هل ستواجه هواوي كارثة مشابهة لهواتف نوكيا؟

نوكيا, تقنية, هواوي, هواتف ذكية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد أن وصلت هواوي إلى مرتبة عالية في سوق الهواتف الذكية حول العالم في زمن قياسي، وجدت نفسها في واحدة من أصعب الأزمات التي يمكن أن تواجهها أي شركة تقنية في العالم، بعد حظرها من استخدام نظام التشغيل الأكثر انتشاراً في العالم أندرويد. وها هي هواوي تكشف عن نظامها الجديد للتشغيل، والذي سيشمل كل هواتفها المطلقة حديثاً خلال الفترة القادمة.

تجربة نوكيا المأساوية

قبل الحديث عن مشكلة هواوي، يمكننا استعراض مشكلة واحدة من شركات الهواتف التي كانت رائدة في العالم. كانت تجربة نوكيا في سوق الهواتف المحمولة حول العالم في بدايتها مبشرة بالكثير من النجاحات التي حققتها الشركة، حتى ظهرت سامسونج بالهواتف الذكية لأول مرة، لتفتح باباً لم تكن نوكيا مستعدة له بما يكفي. وفي الـ 29 من إبريل/ نيسان عام 2009، خرج للنور أول هاتف من تصنيع «سامسونج» يعمل بنظام التشغيل «أندرويد»، وعرف بنسخة «أندرويد 1.5» أو «أندرويد Cup cake».

كانت هذه بداية التراجع الكبير لهواتف نوكيا، ودخول سامسونج إلى صدارة الهواتف، بتقنية جديدة وسعر ليس مبالغاً فيه. بمرور الوقت، ومع تطور سوق الهواتف الذكية بشكلٍ كبير، لم تستطع نوكيا أن تخرج من تلك الثغرة التي تراجعت إليها، في حين استمرت سامسونج في التقدم والمنافسة مع الغريم الجديد، وهي هواتف «آبل». وبعد أن أصبح نظام التشغيل أندرويد هو المنافس الأكبر والأوحد والأكثر انتشاراً في العالم، في مواجهة آبل، قررت نوكيا محاولة إعادة صياغة لهجمة سامسونج القديمة بصورة جديدة.

تشكلت إعادة الصياغة في قرار نوكيا باقتحام سوق الهواتف الذكية من جديد، لكن بنظام خاص بها، بعيداً عن أندرويد و«نظام IOS» الخاص بهواتف آيفون. استغلت نوكيا الانتشار الواسع والضخم لنظام ويندوز حول العالم، فقررت إطلاق نسخة من ويندوز خاصة بالهواتف، باعتبارها تقنية جديدة، بتجربة مختلفة للمستخدمين. حدث ذلك في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2010.

كانت النتيجة بعد إطلاق الهاتف بنسخته المتطورة إلى الأسواق، وتحقيق مبيعات وصلت إلى أكثر من 10 مليون هاتف، وصلت الصدمة إلى المستخدمين بمدى تعقيد نظام الهاتف، واختلافه بشكلٍ كلي عن جميع الهواتف الذكية الموجودة في السوق، وكذلك عجزه عن الحصول على العديد من التطبيقات الشهيرة التي يستخدمها الملايين حول العالم، سواء في هواتف أندرويد أو آيفون، ليجد مستخدمو هواتف ويندوز أنفسهم فيما يشبه العزلة عن العالم.

ماذا تفعل هواوي؟

دخلت هواوي في أزمة مشابهة، لكنها غير واضحة المعالم حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بالتطبيقات الشهيرة التي يستخدمها الملايين حول العالم، وكيف يمكن لنظام هواوي الجديد أن يدخل تلك التطبيقات إلى متجره، بعد أن أصبح محروماً من نظام أندرويد الأكثر انتشاراً.

خرجت الصورة الأولى لذلك الحدث، حينما سرب بريد إلكتروني من أحد مطوري التطبيقات التابعين لجوجل، وأرسل البريد من شركة هواوي إلى مجموعة كبيرة من مطوري التطبيقات المشاهير، يدعوهم لإدخال تطبيقاتهم إلى متجر هواوي ذي الـ 270 مليون مستخدم شهرياً.

لكن هواوي وجدت نفسها في مواجهة أزمة جديدة حيال التطبيقات، تجلت بقرار فيسبوك الامتثال لقرار الحظر الأميركي، ومنع هواتف هواوي من التحميل المسبق لتطبيقاتها على الهواتف الجديدة.

وبجانب المشكلات التي ستواجه مطوري التطبيقات الأميركيين في حال امتناعهم عن تطبيق قرار الحظر، ما يحرم هواوي من حصة كبيرة من التطبيقات الشهيرة حول العالم، فإن شبحاً آخر يخيم على قصة هواوي، وهو مواطنتها «ZTE» الصينية، التي تلاشت من السوق بعد دخولها في دائرة الحظر الأميركية العام الماضي.

وقد بدأت الخسائر الفادحة تنهال على هواوي بالفعل، خلال فترة قصيرة من إعلان قرار الحظر الأميركي، حيث أعلنت الشركة عن توقعها لخسارة 30 مليار دولار خلال العامين القادمين، بحسب توقعات الشركة.

لذا فإن التحديات الجديدة بالنسبة للشركة تتمثل في اللآتي:

1. قدرتها على تقديم نظام تشغيل بديل للأندرويد، لكنه ليس معقداً كما فعلت نوكيا في هواتف ويندوز.

2. النجاح في إقناع مطوري البرامج في تجاوز الحظر الأميركي، والانضمام لمتجر هواوي.

3. وجوب العثور على بدائل بالدقة والتقنية نفسها التي تقدمها شركات مثل  «إنتل» و«كوالكوم».

4. القدرة على المرور من أزمة حظر شركة «ARM» البريطانية، والتي تعتبر المزود الأهم لشرائح المعالجات بالنسبة لهواوي.

لم يتوقف الأمر عند هذه النقطة، فقد تصاعدت الأزمة بين جوجل وهواوي، حيث أعلنت هواوي وقبل صدور هاتفها الأخير، أن هاتفها الأخير سيعمل بنظام التشغيل «أندرويد 10» رغم الحظر الأميركي، وقد كان ذلك القرار معتمداً على التطبيقات التي يمكن الحصول عليها عبر التحميل من المتصفح بصيغ «APK» حتى لا يكون ذلك حرماناً كاملاً من خدمات جوجل. لكن قررت جوجل وبعد أيام قليلة من إطلاق هواوي لهاتفها الجديد أن تغلق البوابة الأخيرة في وجه هواوي، وتخرج من القائمة الآمنة للهواتف، وهي قائمة تحددها جوجل للهواتف التي يمكنها الحصول على تطبيقاتها خارج المتجر، ومن ثم أصبحت هواوي أمام كارثة تواجه أحدث إصداراتها، والتي أعلنت هواوي أنه قد بيع منه مليون نسخة تقريباً في زمن قياسي، مما يشي بمصير مجهول يواجه العملاق الصيني.

الملفت للنظر حتى الآن هو أن مسألة البوابة الخلفية التي تخص التطبيقات، قد طُبقت حتى الآن على أحدث هواتف الشركة، لكنها ليست فعّالة بصورة كاملة على النسخ القديمة من الهواتف. يمثل هذا وقتاً مناسباً أمام مالكي النسخ القديمة لتقييم التجربة بصورة حقيقة، والوقوف أمام خيار الاستبدال، لا سيما وأن مصير الصراع بين الشركتين لا زال مجهولاً بالكلية.

والآن.. هل فكرت في الابقاء على هاتفك هواوي، أم صرت تفكر في البدائل المتاحة؟