حبوب نخالة الزبيب الغنية بالسكر “صحية للقلب”، بينما لا تعتبر الصويا كذلك؟

4 دقائق
قد لا يملك بروتين فول الصويا أدلة قوية تكفي لدعم الادعاءات التي تقول بأنه مفيد لصحة للقلب.

تبدو حبوب نخالة الزبيب صحية، وإلا لما كنت لتأكل حبوباً بالزبيب إذا لم تكن كذلك، ولكن فول الصويا يبدو صحياً أيضاً، فهو منتج نباتي في النهاية، وقد اعتبرته إدارة الأغذية والأدوية الأميركية صحياً لفترة طويلة. إلا أن المجموعة التنظيمية قد تغير رأيها في الوقت الراهن، حيث أعلنت إدارة الأغذية والأدوية الشهر الماضي بأنه لا يبدو - بعد مراجعة دقيقة - بأن هناك أدلة قوية تكفي لدعم ادعاءاتها الحالية بأن منتجات الصويا لها فوائد للقلب. وستكون هذه هي المرة الأولى التي تعكس فيها المنظمة موقفها من إحدى الادعاءات الصحية. ولكن كيف يمكن للحبوب التي تحفز السمنة أن تكون صحية للقلب بينما لا يعتبر فول الصويا كذلك؟

ويُذكر بأن أحد أجزاء الالتباس هنا هو مصطلح "صحي": فماذا يعني ذلك حقاً؟ إذ قد يمثل ذلك بالنسبة لمعظم الناس المكونات الطازجة مع نسب متوازنة من الدهون الصحية والبروتين والكثير من الألياف. ولكن بالنسبة لإدارة الأغذية والأدوية، تحتاج تلك الأطعمة إلى بعض العوامل القابلة للقياس التي يمكن تنظيمها. فمصطلح "صحي" بالنسبة لهم ليس عبارة عن فكرة شاملة، وهو بالضرورة عبارة عن مجموعة من التعريفات والقواعد الصارمة التي يتعين على شركات الأغذية اتباعها، وهذا يعني أن ما يعدّ "صحياً" بشكل رسمي في بعض الأحيان يبدو غير ذلك.

ما هي مشكلة فول الصويا؟

لا شيء في الحقيقة، فهو فقط قد لا يكون صحياً للقلب بشكل خاص. وبالعودة إلى عام 1999، فقد راجعت إدارة الأغذية والأدوية الأدلة المتاحة، وقررت أن بروتين الصويا خفض خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية. وهذا يعني أنه حقق معيار الاتفاق العلمي الهام (معيار SSA) وهو المقياس الذي تقرر من خلاله إدارة الأغذية والأدوية فيما إذا كان من الممكن أن يقال عن الأطعمة بأن لديها فوائد صحية محددة، مثل خفض خطر الإصابة بالسرطان أو هشاشة العظام. وبما أن معيار الاتفاق العلمي الهام تم تطبيقه في عام 1990، فقد وافقت إدارة الأغذية والأدوية على 12 ادعاءً صحياً مرخصاً به، وكان أحدها بروتين الصويا.

ولكن منذ عام 1999، أظهرت العديد من الدراسات بأن بروتين الصويا قد لا يقلل في الواقع من خطر الإصابة بأمراض القلب. وقد يكون للصويا الكثير من الفوائد الأخرى التي يمكن للمرء أن يجادل بأنها "صحية" (على الرغم من أن له أيضاً بعض الآثار السلبية المحتملة على التنظيم الهرموني، وخاصة عندما يتم تناوله بكميات كبيرة)، ولكن هذا ليس ما تُعنى به إدارة الأغذية والأدوية في الوقت الراهن، كما أنها لا تندفع نحو القول بأن فول الصويا غير صحي، لكنها تقول بأن الأدلة لم تعد تدعم وجود علاقة سببية بين تناول بروتين الصويا وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب.

وبالطبع هذا لا يمنع الشركات من تقديم ادعاءات أخرى حول الفوائد الصحية المحتملة للصويا. وفي حين وافقت إدارة الأغذية والأدوية على 12 ادعاءً مرخصاً به فقط، إلا أن هناك طرقاً أخرى يمكن للشركات عن طريقها أن تعزز من المكونات الغذائية. فأحد الخيارات هو الادعاء الصحي المؤهل، وهو مثل نسخة أقل قوة من الادعاء الصحي المرخص به، وتتطلب الادعاءات المؤهلة أدلة علمية أقل، ولكن المزيد من التحفظ. وتعتبر الحبوب الكاملة مثالاً رئيسياً على ذلك، ففي حين وجود الكثير من الأدلة التي تشير إلى أنه من الجيد تناول الحبوب الكاملة، إلا أن هذه الأدلة ليست قوية بما فيه الكفاية وفقاً لإدارة الأغذية والأدوية. ولذلك سمحوا لشركات الأغذية بقول ما يلي:

"تشير الأدلة العلمية، ولكنها لا تجزم، بأن الحبوب الكاملة (ثلاث حصص أو 48 جراماً في اليوم)، كجزء من النظام الغذائي منخفض الكوليسترول ومنخفض الدهون المشبعة، قد تقلل من خطر داء السكري من النمط الثاني."

وتستعرض إدارة الأغذية والأدوية مثل هذه الادعاءات على أساس كل حالة على حدة قبل أن يذهب المنتج الغذائي إلى السوق. ومن بين العديد من الادعاءات المؤهلة المسموح بها هي التأثير الوقائي لبعض المكسرات على صحة القلب، واحتمال انخفاض خطر الإصابة بسرطان البروستات بسبب الليكوبين في الطماطم. وهناك بالفعل ادعاء حول قدرة زيت فول الصويا على الحدّ من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية، والذي من شأنه (في حال صموده بعد أن تصدر إدارة الاغذية والأدوية حكمها النهائي) أن يتيح خياراً لبعض الشركات بالاستمرار بالترويج لزيت فول الصويا على أنه صحي. وقالت إدارة الاغذية والأدوية أيضاً في إعلانها الصحفي بأنها من المرجح أن تسمح لبروتين الصويا بنفس الادعاء، ما دامت الأدلة التي تدعمه موجودة.

ولا تعدّ الادعاءات الصحية المؤهلة ثغرة تماماً، لأنها تتطلب ما يشير إلى أن العلم لا يكاد يكون دون قيود حتى الآن. إذاً فالأمر مضلل أحياناً، أليس كذلك؟ ربما، ولكن ادعاءات معيار الاتفاق العلمي الهام يمكن أن تكون مضللة أيضاً.

نخالة الزبيب غنية بالسكر، ولكنها صحية للقلب بشكل رسمي

ولأن نخالة الزبيب مليئة بالزبيب، والرقائق بحدّ ذاتها لا طعم لها، تضيف شركة جنرال ميلز كمية هائلة من السكر إلى هذه الحبوب. إذ يحتوي كوب واحد من حبوب الإفطار هذه على 19 جراماً، وهو أقل بجرام واحد فقط من الكمية الموجودة في شيكولاتة كادبوري Creme Egg، وهذا دون حساب الحليب المضاف. وكما نعلم، فإن السكر يسهم بشكل كبير في السمنة، وهذا بدوره يعرض الشخص لخطر متزايد بشكل كبير للإصابة بأمراض القلب. ومع ذلك، فإن نخالة الزبيب تحمل تسمية "صحية للقلب" بشكل رسمي.

ويكمن السر في الألياف، إذ أن أحد الادعاءات الصحية الـ 12 المرخصة تتعلق بالتأثير الإيجابي للألياف على أمراض القلب، وتحديداً الألياف الموجودة في منتجات الحبوب والفواكه والخضروات. ومع ذلك، لا يمكن ادعاء أن أي طعام هو صحي للقلب بسبب محتواه من الألياف فقط. وتنص اللائحة على أن المنتج عليه أن يلبي أيضاً العديد من المتطلبات الغذائية الأخرى، ولكن لا علاقة لأي منها بالسكر. كما يجب أن تكون الأطعمة الصحية للقلب منخفضة الدهون المشبعة والكوليسترول، والتي ترتبط بشكل مباشر أكثر بمشاكل القلب، ولكن محتوى السكر لا يدخل في هذه الحالة. من الناحية التقنية، فإن الألياف الموجودة داخل نخالة الزبيب جيدة للقلب، إلا أن الجوانب الأخرى منها سيئة.

كمستهلك، من المهم أن تتذكر بأن الشركات ترغب عموماً في تقديم أكبر عدد ممكن من الادعاءات الصحية، سواءً كانت مؤهلة أو غير ذلك، ولذلك تعامل مع التسميات بحذر. قد تكون حلوى تويزلرز منخفضة الدهون وقد تكون حبوب لاكي تشارمز حبوباً كاملة، ولكن ذلك لا يجعلها صحية، وبالنهاية ستكون بحال أفضل مع فول الصويا.