من قواقع البحر السامة: قد يكون لدينا إنسولين جيد لمرضى السكري

2 دقائق
الإنسولين البشري

معظم الأشخاص ليس لديهم أسباب ليفكروا بالأنواع غير المدروسة من الحيوانات التي تعيش في قاع البحر. لكن أحد الأنواع المسمى «كونوس جيوغرافوس»، أثار بشكلٍ خاص اهتمام العلماء.

يتغذى هذا النوع من قواقع البحر السامة على الأسماك عن طريق نفث أعمدة من سمٍ يصعق ويشل الفرائس، مما يعطيهم ما يكفي من الوقت ليفترسوا الضحية وهي حيّة. لكن السم قد يكون مفيداً للبشر أيضاً.

يقول داني هنج-تشين تشو، وهو مؤلف دراسة تعمقت في التركيب الجزيئي للسم: «داخل السم، هناك مئات الجزئيات المختلفة، أحد الجزيئات يبدو مشابهاً جداً للأنسولين البشري». بعد المزيد من البحث، وجد الباحثون أن الإنسولين الموجود في السم يفعل فعله بسرعة أكبر من الإنسولين البشري. وبينما قد يستغرق تأثير هذا الأخير على نسب الجلوكوز (سكر العنب) في الدم ما يصل إلى نصف ساعة، فالإنسولين الموجود في السم يعمل بشكل آني تقريباً، مسبباً ارتفاع نسب الجلوكوز في دماء الأسماك بشكل كبير، وشلّ حركتها بشكلٍ مؤقت.

إنسلوين السم

عندما بدأ تشو وزملاؤه العمل باستخدام الإنسولين الموجود في السم، أملوا بأن يمكن استخدامه على البشر. ولكن وفقاً لتشو، وجد الباحثون أنه أقل فعالية بكثير من الإنسولين البشري. مما يعني أنه لن يعمل بشكلٍ جيد كبديل لأنواع الإنسولين الاصطناعية التي يعتمد عليها مرضى السكري.

بدلاً من ذلك، صنع الفريق نوعاً مركباً من الإنسولين يمتلك بعض خواص التأثير السريع للجزيء الموجود في السم، إضافة إلى فعالية إنسولين البشر. ويفيد الباحثون أنه عند الفئران والجرذان، يعمل الإنسولين الجديد الاصطناعي مثل الإنسولين البشري، ولكن بسرعة أكبر بكثير. يدعو الباحثون المركب الجديد «ميني-أنسولين»، نظراً لأن الجزيء في إنسولين السم أصغر بكثير من نظيره البشري.

مع ذلك، ليس من المتوقع أن يكون المركب الجديد متوفراً للاستخدام البشري قريباً. إذ أن الدراسة سابقة الذكر تمثل خطوة واحدة للوصول إلى إنسولين أسرع التأثير ليستفيد منه المرضى من البشر. أما الخطوة التالية فهي التجارب على الحيوانات كبيرة الحجم. يبحث تشو والمؤلفون الأميركيون والدنماركيون والأستراليون المشاركون له الآن في تأثيرات الإنسولين الذي صنّعوه على الخنازير.

الأمر يبدو واعداً، إذ أن الإنسولين الذي يستخدمه مرضى السكري حالياً يمكن أن يستغرق خَفضه لنسب سُكّر الدم عندهم نصف ساعة أو أكثر. مما يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية طويلة الأمد. قد يمنح الإنسولين سريع التأثير مرضى السكري قدرة أكبر بكثير على التحكم بنسب سكر الدم لديهم.

يقول تشو أن البصيرة الأساسية التي اكتسبها هو وزملائه من فحص إنسولين السم كانت حقيقة أن هذا الإنسولين له آلية تأثير مختلفة تماماً. وذلك يعود لوجود 4 أحماض أمينية تُمكّن كل جزيء إنسولين بالارتباط بشكلٍ مباشر مع مستقبلات الإنسولين في خلايا الدم الحمراء إبان حقن السم.

يحتوي الإنسولين الاصطناعي الذي يستخدمه مرضى السكري على مُكون يسبب تراصّ البروتينات معاً. بعد ذلك، يتعين على البنكرياس أن يفكك هذه البروتينات ويرسلها مجدداً إلى تيار الدم قبل أن يؤثر ذلك على نسب سكر الدم. هذه العملية تستغرق بعضاً من الوقت، وهذا يسبب التأخر الزمني الذي يجب على مرضى السكري أخذه بعين الاعتبار.

ركّب تشو وزملائه الميني-أنسولين الجديد عن طريق إزالة الجزء من جزيء الإنسولين البشري الذي يسبب التراص، واستبداله بالأحماض الأمينية الأربعة المستخلصة من السم. وجد الباحثون أنه عند الجرذان، أحدث الإنسولين الجديد نفس تأثيرات الإنسولين البشري. ووجدوا مؤشرات تبين أنه يعمل كالإنسولين البشري عند الفئران أيضاً.

وفقاً لتشو، سيتطلب الأمر العمل لبضع سنوات إضافية حتى نعرف ما إذا كان سيُختَبر الميني-إنسولين على البشر. لكن المكتشفات الجديدة توفر طريقاً واعداً للأمام في البحوث المتعلقة بالإنسولين.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي