاً بالتحدي، ولكن لا تجبر نفسك على المشاركة في الأنشطة عالية الكثافة بهدف تحسين صحتك. في النهاية، ليس الهدف من ممارسة ألعاب القوى تحسين الصحة، في الواقع، تُظهر الدراسات أن رياضيي القسم الأول في الرابطة الوطنية لرياضة الجامعات الأميركية يتمتعون بصحة أسوأ في وقت لاحق في الحياة من غير الرياضيين.

السر هو التوقف عن القلق بشأن نوع النشاط البدني الذي تعتقد أنه يجب عليك القيام به، والتركيز على نوع النشاط الذي يمكنك فعله، والنوع الذي يجعلك تشعر بشكل أفضل جسدياً وعقلياً. قد يكون هذا بمثابة نقطة انطلاق لزيادة كثافة التمارين في المستقبل، ولكنه قد يكون أيضاً مجرد عادة يومية تجعلك بصحة جيدة وسعيداً لسنوات قادمة.

تقول ديبيترو: “الخرافة هي أن التمارين يجب أن تكون كثيفة حتى تكون فعالة. هذا ليس صحيحاً”، وتضيف: “فكر في ممارسة الرياضة مثل ملء كوب من الماء. أنت فقط تملؤه حتى يمتلئ”.