لا يعني الكلام الذي سأقوله أنني أدعوكم لأكل العجين النيء. ربما لا يكون أمراً شائعاً أن تجد السالمونيلا طريقها إلى البيض الذي ستتناوله، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد خطر من ذلك. حتى الدقيق الخام يمكن أن يؤوي البكتيريا، لذلك فتجنب هذه المأكولات ليس حلاً، بل هو مخاطرة محلاة بالسكر تضعف أمامها لأنك إنسان.
الخبر الجيد هو أن اللوم لا يقع في معظمه على البيض ولا على الدجاج في الأمراض المنقولة بالغذاء، أما الخبر السيئ فهو أنه لا يوجد الكثير مما يمكن أن تفعله لتجنب المصدر الرئيسي للبكتيريا الممرضة. نميل إلى التفكير بالتسمم الغذائي على أنه مشكلة تتعلق باللحوم، فالسوشي الساخن، والدجاج غير المطبوخ جيداً هي الأسباب التقليدية التي نفكر فيها عند الإصابة بالإسهال الليلي، ولكن لحوم الأبقار والخنزير والدجاج تسبب كلها مجتمعة 21.8 في المائة فقط من جميع الأمراض التي ينقلها الطعام، وهو أقل من الحالات التي تعود للمسبب الرئيسي: الخضروات الورقية.
السالمونيلا تحب الشمام
معظم الأمراض التي ينقلها الطعام تسببها البكتيريا، ومعظم هذه الأمراض البكتيرية تسببها السالمونيلا Salmonella enterica. وربما تكون هذه البكتيريا أكثر ما تسمع به لأنها تسبب الكثير من الجوائح. وفي كل مرة يعلن فيها مركز مكافحة الأمراض عن جائحة جديدة نسمع عن هذه البكتيريا في نشرات الأخبار. ويحدث هذا مرة كل عدة أشهر، ما يعني أنه لا يتكرر بشكل دوري بحيث يفقد نمطيته، وليس البيض هو السبب، ولكنه المحاصيل الغذائية.
وهناك سبب نمطي آخر لنقل السالمونيلا، وهو الدجاج، الذي يسبب 19 في المائة من حالات السالمونيلا في الولايات المتحدة. وهناك منافس آخر، وهو محاصيل الكروم والنباتات ذات الساق، نحن نتحدث عن الخيار والشمام بجميع أنواعهما. وهما يسببان معاً 20.7 في المائة من أمراض السالمونيلا. وعندما تدمج هذه الخضروات مع المحاصيل الأخرى ستصل النسبة إلى 28 في المائة.
تسبب الخضروات الورقية معظم الحالات المرضية، ولكن لحم الدجاج هو القاتل الأكبر
وهناك اتجاه مماثل للمحاصيل الطازجة التي تسبب الكثير من الأمراض الأخرى المنقولة بالأغذية. وقد يكون من الصعب أن نقول إن ذلك يعود فقط لتركيز الاهتمام على الجوائح الدورية، خاصة وأن الكثير من الحالات تحدث بشكل متقطع. وقبل بضع سنوات، حدد مركز مكافحة الأمراض الأسباب الجذرية لـِ 120،321 حالة مرضية بين عامي 1998 و 2008، وهذه هي النتائج التي توصل إليها.
تعيث الخضروات الورقية فساداً في أجهزة الهضم عند الأميركيين، لكن لا تعني هذه البيانات أن هذه الخضروات هي المواد الغذائية الأكثر فتكاً، فهذا الشرف يحظى به لحم الدجاج.
إذاً، لا يمكن تحديد الغذاء الأكثر فتكاً، أما مصدر الغذاء المحدد والذي سبب أكبر عدد من الوفيات، فهو لحم الدجاج. ويعود التفاوت في الحالات المرضية مقارنة بالوفيات (أو حتى حالات الاستشفاء) إلى الاختلافات الدقيقة بين أنواع الأمراض التي يسببها كل نوع من أنواع الطعام. وتميل الليستيريا وأنواع معينة من السالمونيلا إلى أن تكون قاتلة، وهذه البكتيريا عموماً تصيب الدواجن، وتسبب المحاصيل الأمراض بنسبة أكبر، ولكن أعراضها تكون غالباً أقل حدة.
والآن ماذا عليّ أن أفعل؟ هل عليّ أن أغسل السبانخ أكثر؟
إذا كنت تشعر بالقلق من اللحوم غير المطبوخة جيداً والبيض النئ، وبدأت تشعر الآن أن قلقك كان في غير محله، فلا داعي لذلك، فقد كنت على حق.
يقع جزء كبير من عبء سلامة الأغذية على المستهلك عندما يتعلق الأمر باللحوم والدواجن والبيض. وبما أننا نقوم بطهي كل تلك الأشياء، فبإمكاننا القضاء على البكتيريا الخطرة التي يمكن أن تحملها مثل السالمونيلا، والإشريكية القولونية، والمكورات العنقودية، والمطثية. ومن خلال الطهي حتى درجة حرارة كافية، يمكننا القضاء على جميع تلك المخاطر تقريباً، حتى وإن كان جزء كبير من الدواجن ملوثاً.
لكن الأمر مختلف مع الخس والسبانخ. فمعظم المحاصيل التي نشتريها من المتاجر لا تسبب الأمراض، لكن الأجزاء الملوثة منها هي التي لا تطهى. وتحمل العديد من مكونات السلَطة بكتيريا وفيروسات، ولن يؤدي غسلها بالماء إلى إزالة ما فيها من آفات، أما طهيها فيقضي عليها، ولكننا لا نفعل ذلك دائماً.
إذا لم تقم بطهي لحم الدجاج إلى درجة 75 مئوية ستمرض، وربما يكون هذا خطأك. ولكن إذا لم لم تقم بطهي الخس، فهذا ذنب المزارع. فالمحاصيل تكتسب لمعانها غالباً من الماء الذي تسقى به، والذي قد يكون ملوثاً بمواد برازية من مزارع الحيوانات القريبة. وتقتل المواد الكيميائية الكثير من المسببات المرضية (وإن لم يكن جميعها)، ولكنك لا تملك أي فكرة عن نوع التطهير الذي خضعت له الخضار التي تشتريها.
للأسف، ليس هناك نصائح معينة يمكن أن تساعدك على القضاء على المخاطر المرتبطة بالمحاصيل. يجب عليك دائماً تخزين الفواكه والخضار في الثلاجة للحد من أي نمو للبكتيريا، لا تقم بفرمها بعد تقطيع لحم الدجاج مباشرة باستخدام نفس الأدوات، وتأكد أن الاستفادة من اتباع نظام غذائي مليء بالمحاصيل الطازجة تفوق بكثير مخاطر الأمراض المنقولة بالغذاء، وأن تناول الكعك الذي لم يتعرض لنيران الطهي من حين لآخر -على الأرجح- لن يقتلك.