تقنية جديدة قد تسمح لك باختبار احتواء الخسّ على بكتيريا الإشريكية القولونية

3 دقائق
قد يكون أحد الأنواع الجديدة من العبوات "الذكية" للأغذية هو الأساس في الوقاية من الأمراض المنتقلة بواسطة الطعام.

تعرّض الناس في الولايات المتحدة خلال الربيع الماضي لأخبار مخيفة لعدة أشهر حول أحد العوامل الممرضة التي يمكن أن تكون قاتلة بسبب تفشي بكتيريا الإشريكية القولونية في الخسّ الروماني. وكان هذا الوباء هو الأكبر خلال أكثر من عشر سنوات، حيث أدى إلى إصابة حوالي 200 شخص في 35 ولاية، وأودى بحياة خمسة أشخاص. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة لإدارة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA)، فإن مصدر العدوى لم يتم الكشف عنه، رغم اعتقاد الوكالة بأنها جاءت من منطقة يوما بولاية أريزونا. وقد انتهى موسم قطاف الخسّ الروماني في شهر أبريل، كما أن فترة حفظ الخسّ قبل بيعه تعدّ محدودة، لذا من المحتمل أن يكون الخطر قد انتهى. ومع ذلك، فقد ظهرت فجأة عدوى جديدة بالسالمونيلا في البيض والشمّام، ومن شبه المؤكد حدوث أنواع أخرى من العدوى في المستقبل.

 

باستثناء الامتناع عن تناول المنتجات الطازجة، كيف يمكنك أن تحمي نفسك من اللحوم والفواكه والخضروات الملوّثة؟ قد يكون أحد الأنواع الجديدة من العبوات "الذكية" للأغذية هو الأساس في الوقاية من الأمراض المنتقلة بواسطة الطعام. تمّ تطوير هذه العبوات من قبل العلماء في جامعة ماكماستر في كندا ونُشرت الدراسة في عدد أبريل من مجلة (ACS Nano)، وتقوم العبوّات بالكشف عن وجود البكتيريا في الطعام وتصدر إشارة تألقية إذا تم اكتشافها.

 

وتشتمل الأساليب الحالية لاختبار احتواء الغذاء على العوامل المسببة للأمراض على أخذ المنتج إلى المختبر ومعالجته ثم الانتظار لملاحظة نموّ البكتيريا في الأوساط المستزرعة الناتجة. وتعدّ هذه العملية بطيئة وفظيعة وليس من السهل تكرارها في المنزل أو في قسم الأطعمة في محلّ البقالة.

 

تستخدم التقنية الجديدة جزيئات تحتوي على بقايا الحمض النووي والتي تستهدف الإشريكية القولونية على وجه التحديد، بالإضافة إلى حمض نووي يجعل الجزيئات تتوّهج بضوء تألّقي، والذي يكون مثبَّطاً حتى تتلامس الجزيئات مع البكتيريا، الأمر الذي يطلق الإشارة التألّقية ويسبّب توّهج الجزيئات. واستخدم الباحثون طابعة نافثة للحبر لتطبيق الجزيئات على غلاف بلاستيكي يستخدم لحفظ الطعام. وباستخدام هذه التقنية، تمكّنوا من تحديد كميات ضئيلة من بكتيريا الإشريكية القولونية في اللحم البقري غير المطبوخ وشرائح وعصير التفاح.

 

يقول توهيد ديدار - الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية في جامعة ماكماستر وأحد مطوّري هذه التقنية: "تختلف هذه الطريقة عن الطرق الأخرى بأننا لسنا بحاجة إلى فتح العينة وأخذها إلى المختبر وتحليلها. ويمكنك أن تكتشف الأمر حتى قبل البدء بفتح واستخدام المنتج". لا تستطيع التقنية في الوقت الحالي الكشف إلا عن بكتيريا الإشريكية القولونية، ولكن فريق ديدار يعمل الآن على إعداد جزيئات أخرى يمكن إضافتها إلى العبوة للكشف عن أنواع أخرى مختلفة من العوامل الممرضة، مثل السالمونيلا.

 

وتكمن الفكرة في تحديد جميع العوامل الرئيسية المسببة للأمراض قبل أن يتناولها أحدهم ويُصاب بالمرض. ولكن لا يتفق جميع الباحثين مع هذا الأمر. إذ يقول البعض بأنه من الأفضل - والأسهل - منع ظهور البكتيريا المسببة للأمراض في المقام الأول.

 

يقول سام نوجين - الأستاذ المشارك في قسم علوم الأغذية بجامعة كورنيل والذي لم يشارك في البحث: "إنها تقنية رائعة تبشر بالخير." ومع ذلك، فهو يتساءل عمّا إذا كان هذا الاختبار الإضافي سيفيد المستهلكين بالفعل. ويضيف: "تعتمد استراتيجية صناعة الأغذية بشكل أكبر على وجود طريقة وقائية جيدة. وأعتقد أن الاعتماد على الاختبار الفردي لن ينجح بنفس الكفاءة على الأرجح لأنه إبرة في كومة قش".

 

وأكّد بيتر كاسيل - المتحدث باسم إدارة الأغذية والأدوية الأميركية - بأن الوكالة تركّز على الوقاية من - وليس الكشف عن - البكتيريا الخطيرة. وللقيام بذلك، تقوم إدارة الأغذية والأدوية بتفتيش المزارع ومرافق تجهيز الأغذية كل عامين للتأكد من أن الممارسات آمنة وصحية، ولكنها لا تختبر البكتيريا إلا إذا كان هناك سبب للاشتباه في إحدى الفاشيات.

 

ويقول كاسيل: "هناك متطلبات يتعيّن على الشركات اتباعها والتأكد منها. ويُطلب منها الاحتفاظ بالسجلات، وهذا ما تبحث عنه إدارة الأغذية والأدوية عند إجراء التفتيش". ويضيف بأن على أي شركة تبيع الأغذية أو توزعها أن تملأ هذه السجلات وتقدمها إلى إدارة الأغذية والأدوية. ولا توجد مراقبة للطعام بعد مغادرته للمزارع أو مرافق التعبئة، ولا يقوم أحد بفحص الأغذية في المتاجر.

 

ولكن على الرغم من الجهود الحالية في مجال الوقاية، إلا أنه لا يزال هناك ما يقدّر بنحو 48 مليون حالة من الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية في الولايات المتحدة كل عام، والتي تودي بحياة 3000 شخص. وفي حين أن هذه الأرقام تبدو هائلة، إلا أنه عند مقارنتها بكمية الطعام التي يتم استهلاكها (حوالي 977 مليون وجبة)، فإن الملوّثات تؤثر على أقل من 5 بالمئة. ويقول نوجين: "عند أخذ كمية الطعام المستهلكة بالاعتبار، فإننا نجد بأن الطعام آمن للغاية". لكن حتى مع ذلك، فإن "الفاشيات تحدث الآن وستحدث بشكل دوري".

 

وهنا يعتقد فريق ديدار بأن طريقتهم في الاختبار سوف تكون ملائمة. فهم يسعون حالياً إلى إجراء شراكة مع متاجر البقالة الكبيرة ومرافق تغليف الأغذية لتحسين الكواشف في هذه الصناعات. ويعتقد أن الجزيئات يمكن طباعتها على العبوات الغذائية التقليدية مقابل "بضع سنتات"، وبالتالي فإن التكلفة المضافة للمستهلكين ستكون ضئيلة. ويعمل الباحثون أيضاً على ابتكار كواشف قابلة لإعادة الاستخدام بحيث يمكن للأشخاص استخدامها في المنزل لاختبار بقايا الطعام بهدف جعل عدد الحالات المرضية المشخّصة أقرب إلى الصفر.