ما الذي يخبرنا به الدماغ الهلامي عن مستقبل التفاعل بين الإنسان والآلة

يصبح هذا الدماغ المصنوع من الهلام (الجيلي) حساساً للمس بفضل التصوير المقطعي بالحقل الكهربائي. جامعة كارينغي ميلون
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قام يانغ تشانغ، وهو طالب دكتوراه في العلوم الحاسوبية في جامعة كارنيغي ميلون يبلغ من العمر 26 عاماً، بابتكار نموذج للدماغ البشري الحساس للمس من الهلام الأحمر والحليب باستخدام قالب اشتراه من موقع إي باي eBay. لماذا فعل ذلك؟ تتلخص الإجابة بأن تشانغ هو الباحث الرئيسي الذي ابتدع فكرة ابتكار تكنولوجيا بسيطة وغير مكلفة بحيث تسمح للأشياء العادية – أشياء مثل المكاتب، أشكال المعجون (الصلصال)، أو كما بدأنا حديثنا، دماغ مصنوع من مادة هلامية (جيلاتين) منكهة بالفواكه – بأن تغدو حساسة للمس.

يسمح هذا الابتكار بوجود اتصال بين الأشياء “البكماء” والإلكترونيات، ما يعني أنه يمكنك استغلال بقعة معينة من مكتبك، على سبيل المثال، بحيث يتم تشغيل تطبيق على حاسوبك. تمثل شاشة اللمس في هاتفك الذكي خياراً مثالياً لذلك النوع الدقيق من المدخلات الذي تتطلبه كتابة رسالة أو بريد إلكتروني بالنقر على الأزرار الافتراضية. ولكن الفكرة الكامنة وراء هذه التكنولوجيا، والتي يلقبها الباحثون باسم إلكتريك Electrick، هي أنها لا تتطلب الكثير من الدقة: يقول تشانغ إن نظامهم دقيق، حيث تصل دقته وسطياً إلى ما دون السنتيمتر. هذا جيد للقيام بشيء مثل لمس حائط في منزلك في البقعة الصحيحة لتشغيل الضوء، على سبيل المثال.

تتطلب تكنولوجيا إلكتريك توفر بضعة أشياء لكي تعمل بشكل صحيح، ومن بين هذه الأشياء نذكر وجود سطح ناقل للكهرباء بعض الشيء، وأقطاب لإنشاء حقل كهربائي واستشعاره. ولكن الباحثين قادرون على إنشاء سطوح غير ناقلة – مثل عجلات القيادة – متوافقة مع هذه التكنولوجيا من خلال رشها بطلاء كربوني ناقل (المتوفر للشراء عبر موقع أمازون). الأهم من ذلك، هو أن إلكتريك تحتاج أيضاً إلى توفير مصدر للكهرباء، والذي يمكن تأمينه من خلال حاسوب محمول موصول، أو من خلال بطارية.

عندما يلمس أحد ما الغرض المقصود، يقول تشانغ: “سيتسبب بتوجيه جزء من التيار الكهربائي نحو الأرض”. ويضيف: “سيؤدي ذلك إلى تشوه الحقل الكهربائي، وعبر استشعار ذلك التشوه، يمكننا معرفة الموقع الذي قام به المستخدم باللمس”. تسمى هذه التكنولوجيا التصوير المقطعي بالحقل الكهربائي.

بالنسبة للشق البرمجي من هذه التكنولوجيا، استخدم تشانغ وفريقه مبدأ التعلم الآلي لمساعدة الحاسوب على معرفة العلاقة التي تربط الإشارة الكهربائية بالبقعة الفعلية التي يقوم المستخدم بلمسها على سطح الغرض المتصل. في فيديو قامت كارنيغي ميلون بإنتاجه عن إلكتريك، يظهر شخص يقوم بوكز الدماغ، ليظهر حاسوب محمول أن الجزء الذي تم لمسه من البنية الهلامية كان في الواقع الفص الجبهي.

أصبح الدماغ الهلامي حساساً للمس نتيجة وضعه على رأس أقطاب كهربائية، والذي أدى إلى توليد حقل كهربائي. يتمتع الهلام بحد ذاته بناقلية كهربائية كافية لعمل هذه التكنولوجيا، رغم أن تشانغ يشير إلى أنهم قاموا بإضافة الحليب إلى الهلام لجعل لونه أكثر قتامة، وليكون بالتالي مرئياً بشكل أكبر على الكاميرا.

إن تشانغ مهتم بجعل الكثير من الأشياء العادية حساسة للمس، وبالتالي سد الفجوة التي تفصل بين الناس والمعالم الرقمية. يقول تشانغ: “ينقصنا شيء ما، وهو التعامل مع الأشياء اليومية ذات الأسطح غير المنتظمة، ومن ثم الأسطح الكبيرة”.

لا يُعد استخدام الأشياء الشائعة في العالم كلمس الأسطح مفهوماً جديداً كلياً. حيث تخطط شركة الملابس ليفاي Levi لإصدار سترة هذا الخريف تتضمن نسيجاً يوفر آلية لإدخال الأوامر (وهي خيوط خاصة ناقلة تعود إلى مشروع غوغل جاكارد الداعم لهذه التكنولوجيا)، وستكلف حوالي 350 دولاراً أميركياً. حيث يستجيب كم السترة لإيماءات اللمس التي تقوم بها لتطلب من هاتفك الذكي أن ينفذ أشياء مثل، رفض مكالمة ما، أو تشغيل الموسيقى، والاتصال بهاتفك عبر البلوتوث. بقي أن نذكركم بأن هذه السترة تختلف عن الدماغ الهلامي، فهي ليست صالحة للأكل.