كيف ستبدو كرة القدم عام 2050؟

3 دقائق

الزمان: العام 2050.

المكان: ملعب ويمبلي المُطوَّر الجديد.

الحدث: نهائي كأس العالم لكرة القدم، بين دولتي الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

يجلس ملايين المشجعين في جميع أنحاء العالم في منازلهم وهم يرتدون نظارات الواقع الافتراضي؛ يجلس كل منهم على أفضل مقعد في المنزل، مباشرةً على خط منتصف الملعب، منتظرين ركلة بداية المباراة. وعندما يسجل المنتخب الأمريكي الهدف الأول، تنتقل رؤية الواقع الافتراضي إلى رؤية اللاعب، ويرى الملايين الهدف كما يراه المهاجم، ثم كما يراه حارس المرمى، ثم مرة أخرى من وراء المرمى.

أما بالنسبة لأولئك الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى نظارات الواقع الافتراضي الخاصة بهم، فيشاهدون إعادة الهدف كصورة هولوجرامية ثلاثية الأبعاد بواسطة هواتفهم الذكية. وبينما يركض اللاعبون إلى الزاوية للاحتفال مع مشجعيهم، فإن أجهزة الاستشعار البيومترية المدمجة في أطقمهم، أو حتى على الجلد، تمنح المدير الفني للفريق قراءات دقيقة تلو الأخرى لمستويات لياقتهم البدنية.

بالطبع كان هذا سيناريو تخيلي بالكامل من واقع الخيال المحض، وقد يبدو بعيد المنال، لكن عندما تعيد النظر إلى مباريات كرة القدم قبل 20 أو 30 عاماً فحسب، فستدرك المدى المذهل الذي وصلت إليه اللعبة الجميلة في مثل هذه المدة الزمنية البسيطة. فبعض الأمور التي نعتبرها مُسلماً بها في اللعبة الحديثة، لم تكن حتى جزءاً من القواعد في ذلك الوقت. فعندما تفكر في كل ما تغير، فإن هذا السيناريو التخيلي قد لا يبدو بهذه الاستحالة.

أما الأكثر إثارة، هو أنه يمكننا توقع كيف ستكون مباراة كرة القدم في المستقبل، على أساس التكنولوجيا التي اقتحمت اللعبة في السنوات الأخيرة، والتطورات الجديدة التي يتم التجهيز لها. سواءً كان من الأمور البسيطة، مثل الرذاذ الذي يختفي ويحمله الحُكام الآن، أو التقنيات الأكثر تطوراً مثل الكاميرات التي تسمح بإعادة الهدف بصورةٍ ثلاثية الأبعاد، وتقنية التحكيم بالفيديو «VAR»، والتي بدأ استخدامها في معظم البطولات العالمية وحتى المحلية.

سنبدأ هنا محاولة اكتشاف كيف ستتطور مباريات كرة القدم خلال السنوات القليلة المقبلة، وما الذي سيحدث في كأس العالم عام 2050؟

تجربة المشجعين لتكنولوجيا كرة القدم

في الوقت الحالي، لا يوجد ما يُضاهي الجلوس في المدرجات مع عشرات الآلاف من المشجعين، والهتاف بحرارة لفريقكم المفضل. ومع ذلك، يمكن أن تختلف الأمور للغاية في المستقبل؛ ففي الوقت الذي يدفع فيه المشجعون حالياً مبالغ ضخمة لمشاهدة المباريات، ربما ستكون في متناول الجميع قريباً عبر تقنية الواقع الافتراضي.

يمكن الآن لمجموعة من الكاميرات الخاصة أن تقوم بتصوير عرض كامل بزاوية 360 درجة، والذي يسجل الفيديو لتشغيل مشاهدة الواقع الافتراضي. وربما تستخدام قريباً هذه التقنية لبث المباريات مباشرةً على أجهزة الواقع الافتراضي حول العالم، مما يسمح لك بوضع النظارات ومشاهدة اللعبة كما لو كنت جالساً في الملعب.

ولمزيد من التجربة الواقعية، يمكنك تخيل مقعد مصمم خصيصاً ليهتز مع كل هتاف وتشجيع للجماهير، وسماعة رأس تسجل الأصوات من داخل الملعب، حينها ستحصل على تجربة مشاهدة قريبة مما يراه المشجعين داخل الملعب.

والأفضل من ذلك، مع وجود العديد من منصات الكاميرات حول الملعب، سيمكنك تغيير مقعدك طوال المباراة، لتكون دائماً خلف المرمى عندما يسجل فريقك هدفاً. قد تكون هذه التجربة الحيّة على بعد بضع سنوات، لكنها بالتأكيد فرصة مثيرة ورائعة.

ولكن هناك شيء من المحتمل أن يحدث في وقتٍ أقرب قليلاً، وهو إضافة إحصائيات مفصّلة للاعبين ليطّلع عليها المشجعين، سواءً في المنزل أو في مدرجات الملعب. عندما تصبح المستشعرات التي يرتديها الرياضيون -مثل مستشعرات «Viper Pod»- أصغر وأكثر شيوعاً، حينها يمكن للمشجعين مقارنة أداء نجوم فريقهم المفضلين لديهم، وربما يشجعوا اللاعبين الذين يصلون إلى حالة الإرهاق، كما يمكنهم تقديم اقتراحات لكيفية تغيير خطة اللعب أو إجراء تبديلات بناءً على أداء اللاعبين.

وقد قام مدرب أرسنال السابق «أرسين فينجر» بهذا التوقع المذهل وسط التأثير المتزايد للبيانات والإحصاءات في عالم كرة القدم، إذ يعتقد أن الروبوتات ستصبح مديرين فنيين لكرة القدم في غضون 20 عاماً، بينما يمكن استخدام استطلاعات وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدة المدرب، واختيار التغيير اللازم أثناء المباريات.
Embed from Getty Images

إلى أي مدى ستتغير اللعبة في العقود القليلة القادمة؟

مع أن الكثير من التقنيات التي ذكرناها هنا قيد التطوير بالفعل، أو حتى متوفرة حالياً، لكننا لا نستطيع أن نطلق صافرة النهاية دون أن نلقي نظرة أبعد قليلاً على مستقبل كرة القدم.

فبحلول عام 2050، سيغير التقدم التكنولوجي كثيراً من اللعبة التي نعرفها ونحبها، بحيث سيتجاوز الأمر مجرد تقنية الواقع الافتراضي أو مستشعرات خط المرمى، أو التحكيم بمساعدة الفيديو. وربما بحلول ذلك الوقت، ستسمح تكنولوجيا مثل «الجلد النشط» لأجهزة الكمبيوتر أن ترتبط بالأنظمة العصبية للاعبين.

في البداية، سيتم استخدامها لتتبع البيانات الفسيولوجية للاعبين في الوقت الفعلي، ولكن مع تقدم التكنولوجيا أكثر، سيصبح استخدامها أكثر توسعاً. فعند إجراء التدريبات، يمكن تتبع حركات اللاعب في الوقت الفعلي، كما سيساعد التحفيز العصبي اللاعبين على تعديل أسلوبهم ليقترب مما يعتبره الكمبيوتر الوضع المثالي والأنسب. وقد يتمكن المشاهدون من متابعة الألعاب الترفيهية ثلاثية الأبعاد المصغّرة في منازلهم، على طاولة القهوة، كما سيمكنهم التحكم في زاوية الكاميرا.

ولكن لماذا نتوقف عند هذا الحد؟ فربما بحلول العام 2050، يمكننا أن نرى المشجعين يسيطرون فعلياً على اللاعبين على أرض الملعب من خلال نظام أندرويد في هواتفهم الذكية.

بالتأكيد ستتغير لعبة كرة القدم خلال السنوات القادمة، لكن كل ما عليك فعله هو الانتظار مدة 31 عاماً.

المحتوى محمي