بعد تجربة أولية على الفئران: علاج جديد للسكري باستخدام خلايا معدلة جينياً وهاتف ذكي!

2 دقائق
ضغطة زر واحدة تُحفز الخلايا المزروعة على ظهر الفأر لإفراز الإنسولين. يقف الفأر في هذه الصورة داخل الحلقة المعدنية لتزويد الجهاز بالطاقة الكهربائية. أما الإصدارات المستقبلية من هذه التقنية فسوف تستخدم البطاريات لتسهيل استخدامها من قبل البشر.

كثيراً ما يحتاج مرضى السكري لحقن أنفسهم بالإنسولين بشكل يومي أو أسبوعي لتدارك انخفاض مستوى السكر لديهم. إلا أن طريقةً علاجيةً جديدةً جرت تجربتها على الفئران، قد تساعد مرضى السكري على التخلص من حقن الإنسولين بشكل نهائي.

ففي دراسة نشرتها مجلة علوم الطب الديناميكية Science Translational Medicine، قام باحثون صينيون باستخدام تطبيق خاص بالهواتف الذكية لتحفيز خلايا مُنتجة للإنسولين لإفراز هذا الهرمون بعد أن جرى زرعها عند فئران مصابة بداء السكري . وقد أظهرت النتائج أنه بعد أقل من ساعتين من تحفيز الخلايا على إنتاج الإنسولين عادت مستويات السكر إلى طبيعتها عند الفئران، دون أن تُصاب بانخفاض مستوى سكر الدم.

وتستخدم النسخة الأحدث من هذا الجهاز كبسولة صغيرة مصنوعة من مادة الهيدروجِل تُزرع تحت جلد الفأر. يوجد في داخل الكبسولة أزرار ضوئية من نوع "ليد" وخلايا مُعدلة جينياً لإفراز الإنسولين عند التعرض للأشعة تحت الحمراء. عندما يرتفع مستوى السكر في دم الفأر بشكل كبير، يستشعر هذا الارتفاع جهازٌ خاصٌ لقياس سكر الدم، ثم يرسل تنبيهاً (بتقنية البلوتوث) إلى تطبيق خاص ضمن هاتف ذكي يعمل بنظام أندرويد، فيقوم التطبيق بتشغيل أزرار الإضاءة، التي تُحفز بدورها الخلايا على تحرير الإنسولين. يسمح التطبيق للمستخدم بتحديد شدة الضوء ومدته، وبالتالي التحكم بكمية الإنسولين التي تفرزها الخلايا.

أطلق الباحثون على هذه الكبسولات اسم هيدروجي ليد HydrogeLED، وتحتوي على خلايا مُعدلة جينياً تُنتج الإنسولين عندما تتحفز بالضوء الصادر عن أزرار الإضاءة الموجودة ضمن الكبسولات. وعند زراعتها عند فئران مصابة بداء السكري، فإنها تساعد على استعادة مستوى السكر الدم إلى الحدود الطبيعية في غضون ساعتين.

وعلى الرغم من أن النتائج الأولية واعدة، إلا أن الجهاز غير جاهز بعد للاستخدام السريري. ففي إصداره الحالي يتصل تطبيق الهاتف الذكي بخادم (سيرفر) يقوم بتشغيل حقل كهرومغناطيسي ضمن وشيعة تحيط بالفأر. يمد الحقل الكهرومغناطيسي الأزرار الضوئية بالطاقة الكهربائية فتضيء وتحفز الخلايا على إنتاج الإنسولين. وبالتالي فإن هذه الأزرار الضوئية لن تعمل إلا إذا وقفت الفئران ضمن الحلقة المعدنية الصغيرة المصممة لذلك، وهو أمر غير عملي بالنسبة للبشر. بالإضافة إلى ذلك، فإن التصميم الحالي لا يزال يستخدم الإبر لسحب العينة الدموية وقياس مستوى السكر فيها.

ولكن من المتوقع أن تتجاوز الإصدارات القادمة من الجهاز كلتا المشكلتين. وقد تصوَّرَ مُعد الدراسة هافينغ يي تصميماً لجهاز قياس لمستوى السكر يقوم بمراقبة مستوى السكر في دم المريض طيلة 24 ساعة، ويقوم تلقائياً بتحفيز الخلايا على إفراز الإنسولين عند انخفاض مستوى سكر الدم، وتعمل الأزرار الضوئية فيه بالبطاريات بدل التحريض الكهرومغناطيسي.

بكل الأحوال، لا يزال هناك وقت طويل قبل أن يُصبح جهاز هيدروجي ليد متاحاً للاستخدام في التجارب البشرية. ويحتاج يي وزملاؤه إلى تجربة الجهاز بشكل أكبر عند الحيوانات وخاصة الأكبر حجماً، مثل الكلاب أو القطط أو القردة، ولفترة أطول مما استغرقته التجربة الحالية. كما يحتاج الباحثون للتأكد من أن جميع المواد المستخدمة آمنة ولا تثير ردة فعل مناعية ولا يرفضها الجسم.

وعند التعليق على نتائج التجربة، قال مارك جوميلسكي، أستاذ علوم الأحياء بجامعة وايومنغ الأمريكية: "أتساءل في نفسي عن الفترة التي ستمضي قبل أن نشاهد الناس في الشوارع يرتدون أساور عصرية مزودة بأزرار ضوئية تُحفز الخلايا المعدلة جينياً على إنتاج مواد دوائية، وتقع مهمة التحكم بكل ذلك على عاتق هاتف ذكي! على الرغم من أن ذلك لا يبدو قريباً جداً، إلا أن هذه التجربة أعطتنا تصوراً مثيراً لما قد يؤول إليه الحال مستقبلاً".

المحتوى محمي