ما تود معرفته عن العلاج باستخدام بلازما النقاهة

العلاج بالبلازما, كورونا, علاج كورونا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما يزال العلماء يبذلون أقصى جهودهم للعثور على دواءٍ فعّال يمكن أن يخفف من وطأة أعراض الإصابة بفيروس كورونا، منذ أن عاودت حالات الإصابة بالارتفاع مرةً أخرى في مارس/ آذار الماضي. وعلى النقيض من البكتيريا التي يمكن القضاء عليها بالمضادات الحيوية وغيرها من العلاجات الأخرى المتنوعة، فلا يوجد الكثير من الأدوية التي يمكنها تحييد الفيروسات بشكلٍ عام.

وفي سياق البحث الدؤوب عن علاجاتٍ لفيروس كورونا، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأسبوع الماضي ترخيصاً طارئاً لعلاج الفيروس يُدعى «بلازما النقاهة». في الواقع، العلاج ليس جديداً، وقد اُستخدم سابقاً أثناء جائحة الأنفلونزا عام 1918. نعرض هنا كل ما تحتاج إلى معرفته حول هذا العلاج، وحول آلية عمله ومدى فعاليته.

ما هي بلازما النقاهة؟

عندما يتعرض الجسم لميكروبٍ معدٍ (مثل البكتيريا أو الفيروسات)، يقوم جهاز المناعة بتوليد أجسامٍ مضادة لها للقضاء عليها. تبقى تلك الأجسام المضادة في مجرى الدم لبعض الوقت (وذلك يختلف حسب الشخص والعدوى) حتى بعد التعافي، من أجل مساعدة الجسم على التصدي للعدوى المستقبلية إذا حدث وتعرض لنفس الميكروب. وهذا بالضبط ما يفعله جهاز المناعة لدى المصابين بفيروس كورونا.

تبقى الأجسام المضادة في بلازما الدم، وهي المادة السائلة الحاملة لخلايا الدم. يعتقد العلماء أن هذه الأجسام المضادة، والتي ساعدت المصاب بفيروس كورونا على التخلص من الفيروس سابقاً، يمكنها أن تساعد أيضاً المصابين الآخرين الذين يعانون من نقص هذه الأجسام. لذلك يعمد العلماء إلى استخلاص بلازما الدم من الأشخاص المتعافين، وعزل الأجسام المضادة، وحقنها في الأشخاص المصابين الذين يعانون من المرض حالياً.

تقوم هذه الفكرة على أنه إذا أعطيت الشخص المصاب بفيروس كورونا هذه الأجسام المضادة (بلازما النقاهة) في وقتٍ مبكر من إصابته، فقد تقوم بمكافحة الفيروس حتى قبل أن يبدأ الجهاز المناعي بإنتاج الأجسام المضادة خاصته. يمكن أن يساعد هذا الدعم الإضافي، إذا جاز التعبير، في مساعدة المصابين الذين يعانون من أعراضٍ شديدة نتيجة الإصابة بالفيروس.

ما هي الأمراض التي نجحت بلازما النقاهة في علاجها؟

اُستخدمت بلازما النقاهة منذ نحو قرن من الزمن للوقاية من مختلف الأمراض المعدية وعلاجها. فقد استخدمها الأطباء والباحثون في علاج فاشيات شلل الأطفال والأنفلونزا في الماضي. واستخدمت حديثاً في علاج داء الكلب والتهاب الكبد الوبائي، والحصبة والإيبولا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، وسارس. ينتمي فيروسي سارس وميرس إلى عائلة الفيروسات التاجية، ونظراً لأن بعض التقارير أظهرت قدراً ضئيلاً من نجاح بلازما النقاهة في علاجهما؛ قام الباحثون بتجربتها في علاج أعراض الإصابة بفيروس كورونا.

ما هي آلية عملها؟

كان هناك عددٌ من تقارير الحالة حول فعالية العلاج منذ بداية الجائحة. ولكن العديد من الدراسات لم تكن نموذجية أو تحتوي على عنصر تحكمٍ للمقارنة، فقد تلقى المرضى في معظم الأحيان عدداً من العلاجات الأخرى -مثل الستيرويدات ومضادات الفيروسات والأدوية الأخرى- بالإضافة إلى بلازما النقاهة. لذلك كان من الصعب معرفة مدى فعالية العلاج بالبلازما بحد ذاتها من خلال هذه التقارير.

في أغسطس/ آب، أصدرت «مايو كلينيك» نتائج دراسة أجرتها على بلازما النقاهة شملت أكثر من 35000 شخص. وجدت الدراسة انخفاضاً طفيفاً في معدل الوفيات بين من تلقوا هذا العلاج، خصوصاً أولئك الذين تلقوا العلاج في وقتٍ مبكر من تشخيصهم. وتحديداً، كانت نسبة الوفيات بين من تلقوا علاج البلازما في غضون الأيام الثلاثة الأولى من تشخيص الفيروس لديهم 8.7% وسطياً، بينما بلغت نسبة الوفيات بين من تلقوا العلاج في غضون 4 أيام أو أكثر من تشخيصهم 11.9%.

بالإضافة إلى ذلك، لم تخضع الدراسة لمراجعة الأقران، ولم تتضمن الدراسة الدواء الوهمي (البلاسيبو: مادة تُعطى للمريض بهدف علاجه، لكن ليس لها تأثير حقيقي في علاج المرض نفسه)، مما يعني أنه لا توجد مجموعة من الأشخاص المشخصين بفيروس كورونا تلقوا علاجاً آخر غير البلازما لمقارنة النتائج.

علاوة على ذلك، تلقى كل مريض في التجربة التي ضمت 35000 شخص شكلاً آخر من العلاج على الأقل، على سبيل المثال مضاد للفيروسات أو المضادات الحيوية أو الكورتيكوستيرويدات.

تُجرى حالياً عدد من الدراسات التي تبحث في مدى كفاءة عمل بلازما النقاهة في علاج كوفيد-19 في الولايات المتحدة، وتتضمن علاجاً وهمياً وشروطاً تجريبية أكثر صرامة، ولكن معظمها لم يتم الانتهاء منها ولم تصدر نتائجها بعد. نظراً للنتائج الإيجابية الضعيفة لتجربة مايو كلينك وتقارير الحالة الأخرى، حاول العلماء سابقاً، بمن فيهم «أنتوني فاوتشي» ورئيس معاهد الصحة الوطنية إقناع إدارة الغذاء والدواء الأميركية بتأجيل منح العلاج بالبلازما الموافقة الطارئة. في الواقع، يعتقد بعض الباحثين أن طريقة دراسة العلاج ببلازما النقاهة تُمثل -بشكلٍ ما- طريقة دراسات العلاجات الأخرى المطروحة لعلاج فيروس كورونا. حيث يقول «هارلان كرومهولز»، مدير مركز أبحاث وتقييم النتائج في مستشفى «ييل نيو هِفن» لدورية «ستات» بهذا الصدد: «يثير ذلك السؤال حول مدى قوة الأدلة العلمية المطلوبة لاعتماد علاجٍ ما للفيروس أثناء ذروة الجائحة».

ما مدى أمان بلازما النقاهة؟

يبدو أن بلازما النقاهة آمنة. فلم يتم الإبلاغ عن آثارٍ جانبية شديدة في الساعات الأربع الأولى بعد نقل البلازما للمرضى سوى نسبة أقل من 1% فقط بين الأشخاص الذين تلقوا العلاج، والذين بلغ عددهم أكثر من 72000 شخص على الأقل.

هل توجد علاجات مماثلة وأفضل؟

يعمل بعض العلماء وشركات الأدوية على تصميم أجسامٍ مضادة وحيدة النُسيلة، وهي نسخٍ مخبرية من الأجسام المضادة نفسها التي ينتجها نظام المناعة لدينا بشكلٍ طبيعي، والتي تستهدف فيروس كورونا على وجه التحديد، ومن ثم تُعطى وريدياً بطريقة مماثلة لطريقة إعطاء بلازما النقاهة حالياً. هناك بعض التجارب السريرية الجارية حالياً، لكن النتائج النهائية لم تصدر بعد.