هذه الأخطبوطات الجميلة يمكن التمييز بينها من خلال النتوءات على جسمها

كم نتوءاً لديك؟
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يتوارى في أعماق المحيط الكثير من المخلوقات الجميلة ذات المجسات المتعددة. ومع أن الحياة في قاع البحار شاقة، فإن الأخطبوطات من جنس جرانيليدون اعتادت على التغلب على الضغوط والموارد المحدودة. فهي تعيش في عمق أكثرمن 300 متر. ويحمل أفراد هذا الجنس الرقم القياسي في أطول فترة حضن للبيوض.

ولكن لكونها تعيش في أماكن لا يصل إليها البشر عادة، يصعب التمييز بين الأنواع ضمن الجنس الواحد. يعيش بعضها في المحيط الأطلسي، وبعضها الآخر في المحيط الهادي، ولكن تصنيفها علمياً بقي أمراً محيراً.

ولكن وفي دراسة نشرت في يونيو 2017 في مجلة أبحاث علم الأحياء البحرية ، أكد العلماء أن ما يميز بين أي نوعين من أنواع الأخطبوط هو تلك النتوءات الصغيرة على جلده.

قامت جانيت فويت المتخصصة في علم الحيوان، والتي تعمل في المتحف الميداني للتاريخ الطبيعي بدراسة هذا الأخطبوطات لأكثر من عشرين عاماً. وكانت من أوائل الذين رأوا أنواعاً حية من هذا الجنس خلال رحلة للغطس في المركبات المسيّرة عن بعد قبل عدة أعوام. ولم يكن هناك تصنيف علمي رسمي يحدد الاختلافات الموجودة بين أنواع هذا الجنس واسع الانتشار. ولذلك قررت أن تساهم هي في إيجاد هذا التصنيف.

وقد بحثت فويت وزميلتها جيسيكا كورث في 72 عينة تعود لنوعين من هذا الجنس: جرانيليدون فيروكوسا وجرانيليدون باسيفيكا. وحتى تتجنبا أن يتسرب الانحياز غير المقصود إلى مشاهداتهما أثناء العمل، قامتا  بتعريف العينات من خلال الأرقام الفهرسية فقط، وليس من خلال الموقع الذي جاءت منه هذه الأنواع. وقامتا بعدّ أرقام الممصّات على مجسات كل أخطبوط، وحددتا أين تتوقف وأين تعمل المضخات الجلدية الدقيقة التي تغلف أجزاء من جسم الأخطبوط. ثم قامتا بتدقيق معلومات العينات، ومطابقتها مع العينات التي قامتا من قبل بتسجيل الملاحظات التفصيلية الخاصة بها. وتوصلتا إلى أن الأخطبوط من نوع جرانيليدون باسيفيكا يملك نتوءات تتلاشى ببطء على طول جسمه، بينما الأخطبوط من نوع جرانيليدون فيروكوسا بقي مغطى بالنتوءات.

في الأعلى: الأخطبوط جرانيليدون باسيفيكا، وفي الأسفل: الأخطبوط جرانيليدون فيروكوسا
حقوق الصورة: الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي

إن عدّ النتوءات على العينات الميتة من رأسيات القدم يعتبر عنصراً حاسماً في فهم وتمييز هذه المخلوقات. تقول فويت: “إن التصنيف العلمي أساسي في فهم التنوع. هل هذا النوع جديد أم قديم؟ هل هو شيء كنا نعرفه من قبل؟ ولا يمكن أن نكتفي بالقول: اتركوا الأمر للخبراء”. وتشير إلى أنه لا يوجد خبراء بالنسبة للأنواع التي تعيش في أعماق البحر أو الأنواع غير المعروفة على نطاق واسع. وأن هناك بعض الأنواع التي لم يكن هناك أي خبراء للحديث عنها، بينما كان هناك أنواع ماتت وأخذت سر علومها معها.

وتتدفق المعلومات الجديدة عن هذه المخلوقات الغامضة كل سنة، حيث تنشر بعض البرامج كبرنامج مستكشف المحيط مقاطع الفيديو المأخوذة في أعماق البحار بالبث المباشر. وهذا ما اعتبرته فويت تغيراً في قواعد اللعبة.

تقول فويت: “يستطيع علماء الأحياء على اليابسة أن يروا ويسمعوا ويشموا رائحة البيئة التي تعيش فيها الحيوانات التي يدرسونها. وهم منغمسون فعلياً في المواطن التي يعيشون فيها. بينما عليّ أن أذهب إلى مرفأ صناعي وأبحر لأتمكن من مجرد لمح الحيوانات التي أدرسها. وقد يبدو البث المباشر من السفن منفصلاً عن موقع الحدث، ولكنه أفضل بكثير من أي شيء قمت به من قبل. يمكنني الآن أن أفهم القصة الكاملة للطريقة التي تعيش بها هذه الحيوانات”.

وتخطط فويت لإكمال عملها في تحديد التصنيف العلمي للمزيد من مخلوقات أعماق البحار، بما في ذلك دودة السفن ذات المصراعين، وأنواعاً من مناطق مختلفة، وكل ما يمكن أن يستجد في المستقبل.

تقول فويت: “الاستكشاف مهم جداً، لأنك لا تدري ما الذي يمكن أن يحدث”.