بين فوائده وأضراره: ما الذي لا يعرفه العرب عن الكافيين؟

5 دقائق
فوائد وأضرار الكافيين
حقوق الصورة: شترستوك.

يعد الكافيين أحد أكثر المنشطات الطبيعية استخداماً في العالم، ويتهمه أغلب الناس بأنه غير صحي لما له من آثار سلبية على النوم والقلق، لكن الدراسات الحديثة أثبتت أن فوائده تفوق مضاره بكثير.

ما هو الكافيين؟

الكافيين منبه طبيعي يوجد بكثرة في الشاي والقهوة والكاكاو. يحفّز الدماغ والجهاز العصبي المركزي، لذلك يساعدك على البقاء يقظاً، ويمنع ظهور التعب.

تناول البشر النباتات الحاوية على الكافيين منذ آلاف السنين، فقد سجل المؤرخون أول ظهور للشاي المخمر عام 2737 قبل الميلاد. وبعد عدة سنوات، اكتُشفت القهوة عندما لاحظ راعي أثيوبي أن تناول ماعزه لنبتة معينة يمنحها طاقة إضافية، وكانت هذه النبتة هي البن.

في أواخر القرن التاسع عشر، ظهرت المشروبات الغازية المحتوية على الكافيين، وتبعتها مشروبات الطاقة. وفي وقتنا الحاضر، يستهلك 80% من سكان العالم منتجاً يحتوي على مادة الكافيين يومياً.

لماذا نشعر بالنشاط بعد تناول الكافيين؟

عند تناوله، تمتص الأمعاء الكافيين سريعاً، ويصل إلى مجرى الدم، فالكافيين الموجود في القهوة، يصل إلى مجرى الدم خلال 20 دقيقة تقريباً، ويحتاج ساعة واحدة للوصول إلى الفعالية الكاملة.

خلال هذه الساعة، ينتقل الكافيين من الدم إلى الكبد، ليتفكك هناك إلى مركبات يمكن أن تؤثر على وظائف الأعضاء المختلفة، وخاصة الدماغ. هناك، يعمل على منع تأثيرات مركب «الأدينوزين»، وهو ناقل عصبي يريح الدماغ ويسبب الشعور بالتعب، والرغبة في النوم، ويوسع الأوعية الدموية، ويزيد معدل الاستقلاب والتبوّل. يتصل الكافيين بمستقبلات الأدينوزين في الدماغ دون تنشيطها، ويمنع تأثير الأدينوزين، ما يقلل شعور التعب.

قد يؤدي الكافيين أيضاً إلى زيادة تركيز مستويات الأدرينالين في الدم وزيادة تركيز الناقلات العصبية كالدوبامين والنورادرينالين في الدماغ، يؤدي ذلك بدوره إلى تحفيز الدماغ، وتعزيز اليقظة والتركيز.

فوائد الكافيين

فوائد وأضرار الكافيين
حقوق الصورة: شترستوك.

للكافيين فوائد عديدة، لكن من المهم ملاحظة أن القهوة والشاي يحتويان على مركبات أخرى نشطة إلى جانب الكافيين والتي قد تكون مفيدة أيضاً. ويكون الحصول على هذه الفوائد بتناول عدة فناجين موزعة على ساعات اليوم، بحيث يكون بين كل فنجان وآخر 8 ساعات على الأقل.

تحسين المزاج ووظائف المخ

إن دور الكافيين في منع تأثير الأدينوزين وزيادة تركيزي الدوبامين والنورادرينالين، يؤدي إلى تغير في رسائل الدماغ، ما يحسن المزاج. على سبيل المثال، وجدت دراسة أن تناول 37.5-450 ميلي غرام من الكافيين، يحسّن اليقظة والذاكرة قصيرة المدى ووقت رد الفعل. 

بالإضافة إلى ذلك، تقول الدراسات إن شرب القهوة المحتوية على الكافيين يومياً يرتبط بانخفاض خطر الانتحار بنسبة 45%، وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 13%.

كما أن شرب ما بين 3-5 أكواب من القهوة يومياً أو أكثر من 3 أكواب من الشاي قد يقلل أيضاً من خطر الإصابة بأمراض الدماغ مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون بنسبة 28-60%.

اقرأ أيضاً: القهوة والشاي قد يقللان خطر الإصابة بالخرف

حرق الدهون 

يساعد الكافيين على تحفيز الجهاز العصبي المركزي، ما يزيد من عملية التمثيل الغذائي بنسبة تصل إلى 11% وحرق الدهون بنسبة تصل إلى 13%، فتناول 300 مجم من الكافيين يومياً يحرق 79 سعرة حرارية إضافية. كما أن الذين يتناولون القهوة، أخف وزناً من غيرهم بحوالي نصف كيلوغرام.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تساعدك القهوة في إنقاص وزنك؟

تعزيز أداء التمارين الرياضية

يزيد الكافيين من استخدام الدهون كمصدر للطاقة، وبالتالي لن يستهلك الجسم الغلوكوز المخزن في العضلات بسرعة، وذلك لن يرهقها بسرعة أيضاً. وقد يحسن الكافيين تقلصات العضلات ويزيد من تحمل التعب. وقد يقلل من الجهد أثناء التمرين، ما يجعل التدريبات تبدو أسهل.

الوقاية من أمراض القلب

على عكس ما قد يعتقد البعض، لا يزيد الكافيين من مخاطر الإصابة بأمراض القلب. بل تنخفض الخطورة بنسبة 16-18% لدى الأشخاص الذين يشربون 1-4 فناجين من القهوة يومياً (100-400 ميلي غرام من الكافيين). أيضاً، تنخفض خطورة الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 14-20%. الجانب الوحيد الذي قد يعتبر سلبياً فيما يخص أمراض القلب، هو أن الكافيين يرفع ضغط الدم بمقدار ضئيل لدى بعض الأشخاص، لكن ذلك لا يحدث عند معظم الأشخاص الذين يتناولون القهوة بانتظام.

اقرأ أيضاً: مخاطر أقل للقلب: الفوائد الصحية لشرب القهوة المعتدل

الوقاية من السكري

وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يشربون الكثير من القهوة لديهم خطر أقل بنسبة تصل إلى 29% للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. يعود ذلك جزئياً إلى تعزيز الاستجابة لنسبة السكر في الدم، وحساسية الأنسولين. ومن المثير للاهتمام أن تناول القهوة منزوعة الكافيين ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 21%. يشير هذا إلى أن المركبات المفيدة الأخرى الموجودة في القهوة يمكن أن تحمي أيضاً من مرض السكري من النوع الثاني.

فوائد أخرى

أُجريت معظم هذه الدراسات على القهوة، وليس الكافيين بشكل خاص، لذلك قد تكون هذه الفوائد من مركبات أخرى موجودة في القهوة غير الكافيين.

أضرار الكافيين

فوائد وأضرار الكافيين
حقوق الصورة: شترستوك.

على الرغم من الفوائد الكثيرة للكافيين واعتباره مركباً آمناً على الصحة، إلّا أن له أضراراً في المقابل. فعند الإفراط في تناوله سيتسبب بالإصابة بالقلق والأرق والرعشة وعدم انتظام ضربات القلب وصعوبة النوم. وقد يؤدي أيضاً إلى الإصابة بالصداع والصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم لدى بعض الأفراد.

وتتجلى أضراره الأكبر عند الحامل، إذ يعبر الكافيين المشيمة بسهولة، ويصل إلى الجنين، ما قد يزيد من خطر الإجهاض أو انخفاض الوزن عند الولادة، كذلك قد يزيد من خطر حدوث تغيرات في دماغ الطفل. يتفاعل الكافيين أيضاً مع بعض الأدوية، خاصةً الأدوية المرخية للأعصاب، ومضادات الاكتئاب، وهو يزيد من تأثيرها.

اقرأ أيضاً: هل كل ما نعرفه خاطئ؟ حقيقة الاستهلاك الآمن للكافيين أثناء الحمل

بالإضافة إلى ذلك، يرفع الكافيين نسبة الكوليسترول في الدم، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي. كما أن تناوله بإفراط، يسبب انخفاض كتلة العظام، وبالتالي حدوث الكسور بسهولة.

على العموم، يُعتبر تناول 200 ميلي غرام من الكافيين في جلسة واحدة، و400 ميلي غرام يومياً آمناً بشكل عام. لكن على الحوامل تجنب تناوله، أو تقليل كميته إلى أقل من 200 ميلي غرام يومياً. 

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يقتلنا الكافيين؟

هل كنت تعلم بهذه الأضرار والفوائد؟

تشتهر الشعوب العربية، وخاصة دول الخليج العربي، بحبها للقهوة، خاصة القهوة العربية، لكن لا يعرف الجميع فوائد الكافيين الموجود فيها وأضراره، بل وتشيع معلومات مغلوطة كثيرة عن هذا الأمر. لذلك، وفي واحدة من الدراسات القليلة عن الموضوع، تم تقييم مستويات استهلاك الكافيين بين السكان البالغين في الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى المعرفة العامة للسكان ومواقفهم من أضراره.

معرفة شعوب الشرق الأوسط بآثار الكافيين الصحية: الإمارات العربية كمثال

فوائد وأضرار الكافيين
حقوق الصورة: شترستوك.

أجرى فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة الدراسة على 403 شخصاً، تم اختيارهم عشوائياً من 5 إمارات.

وزع الباحثون استبيانات عليهم، كل استبيان مكوّن من 23 سؤالاً، تتوزع الأسئلة على 4 أقسام. القسم الأول عن هوية المشارك، والثاني مستويات وأنماط تناول الكافيين، والثالث عن المعرفة بتأثيراته الصحية، والرابع عن مواقف المشاركين تجاهه.

وفي النتيجة، وجد الباحثون أن 98% من المشاركين مستهلكون للكافيين، و31% منهم مدمنون عليه، لكن متوسط الاستهلاك قد بلغ 316.7 ميلي غرام يومياً، وهو قريب من المعدل اليومي المقبول (400 ميلي غرام). 

ارتبط استهلاك الكافيين بشكل كبير بالمدخنين الذين لديهم مشكلات في القلب، وكان 8.1% من المشاركين يعانون من نوبات متكررة من الصداع والأرق. وأفاد 46.5% من المشاركين أنه أثر على طبيعة النوم لديهم، وقلل ساعاته عند تناوله بكميات كبيرة. كما يشتكي 36% من المشاركين من ارتعاش العين.

بلغ متوسط مستوى معرفة المشاركين بفوائد الكافيين وأضراره أقل من 33%. كما كان المشاركون صغار السن، وأولئك الذين يعملون في مجال الرعاية الصحية والتعليم على دراية أكثر بذلك، واتفقوا أن الكافيين آمن عند التناول المعتدل له. 

على العموم، يوجد نقص في المعرفة الدقيقة فيما يتعلق بتأثيرات الكافيين على الصحة في الإمارات العربية المتحدة، وقد يُعزى السبب لكونه يستهلك كمادة تدخل ضمن تقاليد الضيافة الثقافية في المنطقة أكثر من كونه مادة معروفة الفوائد والأضرار، لذلك يوصي الباحثون بتعزيز سلوكيات الاستهلاك الصحي وزيادة الوعي بفوائد الكافيين وأضراره.