على الرغم من ظهور العديد من التطبيقات الجديدة التي قد تغنينا عن استخدام البريد الإلكتروني في التواصل وتبادل الرسائل، إلا أن هذه الطريقة في التواصل ما زالت منتشرة حتى وإن احتوت على العديد من العيوب، فهي تبقى أفضل وسيلة نمتلكها. ولكن لو لم تكن لديك فكرة مبتكرة من شأنها إحداث ثورة في الطريقة التي نتواصل بها؛ فهناك أمران يمكنك القيام بهما لجعل تجربة البريد الإلكتروني أفضل -إلى حد ما- بالنسبة للجميع.
اسأل نفسك أولاً؛ هل أنت بحاجة لإرسال تلك الرسالة التي تنوي إرسالها أم لا؟ إحدى أسوأ الأمور في التراسل الرقمي هي أن قنواته مزدحمة للغاية. لذلك قد يكون من الأفضل الامتناع عن إرسال بعض الرسائل. لا يوجد سوى القليل من الآليات لتصنيف الرسائل من حيث الأولوية في نظام البريد الإلكتروني، كما أن النسخ التجريبية التي تُدار بالذكاء الاصطناعي لا يُعتمد عليها دائماً. لذلك فقد ينتهي المطاف برسالة مهمة من مديرك مثلاً في نفس صندوق الواردات إلى جانب دعوة إلى حفل زفاف أحدهم.
لكن إذا لم تستطع الاستغناء عن إرسال الرسائل عبر البريد الإلكتروني؛ فمن الأفضل أن تكتب واحدة أفضل وأكثر رزانة. وهنا سنساعدك.
1. اختر البنية المناسبة للرسالة
البريد الإلكتروني موجود منذ السبعينيات، ولذلك طُوِرت العديد من الاصطلاحات مع مرور الزمن. والإلمام بها هو أول خطوة باتجاه كتابة رسالة بريد إلكتروني رائعة.
يبدأ كل شي بموضوع الرسالة؛ فجيب ألا يكون مبهماً مثل: «سؤال»، أو «هل يناسبك يوم الثلاثاء؟». بدلاً من ذلك، اكتب ملخصاً لرسالتك بطول سطر واحد تصف فيها موضوع الرسالة.
من الأمثلة الجيدة للمواضيع هي: «سؤال حول مقالتك عن الصور» أو «هل يناسبك أن نحتسي القهوة يوم الثلاثاء القادم؟».
يساعد وضوح موضوع الرسالة على لفت انتباه المتلقي أثناء مسح صندوق الواردات خاصته، أو تصفّح بريده، ولذلك فموضوع الرسائل سيساعده في تقييم أهميتها.
المقدمة مهمة بقدر أهمية الموضوع، إذ أنه من الضروري أن يستمر المتلقي بالقراءة. ولكن لا تقلق، فقد يستغرق الأمر القليل من الوقت حتى تتقن كتابتها. يمكنك أن تقول: «مرحباً فُلان» أو «العزيز فلان» لأن تضمين اسم المتلقي في المقدمة يؤكّد له أن هذه الرسالة أرسلت له بشكل مباشر، وليست مجرد رسالة منسوخة ومرسلة لعدة أشخاص معاً.
وانتبه أيضاً للتأكد من صحة كتابة اسم المتلقي، كما يفضل أن تخاطبه بطريقة رسمية نوعاً ما لأن الناس يميلون لأن يكونوا حساسين حيال الطريقة التي يُخاطبون فيها. وإذا أشار المتلقي لنفسه بطريقة غير رسمية في رده، فيمكن أخذ ذلك بعين الاعتبار أثناء كتابة رسائل جديدة له.
أخيراً، خاتمة الرسالة هي إحدى الأمور التي يفكر بها الأشخاص أكثر من اللازم عادة. لا تحتار بين استخدام كلمات وعبارات مثل «شكراً» أو «مع تحياتي» أو غيرها. اختر ما يناسبك واستخدمه.
2. استخدم الأسلوب الصحيح
بعد أن تضبط بنية الرسالة، حان وقت التركيز على الرسالة نفسها.
يحدد كل من هوية المتلقي وطبيعة علاقتك به كل شيء حول أسلوب الرسالة. إذ أنه من البديهي أنك لن تخاطب صديقك المقرب أو مديرك، أو شخص ما ترغب في إجراء مقابلة معه بنفس الطريقة. فكل شخص يتطلب أسلوباً خاصاً بها.
قبل البدء بالكتابة؛ خذ بعين الاعتبار هوية المتلقي وما الذي يتوقعه منك. لا تتردد في استخدام اللغة العامية مع أصدقائك وعائلتك، لكن تجنبها عند التواصل مع زملاء العمل. إذا كنت تتراسل مع أحد زملائك المقربين، فيمكنك على الأرجح أن تستخدم لغة عامية، ولكن كن حذراً، إذا كان موضوع الرسالة رسمياً إلى حد ما، أو إذا كنت تعتقد أنك قد تعرضها على شخص آخر في المستقبل. حاول الحفاظ على لغة رسمية. قيّم الأمور بنفسك ولا تقل أي شيء إن لم تكن مستعداً لتحمل مسؤولية قوله.
أيضاً، كن حذراً للغاية في استخدام الفكاهة. لا تنقل الرسائل الإلكترونية الأسلوب بشكل جيد، واستخدام الرموز التعبيرية (الإيموجي) لا يساعد كثيراً.
ما لم يكن المتلقي قريباً منك ويفهم أسلوبك في الفكاهة، فلا ترسل أي نكت غامضة أو قاسية، أو عبارات يمكن أن يُساء قراءتها. هناك خط رفيع للغاية بين جعل مديرك يضحك، وجعله يتّخذ إجراءات تأديبية بحقك.
3. اجعل الرسالة طويلة كفاية، وليست طويلة جداً
ليس من الممتع تلقي رسائل طويلة، هذه حقيقة. لا يرغب أحد في تضييع ساعة من وقته في قراءة فقرات متتالية في رسالة يمكن تلخيصها في سطرين.
من ناحية أخرى، يبالغ العديدون في تلخيص الرسائل أحياناً. بالطبع يبدو الرد على كل الرسائل بما لا يتجاوز الخمسة أسطر أمراً جيداً نظرياً، لكنه ليس عملياً لأن المبالغة بالإيجاز تميل لأن تجعل الناس يبدون فظّين.
بشكل عام، يجب أن تكون الرسالة الإلكترونية موجزة قدر الإمكان دون حذف أي فكرة مهمة منها. بصفتي كاتب مستقل، فأنا أرسل الكثير من العروض التقديمية وأتلقى الكثير من رسائل الرفض. وعادة ما تكون أفضلها هي تلك التي تحتوي صياغات مثل، «لا يناسبنا عرضك، نعتذر. حظاً سعيداً في مساعيك».
بالطبع قد تبدو أقصر من اللازم، لكنها تحتوي على كل الأفكار الأساسية، وأسلوبها إيجابي في نفس الوقت. عندما يتعلق الموضوع بطول الرسالة، فلن تشكل كتابة سطر كامل بدلاً من نصف سطر فرقاً كبيراً من ناحية وقت القراءة، ولكنها ستحدث فرقاً كبيراً في ردة فعل المتلقي على الرسالة.
4. تحدّت عن موضوع واحد فقط في كل رسالة
من الجيد تحديد موضوع واحد فقط في كل رسالة. فإذا كنت ترغب في جدولة اجتماع وتقديم ملاحظات حول شيء ما في الوقت نفسه؛ فمن الأفضل إرسال رسالتين منفصلتين.
بالنسبة للكثيرين، فإن البحث في صندوق الوارد ليس أمراً عملياً أو سلساً، لذلك من السهل جداً أن تضيع معلومات مهمة فيه، خاصة إذا كانت مكتوبة في سطر ما داخل رسالة أخرى لها موضوع مختلف. وإذا حدث ذلك فعلاً؛ فمن المرجح أن يكون المتلقي غير قادر على إيجاد المعلومة التي يبحث عنها حتى وإن تفحص عناوين كل الرسائل في صندوق وارداته.
5. أعد القراءة وعدّل، ثم أعد القراءة مرة أخرى
السر وراء الكتابة الرائعة هو التعديل.ينطبق هذا الكلام أيضاُ على كتابة رسائل البريد الإلكتروني. لا أقصد أنه عليك قضاء ساعات في العمل على عدة مسودات لرسالة بسيطة إلى صديق، ولكن يجب عليك على الأقل إعادة قراءة كل بريد إلكتروني تكتبه مرتين قبل الإرسال.
اقرأ الرسالة أول مرة وعدّل ما يلزم، ثم اقرأها مرة أخرى لترى كيف تبدو النسخة النهائية. استمر بالتعديل حتى تشعر بالرضا عن النتائج. يمكنك قراءة الرسالة بصوتٍ عالٍ حتى تقرأ كل كلمة بدلاً من قراءة الكلمات بسرعة.
6. ملاحظات هامة
- تجنّب الأخطاء الإملائية والنحوية خاصة في المقدمة، وعند كتابة اسم الشخص المتلقي. يمكنك استخدام أدوات مثل «جرامرلي» حتى تساعدك في كشف الأخطاء.
- إذا كنت قد أرسلت بالفعل بريداً إلكترونياً منسوخاً من رسالة إلى شخص آخر؛ تأكد من تعديل أي تفاصيل جديدة مثل اسم المتلقي الجديد، والتاريخ مثلاً.
- لا تكتب النص في كتلة واحدة، بل وزع الأفكار التي تتضمنها الرسالة على مقاطع منفصلة.
- لا تكرر كلامك أو تطيله أكثر من اللازم.
- لا تكثر من استخدام إشارات التعجّب.
- تجنب استخدام العبارات المبتذلة.
- تأكد من أن أسلوبك متّسق ومناسب للغرض.
- تذكر إرفاق الملفات التي ذكرت أنك سترفقها في الرسالة. تساعدك بعض التطبيقات مثل بريد «جيميل» في مثل هذه الحالات عن طريق تنبيه يظهر إذا ذكرت كلمة «إرفاق» دون إرفاق شيء فعلاً.
- حقل «إلى» مخصص للمتلقي، أما حقل «سي سي» مخصص للأشخاص الذين ترغب في مشاركة نسخة من الرسالة معهم.
حيل ونصائح أخرى
بشكل أساسي، كتابة رسالة بريد إلكتروني جيدة تعتمد على تجنب الأخطاء أكثر من القيام بأي شيء مبهر. فإذا كان أسلوبك مناسب، وكلامك موجز، ولم ترتكب أي أخطاء مثيرة للسخرية أو تسيء إلى الشخص المتلقي بأي طريقة؛ عندئذٍ تكون قد كتبت رسالة إلكترونية جيدة.
بعد الإرسال، كل ما عليك هو انتظار الرد. ضع في اعتبارك أن الرسائل تضيع في صندوق الواراد. في كثير من الأحيان. إذا لم تتلق رداً من الشخص المتلقي، فلا بأس في إعادة المحاولة بعد يوم أو يومين، وذلك اعتماداً على ضرورة رسالتك. فقط تذكر أن الناس في الغالب منشغلين، فلا تكن لحوحاً. وإذا كنت قلقاً من أنك ستنسى متابعة الموضوع، فيمكن أن تساعدك بعد تطبيقات البريد الإلكتروني، إذ أنها تحتوي على ميزة للتذكير يمكنك ضبطها لتذكرك بعد فترة أنت تحددها.